بياناتمانشيت

بيان المجلس العام للـPYD بصدد التغيير الديمغرافي وعمليات التوطين في عفرين

يعتبر نظام الدولتية التركية أحد أبرز الجهات الخارجية التي أدت إلى ترسيخ الأزمة السورية ومصدراً رئيساً في عرقلة الجهود المؤدية إلى تحقيق حل الأزمة السورية على أساس مساره السياسي. إذْ ساهم النظام الفاشي التركي إلى انحراف مسار الحراك الثوري السوري إلى أتون الطائفية وفوضى السلاح؛ وذلك من خلال المجموعات المرتزقة التي قامت بدعمها وفق نمذجة المعارضة على أساس التبعية المطلقة للإخوان المسلمين؛ الأخير الذي سيطر على أدق تفاصيل التجمعات المدعيّة تمثيل شعب سوريا والتي تشكلت إبان الأزمة السورية كما حال ما سمي بالمجلس الوطني السوري ولاحقاً بالائتلاف. كما أن النظام التركي بما يمتلكه من أجندة مبيّتة على أساس العثمانية المهترئة بما يسمى بميثاقها الملّي فقد رأت في مطالب شعب سوريا بمختلف تكويناتهم المجتمعية ونضالهم في تحقيق التغيير والتحول الديمقراطي في بنية النظام الاستبدادي بأنها فرصة لا تقدر لأنقرة بأي ثمن ويجب عدم تفويتها مهما كانت الأكلاف. فأول ما قامت به أن حوّلت أراضيها إلى أكبر خزّان لحشد مجاميع مختلفة من الإرهابيين في العالم وتدريبهم والدفع بهم إلى الجغرافية السورية ولتبدو وقتها والآن أكثر للرأيين العالمي والمحلي السوري بأنها لم تكن سوى رأس حربة لتمرير مخططاتها التوسعية.

 لقد عانت سوريا وبشكل خاص شعوب شمال سوريا من الإرهاب الموَّجه من تركيا الذي ابتدأ في تشرين الثاني  من العام 2012 وهجوم جبهة النصرة التي تقدمت 49 من جماعات مسلحة، كما أنها وعبر مشخصاتها ومشغليها أرادت خلق الفكرة المتهافتة بأنه على يد تركيا يكون الخلاص السوري. ومن ثم استكانت حينما رأت أكبر تنظيم إرهابي عالمي/ تنظيم داعش على حدودها محتلة لمدينة تل أبيض حتى الرقة والموصل برعاية وتنسيق وإشراف من قبل الاستخبارات التركية. فكيف لا تستكين وبات داعش بمثابة ناقل اللصوصية لخيرات ومقدرات شعب سوريا ونفطها وآثارها من المناطق التي احتلتها داعش إلى تركيا. وحاولت داعش بدعم صريح من تركيا مرة أخرى احتلال كوباني، في الوقت الذي تم نقل البنية التحتية من حلب ومئات معامل حلب  إلى داخل تركيا. وقامت باحتلال جرابلس واعزاز والباب وقسم من مناطق إدلب.

لم يرق للنظام التركي الانتصارات الكبيرة التي حققتها وحدات حماية الشعب والمرأة وعموم قوات سوريا الديمقراطية على الإرهاب وحماية المدنيين السوريين، ورأت بأن هذه الانتصارات تصبّ في تعزيز نموذج الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا الذي بات ولا يزال النموذج الأمثل لحل الأزمة السورية؛ سيّما بعد استبعاد تركيا أن تكون جزءاً من التحالف الدولي في تحرير عاصمة دولة الخرافة التي تسمى داعش، إذْ لم يكن لتركيا أي دور يذكر في معركة تحرير الرقة والموصل أيضاً. وباتت داعش بحكم المنتهي بعد توجيه ضربات قاصمة إليه. فقامت الدولة التركية بدعم رئيسي من موسكو التي منحتها الضوء الأخضر في تسيير جيش احتلالها مع الآلاف من مرتزقتها نحو عفرين منذ العشرين من كانون الثاني المنصرم؛ كمحاولة لتقويض المشروع الديمقراطي  وانقاذ داعش في الوقت نفسه. واستخدمت تركيا في عدوانها الآثم شتى صنوف العتاد الثقيل ورأت في الصمت الدولي المجحف من عدوانها السافر المخالف للشرعة الدولية وقوانين مجلس الأمن والأمم المتحدة ذات الصلة فارتكبت جرائم حرب متعددة بدأتها بترويع المدنيين وتدمير البنية التحتية وهدم المراكز الصحية ودور العبادة والمدارس والآثار الموجودة التي تعود إلى عصور مختلفة وإلى حضارات متعددة، وفاقت كل التوقعات باستخدامها القنابل العنقودية واستخدام غاز الكلورين السام ودائماً حدث كل ذلك تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكناً حتى الآن. وكانت سترتكب أبشع عملية إبادة تذكرنا بالتي فعلتها العثمانية ضد شعوب المنطقة من الأرمن والسريان والكرد والعرب لولا القرار الصائب الذي اتخذه المجلس التنفيذي لإقليم عفرين في الحفاظ على حياة شعب عفرين وتجنيبه الويلات.

وعلى الرغم من أن ذلك جرى بعد مقاومة بطولية قام بها شعب عفرين وبناته وأبنائه من وحدات حماية الشعب والمرأة لمدة ثمانية وخمسين يوماً قدموا فيها حوالي 1500 شهيد نصفهم من المدنيين. وعلى الرغم من أن المقاومة ما زالت مستمرة وفي مرحلتها الثانية وتوقع الخسائر بالغزاة والطغاة؛ إلّا أن عفرين التي كانت تدار وفق نموذج مدني ديمقراطي من قبل مكونات شعبها الأصلاء؛ باتت اليوم تحت نير الاحتلال التركي ومرتزقته والمرتزقة الذين تم استجلابهم من مناطق مختلفة وتقوم أنقرة اليوم بتوطينهم في أبشع جريمة تغيير ديموغرافي تحدث في التاريخ المعاصر، وبات مئات الآلاف من شعب عفرين في العراء ومخيمات لا تحظى على أدنى رعاية أممية ويعيشون اليوم في ظل ظروف صعبة.

إننا في المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD  نناشد المجتمع الدولي والأسرة الدولية وشعب سوريا وشعوب المنطقة بالتصدي للاحتلال التركي وإفشال عدوانه؛ فعفرين لا تمثل نفسها اليوم فقط بل أيضاً القيم النبيلة وقيم العيش المشترك واخوة الشعوب التي باتت مهددة من قبل الفاشية التركية. كما نناشد مجلس الأمن الذي يقع على عاتقه إحلال الأمن والاستقرار، ونناشد الأمم المتحدة والجمعية العمومية التي تأسست وفق مفاهيم السيادة وحرمة حقوق الإنسان والمجتمع بالتدخل العاجل لإخراج الاحتلال التركي والتصدي لأية واقعة تغيير ديموغرافي تقوم بها تركيا ضد عفرين، والعمل على رجوع شعب عفرين بضمانات دولية وفق المشهد الذي سبق يوم العدوان التركي عليها. ونناشد أيضاً الجامعة العربية التي تعتبر سوريا بالمؤسس لها، ومنظمة التعاون الإسلامي ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية أن تنقل حقيقة الاحتلال التركي لعفرين وتفضح مباغيه التي بات يدركها القاصي والداني وأن تهديدات تركيا المستمرة ليس فقط ضد سوريا وإنما  ضد عموم المنطقة.

وإننا نعاهد شعبنا بأن نضالنا مستمر وعزيمتنا متوقدة وأن طريق القديسات والقديسين الذين رووا بدمائهم الطاهرة تراب وزيتون عفرين المبارك هو طريقنا وأن النصر هو مآلنا. وعفرين لن تكون إلّا لأهلها وناسها وشعبها.

26 نيسان 2018

المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD

زر الذهاب إلى الأعلى