الأخبارمانشيت

جواد البيضاني: الجيش العراقي وقسد تمكنا من كسر أذرع تركيا “داعش”

في لقاءٍ لموقع الاتحاد الديمقراطي مع الدكتور جواد البيضاني مدير المعهد العراقي للدراسات الكردية حول سياسة تركيا في المنطقة، وهجماتها على المناطق العراقية والسورية.

استهل حديثه بالقول: كما هو معلوم فإن حكومة العدالة والتنمية استخدمت أساليب سياسية لبسط نفوذها في المنطقة وتعزيز تواجدها من خلال استراتيجية “تصفير الأزمات” بمعنى إنهاء مشكلات تركيا مع دول الإقليم، فبدأت بالتحاور مع اليونان وفتحت صفحات جديدة مع سوريا، وبدأت مشواراً تفاوضياً مع أرمينيا، والحقيقة أن أحمد داود أوغلو وزير الخارجية ورئيس الوزراء السابق كان قد تَبَنَّى هذه النظرية، لفك عزلة تركيا وتفاعلها مع محيطها، وتعزيز تواجدها الإقليمي.

وأضاف: إن أهداف تركيا الاستراتيجية لم تكن واضحة لدول الإقليم، حيث كانت تهدف إلى أن تكون قريبة من مجريات المنافسة السياسة التي تحدث على الصعيدين الإقليمي والدولي كي تمنحها الفرص الناتجة عن مبدأ استراتيجية “تصفير الأزمات” نفوذاً ناعماً يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية معتمدةً على ربط هذه الدول اقتصادياً وسياسياً معها ومن ثم التحكم بقرارها السيادي، من خلال دعم عملائها.

وتابع البيضاني حديثه: بعد (الربيع العربي) اعتمدت تركيا استراتيجية جديدة قامت على أساس التدخل المباشر فكان لها دوراً كبيراً في تأزيم الأوضاع في ليبيا، ودعمها لحركة الاخوان المسلمين في مصر واضح، وجهودها في وصول حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي في تونس معروف، فضلاً عن تدخلها الواضح في سوريا وفي العراق، هذه الاستراتيجية سماها الأتراك بسياسة (التحدي والتنافس).

وأشار إلى أنه: كانت تركيا تهدف إلى عقد الخناصر لمساندتهم الأحزاب الاسلامية ذات النهج الإخواني في الوصول إلى تسلم السلطة؛ بيدَ أن خططها بدأت تذهب أدراج الرياح، فكان فشلها كبير في ليبيا، ولم تحقق استراتيجيتها في مصر نجاحاً كبيراً، ومُنيت بهزيمة كُبرى في تونس بعد مُعارضة الشعب التونسي الكبيرة لحركة النهضة.

وفي السياق قال البيضاني: بدأت تركيا تجاهد النفس في تحقيق مكاسب بالعراق وسوريا غير أن الجيش العراقي استطاع كسر أذرعها (داعش) والمنظمات الإرهابية، وكذلك تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض وهذه العوامل دفعت تركيا بالعودة إلى استراتيجية (تصفير المشكلات) ولكن هذه المرة كانت عملية التصفير جزئِيَّة.

وحول سياسة تركيا في العراق وسوريا رأى البيضاني أن تركيا غيرت سياستها تجاه العراق وبدأت بالتقرب من روسيا ومغازلة إيران وفتحت خط للتفاوض مع النظام السوري؛ بيدَ أن أوراق اللعب لم تتغير في سعي تركيا إلى تحقيق أهدافها وحلمها الذي عبَّر عنه الرئيس التركي في أكثر من مناسبة حين قال خلال لقائه مع أعضاء حزبه: “نتشبث بميراث الأجداد في كل مكان، بدءاً من آسيا الوسطى وأعماق أوروبا إلى جزيرة سواكن في السودان”، وعليه فإن الاستراتيجيات لم تتغير رغم تغيير السياسات وعملية اقتطاع أرض من العراق ومن سوريا لا تبدو غريبة عن منهج تركيا فالهدف واحد رغم اختلاف آليات تنفيذه.

وأضاف: تركيا الآن تسعى إلى إعطاء صورة مغايرة إلى تلك التي عُرفت بها خلال أزمة داعش، وإيهام العالم أن سياسة الاستحواذ على الأرض واحتلالها إنما تهدف إلى حماية الأمن القومي التركي من هجمات داعش، والمحافظة على التوازنات القومية والعرقية والوقوف بوجه الأطماع الشيعية في منطقة تلعفر ذات الغالبية التركمانية، وبذلك توضح للعيان استراتيجيتها الشوفينية الطائفية التي تقوم على أساس صَهْرِالقوميات الأخرى في بوتقة الأمة التركية ومحو الهويات الفرعية، وعلى هذا النهج قامت الدولة التركية الحديثة فما هو التغيير والفرق بين دولة أتاتورك وبين دولة أردوغان؟ نستطيع القول: الحقيقة أن الأول أراد أن يحافظ على ما تَبَقَّى من تركيا (العثمانية) دون أن يتخلى عن الأراضي التي كانت خاضعة للاحتلال التركي، أما الثاني فيسعى إلى إعادة مجد العثمانيين وهيمنتهم على المنطقة.

في الختام لخص جواد البيضاني مدير المعهد العراقي للدراسات الكردية حديثه في سياسة تركيا بالمنطقة قائلاً: في ظل الأوضاع التي يعيشها العالم كيف لنا أن نوقف هذه الاستراتيجية؟ وهل يستطيع أردوغان فرضِها على سوريا والعراق؟ هنا أعتقد أن الشعوب الحرة هي التي ترسم طريقها في مقاومة أهداف أردوغان التوسعية، فضلاً عن التحرك الجماهيري والتفاعل المجتمعي من خلال فضح سياسات اردوغان وكشف أوراق اللعبة التي رسمها ومنع تطبيقها لأنها تُمثل تهديداً لأمن المنطقة، ويبقى (القلم) من أهم الأسلحة التي يخشاها أردوغان، فإغلاق الصحف واعتقال وتغييب الصحفيين والكُتّاب واحدة من وسائله الاستبدادية في حَجبِ الكلمة ومنعها، بيدَ أن سلاح الكلمة سيستمر رغم سياساته القمعية.

إعداد: أفين بوبلاني

زر الذهاب إلى الأعلى