PYDآخر المستجداتبياناتمانشيت

بيان إلى الرأي العام

تطل علينا الذكرى السنوية الـ 19 لانتفاضة قامشلو في 12 آذار 2004 في وقت يشهد فيه العالم والمنطقة تطورات مهمة، كما تمر سوريا بأوضاع استثنائية، فمن جهة لا يزال النظام السوري متمسك بعقليته الشوفينية القائمة على الإقصاء والإنكار وترسيخ سياسة التفرقة بين مكونات شعب سوريا والتي تعبر بطبيعتها التكوينية عن نموذج الدولة القومية المركزية الفاشلة والمتسمة بالدكتاتورية، وهو ما أكدته انتفاضة 12/ آذار حتى يومنا هذا، ومن جهة ثانية لا تزال جغرافية  سوريا مرتعاً للمستعمرين والمحتلين بفعل سياسات النظام الاستبدادي والتخاذل الدولي.

لم تكن انتفاضة 12 آذار 2004 مجرد حالة عصيان أو حالة شغب بين جماهير كرة القدم كما حاول النظام ومن في فلكه تسويقها للعقل السوري، بل كانت انتفاضة حقيقية انطلقت من قامشلو وانتشرت في عموم مناطق شمال وشرق سوريا ووصلت دمشق وحلب، وتلقى أصداءها متفاعلاً معها عموم الشعب الكردي في العالم.

انتفاضة 12 آذار كانت رداً على حالة تراكمية من الظلم والإنكار، وجاءت رداً على ممارسات النظام السوري من تمييز واضطهاد واستغلال واستبداد ومحاولات الصهر على شاكلة النظام الفاشي التركي الذي كان استباح الأراضي السورية بعد اتفاقية أضنة 20 اكتوبر1998 والتي كانت اتفاقية تآمر على عموم الشعب السوري وفي مقدمتهم الشعب الكردي.

وكنتيجة طبيعية لهذه الذهنية الشوفينية، فقد واجهت آلة الاستبداد البعثية الانتفاضة السلمية للشعب الكردي بالقتل والاعتقالات وسياسات التشريد والتهجير واستخدام كل سياسات العنف.

وكما الحال في انتفاضة آذار 2004 فقد حاولت بعض الأطراف المحسوبة على المعارضة السورية التصغير من شأن الانتفاضة ووضعها في إطار ضيق من حيث المعنى والمضمون والتسويغ على أنها  محاولة انفصال وتقسيم لسوريا  لـ ” فصيل كردي” كما يدَّعُونَ اليوم، وحالهم كحال النظام والفاشية التركية وهم في فلك المتاجرة بالدم السوري سائرون، لكن الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها هي أن انتفاضة آذار 2004 كانت القاعدة التي نشأت عليها ثورة 19 تموز، تلك الثورة التي برهنت على أحقيتها واستدلت على نفسها بنفسها بعد أن تم تحريف الثورة السورية عن مسارها ومضمونها.

بعد ثماني سنوات من انتفاضة 12 آذار 2004 تخطى الشعب السوري حاجز الخوف ليخرج الملايين من الشعب السوري وفي عموم المدن السورية إلى الساحات مطالبين بالتغيير والتحول الديمقراطي، لكن من خلال شركاء النظام السلطوي وحلفائه المتآمرين والمتاجرين بالدم السوري والخذلان الدولي تم خطف آمال السوريين وتم التلاعب بمشاعرهم إلى أن أوصلوا سوريا على ما هي عليه الآن “قتل، دمار، إرهاب، تهجير…”.

هنا لا يمكننا إلا أن نقول، إن قدر الشعب  الكردي وقدر الشعوب الثائرة في وجه تسلط الأنظمة الاستبدادية القوموية وفي ظل الهيمنة الرأسمالية هو أن يُقاوم ويكون الطليعة في التضحيات ودفع ثمن التغيير نحو تحقيق الديمقراطية، فبعد  اتفاقية أضنة والتي استهدفت الشعب الكردي عموماً  وعلى وجه الخصوص المناضلين الكرد وحزبنا حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد تعرض المئات لا بل الآلاف من أعضاء الحزب للمضايقات والاعتقالات والتصفية أمثال  الشهيدة شيلان ورفاقها والشهيد ” أحمد حسين، أوصمان دادلي” وغيرهم، إضافة إلى العشرات من المفقودين في مثال “نازلية كجل” وآخرون ممن استشهدوا نتيجة التعذيب والممارسات اللاإنسانية للنظام البعثي الذي كرَّس كل دوائر الدولة لملاحقة الكرد وأي إنسانٍ سوري يتعاطف مع القضية الكردية، إلى درجة أصبحت السلطة في سوريا رهن لسياسات الفاشية التركية التي استغلت حالة التعطش للسلطة لدى النظام السوري.

إننا في حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وفي مثل هذا اليوم نستذكر شهداء انتفاضة 12 آذار 2004 وجميع شهداء الحرية والكرامة، ونؤكد أن السبيل الوحيد لإنهاء الحالة السلطوية الاستبدادية في سوريا هي تصعيد النضال الوطني السوري والتكاتف بين القوى الوطنية وتوحيد القرار السوري بعيداً عن أية أجندات خارجية أو سلطوية أو قوموية، وعلى النظام السوري أن يدرك بأن قوة التغيير الشعبية أكبر من أي سلطة مستبدة، لذا عليه أن يتخلى عن ذهنية الإقصاء والإنكار وأن يتوجه لحوار وطني يؤدي  نحو سوريا لا مركزية ديمقراطية، كما ندعو القوى الإقليمية  وعلى رأسها تركيا إلى الانسحاب والخروج من سوريا وأن تكف شرّها عن السوريين، ونطالب القوى الدولية بالإسراع في تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بحل الأزمة في سوريا وفي مقدمتها القرار ٢٢٥٤ وأن ترسي دعائم الاستقرار والسلام في سوريا وتنسحب منها.

ونجدد تأكيدنا بأن أي حل في سوريا يقصي مكون أو ينكر حقوقه سيبقى معادلة ناقصة الأركان ومستحيلة الحل، بل سيفاقم الصراع أكثر مما هو عليه الآن.

11 آذار 2023

المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطيPYD

زر الذهاب إلى الأعلى