حواراتمانشيت

خطيب دجلة: حالة من الفوضى وعدم الاستقرار بانتظار تركيا قريباً

في اتصالٍ هاتفيٍّ من قبل (موقع أحوال) التركي مع أحد أهمّ الساسة الكرد خطيب دجلة رئيس مؤتمر المجتمع الدّيمقراطي.

أكد أنهم يحاولون القضاء على النظم الفاشية بكافة السبل الديمقراطية والنضال الشعبي.

وعن هدف الاجتماع الذي عُقد في الحادي عشر من نيسان/ أبريل الماضي في معهد تنمية الدّيمقراطيّة بالعاصمة البريطانية لندن، بمشاركة وزير الدّاخلية التّركي الأسبق (أفكان ألا) ووزير الطّاقة السّابق (تانر يلدز) ووزير الزّراعة السّابق (مهدي إيكر), قال دجلة: “هذا الاجتماع تمّ في إطار النّشاط المعتاد لمعهد تنمية الدّيمقراطيّة، والكرد لم يحضروه”، مضيفاً: “لن يجدي الجّلوس ولا الحديث نفعاً في الوصول إلى حلٍّ مع هذه الأنظمة الفاشيّة”.

وجاء نص الحوار مع خطيب دجلة رئيس مؤتمر المجتمع الدّيمقراطي على الشكل التالي:

– وصف البعض هذا الاجتماع أنّه بمثابة أوسلو جديد، أو أنّه بداية للتوصّل إلى حلولٍ لبعض الموضوعات العالقة، ما هو تقييمك لهذا الاجتماع خاصّةً أنّه عُقد بالتّزامن مع قرار إجراء الانتخابات الرّئاسيّة المبكّرة؟

أوّلاً أودّ أن أؤكّد على موقف معهد تنمية الدّيمقراطيّة من هذا الموضوع, هذا المعهد هو مؤسّسةٌ تتّخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرّاً لها, وتعكف على بحث المشكلات السّياسيّة حول العالم والتوسّط بين أطرافها, رغبةً منها في إيجاد حلولٍ لها، وبالتّعاون مع وزارة الشّؤون الخارجيّة البريطانيّة, ولذلك كان من الطّبيعي أن تصبح المسألة الكرديّة على جدول أعمال هذه المؤسّسة بوصفها واحدةٌ من القضايا الشّائكة حول العالم، وأنا أعلم جيّداً وجود فرع لهذا المعهد في تركيا منذ مدّةٍ، وبالنّسبة إلى سؤالك أعتقد أنّه ليس مهمّاً وصف نشاط المعهد بأنّه أوسلو جديد أو بأنّه شيءٌ من هذا القبيل, بل المهمّ أن هذا المعهد يوجّه الدّعوة في اجتماعاته الخاصّة بهذا الشأن إلى سياسيين كرد وآخرين ينتمون إلى حزب العدالة والتّنمية أو من الأحزاب الأخرى مثل حزب الشّعب الجمهوري، بل إنه قد ينقل هؤلاء جميعاً إلى اجتماعٍ يتناول هذا الشّأن في بلدان خارج تركيا حتّى أفريقيا أو ايرلندا رغبةً منه في إيجاد حلٍّ لهذه المشكلة, وسياسة المعهد واضحةٌ في هذا الخصوص, وهي المحافظة على علاقته بكافّة أطراف المشكلة، حتّى إذا اندلعت حربٌ في حالة تعثّر المسار السّياسي, وبحسب معرفتي فقد طلب المعهد من جديدٍ الاجتماع مع الأطراف كافّةً, وعلى الرّغم من هذا فقد جاء ردّ ممثّلي حزب العدالة والتّنمية كالتّالي: (لا يمكننا في الوقت الرّاهن الجلوس مع أعضاء من حزب الشّعوب الدّيمقراطي ومَن على شاكلتهم، أو حتّى التقاط الصّور معهم, ولكن في حال توجيه الدّعوة إلينا فسنأتي بمفردنا).

وأصرّوا على عدم حضور الجّانب الكرديّ في أي اجتماعاتٍ, وبصفتي الشّخصية لا أعرف شيئاً عن مضمون حوار وفد حزب العدالة والتّنمية مع معهد تنمية الدّيمقراطيّة, ويقال إنّها كانت جلسةً مغلقةً ولا يمكن الكشف عمّا دار داخلها, وكذلك لم يتحدّث أحدٌ عن هذا الموضوع, وإذا تم سؤال الوزراء السّابقين الّذين حضروا هذا الاجتماع فإنّهم يُعرضون عن الإجابة ويلتزمون الصمت, وأنا لم أسمع أنّ معهد تنمية الدّيمقراطيّة قد التقى أعضاء حزب الشّعوب الدّيمقراطي إلى الآن.

هل كنت تعلم مسبقاً بأمر تنظيم مثل هذا الاجتماع؟

لا ما حدث أنّني علمت بأمر هذا الاجتماع من وسائل الإعلام, ولقد أثار خبر عقده الفضول لدينا أيضاً مثلكم تماماً.

– هل لديك أيّة تخميناتٍ تتعلق بالنّتيجة الّتي تمخّضت عن هذا الاجتماع؟

سأتحدّث بصراحةٍ لقد اتّخذنا موقفاً واضحاً تّجاه النّهج الّذي يتبنّاه حزب العدالة والتّنمية في هذه المرحلة, وفي رأينا أنّه يسعى إلى تأسيس نظامٍ ديكتاتوريٍّ فاشيٍّ في تركيا, وأنا لا أجلس أو أتحدّث مع الدّكتاتوريّين الفاشيّين, ونحاول هدم هذا البناء الفاشيّ من خلال تطبيق النظام الدّيمقراطي وباستخدام كافّة الطّرق السّلميّة المتاحة لنا, لأنّنا ندرك جيّداً أنه لا سبيل للوصول إلى حلٍّ مع الفاشيّة, وأعتقد أن فكرة الجّمع بين وفدي حزب العدالة والتّنمية وحزب الشّعوب الدّيمقراطي في مكانٍ واحد ليست صائبةً من الأساس.

– تقولون إنّ بعض القرى الكرديّة قد تعطي صوتها لأردوغان في الانتخابات المقبلة، وأن هذا ظهر جليّاً في الاستفتاء الماضي, ولكن هذه المرّة ستُجرى الانتخابات بالتّزامن مع إعلان حالة الطّوارئ, ومن ناحيةٍ أخرى لجأ حزب الشّعب الجّمهوري إلى تشكيل تحالفٍ يجمع أحزاب: الشّعب الجّمهوري والسّعادة وحزب الخير والحزب الدّيمقراطي, سؤالي هنا يتعلّق بحزب الشّعوب الدّيمقراطي، هل يمكن لهذا الحزب أن يخوض الانتخابات ضمن تحالفٍ يكوّن هو الآخر مع الأحزاب في المنطقة مثل حزب الهدى؟

رحّب حزب الشّعوب الدّيمقراطي بخبر منح حزب الخير 15 عضواً من قبل حزب الشّعب الجّمهوري, ونظر كلّ واحدٍ منّا إلى هذا الأمر باعتباره خطوةً صائبةً من النّاحية الدّيمقراطيّة, ولدينا 11 حزباً, ثلاثة منها اتّحدت بالفعل تحت اسم (تحالف الشّعب) ويتبقّى لدينا ثمانية أحزابٍ، لذلك أرى أنّه من الصائب أن تتّحد هذه الأحزاب الثّمانية سواءً الّتي يقودها حزب الشّعب الجّمهوري أو الّتي يمكن أن يتقدّمها حزب الشّعوب الدّيمقراطي, وأعتقد أنّه قد حان الوقت لتأسيس تحالفٍ مشتركٍ مع الأخذ في الاعتبار أن هذا التّحالف هو من أجل الدّيمقراطيّة وليس تحالفاً سياسيّاً بالمعنى المتعارف عليه, وسيضمن هذا التّحالف كذلك الحفاظ على أصوات المعارضة وعدم تفتيتها, وبالتّالي الفوز بالأغلبيّة في البرلمان, وما حدث أنّ حزب الشّعوب الدّيمقراطي قد أُبعد عن هذا التّحالف بمبرّراتٍ مختلفةٍ, وباعتقادي أنّه لو لم يقم حزب الخير بهذه الخطوة لكان احتمال تحقّق هذا المشروع كبيراً, والآن سيتحرّك حزب الشّعوب الدّيمقراطي مع القوى الدّيمقراطيّة الأخرى مثلما حدث في انتخابات 7 حزيران/ يونيو تماماً الأمر الّذي سيُحدث مناخاً ديمقراطيّاً إيجابيّاً في تركيا, وسيكون بمقدور حزب الشّعوب الدّيمقراطي إذا لم يلجأ الحزب الحاكم لأسلوب المراوغة والخداع أن يحقّق نسبة تتراوح بين 15 و20 %. لذلك يتعيّن على كافّة الجّبهات الدّيمقراطيّة أن تتوحّد تحت هدفٍ واحدٍ ألا وهو منع نظامٍ فاشيٍّ ديكتاتوريٍّ من حكم تركيا.

– ما ردّك على الذين يشكّكون في قدرة الحزب على حصد هذه النّسبة من الأصوات؟

أخالفهم الرّأي وأعتقد أنّه سيحصل على نسبة تتراوح بين 15-20 % من الأصوات, وكانت هناك حيلٌ ماكرةٌ جرى الإعداد لها في كردستان، حتّى إنّ المجلس الأوروبي قال إنّ هذه الانتخابات لن تكون مشروعةً, وأعلنت الولايات المتّحدة الأميركيّة بدورها عن هذا في تصريحاتٍ مماثلةٍ, وأصدر الدّكتاتور أردوغان أوامره قائلاً: (ادفنوا حزب الشّعوب الدّيمقراطي في صناديق الاقتراع).

وهولا يخاطب بذلك أعضاء حزب العدالة والتّنمية فقط، بل إنّ حديثه كان موجّهاً كذلك إلى مؤسّسات الدّولة الّتي ستنشط خلال هذه الانتخابات لخدمة أهدافه, وبالطبع سيبذل القضاء التّابع للسّلطة والشّرطة والدّرك قُصارى جهدهم من أجل تحقيق رغبة الدكتاتور.

– ماذا سيحدث عندما يظلّ حزب الشّعوب الدّيمقراطي عند حدود 9.99٪؟

ما سيحدث هو أنّ النّواب السّتين أو السّبعين الّذين سيُخرجهم حزب الشّعوب الدّيمقراطي من البرلمان سينتقلون جميعاً إلى حزب العدالة والتّنمية, ولن يتحمّل حزب الشّعوب الدّيمقراطي مسؤولية هذا.

– دأبت الحكومة التّركيّة على ترديد أنّ السّبب لإجراء الانتخابات في ظلّ حالة الطوارئ إنما يرجع إلى وجود مخاوف أمنيّة تحدّق بالبلاد, هل تشعر بوجود تلك المخاوف؟ وما هي توقّعاتك لما يمكن أن يحدث خلال تلك الفترة؟

بالطبع يساورني القلق, ما يتوافر لديّ من معلوماتٍ لا يدعو للاطمئنان؛ فالحكومة التّركيّة لا تكفّ عن حملات الاعتقال الموسّعة، كما تمنع رؤساء الأحزاب من تنظيم مؤتمراتٍ جماهيريّةٍ, فإذا قرّر رئيس الجّمهوريّة القضاء على حزب الشّعوب الدّيمقراطي وأصدر أمره (ادفنوه في صناديق الاقتراع) فاعلموا أننا سنفقد شيئاً عزيزاً لدينا اسمه الدّيمقراطيّة.

– قبل أيام صرح (جميل بايق) (وهو أحد المؤسّسين الخمسة لحزب العمّال الكردستاني، وأحد أبرز قادته) و(بسي هوزات) قائلين: سنبدأ حرب العصابات, ما تقييمك لهذا التّصريح؟

تجري معركةٌ شرسةٌ للغاية منذ عام 2015, ويبدو أنّ هذه الحرب ستزداد عنفاً خلال هذا العام, ونفهم ذلك من التّصريحات الّتي أدلت بها منظومة المجتمع الكردستاني وقيادة قوّات الدّفاع الشّعبي الكردستاني تزامناً مع توغّل الجّيش التّركي حوالي 30 كم داخل الحدود العراقيّة بمباركةٍ وإشرافٍ من حزب العدالة والتّنمية, ولهذا السبب من المؤكّد أن تندلع حرب عصاباتٍ شرسةٌ ودمويّةٌ في مناطق جنوب كردستان وفي شمال كردستان أي في إقليم كردستان التّركي المحتلّ, ومن أجل هذا أعلن القيادي في منظومة المجتمع الكردستاني (مراد قرايلان) أنّه أكمل الاستعدادات للحرب، وأنّ قوّاته بدأت حرب العصابات, وأخشى القول أنّنا سنشهد هذا العام صيفاً ساخناً وانتخاباتً ساخنةً أيضاً. وأكرّر أنّ التّخلي عن المسار السّياسي قد يجلب نتائجاً كارثيّةً على تركيا, وأعتقد أن السّيناريو الأسوأ للصّورة الّتي تتحدثون عنها هو أن يتحوّل الوضع في تركيا إلى ما يشبه حرباً أهليّةً حقيقيّةً, والحرب الأهليّة بدأت بالفعل منذ وقتٍ طويلٍ, وربّما نكون أكثر دقّةً لو قلنا أنّها ستأخذ منحىً جديداً, و يمكن أن تتطوّر الأوضاع معه إلى حالةٍ من الفوضى الشّاملة الّتي  ستُغذّيها الأزمات الاقتصاديّة التي تعيشها البلاد في الوقت الرّاهن.

– في تلك الحالة، هل يصبح هناك ضرورةٌ لإجراء الانتخابات من الأساس؟

هدفنا هو أن نختار الأصلح بالطّرق الدّيمقراطيّة بحثاً عن إيجاد فرصةٍ لإنقاذ تركيا, ومن أجل هذا يجب على القوى الّتي تعمل لصالح الدّيمقراطيّة أن تتحالف معاً, لكن للأسف عرقل موقف حزب الخير اكتمال هذا التّحالف, وبات من المؤكّد أنّه في حال إخفاق تحالف المعارضة وفوز الدّيكتاتوريّة في 24 حزيران المقبل فإنّ تركيا ستكون على موعدٍ مع موجةٍ عنيفةٍ من الفوضى.

ماذا سيكون موقف حزب الشّعوب الدّيمقراطي إذا كان مرشّح حزب الشّعب الجّمهوري هو الشّخص الذي سيخوض الجّولة الثّانية من الانتخابات في مواجهة أردوغان؟

بالطبع هذا واردٌ, ومن الطّبيعي أن جميع الكرد سيتكتّلون خلف مرشّح حزب الشّعب الجّمهوري في حال كونه ديمقراطيّاً ومؤيّداً للتوصّل إلى حلٍّ للمشكلة الكرديّة في تركيا بالطّرق السّلميّة، وتعهّد بإعادة تركيا إلى مسار الدّيمقراطيّة من جديد، وفي حال كون البرنامج الّذي سيطرحه مطمئناً للكرد, ولكن إذا كان العكس هو الصحيح, أي أنّه اتّخذ نفس موقف حزب الخير، وأيَّد الّلجوء إلى القوّة لحلّ المسألة الكرديّة فإنّ الكرد لن يكونوا في وضعٍ يسمح لهم بالاختيار بين قاتلين.

من ناحيةٍ أخرى أعتقد أن أوّل عمل سيقوم به أيّ شخصٍ يأتي إلى سدّة الحكم في تركيا خلاف أردوغان سيكون إلغاء حالة الطّوارئ, وهذا سببٌ كافٍ لكي يقف حزب الشّعوب الدّيمقراطي إلى جانب مرشّح الشّعب الجّمهوري ويدعمه في مواجهة أردوغان, وبات من الضّروري أن نضع الأمور في نصابها الصّحيح بإدراك أنّ هناك فارقاً بين موقف المواطن العادي وموقف السّياسي, وهذا الاختلاف مفاده أنّ المرشّح الّذي سيصعد, سيعلن عن برنامجه, وأودّ أن أخبركم أنّ الشّعب الكردي على درجةٍ عاليةٍ جدّاً من الوعي، وهو الّذي سيميّز هل هذا البرنامج مناسبٌ  له أم لا؟

 فإذا كان البرنامج يرضيهم فإنّهم سيقدّمون أصواتهم حتى لو قال السّياسيّون: لا تصوّتوا, لكن إذا صارت الأمور على النّقيض من ذلك، فلن يصوّت الكرد لصالح مرشّح حزب الشّعب الجّمهوري وإن اختلف برنامجه بعض الشّيء عن برنامج أردوغان, حتّى لو صرخنا فيهم نحن السّياسيّون قائلين: صوّتوا له, قد لا يستمع الشّعب الكردي إلى دعواتنا تلك, لأنّه شعبٌ سياسيٌّ بطبعه، وسيكون خياره الوحيد هو المقاطعة.

– هل ستنتاب النّاخبين حماسة الانتخابات التي كانت تنتابهم في المرّات السّابقة؟

وفقاً للمعلومات التي تلقّيتها من بعض الأصدقاء، هناك بالفعل وجودٌ لمثل هذه الحماسة, فهم يأخذون هذه الانتخابات على محمل الجدّ, إنّهم يدركون أنّها ليست انتخاباتً عاديّةً هذه المرّة، وهم يدركون أنّها تصويتٌ على النّظام بأكمله, ويدركون أنّهم سيتوجّهون إلى صناديق الاقتراع للاختيار بين الدّكتاتوريّة والدّيمقراطيّة.

– ما هي توقعاتك لنتيجة الانتخابات, وفي رأيك كيف ستكون النّتيجة؟

لست متأكداً من نتيجة الانتخابات لأن الدّكتاتوريّون لا يتركون السّلطة أبداً من خلال الانتخابات, وأردوغان لن يتورّع عن استخدام كافّة السُبل المتاحة من حوله وهي طرقٌ كثيرةٌ لا أودّ الحديث عنها لأنّها أشياءٌ محبطةٌ للغاية, إنّهم سيحاولون سرقة أصوات النّاخبين عن طريق الحيلة والخداع، وربّما باستخدام القوّة وبتطويع القانون لخدمتهم, ومع هذا فستبقى مقاومة قوى الدّيمقراطيّة العظيمة صامدةً في وجوههم, وأعتقد أنّنا سنشهد صراعاً مثيرًا للاهتمام.

زر الذهاب إلى الأعلى