تقاريرمانشيت

“كورونا”بين السجون السورية وسجن إيمرالي، نفاقٌ سياسي

شكَّلَ (كورونا) الذي تفشى من مدينة ووهان الصينية وباءً عالمياً بعد فقدان السيطرة عليه في بدايات ظهوره وانتشاره بسرعة جنونية في جميع دول العالم خلافاً لجميع الأوبئة التي تشبهه مما قد يتطور إلى “جائحة” مثلها مثل الطاعون والأنفلونزا الاسبانية والكوليرا وغيرها من الأمراض المُعدية التي قضت على حياة الآلاف والملايين من البشر
وتشير الدراسات الاستقصائية في تتبع هذه الظاهرة أو الجائحة إلى أن كل مئة عام يتفشى وباء في العالم
ففي العام 1720م ضرب الطاعون العظيم مدينة مرسيليا الفرنسية قتل في غضون أيام مئة ألف شخص، وفي العام 1820م ضربت الكوليرا إندونيسيا والفلبين وتايلند
وبعدها بمئة سنة وتحديداً في العام 1920 كان النمط الشرير من الانفلونزا الاسبانية التي اعتُبرت كارثة بشربة حيث تجاوز ضحاياها المئة مليون شخص إذ خرج الوباء عن السيطرة
واليوم وفي العام 2020م في عصر التكنولوجيا وغزو الفضاء يعيش العالم كابوسَ مادةٍ لا متناهية الصِّغَرْ تتكون من الحمض النووي الريبوزي RNA مفرد السلسلة موجب الاتجاه مغلفٌ بخلايا بروتينية سمِّيَ (فيروس كورونا) أو /COVID-19/ المستجد بنمطه المتطور؛ والكلام هنا للمختصين في الأمراض المُعدية؛ فَعُزلت مدنٌ بحجم دول كبيرة واحدة تلو الأخرى في الصين، وتلتها في ذات الإجراءات دولاً كثيرة في العالم وَسادَ الصمت والسكون الشوارع التي كانت تعج بالحركة
وإثر ذلك أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرات من هذا الفيروس القاتل الذي يهدد البشرية ما يستوجب توحيد جهود العالم بحكوماته جميعاً لمحاربته.
في المقابل دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس إلى وقف الحرب وخصوصاً في سوريا ــ نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها والنقص الحاد في المعدات والمواد الطبية ناهيك بالمستشفيات المدمرة نتيجة احتدام الصراع فيها منذ ما يقارب العشر سنوات ــ لمواجهة هذه الجائحة وطالب غوتيرس الأطراف المتحاربة في العالم بتطبيق وقف فوري لإطلاق النار بهدف السماح للأسرة الدولية للتعامل مع العدو المشترك المتمثل في فيروس كورونا؛ في محاولة منه لتشكيل تحالف دولي مماثل لتشكيل التحالف الدولي ضد داعش في مواجهة هذا الفيروس.
وفي السياق ذاته ناشد الأمين العام للأمم المتحدة كافة الأطراف بأن يتم الافراج عن المعتقلين والمختطفين في سوريا والسماح بشكل فوري ولأسباب إنسانية للمنظمات الإنسانية بزيارة مراكز الاعتقال واتخاذ خطوات عاجلة لضمان توفير الرعاية الصحية والإجراءات الوقائية في كل أماكن الاحتجاز.
كما استجدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكومة السورية للإفراج عن المحامي الصحفي الأمريكي المعتقل في السجون السورية منذ العام 2012 وقال: لو تعلم الحكومة السورية ماذا فعلت أمريكا لها في محاربة داعش لما أبقت على الصحفي الأمريكي في معتقلاتها
وهنا ترجيحٌ لكفة المصالح الدولية على شعارات حقوق الانسان؛ إذ لم يتطرق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرس ولا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مصير مئات الآلاف من المعتقلين في السجون التركية بمن فيهم السيد عبدالله أوجلان المعتقل في إيمرالي منذ أكثر من عشرين عاماً ولم تحمِّلها مسؤولية تدهور صحته؛ حيث تؤكد الدراسات التي اجريت على هذا الفيروس أنه سريع التفشي في الأجواء الرطبة ــ علامات استفهام كثيرة وأسئلة تطرح نفسها بقوة لا بد من الإشارة إليها “نفاق أخلاقي”.
وتستثمر في هذه الجائحة الدول الاقتصادية الكبرى المتحاربة فيما بينها وتسعى إلى تشكيل تحالفات وأقطاب جديدة
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن مسؤول غربي رفيع المستوى على صِلة بالاتصالات الدولية فإن مسيرة مكافحة الوباء العالمي قد تكون نقطة فارقة في العلاقات الدولية وصولاً إلى نظام عالمي جديد يُولد من رحم الحرب على «كورونا» يكون لمجموعة العشرين دور بارز فيه على حساب التكتلات الإقليمية والدولية الأخرى.
ويضيف المسؤول الغربي: تحاول الصين التي أظهرت ارتباكاً وتباطؤاً بداية ظهور الفيروس قبل عدة أشهر؛ الاستفادة من الفراغ الحاصل في الساحة الدولية جرَّاء غياب الدور الأميركي القيادي إلى الآن لرسم وصياغة جهد دولي لمعالجة الوباء؛ ذلك أن الرئيس الصيني تلقى اتصالات من قادةِ دول عديدة، بينهم الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لطلب المساعدة في محاربة الوباء في بلادهم وتوفير المعدات اللازمة لذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى