مقالات

امرأة بألف رجل

عفرين موطن أفستا وبارين وآرين؛ كما كانت خانقين موطن ليلى قاسم؛ تلك المرأة المناضلة البطلة التي أقدم النظام البعثي الغاشم على إعدامِها، ومن ثم سَحْلِ جثتها الطاهرة على مرأى الناس، فلا تستغرب ولا تعتب إذا وجدت من لا يقوى على مقارعة الأبطال أن يقف على جثامينهم. ظناً أنه بهذه الأساليب القذرة يَحِدُّ من عزيمة الشعب ، بل على العكس من ذلك أن هذه الأفعال  تزيد من تمسك الشعب بالأرض، وتزيده إصراراً على المقاومة والنضال؛ وما يؤكد ذلك؛ تلك الفتاة الريفية (بارين كوباني) التي تأثرت بهؤلاء النساء الأيزيديات اللواتي أصبحن سبايا في أيدي قوى الجهل والظلام، و لتثبت للعالم و لكل ظالم وفاشي بأن كل فتاة كردية تعادل مئة رجل بل ألوف الرجال، وكان هذا السبب المباشر لانضمام بارين كوباني إلى صفوف وحدات حماية الشعب والمرأة  لتثأر لأخواتها الأيزيديات، كما شاركت مع رفاقها في تحرير كوباني، وشاركت في حملة تحرير الرقة، وفدائية في عفرين؛ ارتبط اسمها باسم عفرين ؛ وباسم كل فتاة تعيش في عفرين، إنها بارين كوباني الفتاة السمراء ذات الابتسامة التي رسمت التفاؤل في روح كل عفريني ووجهت سِهَامَ الرعب ورسائل التحذير إلى الغزاة بأن النصر قادم لا محال، وأن الخزي والعار لاردوغان الذي شوَّه الحقائق، ولفَّقَ الأكاذيب، وعادى الشعوب المُحِبَّةِ للديمقراطية والمتعايشة بروح الأخوَّة الوطنية؛ فأوهَموا أنفسهم بأنهم في نزهة إلى عفرين، إلا أن عفرين الصامدة حوَّلت هذه النزهة إلى كارثة فوق رؤوسهم ورؤوس كل معتدي غاشم.

بارين الفتاة الكردية تصدَّت لقوات تركيا الغاشمة وفي اللحظة التي كانت بارين مع مجموعة من رفيقاتها، ونتيجة هجوم الطائرات التركية وقعت بارين ورفيقاتها في كمين؛ لذا قاومت بارين مقاومة باسلة، وحمت رفيقاتها وأصبحت درعاً تحميهم, لأجلك يا مدينة الزيتون والسلام فتحت بارين صدرها للحرية والشهادة لتحارب الشر والعدوان، لتحارب الإرهاب وكل أشرار العالم . ونادت بأعلى صوتها إلا أن الطلقة الأخيرة في بندقيتها فضَّلت أن تكون من نصيبها على أن تقع أسيرة في أيدي الوحوش الأوغاد من الجيش الحر ومرتزقة أردوغان، لأنها تدرك بأنهم لا يرحمون الأسير وينتهكون جميع الحرمات، فجن جنون العدو ولم يتحمل عناد تلك الفتاة وبعد استشهادها؛ تم سحبها من قبل المرتزقة الأوغاد الذين صبوا حقدهم وفشلهم على جثة تلك البطلة وانتقم الأشرار الجبناء من المناضلة البطلة بتمزيق جثتها والتنكيل والتمثيل بها.

أرعبتهم وهي حية وأخافتهم وهي شهيدة، لم يتحملوا امرأة تقف في وجههم متناسين أنها امرأة بألف رجل.

أَدمَت حادثة التمثيل والتنكيل بجثة المقاتلة البطلة بارين كوباني، قلوب ملايين الكرد في جميع أصقاع العالم ما زادهم إصراراً وتصميماً على النضال والمقاومة، فسلام عليك يوم وَلدتِ ويوم استشهادك ويوم تبعثين حيا، فلتنجب كل كردية ابنةً ولتسميها بارين …

مصطفى عبدو

زر الذهاب إلى الأعلى