الأخبارروجافامانشيت

مجلة فورين بوليسي: يجب على الناتو أن يتصدى لابتزازات تركيا وسلوكها التخريبي

أشار مقال في مجلة فورين بوليسي إلى أن محاولة تركيا ابتزاز موضوع انضمام السويد إلى حلف الناتو تتعلق في النهاية بانتزاع تنازلات من الولايات المتحدة، وأوضح المقال أن تركيا تبالغ في طلباتها حينما تشترط توقف الولايات المتحدة عن دعم قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب في سوريا لكي تنضم السويد إلى الناتو.

وجاء في المقال:

إن جهود أعضاء الناتو لتجاهل هذه القضية من أجل تجنب الانقسامات بين الحلفاء لا طائل من ورائها، لقد حان الوقت لقيادة الناتو وأعضائه التوقف على السلوك التخريبي والقسري داخل الحلف الذي تمارسه تركيا، بدءاً بإلزامها باتفاقية مدريد مع السويد وفنلندا وسيتطلب هذا بعض الشجاعة السياسية من قبل العواصم الأوروبية الرئيسية من أجل إظهار اتفاق واسع عبر الناتو.

وأشار المقال إلى أن تركيا تمارس أنشطة حفر مثيرة للجدل وغير قانونية وأنها وقعت اتفاقية للطاقة مع ليبيا وتستخدم خطاباً عدوانياً واستعراضات للقوة تجاه اليونان الحليفة زميل للناتو.

وأضاف المقال:

إن دعم تركيا الحماسي لمطالب أذربيجان بشأن منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها وعمليات باكو الهجومية ضد أرمينيا يجعل احتمالات التسوية الدائمة لهذا الصراع بعيدة للغاية، وأنقرة تواصل العمل من جانب واحد ضد قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا وشمال العراق، ولكن المقاتلين الكُرد هم العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التي قادت المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي، ولا تزال الشريك المحلي الأكثر قدرة للتحالف الدولي لهزيمة التنظيم الإرهابي، ودائماً يكون لأعمال تركيا العدوانية ضد هؤلاء المقاتلين الكرد عواقب أمنية وخيمة، وفي الواقع فإن  العمليات الهجومية السابقة لتركيا في سوريا مكّنت مقاتلي داعش وعائلاتهم من الفرار.

وأوضح المقال أن تركيا لديها علاقة غامضة مع روسيا وأن أفضل مثال على ذلك هو اتفاق تركيا لعام 2017 على شراء نظام صواريخ أرض-جو الروسية S-400 ومن خلال المعاملات التجارية والعلاقات الوثيقة بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأضاف المقال:

قام الزعيمان بفك تضارب مصالحهما وأهدافهما وأجرى مسؤولو دفاع أتراك مؤخراً محادثات مباشرة مع مسؤولي الدفاع السوريين، استضافتها موسكو لمناقشة عداء تركيا لوحدات حماية الشعب الكردية السورية، وإذا تلقت أنقرة ضمانات من دمشق فقد يعقد أردوغان اجتماعاً مع الأسد، وهو أمر قال عنه أردوغان علناً أنه ممكن.

وأكد المقال أن مطلب أنقرة الحقيقي هو إنهاء الدعم الأمريكي للكرد في سوريا. مشيراً إلى أن تركيا لن تكسب شيئاً من مغادرة حلف الناتو وأن لديها الكثير لتخسره وأضاف المقال:

أولاً: تركيا محاطة بقوى إقليمية أخرى طموحة وإمبراطوريات سابقة متنافسة معادية لمصالحها، وتعد العضوية في أقوى تحالف عسكري في العالم مع الاستفادة الكاملة من ضمان الدفاع الجماعي رصيداً استراتيجياً وحيوياً لتركيا، فحلف شمال الأطلسي هو مفتاح نفوذ تركيا في علاقات المعاملات مع معظم شركائها وخصومها وعلى رأسهم روسيا.

ثانياً: تتمتع تركيا بسجل حافل من ابتزاز أو تهديد حلفاء الناتو دون أي تكلفة تقريباً، ويتضمن هذا التاريخ عرقلة تركيا خطط الدفاع لصالح بولندا ودول البلطيق، ومحاولة إدراج حزب الاتحاد الديمقراطي PYD  ووحدات حماية الشعب YPG  كمنظمات إرهابية في عام 2020، وليس لدى تركيا سبب لوقف مثل هذه التكتيكات حتى تشعر بأن صبر الحلفاء الآخرين قد نفد، لذلك يجب على أعضاء الناتو قبول حقيقة المواجهة الحالية، والرد على مطالب تركيا غير المشروعة أو المفرطة، كما أن الاستجابة لمطالب أنقرة المفرطة يتغاضى أيضاً عن تعريف تركيا الموسع للإرهاب وسجلها السيئ مع المنظمات الجهادية، حيث تستخدم أنقرة مكافحة الإرهاب كوسيلة مناسبة للقمع السياسي المحلي، مع إطلاق أكثر من مليوني تحقيق في الإرهاب بعد الانقلاب الفاشل عام 2016.

ثالثاً: من المهم إدراك أن مقاربة أردوغان للسياسة الخارجية هي في الأساس معاملات، وفشل الناتو أيضاً في إدراك أنه جزء من حسابات السياسة الخارجية التركية الأوسع نطاقاً والتي يتم فيها موازنة العلاقات الأوروبية الأطلسية جنباً إلى جنب مع مصالح تركيا في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز، وهكذا تصرف حلف الناتو بناءً على توقع خاطئ بأن تقديم العديد من التنازلات من شأنه أن يدفع تركيا إلى التخلي عن عصاها (ممارسة نفوذ دبلوماسي قسري داخل الحلف)، ومن المفهوم أن أنقرة كانت راضية تماماً عن هذه التنازلات مع الاحتفاظ بعصاها في متناول اليد.

وأكمل المقال:

الحقيقة هي أنه فقط عندما تضغط الحكومة الأمريكية على تركيا بشأن سلوكها الإشكالي، يجرؤ الحلفاء الآخرون على الإيماء بالموافقة، وكان هذا هو الحال في أواخر عام 2020 عندما واجه وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) تركيا بشكل مباشر وهددها في اجتماع وزاري، ومع ذلك أظهرت الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية التركي (مولود جاويش أوغلو) إلى واشنطن أن إدارة بايدن ليست مستعدة للاستسلام لمساومات تركيا وليست مستعدة للتراجع، وهذه الإدارة غير مستعدة للمخاطرة بإثارة خلاف جديد مع الكونغرس في موضوع بيع  طائرات مقاتلة جديدة من طراز F-16 لتركيا، كما لا تريد واشنطن إعطاء الأعذار لأنقرة لمتابعة أجندتها أحادية الجانب في سوريا والتي قد تهدد بشكل مباشر الأفراد العسكريين الأمريكيين الذين لا يزالون ناشطين في البلاد، لذلك يمكن أن تكون المشاركة الأمريكية الأقوى حاسمة، لذلك يجب على الرئيس الأمريكي (جو بايدن) والأمين العام الحالي لحلف الناتو (ينس ستولتنبرغ) أن يطلبوا من القادة الأوروبيين الدخول في المعركة لتقديم أكبر جبهة موحدة ممكنة ضد تركيا. إذ يبدو أن بعض الدول الأوروبية قصرت تفكيرها على استرضاء تركيا بدلاً من تحدي سلوكها الإشكالي، باستثناء اليونان وفرنسا اللتان كانتا صريحتان للغاية، ومع ذلك من المهم أن نتذكر أن العديد من أعضاء الناتو لهم تأثير حقيقي على أنقرة.

زر الذهاب إلى الأعلى