حواراتمانشيت

بدران جيا كرد: المجتمع الدّولي يحاول إحياء مفاوضات جنيف

سوريا التي تلم بها منذ 8 سنوات أزمة عاصفة، عفرين كانت النقطة المفصلية فيها، فعقب مقاومة دامت 58 يوماً في وجه جيش استخدم كل قوته وإمكانياته في الهجوم عليها، دخلت عموم المنطقة مرحلة جديدة، للنقاش حولها أجرينا في صحيفة الاتحاد الديمقراطي الحوار التالي مع مستشار الإدارة الذاتية الديمقراطية بدران جيا كرد، للحديث عن محاور مختلفة أبرزها مقاومة عفرين، العداء الروسي للكرد ومحاولاته في إبعاد تركيا عن الناتو، التصريحات الأمريكية المتناقضة، زيارة وفد الشمال السوري إلى فرنسا والوعود التي حصل عليها وأخيراً مستقبل المنطقة في ظل كل الوارد آنفاً.

إليكم نص الحوار:

– بعد 58 يوماً من المقاومة أعلنت الإدارة الذاتية الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة الانسحاب التكتيكي من عفرين والبدء بمرحلة جديدة للمقاومة، فلماذا تم اللجوء لهذه الخطوة خاصة بعد إخراج المدنيين من المدينة؟

أبدى مقاتلو وحدات حماية الشّعب والمرأة الكرديّتين مقاومةً تاريخيّة لمدّة ثمانيةٍ وخمسين يوماً في وجه أقوى الأسلحة الحربيّة الحديثة والمتطوّرة وأحدث التكنولوجيا العسكرية في القرن الواحد والعشرين, وهذه الأسلحة تم تزويد تركيا بها عن طريق حلف النّاتو قبل وأثناء معركة عفرين, وبسبب نوعية السّلاح الجديد المُستخدم الّذي لم يخبُره مقاتلونا من قبل تطلّبت المعركة تكتيكاً جديداً ومقاومةً استثنائيّةً, وأيضاً تميّز هذا الهجوم بالخصوصيّة من حيث نوعيّة السّلاح الّذي لم يُستخدم قبل الآن في أي حربٍ أو معركةٍ أو ضدّ دولٍ حتّى, كما جرّب الاحتلال التّركي ومرتزقته أنواعاً وأعداداً كبيرةً من أسلحة النّاتو الجديدة على شعب عفرين وأرضها ومقاومتها خلال الهجوم عليها, كما شارك في هذا الهجوم آلافٌ من جنود الاحتلال التّركي وآلافٌ من الإرهابيّين المرتزقة الّذين جمعتهم الدّولة التّركيّة من كافّة المناطق السّوريّة وزجّت بهم في هذه المعركة ليحاربوا شعبنا ومقاتلينا في عفرين, وعلى الرّغم من عدم التّكافؤ من حيث العدّة والعتاد بين المهاجمين على عفرين والمدافعين عنها, استطاع شعبنا ومقاتلونا من أهل عفرين المقاومة لثمانية وخمسين يوماً وإلحاق الخسائر الفادحة بصفوف الغزاة, وتسطّير مقاومةً بطوليّةً لم يتوقّعها أحدٌ من المشاركين في الهجوم بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ (الدول المتواطئة مع الاحتلال التّركي).

وبسبب القصف الهمجي والعشوائي والمجازر الّتي ارتُكبت بحقّ المدنيّين, ونزوح أهالي القرى المشتعلة إلى مركز مدينة عفرين وتجمُّع مئات الآلاف من السّكان فيها وكذلك تعمّد استهدافهم من قبل طائرات وصواريخ ومدافع الاحتلال التّركي وحصول مجازر جماعيّة بحقّ المدنيّين كان لا بدّ من اتّخاذ إجراءاتٍ عاجلةٍ إزاء هذا الوضع الطارئ وإزالة الخطر على حياة المدنيّين, وبما أنّ الهدف الأساسي من هجوم دولة الاحتلال التّركي الإرهابي على عفرين هو إبادة الشّعب الكردي وارتكاب المجازر بحقّه, ومنعاً لذلك توصّلت الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة مع القيادة العسكريّة في عفرين إلى قرارٍ يقضي بخروج الشّعب من عفرين لحمايته من القتل والمجازر, وبعد إخلاء المدينة تطلّبت المعركة تكتيكاً جديداً في المقاومة يعتمد على أسلوب (الكيريلّا ) في الحرب الّذي يتركّز على الاقتحام وتنفيذ العمليّة العسكريّة ومن ثمّ الانسحاب, ومازالت المقاومة مستمرّةً حتّى الآن. نستطيع القول أنّ مقاومة العصر بعد يومها الثامن والخمسين دخلت مرحلةً جديدةً تشمل مهاجمة المحتلّين في كافّة أراضي عفرين.

أنّ الأسلوب العسكري الجّديد في المقاومة الّذي اعتمدته قوّاتنا كان لسببين:

الأوّل: القتال بحريّةٍ دون خوفٍ على حياة المدنيّين باستهدافهم من قبل المحتل بعد تأمين سلامتهم.

أما الثّاني: اعتماد تكتيكٍ جديدٍ في القتال يردم هوّة عدم التّكافؤ الموجود بين الغزاة والمدافعين من حيث العدّة والعتاد, وأيضاً ضمان استمرار المقاومة ضدّ المحتلّ حتّى التّحرير.

– إذا ما قارننا بين إصرار الفلسطينيين على العودة وعدم عودة العفرينيين، ما هي شروحاتكم بهذا الصدد؟

الشّعب والمجتمع العفرينيّ مرتبطٌ بأرضه, ونحن لا نميّز أو نفرّق بين المكوّنات والطّوائف والشّعوب, وهذا الارتباط بالأرض قويّ جدّاً, فمثلما الفلسطينيّون مرتبطون بأرضهم منذ عشرات السّنين كذلك شعب عفرين من كردٍ وعربٍ وإيزيديّين وكافّة المكوّنات والطّوائف, والكلّ يؤمن بأنّ حقّ العودة هو حقٌّ مشروعٌ للشّعب الفلسطيني ومنذ سنة 1948 وهم يناضلون من أجل هذا الحقّ, ولكنّ ارتباط شعب عفرين بأرضه أكبر بكثيرٍ من ذلك, وهذا الشّعب لن ينسى أرضه ويفكّ ارتباطه بها, والدّليل على ذلك أنّ الآلاف منهم حاولوا العودة إلى عفرين معرّضين أنفسهم للقتل والانتهاكات ولم يأبهوا للمخاطر النّاتجة عن هذه العودة, أنّه أكبر دليلٍ على قوّة الارتباط بالأرض.

كما أنّ كفاح الفلسطينيّين من أجل العودة إلى أرضهم جوبه بظلمٍ وضغطٍ كبيرين عليهم أسفرا عن تشرّد هذا الشّعب في دول الجّوار كسوريا والأردن ولبنان, وما زال بعضهم إلى الآن يقيم في مخيّماتٍ, وعندما يحاولون العودة فدافعهم إلى ذلك هو ارتباطهم بالأرض, وتشرّدهم إلى الآن هو نتيجة فشل قياداتهم السّياسيّة في فعل شيءٍ يضمن لهم العودة أو يساهم في ذلك, ولكن لا ننسى أنّهم يمتلكون إدارةً خاصّةً بهم في غزّة والضّفة الغربيّة من نهر الأردن, وهم يحكمون أنفسهم بأنفسهم.

ولأنّ شعب عفرين يمتلك التّصميم والإرادة والإصرار على العودة إلى أرضه, وقد بدأ بتنظيم نفسه في المخيّمات, فكلّ ذلك كفيلٌ بخلق الأسس الّتي تساهم في عودته إلى أرضه.

وفي الوقت الحاليّ من يسيطر على عفرين هم المحتلّون من إرهابيّين ومرتزقة, وهؤلاء يمتهنون القتل والنّهب والسّلب ولا يمكن أن يعمّ الأمن والسّلام في مكانٍ يحكمه مثل هؤلاء, وعندما يتمّ وضع حجر الأساس لعودتهم بخروج المحتلّ من عفرين سيعودون منظّمين بضماناتٍ وحمايةٍ موثوقةٍ, وهم الآن في عملٍ مستمرٍّ وثورةٍ من أجل العودة بعد إخلائها من الاحتلال.

– ما رأيكم بالانسحابات التي حدثت ضمن مجلس عنتاب والمجلس الكردي بعد تأكيدهم بأنهم لم يعد بمقدورهم خدمة مكونات عفرين؟

السّياسيون الكرد الّذين وقفوا مع الاحتلال التّركي ضدّ شعبهم هذا الموقف ليس بجديدٍ عليهم, فهم ومنذ إعلان الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة في شمال سوريا يهدفون إلى نسفها والقضاء على مكتسباتها, والأطراف السّياسيّة في شمال سوريا والّتي تعمل بمعزلٍ عن الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة وتخدم أعداءنا من خلال عملها لن يتمّ السّكوت عن أفعالها, وهي تنتقد هذه الإدارة لا ليتمّ تطويرها كما جرت العادة, إنما ليتمّ نسفها وفشلها, ولذلك وضعت هذه الأطراف أياديها بيد الأعداء, وهي مستعدّةٌ لتسليم أراضيها إليه, وهي لم تكتف بالتّصفيق والتّهليل لاحتلال عفرين من قبل أعدائنا, وإنّما شاركتهم هذا الاحتلال, ونعدهم أنّهم سيُحاسبون وعملهم هذا لن يمرّ مرور الكرام.

هناك شخصيّاتٌ في المجلس الوطني الكردي مثل (فؤاد عليكو وابراهيم برو) وغيرهم كانوا يمنّون أنفسهم بعد احتلال عفرين بتعيينهم من قبل المحتلّ التّركي كحكاّماً لها أو مسؤولين عليها, ولكنّ المحتلّ خدعهم وضحك عليهم وأبعدهم عن المجالس الّتي كوّنها, وهم كعادتهم سحبوا أنفسهم من المشهد, والتّاريخ يشهد أن مثل هؤلاء الّذين يخدمون أعداءهم ويساعدونهم يتمّ رميهم في النّهاية بعد أن يصل الأعداء إلى أهدافهم,  والحقيقة أنّهم لم ينسحبوا بإرادتهم من مشهد عفرين, وإنّما تمّت إزاحتهم من قبل الاحتلال التّركي, وشعبنا بنضاله في كافّة المجالات يستطيع ردع هكذا شخصيّات وإيقافها عند حدّها.

– ماذا بشأن عمالة شخصيات كردية للأتراك خاصة بعد رفع دعاوى في حقهم؟ وما الإجراءات الفعلية والوقائية والميدانية من قبل الشخصيات أو حتى الأحزاب التي تبغي إفشال المشروع الديمقراطي؟

الّذين تحالفوا مع المحتلّ التّركي بشكلٍ علنيٍّ, وساهموا في ذبح الشّعب في عفرين ونهبوا ممتلكاته, وأظهروا أنفسهم على أنّهم نسخةٌ من العدوّ التّركي ومرتزقته, سيتمّ التّعامل معهم كما يُعامل العدوّ المحتلّ, وسيكون حسابهم معادلاً لما فعلوه من جرائم, فقد سقط الآلاف من الشّهداء من مقاتلين ومدنيّين على أيادي المحتلّين الإرهابيّين, ومن شارك هؤلاء حتّى لو كان من سكّان مناطقنا أو من مكوّناتها ستتمّ معاملته كإرهابيٍّ, وسيحاسبه الشّعب على جرائمه.

هؤلاء الأشخاص الخونة سيُطبّق عليهم قانون الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة, وخاصّةً من رُفعت دعاوىً بحقّهم, ومحكمة الشّعب ستُحاكمهم, وتهمتهم هي الخيانة وتلوّث أياديهم بدماء الشّعب وسيُحاكمون بهذه التّهم بشفافيّةٍ وعدلٍ.

– هل تلعب روسيا دوراً في خروج تركيا من الناتو كما يذهب إليه بعض المحللين الذين يؤكدون أن روسيا تستخدم تركيا كورقة وستتخلص منها حالما تنهي الثانية دورها؟

روسيا تحاول لعب دورٍ منافسٍ وموازٍ لدور أمريكا وحلف النّاتو في المنطقة, ومنذ تدخّلها عسكريّاً في سوريا سنة 2015, وسيطرت عسكريّاً على العديد من المناطق, وعقدت اتّفاقاتٍ مع إيران وتركيا, ومن خلال تحالفاتها استطاعت نيل العديد من المكتسبات على الأرض, وهي لديها أهدافٌ بعيدة المدى في المنطقة, أبرزها هو إبعاد تركيا عن حلف الناتو وضمّها إلى صفّها ضدّ هذا الحلف ودول أوروبا, وتطمح روسيا بأن تصبح القطب الرّئيسيّ المتحكّم بالمنطقة وتجعل تركيا ذراعاً لها.

برأيي سيواجه هذا التّحالف وهذه الأهداف صعوبات كبيرة, لأنّ روسيا لن تقدر بسهولةٍ إبعاد تركيا عن حلف الناتو وعن الغرب, وذلك لوجود الكثير من الاتفاقيّات الّتي ترتبط بها تركيا مع الناتو ودول الغرب وأمريكا, وهذه الدّول لن تسمح بحصول تقاربٍ روسيٍّ تركيٍّ يصل لحدّ القطيعة بين الناتو وتركيا من جهة ودول الغرب بما فيها أمريكا وبين تركيا من جهةٍ أخرى, ولن تسمح لتركيا بلعب هكذا دورٍ.

تركيا بسياستها الحاليّة تحاول الاستفادة من قطبي الصّراع العالمي (روسيا وإيران من جهةٍ, وأمريكا وحلف الناتو وأوروبا من جهةٍ أخرى), وبقناعاتنا فإنّ تركيا ستضيع عبر هذه السّياسة, ولن تستطيع أن تحقّق أهدافها لأنّها بسياستها الحاليّة تزرع العداوة بين الدّول الكبرى ودول المنطقة, ولذلك فإنّ دولاً كإسرائيل والسّعوديّة وغيرها لن تقبل بذلك, ناهيك عن الدّول الغربيّة الّتي تحارب الفكر الإسلاميّ المتشدّد الإرهابي الّذي تعتمده تركيا في تمرير سياساتها وتوسيع نفوذها, ونتوقّع أن يتمّ وضع حدٍّ لتركيا وتحجيم نفوذها.

وروسيا لن تستطيع إبعاد تركيا عن حلف الناتو لأنّ الحلف لا يقبل بانضمام تركيا إلى عدوّه الروسي, لذلك ستقوم دول الناتو بإضعاف تركيا كثيراً حتى تضطرّ في النّهاية إلى الابتعاد عن روسيا والعودة إلى أحضان حلف الناتو.

وأيضاً فإنّ الاتّفاقيّات بين روسيا وتركيا هي مصالح آنيّة, ومتى انتهت هذه المصالح ستتخلّى روسيا عن تركيا, لأنّ السّياسة الرّوسيّة في المنطقة غير مستقرّة, وزمن هذه الاتّفاقيّات مع تركيا غير معلومٍ, ولكن من المعروف عن روسيا أنّها تحاول دوماً الوصول إلى أهدافها في زمنٍ قصيرٍ, وتنال ما تريد من مكتسباتٍ عسكريّةٍ وسياسيّةٍ واقتصاديّةٍ ثم تتخلّى عن تحالفاتها, وهذه السّياسة تشكّل خطراً على من يتحالف معها.

ولأنّ الأزمة السّوريّة ما زالت قائمةً وهناك مسائلٌ ما زالت غير محلولةٍ كوضع إدلب وجسر الشّغور وغيرها, وحلّها سيتمّ باتفاقاتٍ جديدةٍ, لذلك فالاتفاقات بين روسيا وتركيا قصيرة الأمد, والصّدام مع إيران متوقّعٌ عندما يناقش وضع هذه المناطق, وتاريخيّاً ايران وتركيا عدوّان متخاصمان وذلك لكونهما يمثّلان قطبين إسلاميّين مختلفين يمثّلان مذهبين متخاصمين دوماً, وهذا يوصلنا إلى  فكرة أنّ اتّفاقيّة أستانة وخفض التّصعيد غير دائمةٍ وآنيّةٌ, نتيجة العداء التّاريخيّ بين الدّول الثّلاث الرّاعية لهذا الاتّفاق, ولأنّ أمريكا ودول الغرب تحاول نسف أستانة, وبرأيي فإنّ هذا الاتّفاق لن يستطيع الصّمود أمام قوى الغرب بسبب هشاشته وترجيح تعرّضه للفشل في أيّة لحظةٍ.

– ما الذي يمكن استنتاجه من تصريحات روسيا بتسليم عفرين إلى النظام السوري؟

روسيا بعد أن أبرمت اتّفاقيّات اقتصاديةً مع تركيا وتمّ توقيعها, فمن الطّبيعي أن تطالبها بالانسحاب من عفرين وغيرها من مناطق درع الفرات وتسليمها للنّظام, فسياسة روسيا تعتمد على إبقاء تركيا تحت الضّغوطات من أجل الحصول على تنازلاتٍ منها, ومقايضتها على الانسحاب من المناطق السّوريّة.

إلى الآن لم يتمّ أي طلبٍ أو أمرٍ جدّيٍّ لتركيا بالخروج والانسحاب من عفرين أو جرابلس أو إدلب أو الباب, ولكنّ الأمور ستتوضّح في الأشهر القادمة, وسيتبيّن موقف روسيا مستقبلاً.

– مؤخراً كان لوفد من الشمال السوري زيارة إلى فرنسا حبذا لو تحدثونا عن أهدافها وعما تم النقاش عليه؟

الحلّ السّياسي للأزمة السّوريّة عامّةً وشمال سوريا خاصّةً تمت مناقشته مع الحكومة الفرنسيّة, ومعركتنا مع الإرهاب ما زالت مستمرّةً, ولذلك طالبنا بدعمٍ أكثر من الدّولة الفرنسيّة, كما طالبناها بممارسة الضّغط على تركيا الّتي تهدّد مناطقنا باستمرارٍ, وبالنّسبة لعفرين طلبنا من الحكومة الفرنسيّة أن تساهم في إعادتها إلى أهلها وتحريرها من الإرهابيّين, وأن تدعم فدراليّة شمال سوريا وتساهم في اعتماد هذا النّظام لحلّ الأزمة السّوريّة.

وزيارة وفد فدراليّة شمال سوريا إلى فرنسا كانت زيارةً تاريخيّةً ذات ثقلٍ, وتمّ شرح طبيعة النّظام الفدرالي في شمال سوريا للحكومة الفرنسيّة, وتكمن أهميّة هذه الزّيارة في مناقشة رئيس دولةٍ عظمى كفرنسا الّتي لها دورٌ كبيرٌ في قيادة نظام الاتّحاد الأوروبي, وتملك القدرة على الضّغط والتّحكم في مستقبل سوريا.

– كيف وجدتم موقف فرنسا وهل وعدتكم بشيء؟

دعم فرنسا لفدراليّتنا يعني دعم الاتّحاد الأوروبي والمجتمع الدّولي لهذا المشروع, وكذلك سيشكّل هذا الدّعم حاجزاً في وجه السّياسة التّركيّة تّجاه شمال سوريا, وإعلانها عن دعم قوّات سوريا الدّيمقراطيّة وحماية مناطقها الّتي تحرّرت من داعش, وكذلك دعم نظامها السّياسي, ومن المتوقّع اتّخاذها موقفاً ضدّ السياسة التركيّة وعدم السّماح لتركيا بالهجوم على مناطق الشّمال السّوري, ولذلك قامت فرنسا بزيادة عدد قوّاتها في شمال سوريا وإرسالهم إلى منبج, وقامت بمناقشة تركيا حول موضوع منبج وتبيّن موقفها المساند لفدراليّة شمال سوريا.

نحن واثقون من استعادة عفرين, وسنعمل كلّ ما نستطيع وبكلّ إمكانيّاتنا من أجل ذلك, وقرارنا الرّئيسي وهدفنا الأساسي هو تحريرها, ويتم العمل على ذلك سياسيّاً وعسكريّاً, كما يتمّ تنظيم حياة النّازحين في المخيّمات وبناء المؤسّسات فيها.

– برأيكم ما الأسباب التي تدفع بأمريكا إلى إطلاق تصريحات متناقضة في هذه الفترة، ترامب يعلن الانسحاب بينما البنتاغون يصرح بالبقاء بينما الناطقة باسم البيت الأبيض تنفي الانسحاب؟ بعدما رأينا تصعيداً بدأ دولياً في 14 نيسان؟

هناك خلافاتٌ أمريكيّةٌ عسكرياً وسياسيّاً بالنّسبة لسوريا, ولكنّ الهدف الرّئيسي واحدٌ وهو توسيع النّفوذ الأمريكي في المنطقة, وإعلان ترامب عن انسحاب قوّاته من سوريا هو ممارسةٌ للضّغط على بعض الأطراف وتخويف بعض الأطراف الأخرى كالسّعوديّة, وذلك من أجل الحصول على التّمويل من هذه الأطراف, وقد قال في هذا الصدد: (الدّول الّتي تريد بقاءنا في سوريا عليها أن تدفع التّمويل اللازم لذلك), وبعدها جمّد القرار.

– قراءتكم لمستقبل الشمال السوري وعفرين، وكيف ستؤول الأوضاع في المنطقة؟

المجتمع الدّولي سيحاول إحياء مفاوضات جنيف وبشكلٍ جديدٍ وبقوّةٍ جديدةٍ وصياغةٍ جديدةٍ, وذلك للوصول إلى صيغةٍ لحلّ الأزمة السّوريّة, وهناك بعض المناقشات, وأمريكا وفرنسا وبريطانيا تجهّز مشروعاً لحلّ الأزمة السّوريّة يتألّف من ثلاثة مراحل إنسانيّة وسياسيّة وعسكريّة, وتفعيل الاتّفاقات على الأرض للوصول إلى هذا الهدف, وعلى الأرض لن يتوقّف العنف وإنّما سيزداد, وخصوصاً في إدلب لأنّها تحتوي على فصائل متشدّدة كجبهة النّصرة وغيرها, وستتعارك فيما بينها وسيصفّون بعضهم بعضاً, وستتمّ صفقاتٌ على بعض المناطق, وكلّ هذه الأمور ستكون محلّ نقاشٍ في المستقبل, وستجلب معها بعض المشاكل فيما بين الدّول المتحكّمة بالأزمة السّوريّة, كما ستتمّ مناقشة مسألة الاحتلال التّركي لعفرين, ونحن لا نعلم كم سيدوم هذا الاحتلال؟

وستُرفع الأصوات المطالبة بخروج الاحتلال التّركي من عفرين, ومقاومتنا ستستمر.

– أخيراً، هل من جديد بشأن المؤتمر الوطني الكردستاني؟

من أجل المؤتمر الوطني الكردستاني, تم الاتّفاق على عقده في الاجتماع التّشاوري الأخير, ومن يرفض الانضمام إليه سيُعقد المؤتمر من دونه, وقد خطونا خطواتٍ كبيرةٍ باتّجاه عقده, ومعظم القوى الكردستانيّة حضرت الجّلسات التّشاوريّة والتّحضيريّة, وفي المستقبل سيُعقد المؤتمر وسينجح, وكل من يتخلّف عن حضوره سيُعتبر ضدّ التّطلعات الكردستانيّة, ويهدف إلى نسف هذا المؤتمر, وسيكونون خارج الصّف الكردستاني, وسيلعنهم التّاريخ, لأنّ المرحلة الحاليّة الّتي نمرّ بها تفرض علينا ككردٍ أن نتوحّد سياسيّاً, وقد خطونا خطواتٍ كبيرةٍ تّجاه الأهداف القوميّة الكرديّة, وهي فرصةٌ تاريخيّةٌ للكرد من أجل توحيد صفوفهم, ونحن نتمنّى أن ينعقد المؤتمر الوطنيّ الكردستاني بأسرع وقتٍ ممكن, والقوى السّياسيّة الّتي تخلّفت عن جلساته التّشاوريّة هي تُعتبر ضدّ هكذا مؤتمر ومكانها سيكون بين أعداء الكرد.

حوار: عكيد رشيد

زر الذهاب إلى الأعلى