الأخبارمانشيت

جمال حمو: القوى المتصارعة لن تسعى لحلٍ يعارض أجندتها

غير بعيد عن ميدان الصراع الدولي والإقليمي  تشهد الساحة السورية المتأزمة تطوراتٍ جديدة للأحداث خاصة تلك المتعلقة بالضربة التي نفذتها كلِ من فرنسا وبريطانيا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتحت عنوان الرد على استخدام النظام السوري للسلاح الكيمياوي في دوما، كذلك التفاهمات والتقاربات الجديدة التي تُطرح بين الطرفين الدوليين روسيا وأمريكا حول مصير الأزمة في سوريا، وهنا نتساءل ماهي الاحتمالات التي تَلوحُ في الأفق فيما يتعلق بالصراع الدائر على الأرض السورية دولياً وإقليمياً؟.

سؤالٌ آخر متعلق بعفرين المحتلة من قبل الدولة التركية، وممارسات مرتزقتها في محاولة لتغيير ملامح المنطقة التي كانت نموذجاً للتعايش والسلام والأمان في سوريا، وشهدت مقاومة بطولية لم يشهدها تاريخنا المعاصر وتستمر إلى اليوم في وجه القوة المحتلة الغازية، نتساءل أين المجتمع الدولي مما يحدث في عفرين؟ ألم تستخدم دولة الاحتلال التركي السلاح الكيمياوي في عفرين؟

محور آخر مهم ومتعلق بالأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط عامة والساحة الكردستانية خاصة، ولتسليط الضوء عليه نسأل: ما هو السبيل للحفاظ على المكتسبات الثورية في شمال سوريا، وهل وحدة الصف الكردي ضرورة مرحلية أم استراتيجية يجب أن تتبناها كل القوى السياسية الكردستانية في هذه المرحلة المفصلية وفي وقت تتسارع فيه المتغيرات الدولية على ساحة كثر فيها اللاعبون.

عن مجمل المتغيرات الأخيرة التي تشهدها الساحة السورية وما استهلنا به في المقدمة ألتقت صحيفة الاتحاد الديمقراطي مع جمال حمو عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردي السوري P.D.K.S ليتحدث لنا عن موقف حزبهم من تلك المتغيرات والأحداث:

والذي بدأ حديثه بالقول: بأن المسألة السورية لم تعد تخص السوريين وحدهم، أطراف وقوى دولية وإقليمية تتصارع اليوم على الأرض السورية، لكن دائرة الصراع تشمل الشرق الأوسط عموماً، مصالح واتفاقيات وتبادل للأدوار والثمن أولاً وأخيراً يدفعه الشعب السوري، ومقاطعة عفرين المحتلة كانت ضحية لهذه البازارات والاتفاقيات.

أما فيما يتعلق بالضربة الأمريكية وعما تفضلتم به في المقدمة، بالطبع الضربة الأمريكية لا تتعلق بدوما، ومسألة استخدام السلاح الكيمياوي فقط أو إسقاط النظام السوري الذي فقد إرادته أصلاً، الهدف من هذه الضربة الثلاثية هو ردع وتخويف لقوى أخرى تطاولت في مدَّ نفوذها على الساحة السورية والدولية، كذلك لتحجيم التمدد الإيراني ومشاريعه في المنطقة عموماً، وضرب التحالف الروسي – التركي – الإيراني المتناقض، بالطبع هذه القوى ألتقت على نقاط توافق مشتركة في المصالح والأجندات رغم التناقض والتباين الحاد في مشاريع وأجندات كلٍ منهم على حدى، واحتلال عفرين من قبل الدولة التركية كان نقطة توافق بين هذه القوى، ولم يعد خافياً على أحد الهدف والغاية من هذا الحلف الثلاثي.

أمريكا تحاول سحب تركيا من الحضن الروسي بشكلٍ أو بآخر، وكما نعلم بأن تركيا ثاني أكبر قوة عسكرية في حلف الناتو والعلاقات الأمريكية التركية علاقات استراتيجية لا يمكن للطرفين الاستغناء عنها، لكن لكل منهما مصالح وغايات خاصة، كما إن روسيا تشكل ثاني أكبر قوة عالمية وهي في تضاد مع الولايات المتحدة الأمريكية لكن هناك تفاهمات معينة ولنّ تصل بهما إلى حد التصادم ونشوب حرب عالمية ثالثة، من هنا يُمكن القول بأن كل الأطراف تحاول تثبيت أقدامها في سوريا وفي عموم الشرق الأوسط.

 بالطبع الحرب الباردة مستمرة ومتجددة لكن بأساليب مغايرة ومختلفة عما كانت عليه في القرن المنصرم، ولنكن واقعيين أكثر هناك عدم رغبة أوروبية أمريكية واضحة من التقارب التركي الروسي، كما إن روسيا تسعى بشتى الوسائل إلى جذب تركيا لقطبها علماً أن المصالح التركية متناقضة مع الغاية والاستراتيجية الروسية وحلفائها خاصة مع إيران ونعلم بأن المشروع الإيراني يتخذ طابعاً شيعياً بينما المشروع التركي يتخذ طابعاً سنياً إخوانياً، لكنهم يتفقون فيما بينهم خاصة إذا كانت المسألة تتعلق بالقضية الكردية وبالوجود الكردي.

من هنا فأن الصراع الدولي المتجدد في وقتنا الراهن يتجاوز سوريا، والتقارب الروسي الأمريكي ضروري بالنسبة لهم في بعض القضايا والمصالح وكمثال: ما الذي سيقدمه الروس للأمريكيين فيما يتعلق بكوريا الشمالية.

ومن هنا لا يمكن الحديث عن أي هدف يُرجى من هذه الضربة ومن هذه التوافقات يخدم الشعب السوري وينتقل بالأزمة نحو حل سياسي لأن هذه الأطراف لم ولن تسعَ لحل سياسي لأن الحل السلمي السياسي يخدم السوريين ولا يصب في خدمة مصالح القوى المتصارعة والمبنية على أساس الصراع.

منذ بداية الأزمة ونحن نعمل ونسعى لحلٍ سياسي و”المعارضة” أيضاً كانت تدعو للحل السياسي قبل أن تصبح أداة لتمرير وتنفيذ أجندات إقليمية، والنظام أيضاً كان يدعو لحل سياسي، لكن مَن يحركهم اليوم لا يرغبون بحلٍ سلمي للأزمة يتعارض مع مصالح القوى المتصارعة، ولو أرادوا حقيقةً حل الأزمة سياسياً لجلسنا منذ اليوم الأول في دمشق على طاولة واحدة ولم تكن الأزمة لتصل لهذه المرحلة الخطيرة التي نحن نعيشها.

بالطبع القرار لم يًعُد بيّد النظام السوري ولمّ يعُد بيّد المعارضة، إرادتهما مصادرة ومسلوبة وحديثهما عن الحل السياسي يقع في إطار الاستهلاك الإعلامي لا أكثر.

 لنعد إلى الاحتلال التركي لمقاطعة عفرين؛ ولنبدأ بآخر المستجدات، المجلس الذي تحاول الدولة التركية المحتلة فرضه وتسويغ مشروعيته في عفرين، لا يمثل عفرين ولن يمثل إرادة شعبنا المقاوم، ونحن في حزبنا استنكرنا بشدة ممارسات النظام التركي المحتل ومرتزقته في عفرين.

من دون شك هذا المجلس بمثابة خنجرٍ في خاصرة شعبنا، العدو المحتل لا يستطيع أن يقوم بأي عملٍ في عفرين لولا أن الثلة المرتزقة الذين يتحدثون ويسترزقون باسم الكرد والقضية الكردية.

الدولة التركية تمارس اليوم سياسة إبادة بحق الكرد ونحن نشاهد كل يوم كيف أنها تعمل على تغيير معالم مدينة عفرين بمعنى آخر سياسة التتريك وحرب الإبادة تُعاد من جديد على يد الدولة التركية، وهناك برامج دينية داعشية تحاول تركيا فرضها على عفرين، أي أن دولة الاحتلال تسير اليوم على خُطى تنظيم داعش في ممارساتها ومنهجها التكفيري، وبكل أسفٍ هناك ممن يتحدثون باسم الشعب الكردي يساهمون ويشاركون في هذا المشروع الداعشي إلى جانب الدولة المحتلة ومجموعاتها المرتزقة.

حقيقة ليس أمامنا إلا المقاومة ووحدة الصف الكردي والذي عملنا كثيراً من أجله كحزب  وكحركة سياسية كردية سورية منذ البداية، لأن وحدة الصف الكردي تعني وحدة القرار والإرادة الكردية، وكما تعلمون فقد سلك بعض الأطراف مسلكاً آخر وحذوا باتجاه مصالح شخصية رخيصة، بالطبع العدو وبشتى الوسائل عَمل ويعمل جاهداً على تفرقة وشرذمة البيت الكردي، كُلنّا يعلم كيف حاولت الدولة التركية عرقلة وإعاقة مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية وإفشال كُل المساعي لوحدة الصف الكردي وإفشال كل المشاريع والحلول الديمقراطية في عموم سوريا.

بالطبع نحن بنينا هذا المشروع الديمقراطي التشاركي بكل قناعة وشهداؤنا استشهدوا دفاعاً عن قناعة في الحرية والديمقراطية ودفاعاً عن أرضهم، ونحن نؤكد على أننا سنحافظ على دماء شهدائنا وعلى المكتسبات التي حققناها بدماء الآلاف من هؤلاء الشهداء، ونحن كحزب نؤكد على إننا ماضون على نهج شهدائنا، أما بالنسبة للمؤتمر الوطني الكردستاني فنحن دائماً نسعى لانعقاده وهو المظلة لوحدة الصف الكردي ونحن كحزب نؤكد على ضرورة وحدة الصف الكردي ووحدة إرادته لتحقيق ما نصبوا إليه من طموحات.

إعداد: دلبرين فارس

زر الذهاب إلى الأعلى