المجتمعمانشيت

شابة فقدت أملاً والنضال هدفها المستقبلي

الحياة التي خُلق من أجلها الانسان هي الحياة الحرة التي تنبع من القيم والأخلاق وإنارة الشموع بلحظات العمر والمضي نحو مستقبل زاهر من العلم لأن الشباب هم هذا المستقبل الواعد لاستمرار الحياة، والعصب الايجابي لكافة المجتمعات؛ إلا أن  قِوى الشر والإرهاب تعمل على إطفاء تلك الشموع وجعلها في الحياة تعاني الحالات النفسية الصعبة، وهذا ما تسعى إليه القوى الارهابية ولكن الأمل في الحياة لا يقف عد أي حاجز من اليأس والحياة سوف تستمر مهما كانت العقبات إن الشباب هم من يصنعون الأمل وهم الأمل بنفسه.

الشابة فاطمة عصام ابراهيم البالغة من العمر ستة عَشَرَ ( 16 ) ربيعاً من إقليم عفرين قرية جوقي والدها ووالدتها ليس لهم سِوى هذه الشابة وأربع اخوة شباب عبد الرحيم واحمد وعلي وهاني.

كانت فاطمة تقطن حي الشيخ مقصود حتى تاريخ 1-4-2013 وبدخول ما يسمى الجيش الحر إلى الحي قرروا الذهاب إلى عفرين خوفاَ من المرتزقة وبنفس الوقت كي تكمل دراستها التي هي هدفها الأساسي كي تصبح متعلمة لإعانة أهلها وإفادة المجتمع ولدى وصولهم إلى إقليم عفرين بقوا في المدارس كمأوى لهم لفترة قصيرة ومن ثم ذهبت هي وأهلها وإخوتها إلى بيت جدها في قرية جوقة.

حيث كانت فاطمة متأثرة كثيراً بترك بيتها في الحي وأصبحت الظروف النفسية عليها في غاية الصعوبة لكن إصراها على أن جسدها في القرية وإحساسها ومشاعرها كلها تنظر من بعيد إلى بيتها البسيط المتواضع في الحي وتنتظر العودة إلى هناك ولم تفكر أبداً بأنه سيأتي يوم أصعب من نزوحها من هناك.

وبقيت عين هنا وعين هناك أملاً لا ينقطع مهما كانت الظروف إلى أن حدث ما حدث من التهديدات التركية لإقليم عفرين وأهالي عفرين؛ هذا الاقليم الذي كان ينعم بالأمن والاستقرار والمحبة والسلام الذي كان مختلفاً عن باقي الأراضي السورية التي كانت فيها لهيب الحرب  والدمار.

بدأ الهجوم التركي الفاشي البربري على اقليم عفرين وكانت فاطمة ما تزال في القرية متمسكة بعشق الأرض والوطن وعشقها لأهلها وازدادت الهجمات فذهبت فاطمة مع العائلة الى مركز المدينة في عفرين من شدة القصف والإرهاب الذي لم يميز بين البشر والحجر والشجر.

وذكرت فاطمة إنها رأت حالات غاية من اليأس والحزن وكيف يقتل الأطفال والشيوخ والنساء بقذائف الدولة التركية ومرتزقتهم وازدادت المعاناة عند الشابة فاطمة أكثر فأكثر وبدأت تتراجع حالتها النفسية.

حيث قررت وأهلها بأن يذهبوا إلى مدنية حلب رغم القصف الهمجي المكثف وفي يوم 5-4-2018 بليلة داكنة سوداء دامية من القذائف والطيران سلكوا الطريق عبر جبل الأحلام مع أبيها وأمها وإخوتها متجهين إلى حلب والحزن والرعب وحالة اليأس متواجدة بداخل كلهم، إلّا أن الامل بالوصول إلى النجاة كان الهدف واستمر السير ليلاً ساعات وساعات في ظلام دامس إلى أن وصولوا إلى مناطق الشهباء وقرب معمل الاسمنت حصل ما لم تتوقعه الشابة فاطمة من انفجار لغم أرضي.

واُسعِفَت إلى مشافي حلب وهي غائبة عن الوعي وفي تلك الساعة التي كانت تحلم بالنجاة أصبحت الساعة الثانية عشرة منتصف الليل ساعة الألم الذي كانت تخاف منه وتشعر به قد حصل.

عندما استيقظت فاطمة من العملية الجراحية التي اُجريت لها وبُتِرَ رجلها اليمنى كان الموقف الأصعب في حياة فاطمة.

فاطمة ذي الستة عشر ربيعاً كان  هدفها الأساسي هو الذهاب إلى المدرسة واستكمال تعليمها فوقعت الآن في حيرة من أمرها لأن والدها حتى لم يكن يملك مالاً ليغطي أجور المشفى لأن وضعهم المادي كان ضعيفاً.

إلا أن فاطمة تحدت الصعاب وأبت أن تضعف أمام اليأس وبدأت نظرتها للحياة أكبر مما كانت عليه وهو الأمل من أجل استمرار الحياة رغم كل ما حصل، وناشدت كل الشباب والشابات بان لا  تهمها أجسداها مهما فعل الإرهاب فينا، وأن نعمل بالنضال من أجل طرد المحتل التركي ومرتزقته من وطننا وبيوتنا مهما كانت التضحيات ونحن من سوف نضحي لإعادة البسمة على كل شفاه طفل سرقت منه من قبل هذه الحرب المدمرة.

أي حرية يناشدون أي شيء يفعلون؟؟ أنا شابة لم أكمل الثامنة عشر عاماً من عمري ويقولون أن هناك قوات عسكرية!! هل الأطفال البريئة هم قوات عسكرية لا ,لأن هدفهم هو قتل الأطفال والشباب ولا يحملون أي نوع من أنواع الانسانية التي هم براء منها ..

 فاطمة قررت أن تتابع دراستها بهذه الروح ومهما كانت الأسباب وبرغم الظروف النفسية الصعبة التي تمر بها وسوف تكون شابة مثالاً لضحايا الحرب وسوف تكمل وتفصح لكل العالم إن الإرهاب لا دين له ولا هوية ولا انسانية وستقف لفضح حقائق الاجرام التركي بحق المدنيين والأطفال والنساء؛ لتقول لهم هذا تاريخكم أما

 تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا فهي المحبة والسلام والحرية لكل شعوب وأطفال ونساء العالم ونضيء شموع الحرية والسلام من أجل السلام الذي خُلقنا من أجله.

زر الذهاب إلى الأعلى