الأخبارمانشيت

ديبو: مشاركة مسد في العملية السياسية السورية بات بالأمر المستعجل

في حوار أجرته وكالة فرات للأنباء ANF معه, أكد عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية (سيهانوك ديبو) أن أستانا بكل اجتماعاتها كانت لها العلاقة فقط بترتيبات خاصة وخلق توازن معين لمرحلة معينة بعلاقة بالدول الضامنة، وأن النظام الفاشي التركي بات يشكل الخطر على العالم.

كما أشار (ديبو) إلى أن عموم معتنقي فلسفة القائد أوجلان هم بخط المجابهة الأول والمُفشل لرغبات النظام التركي المدمرة وخطاب الكراهية الذي يمارسه.

وكان نص الحوار كالتالي:

إلى أين يتجه الوضع السوري مع تزايد وتيرة التصعيد وانسداد أفق الحل، أين تكمن المعضلة حسب رأيكم؟

المعضلة السورية إنْ لم تظهر في العام 2011 فإنها كانت ستظهر اليوم أو في المستقبل, بالأساس نعتبر الحراك الثوري قد تأخر وكانت انتفاضة قامشلو 2004 الفرصة المناسبة لعموم شعب سوريا لإحقاق التغيير الديمقراطي, لو حدث ذلك كنّا كسوريين اختصرنا الكثير من الدماء والعنف والدمار, أي أن الأزمة السورية ذات جذور بنيوية معرفية سياسية, وما خرائط (سايكس بيكو) سوى بمثابة تحويل الشرق الأوسط إلى كتلة أزمة, فيما بعدها لعبت الأنظمة الاستبدادية القوموية في ذلك بدور الإسناد وإذكاء الأزمة, ونجد اللحظة بأن نظام الاستبداد المركزي والتدخل الدولي والإقليمي بما يحمل كل طرف منه أجندة خاصة به عاملين أساسيين أوصلا الأزمة السورية إلى مرحلة الانسداد في ظل تعامي الأطراف السورية عن مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا كنموذج أمثل لحل الأزمة والانتقال إلى سوريا لا مركزية ديمقراطية.

بعد المواجهات الدامية في إدلب وحماة هل لا زال الحديث عن أستانا ممكن، أم أنها كانت حالة وظيفية استفادت منها الأطراف الضامنة، وكان الخاسر هو الشعب السوري؟

إن ربط الأستانات باستقدام الحل السوري خطأ غير مقبول, فالأستانا بكل اجتماعاتها السورية كانت لها العلاقة فقط بترتيبات خاصة وخلق توازن معين لمرحلة معينة بعلاقة بالدول الضامنة الثلاث (تركيا، إيران، وروسيا), لكن يبدو بأن شركاء الأمس في الأزمة السورية ليس بالضرورة أن يستمروا, والوضع السوري إذا ترك هكذا فإن تصادم ما بين الأصلاء سيحدث بعد إنهاء الوكلاء أو في طور الإنهاء, وفقدت أستانا كل قيمتها حينما تمخّض عنها ما سمي بتأسيس اللجنة الدستورية في سوتشي 30 كانون الثاني يناير 2018, وكان اليوم العاشر من شن العدوان التركي ومرتزقته على عفرين, فضامن ومحتل لا يجتمعان، وسوريا في ذلك ليست بالاستثناء.

– إلى ماذا تُرِدّون سبب تعنت النظام في التوجه نحو حلول حقيقية للأزمة السورية، هل هو بسبب ضغوط خارجية أم لأنه يمتلك عقلية متزمتة، أو أن الأمران متجمعان؟

النظام المركزي الاستبدادي هو أساس الأزمة السورية، لحق ذلك تعقيداً متعلقاً بالتدخل الفظ الخارجي, وإصراره على إعادة إنتاج نفسه يؤدي إلى التقسيم, أما اليوم فيمكن القول بأن النظام لا يمتلك رفاهية القرار، بخاصة أن إبقائه بالوضع الحالي كان بسبب دعم حلفائه سواء كانت روسيا أو إيران، وهذا من المؤكد يكون على حساب مصادرة القرار السيادي, ولا نعتقد بأن الوقت بات بالمتأخر كثيراً, ويمكن للنظام الانفتاح على الحوار البنّاء مع مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية, الحوار البناء أو التفاوض الخلّاق الواقعي الذي يؤدي إلى إنقاذ سوريا من شبح التفتيت.

– عقدتم ثلاث ملتقيات اثنان منها للمعارضة والفعاليات الاجتماعية والثالث ملتقى للعشائر السورية، هل من نتائج ملموسة خرجت عن هذه الملتقيات؟

نحن اليوم بصدد عقد ورشات عمل في أوروبا ولاحقاً في بعض البلدان العربية, وتبدأ بورشة عمل في باريس نهاية الشهر الحالي مع شخصيات وطنية ديمقراطية, ونستكمل ما بدأناه منذ العام تقريباً, وقياساً إلى النتائج التي تتحصل في نهاية كل مؤتمر, وتمكين التوافقات التي تنتج فإننا بمثابة أساسيات الحل السوري تمهيداً لعقد المؤتمر الوطني العام.

– برأيكم ما سبب اللهجة التصعيدية من قبل النظام وروسيا تجاه ملتقى العشائر السورية؟

خالف ملتقى العشائر السورية في عين عيسى 3 مايو أيار العام الحالي توقعات كل من شكك بحل الإدارة الذاتية, لقد كان ملتقىً ناجحاً وكان بيانه الختامي بمثابة وثيقة العهد الوطني السوري, وأتى مثل هذا النجاح بشكل مقلق للنظام وروسيا اللذان أقلقتهما الحاضنة الشعبية لقوات سوريا الديمقراطية ومظلتها السياسية (مسد), كان الملتقى بمثابة التأكيد لمرة أخرى بأن قسد قوة محررة خلاف التضليل الممارس من قبل من أرادوا إفشال الملتقى.

– هل تلقيتم أية دعوة من مبعوث الأمين العام الخاص لسوريا غيرد بيدرسون لحضور أية جلسات تفاوضية جديدة؟

لم نتلقّ حتى اللحظة أية دعوة, ولن نغالي في التوقعات، بالأساس بات الجميع دون استثناء يدرك بأن التفاوض السوري الذي يحضر فيه (مسد) وفق نسبة تمثيله الجغرافي, أي قرابة الثلث من الجغرافية السورية, يعني بالتأكيد بأنه اختراق للأزمة السورية، وبأن طريق الحل قد بدأ, ونؤكد في (مسد) بأن حل الأزمة السورية لن يكون إلّا بالسياسي، ووفق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا, ونحن الجزء المهم من الحل, وخلاف ذلك هو استمرارٌ للأزمة السورية, ولا نعلم بالضبط في أي شكل كارثة ستنتهي؟

– وماذا يعني إقصاء مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا؟

يعني بأن الحل لم يحن وقته, وبأن التداخل الإقليمي والدولي في سوريا وصل إلى درجة التصادم, وأن إقصائنا يعني الشروع في التقسيم السوري, وفي ذلك لن نكون طرفاً فيه.

– القائد أوجلان التقى بمحاميه في الثاني والثاني والعشرين من شهر أيار المنصرم، ووجه رسائل إلى جهات عدة منها سوريا وقوات سوريا الديمقراطية، كيف تلقيتم هذه الرسائل وماذا تعني دعوة القائد في هذا الوقت الذي تعاني فيه المنطقة بشكل عام من حالة انسداد وتأزم وتراكم للقضايا؟

نرحب في مجلس سوريا الديمقراطية بأن يكون للسيد أوجلان الدور في حل الأزمة السورية, كما أننا مقتنعون بأن فلسفته وفكره لعموم الشرق الأوسط باتا الحل المتبقي في ظل أجندات ورؤى ومشاريع تبغي التقسيم الثاني للشرق الأوسط، هذا التقسيم لن يشبه تقسيم سايكس بيكو إنما يزيده إلى حالة تفتيت قصوى.

ما يدعو إليه السيد أوجلان من خلال فلسفة الأمة الديمقراطية يعني إنهاء أزمات الشرق الأوسط المتكورة بشكل كبير والمستعصية في سوريا, نعتقد بأن من مصلحة جميع الأفرقاء السوريين التوقف لما يطرحه السيد أوجلان، والانتباه بأن الإدارة الذاتية الديمقراطية ترجمة متقدمة لفكر وفلسفة أوجلان.

– تركيا مقبلة على إعادة الانتخابات في إسطنبول وسط تزايد تدهور الاقتصاد التركي وتأزم الوضع الداخلي، هل ترون أن هذه الانتخابات ستكون بمثابة استفتاء على شخص أردوغان الذي انقلب على انتخابات  ٧ حزيران ٢٠١٥ و الانتخابات المحلية في ٣١ اذار المنصرم، ليقول خلاله المجتمع التركي لأردوغان وحليفه حزب الحركة القومية، كفى؟

الأزمة في تركيا عميقة ومستشرية، ولها جانبين (الداخلي والخارجي), وإحدى علاماتها الانقلاب الأردوغاني على النتائج التي تمخضت في الانتخابات المحلية الأخيرة, وفرض رؤيته بإعادتها في إسطنبول, والمجتمع التركي منقسم على نفسه بشكل كبير منذ نيسان العام الماضي من خلال تغيير النظام السياسي في تركيا من برلماني إلى رئاسي.

وأضاف ديبو: فاز أردوغان عملياً بِـ 1% أو قريباً من هذه النسبة, ولا يمكن اعتبار ذلك بالمقياس الصائب الذي يلزم في مثل هذه التحولات, رغم أن المعارضة التركية فازت من خلال النقلة المميزة التي قام بها حزب الشعوب الديمقراطي، مؤكداً أنه صانع الملوك ومحدد أساسي للمنتصر، وبالرغم من أن الاستطلاعات والتقديرات الأولية تشير إلى فوز المعارضة التركية, سوى أن ذلك لا يمكن الأخذ به في ظل منطق التهديد والتسويف والتضليل الممارس من قبل العدالة والتنمية وحليفه الحركة القومية على عموم الشعوب في تركيا, وإنهاء كامل للحياة السياسية, وتركيا لا يمكن أن تستمر كدولة طبيعية في ظل وجود نظام مستبد ورئيس استبدادي مثل أردوغان لا يقبل إلّا غيره، ولا يرضى سوى بالحلول التي تناسبه, هذا بحد ذاته مشكلة كبيرة لا يمكن للقوى الحيّة الديمقراطية أن تتعايش مع ذلك.

– بعد احتلال عفرين توغلت القوات التركية في جنوب كردستان بعمق ١٠ – ١٥ كم٢، والآن منذ ٢٧ نيسان بدأت بحملة في منطقة خاكورك، هل الهدف حزب العمال الكردستاني أم المكتسبات الكردية في جنوب كردستان؟

لدى النظام الفاشي التركي ثوابت ورثها من أسلافه في مقدمتها أفضل الكرد هم الموتى، واستجد عليها مشروع بات يعلمه الجميع هو التوسع في عودة العثمانية الجديدة، ورأس حربته في هذا التوسع هو التنظيمات الإرهابية المرتزقة، ووجهها السياسي هو تنظيم الإخوان المسلمين, وأفضل صيغة يقبل بها في إقليم كردستان العراق/ باشوري كردستان أن تكون حديقة تركيا الخلفية, وأن تتحول قنديل كقلعة للديمقراطية إلى تورا بورا وهندكوش.

وتابع سيهانوك:  النظام الفاشي التركي بات يشكل الخطر على العالم، ويرى بأن العمال الكردستاني وعموم معتنقي فلسفة أوجلان بخط المجابهة الأولى والمفشل لرغبات هذا النظام المدمرة وخطاب الكراهية الذي يمارسه, لذلك على الإخوة في إقليم كردستان العراق أن يعلموا الأخطار المحدقة بهم من قبل الذهنية الفاشية التركية ومشروعهم الماضوي السياسوي الذي لا مكان للكردي الحي والحر فيه بشيء, علماً بأن العلاقات المتوازنة شيء وما يحدث اليوم في إقليم كردستان العراق كأنه ينحو منحى آخر نحو تدمير مكتسبات الشعب الكردي في العراق أيضاً.

– ما هي المساعي التي تقومون بها لأنهاء الاحتلال التركي في الشمال السوري وبشكل خاص في عفرين وهل من تجاوب تجاه هذه القضية؟

من أجل عودة آمنة ومستقرة لشعب عفرين نقوم بكل ما يلزم وعلى مختلف الصعد, ومنها فضح جرائم التغيير الديموغرافي وممارسات الاحتلال التركي ومرتزقته بحق الأهالي في عفرين, وحملات ولقاءات دبلوماسية مكثفة, وتنظيم مؤتمرات خاصة بذلك.

وأضاف ديبو مؤكداً:

من دون تحرير عفرين لا يمكن الحديث عن الحل السوري، وانحسار تركيا من سوريا في إنهاء احتلالها مطلب أساسي لمسد, فقد رصد العالم كله مقاومة استثنائية دامت لـ 58 يوماً، وما تزال المقاومة مستمرة في ظل احتلال عفرين الذي حدث نتيجة تفاهمات دولية معينة, سوى أننا متأكدون من عودتها محررة, ولا نعتقد بأن ذلك سيأخذ الوقت الطويل.

– ما هي رؤيتكم ككيان سياسي واجتماعي للحل في سوريا؟

سوريا في شاكلة النظام شديد المركزية باتت من الماضي, ولا يمكن إعادته أو وفق صيغة مقاربة له.

وأشار ديبو إلى أن التنوع السوري العرقي القومي والديني الطائفي مصدر قوة في حال استنبات نظام سياسي إداري وفق هذه الحقيقة, ويتحول إلى مصدر ضعف وخلق الأزمات في حال إدارة سوريا بلون واحد يعبر عن أيديولوجية منغلقة واحدة, وقال مضيفاً:

إنهاء كاملٌ للإرهاب وتأسيس محكمة إرهاب دولية في شرقي الفرات، والاقتناع بمنع ظهور الاستبداد من بعد إنهاء الاحتلال التركي وإنهاء التواجد الأجنبي على سوريا تعتبر الأساسيات لحل مستدام سوري آمن ومستقر, وفي الوقت نفسه يعتبر إيجاد حل عادل للقضية الكردية بموازاة حل القضية الديمقراطية في سوريا مدخل أساسي لفهم الحل السوري وفي عموم منطقة الشرق الأوسط, كما أن مشاركة مسد الوازنة في العملية السياسية السورية وفي اللجنة الدستورية بات بالأمر المستعجل, ومن أجل ذلك فإن إعادة هيكلة هيئة التفاوض بات أيضاً بالأمر الملح.

وبيّن ديبو أن الإدارة الذاتية دخلت عامها الخامس وتظهر للملأ بأنها أفضل الحلول للأزمة السورية, وقال:

كمجلس سوريا الديمقراطية نحن منفتحون على الحوار العقلاني الواقعي مع جميع الأطراف، وفي مقدمتها السلطة السورية, والحوار الناجح أو الذي يتوقع منه النتائج المفيدة يكون بإشراف الأمم المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى