مقالات

قانون كاتسا وفندق مونيكا ترامب بإستنبول

ليس غريباً اليوم أن يبحث أي شخص من مكونات الشمال السوري عن الصكوك الأخلاقية والقانونية التي تتشدق بها العالم الغربي وتتعكز عليها في المطالبة بالحقوق الإنسانية في الحرية والكرامة والعيش الكريم على أرضه و وطنه في ظل المعايير ليست المزدوجة فقط بل يصُحُّ وصفها بالمعايير القذرة والتي نراها في معاملة النظام العالمي للنظام التركي متمثلاً برأس هَرَمِهِ اللقيط في حلف الناتو أردوغان.

مقاربة هؤلاء لاسترضاء النظام التركي رغم كل الممارسات الإرهابية والعمليات القذرة التي تقوم بها تركيا وتدخلاتها في الدول المجاورة واحتلال أراضيها ينحو بالمتتبع للأحداث إلى الحُكم على العدالة الدولية بالموت السريري المستتر بالنفاق السياسي وانعدام الضمير الذي يميز الإنسان من الحيوان وخصوصاً إذا حكمت العلاقات بين الدول المصالح الشخصية الخاصة بعيداً عن المصالح العامة والاستراتيجية ويؤكد ذلك العلاقة بين رئيسي تركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

قمة النفاق السياسي والانحطاط الأخلاقي أن يتفق رأس الهرم في أقوى دولة بالعالم (الولايات المتحدة الأمريكية) دون العودة إلى أية من مؤسسات هذه الدولة مع سفاح دموي متزعم الإرهابيين(أردوغان) ضد شعوب ومكونات الشمال السوري بين ليلة وضحاها وطعنهم في ظهرهم وتركهم فريسة لذهنيةِ فاشيةٍ عثمانية قديمة متجددة، وهي المكونات الأكثر تضحية ووفاءً في محاربة الإرهاب والقضاء عليه نيابة عن العالم أجمع، وليس هنا مجال للاستفاضة في هذا الموضوع المعروف للقاصي والداني.

هذا المشهد يأخذ في الاعتبار حجم المراوغات التي ينطوي عليها دور النفاق السياسي والأخلاقي العالمي وتقولاتهم الزائفة في دفاعهم عن حقوق الشعوب، ويحمل في طياته مؤشرات خطيرة تهدد العالم ليتحول إلى غابة فيها (القوي يأكل الضعيف والسريع يقتل البطيء)، وما جرى في الغزوات الثلاث لتركيا على الأراضي السورية واحتلالها يقطع الشك باليقين وتحديداً فيما يخص الغزو التركي مؤخراً على (رأس العين سري كانيي وتل أبيض كريي سبي)

وما يضاف إلى القرائن التي تشي بهذا الزيف في الادعاءات والتقولات المتداولة هو تسريب بعض الفيديوهات التي كشفت عن التنسيق التركي الأميركي في الدخول إلى رأس العين وإعطائه الضوء الأخضر نتج عنه أقل ما يمكن أن يقال عنه هو تهجير مئات الآلاف من أراضيهم وقراهم إرضاءً للنظام التركي المارق، إلى جانب  بعض التسريبات الإعلامية عن إهداء فندق بإسطنبول إلى إيفانكا ترامب كرشوة أو لشراء الذمة في رأس هرم النظام الأمريكي.

بالمجمل فإن فائض الزيف السياسي والأخلاقي لا تأخذ بالاعتبار المحظورات والخطوط الحمر التي يرسمونها والمسارات التي يدعونها وخصوصاً إذا اقتضت المصلحة الشخصية ذلك، وما جرى ويجري في الشمال السوري ــ والذي ما إن حصل وتمَّ من تغيير ديموغرافي سيحدث زلزالاً جيوسياسياً وعسكرياً على مدى قرون ــ أنهت كل تلك القواعد (الإنسانية والأخلاقية والوجدانية واللباقة السياسية) ودمرتها، ولعل ما يتم تداوله على لسان رأس النظام التركي بتوطين الملايين في أراضي الشمال السوري التي أحتلها بعملية سطوٍ مسلح بصمت أمريكي وروسي هو رأس جبل الجليد في قلب المعادلات القائمة والتي ستنعكس سلباً بإحداث زلزال مدمرٍ لكل سوريا ودول الشرق الأوسط وعلى رأسها تركيا، فالأدوار المزدوجة التي تلعبها النظام التركي والأمريكي والروسي وصلت إلى آخر فصولها والتي باتت نتائجها معروفة للقاصي والداني مما يحتم على السوريين جميعاً الجلوس إلى طاولة الحوار السوري ـ السوري، وإصلاح ذات البين بعيداً عن الأجندات والإملاءات والحلول الخارجية بعيداً عن التوهم في الأقوال التي لا تمت إلى الواقع والحقيقة بشيء وبعيداً عن التورم وعرض العضلات على المنابر الدولية فيما يخص بعض المكونات السورية التي تطالب بحقوقها الشرعية.

زر الذهاب إلى الأعلى