تقاريرمانشيت

“المنطقة الآمنة” اتفاق مبدئي أم استراتيجية لنزع فتيل حربٍ طويلة الأمد كان ليفتعلها نظام أردوغان

تشير معظم التصريحات والتقارير التي صدرت مؤخراً إلى أن اتفاقاً ما حدث حول إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا ولو أن الاتفاق سيبدأ بنقاط مراقبة على الجانب التركي أو كما يسميها الجانب الأمريكي “غُرف عمليات مشتركة لتهدئة المخاوف التركية”، وبأن المرحلة الأولى من تنفيذها ستبدأ بحوالي 100 كم طول على الحدود السورية التركية بين مدينتي تل أبيض(Girê sipî)  ورأس العين(Serê kaniyê)  لكن يبقى هناك تساؤلات عديدة تتعلق بضمانات الاستقرار وأمن المنطقة خاصة مع  استمرار النظام التركي وتمسكه بلهجته العدائية وبلغة التهديد والتصعيد، كذلك الضمانات التي قدمتها الولايات المتحدة لشمال شرق سوريا مقابل تخفيف هواجس النظام التركي، أيضاً هل هذا الاتفاق مبدئي أم أنه استراتيجية طويلة الأمد ستشكل قاعدة لحل الأزمة السورية بشكلٍ أو بآخر وما مستقبل المنطقة المقترحة، وهل ستمتد إلى بقية المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا، وما دور قوات سوريا الديمقراطية في هذا الاتفاق وهي طرفٌ في الاتفاق على أرضها وحليفة لواشنطن والتحالف الدولي وعدوة للنظام التركي الداعم للإرهاب و المجموعات الارهابية.

 البيان الذي أصدرته السفارة الأمريكية في أنقرة بعد المحادثات بين الطرفين قبل فترة قصيرة غير مستوف للتفاصيل المتعلقة بالاتفاق أي مثل المعالم الرئيسية للمنطقة أو مَنْ سيكون فعلياً مسؤولاً عن الحفاظ على الأمن داخل المنطقة. على أي حال، المشكلة التي تسعى الاتفاقية إلى حلها معقدةٌ للغاية، ومستعصية على الإجابات البسيطة والتكهنات السطحية، خاصة وإن النوايا التركية وسياساتها تجاه المنطقة عموماً وشمال سوريا خصوصاً تثير القلق وهي التي تحتل القسم الغربي من شمال سوريا جاعلاً  منه منطقة احتلال تركية تعيث فيه المجموعات الارهابية نهباً وفساداً،

 الأمر الأكثر تعقيداً في هذا الاتفاق أيضاً هي مسألة  الأربعة ملايين من اللاجئين السوريين الذين يتحدث عنهم أردوغان ويتلاعب بهم كورقة ضغط على شمال شرق سوريا وعلى التحالف الدولي، حيث يرغب نظام العدالة والتنمية إلى إعادة توطينهم في المنطقة الآمنة المزمعة إقامتها في شمال شرق سوريا والسؤال هنا هل سيستوعب “المنطقة الآمنة” هذا العدد الضخم من اللاجئين ومن سيقدم لهم الخدمات…. هذا إن لم يكن بينهم الآلاف من العناصر الارهابية التي فرت إلى تركيا وتحاول أنقرة توطينهم في شمال شرق سوريا كما يحدث في عفرين ؟؟.

بالطبع المنطقة الآمنة لها أهمية كبيرة في حسابات تركيا وذلك لإعادة ترتيب علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية من جهة ولمحاولة ضرب الاستقرار ومشروع الادارة الذاتية الديمقراطية في شمال شرق سوريا خاصة وإن الكرد والمكونات الأخرى أيقنوا تماماً إن العيش المشترك ووحدة مكونات المجتمع في ظل مجلس سوريا الديمقراطية هي صمام الأمان بالنسبة للمنطقة عموماً مما يصعب على بعض الكيانات المرتزقة والشوفينية فرض نموذجها واختراق هذا الجسد السليم المتحد في شمال شرق سوريا على عموم سوريا.

 كما إن تركيا تهدف إلى محاصرة النموذج الديمقراطي في شمال شرق سوريا من جميع الاتجاهات والاطراف وبالتالي ستضمن عدم توسع الادارة الذاتية الديمقراطية إلى بقية المناطق باتفاقها مع النظام السوري وروسيا وإيران، بالطبع هناك أهداف أخرى ستحققها على الصعيد الداخلي التركي.

أمريكياً تريد الولايات المتحدة الأمريكية من جهة الحفاظ على مصالحها وحلفائها ولا ترغب في خسارة أي طرف، بالرغم من العلاقة المتوترة بينها وبين تركيا والتي وصلت لأعلى مستويات منذ الحرب العالمية الثانية. كذلك تدرك أهمية حلفائها في شمال شرق سوريا وهي على دراية بنوايا حليفها التركي، وإن الافتقار إلى الضمانات في إقامة هذه المنطقة الآمنة والمحافظة عليها يسلط أيضاً الضوء على تعقيد العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا.  إذاً ما العمل؟.

إن  ضبط الاتفاق و ترسيخ ركائزه بما يتوافق ويلائم الطرفين سيضمن لها(أمريكا) علاقة حسنة مع حليفيها، لذا عليها أن تقدم المزيد من الضمانات لترسيخ هذا الاتفاق ومنعه من التطور لحد الصراع والحرب.

هدفنا حماية المنطقة ونزع فتيل الحرب

قال القيادي في قوات سوريا الديمقراطية QSD مظلوم عبدي قبل أيام أنهم توصلوا إلى اتفاقٍ مع الجانب التركي حول إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا وذلك عبر وساطة أمريكية، مضيفاً إن المحادثات بشأن المنطقة الآمنة ليست وليدة اللحظة بل أنهم ومنذ زمن طالبوا بتأمين الحدود السورية التركية  كذلك سعوا إلى  تفاهم مع الجانب التركي الذي صعّد من وتيرة تهديداته إلى أعلى المستويات في الفترة الأخيرة بشن حربٍ على شمال شرق سوريا بهدف احتلال المنطقة وافتعال صراعٍ سيكون له تأثيراً كبيراً على المنطقة برمتها.

وأوضح عبدي أن اللقاءات بين شمال وشرق سوريا والدولة التركية تتواصل بهدف حل المشاكل قائلاً ” إن تنفيذ الاتفاق المتعلق بالمنطقة الآمنة يبدأ من المنطقة الممتدة بين سري كانيه وتل أبيض وستمتد بعدها إلى مناطق كوباني وقامشلو وديرك”.

مظلوم عبدي وفي حديثه عن أهداف المنطقة الآمنة  قال: “في الحقيقة الموضوع الأساسي هو حماية الحدود. هناك مشكلة أمن الحدود بين شمال وشرق سوريا والدولة التركية؛ رسمياً تسمى “المنطقة الآمنة”، ونحن باستطاعتنا تسميتها بـ “المنطقة الآمنة”. ولكن جوهرها هو أمن الحدود، حقيقة عندما صدر القرار الأمريكي بالانسحاب مطلع العام الحالي، بدأت تركيا تُهدد شمال شرق سوريا، حينها طلبنا تشكيل المنطقة، وطلبنا من شركائنا الأمريكيين التوسط بيننا وبين الدولة التركية، لحل هذا الموضوع بالحوار وليس بالحرب، وأخذت هذه القضية مسارها فيما بعد واجتازت عدة مراحل.

و تابع عبدي في حديثه :”عندما برزت مسألة المنطقة  التي يطلق عليها اسم “آمنة”، طرحت قوات سوريا الديمقراطية تصورها للـ “المنطقة الآمنة”، وكيف ستضمن حماية حدودنا وحدود الدولة التركية، لدينا مشروع في هذا الإطار. طرحنا هذا المشروع على شركائنا الأمريكيين. ومنذ مطلع العام، تجري لقاءات بوساطة أمريكية بهذا الخصوص لكن الدولة التركية تصر على رأيها وأعتقد أنها لا تزال.

نحن على ثقة أن المشروع الذي طرحناه موضوعي ومعقول أكثر ويضمن أمن الطرفين. نحن على ثقة أن المشروع الذي طرحناه سيُطبق وسينجح. لا نريد أن تنتهي المسألة  بيننا بالحرب؛ لا مصلحة لنا في الحرب لذا مساعينا ومنذ اليوم الأول وحتى الآن انصبّت على محاولة حل المشكلة بالتحاور. المهم، إن اللقاءات الأخيرة أظهرت أن اللقاءات لم تصل إلى طريق مسدود، ونحن موجودون في تلك اللقاءات بشكل غير مباشر.

الأمريكيون يلعبون دور الوسيط بيننا وبين الدولة التركية. يعرضون علينا آراء الدولة التركية ويقولون لتركيا ما نقبله أو نرفضه. وفي الوقت ذاته، يطرحون رؤانا على الدولة التركية ويقولون لنا ما قبلته تركيا أو رفضته وفي اللقاءات الأخيرة كانت هناك ضمانات باستمرارية اللقاءات، ونحن نرى ذلك أمراً إيجابياً.

تم الاتفاق على الخطوط العريضة،  لكن ليست هناك تفاصيل بعد. المسائل الثلاث الأساسية التي ظهرت في الإعلام هي مسائل أساسية ونحن نتفق مع ما أعلن عنه. نحن على ثقة أن إطار الاتفاق مناسب للوصول إلى الحل. ولكن لازالت هناك الكثير من التفاصيل يجب البحث فيها”.

 القيادي في قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي قال “أستطيع القول إن النقاط التي توصلنا إليها كانت في  الأساس ضمن خارطة مشروعنا للحل. تتضمن المنطقة الممتدة من نهر دجلة إلى نهر الفرات على طول الحدود. المنطقة بأكملها عمقها خمسة كيلو مترات، ولكن في بعض المناطق بين سري كانيه وتل أبيض يصل عمق المنطقة إلى 9 كم وفي مناطق صغيرة جداً يزداد العمق إلى 14 كم بين سري كانيه وتل أبيض. بشكل عام عمق المنطقة هو/ 5/ كم، ولكن في أماكن صغيرة محدودة تتراوح بين 9 و14 كم بالطبع المنطقة الآمنة يجب أن تكون على طول الحدود. فإذا حدث وأن توصلنا إلى اتفاقٍ تام  يجب أن يكون شاملاً. هذا الاتفاق ليس لمنطقة محددة بل لكل المناطق. شمال وشرق سوريا منطقة واحدة ولا فرق بين منطقة وأخرى. لذا ما يتداوله البعض ليس صحيحاً. الاتفاق سيُنفّذ على مراحل تباعاً.

المشروع الذي طرحناه يقضي بانسحاب قواتنا وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة مسافة /5 /كم إلى داخل الحدود. وأن تتمركز قوات محلية عوضاً عنها وأن تكون من سكان تلك المناطق. وهذه القوات ستعمل مع قوات التحالف في تلك المنطقة. في كل منطقة هناك مجالس عسكرية. لن تكون هناك مدن ضمن تلك المنطقة.

 وفيما يخص بادعاءات الدولة التركية حول مسألة عودة اللاجئين قال عبدي:” في وقتٍ سابق أصدرنا تصريحاً وجهنا فيه نداءً إلى أهالي المنطقة المهجرين بالعودة إلى ديارهم. لذا بإمكان أهالي شمال شرق سوريا الموجودين في تركيا، العودة. لسنا ضد عودتهم. وهذا هو جزء من الاتفاق وقبلنا به. ولكن لدينا شرط أساسي، الأشخاص المنخرطون في صفوف جبهة النصرة وداعش والمجموعات الإرهابية والمطلوبين للعدالة بإمكانهم العودة ولكن يجب محاكمتهم. وبعد تسوية أوضاعهم القانونية بإمكانهم مواصلة حياتهم فيما بعد”.

 وفيما يخص موقف النظام السوري يقول مظلوم عبدي: أنا واثق أن النظام السوري يستقرئ المرحلة بشكل خاطئ ويُقيّم نتائجها بشكل خاطئ. النظام يعتقد أنه وفي حال حدوث اتفاق وزوال خطر الدولة التركية سنكون في موقف أقوى ولذا ستتضاءل فرص عودة النظام إلى المنطقة. هذا تفكير خاطئ ونحن لا نفكر على هذا النحو. على العكس تماماً، إذا حدث اتفاق يكون سبباً لحماية جزءاً من الأراضي السورية فهذا سيكون انجازاً عظيماً لكل سوريا. إذا كان موقفنا في شمال وشرق سوريا قوياً، حينها سيكون موقف سوريا عموماً قوياً. وستزيد فرص إيجاد الحل السوري الشامل. على النظام أن يتعاطى مع كل اتفاق مع دول الجوار يمنع احتلال سوريا، بإيجابية. مالم يكن موقف شعب شمال شرق سوريا قوياً على الصُعُد العسكرية والسياسية والدبلوماسية، حينها لا يمكننا الوقوف في وجه الاحتلال.

 وخص مظلوم عبدي جانباً من حديثه بتأثير اتفاق المنطقة الآمنة على مسألة تنظيم دعش الإرهابي واحتمال ظهوره مجدداً كقوة عسكرية تهدد المنطقة والعالم عموماً فيما لو أصر الجانب التركي على المضي بتهديداته قائلاً: “صحيح أن داعش هُزم عسكرياً لكنه يستمر تنظيمياً وعبر الخلايا المتخفية، لذا يُشكل خطراً أكبر. سابقاً كان يخوض معاركه في منطقة معينة الآن ينتشر في كل مكان. الخلايا المتخفية منتشرة في بقاع العالم وهناك توجس عام أكثر من ذي قبل. هناك خطر من أن يعاود داعش السيطرة على بعض المناطق. خاصة في غرب الفرات وفي مناطق أخرى من سوريا.

 كذلك في مناطقنا، وبخاصة في شرق سوريا،  حيث يحاول داعش السيطرة مجدداً على بعض المناطق والتكثيف من هجماته.  لذا فان أي هجوم تركي محتمل على مناطقنا سيعزز من فرصة استعادة داعش لقوته  في تلك المناطق. هناك نحو 12 ألف داعشي في قبضتنا. والآلاف من مقاتلينا يحرسون هؤلاء المرتزقة. إذا حدثت معركة سيضطر هؤلاء المقاتلون لحماية مدنهم، وسيكون داعش المُستفيد الأكبر من الهجوم التركي. وهذا سيؤثر سلباً على كل القوى العالمية. لذلك، الكثير من الدول ترغب أكثر منا في إيقاف الهجوم التركي على شمال شرق سوريا. وإذا كانت أمريكا راغبة اليوم في التوسط في اتفاق بيننا وبين الدولة التركية، فتلك هي أحد الأسباب. ونحن ومن أجل منع عودة ظهور خطر داعش نبدي ليونة في المواقف تجاه المنطقة الآمنة وفي اللقاءات الجارية، ولنتمكن من تعزيز نضالنا المشترك مع التحالف الدولي ضد داعش يجب أن تكون حدودنا في شمال شرق سوريا مستقرة.

“أمريكا قالت “لا” ورضخ أردوغان”

يقول الصحفي والباحث جنكيز تشاندار في مقالة له  نشرعلى المونيتور “ماذا يتضمن الاتفاق العسكري الأمريكي- التركي؟ ”  

حين قال الأمريكان بشكل قاطع “لا” لتوغلٍ تركي محتمل في شمال شرق سوريا، رضخ الرئيس رجب طيب أردوغان…صدر البيان في 7 أغسطس. قبل ثلاثة أيام من ذلك، في 4 أغسطس، أعلن أردوغان على نحو قاطع عن الغزو التركي الوشيك لشمال شرق سوريا.

وكانت تركيا تُعِدّ قواتها على طول الحدود السورية الطويلة لأسابيع، وكان القادة الأتراك يتحدثون بدأبٍ عن تدخل عسكري. وهكذا عُدَّ تصريح أردوغان في 4 أغسطس نتيجة طبيعية للاستعدادات العسكرية على الأرض. قال أردوغان: “للصبر حدود”. وهذا يعني أنه لم يعد يولي اعتباراً للتعهدات الأمريكية المتعلقة بالوضع في “شرق الفرات”.

في 5 أغسطس، بعد يوم من تصريح أردوغان الدراماتيكي، جلس المسؤولون العسكريون الأمريكان والأتراك في أنقرة في ما أسمته الواشنطن بوست بأنه جهد “المحاولة الأخيرة” من قبل المفاوضين الأمريكيين.

تم طرح الموقف التركي حول المنطقة الآمنة المخطط لها في مناسبات عدة: سيطرة عسكرية تركية أحادية على مساحة بطول 400 كيلومتر وعمق 32 كيلومتر.

اعترض خصوم تركيا “الكرد” ( قوات سوريا الديمقراطية) على هذا الموقف، قائلين إن تركيا تسعى للسيطرة على الطريق الدولي الممتد من اقليم جنوب كردستان إلى البحر المتوسط

إنه لمن المثير للاهتمام أن التقييم الكردي بدا مشابهاً لما كتبه بريت ماكغورك- المبعوث الأمريكي السابق لسوريا- في مقال نشر حديثاً في فورين أفيرز.أدعى ماكغورك أن لدى أردوغان طموحات لتوسيع حدود تركيا “التي يشعرُ أنها قد رُسِمتْ بشكل غير عادل في معاهدة لوزان لعام 1923”.كتب ماكغورك “جالستُ أردوغان في لقاءاتٍ وسمعته يصف ما يقرب من 400 ميل بين حلب والموصل على أنها ”منطقة أمنية تركية”، ودعمتْ أفعاله أقواله”.

الواقع أن أردوغان بدا في 6 أغسطس مصرّاً على التحرك في الأراضي السورية ضد الكرد دونما اعتبار لأي رد فعل أمريكي سلبي قد يترتب على ذلك. بدا أن العد التنازلي قد بدأ.

في اليوم نفسه، قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر أن “التدخل العسكري التركي أحادي الجانب غير مقبول”.

في 7 أغسطس، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن المفاوضات كانت “بناءة” وأن نظرائه الأمريكان قد اصبحوا أقرب إلى “موقفنا”. تحدث أكار لوسائل الإعلام التركية: “لاحظنا بكل سعادة أن محاورينا قد اقتربوا من وجهات نظرنا”.

في اليوم نفسه أفاد بيان وزارة الدفاع التركية: “اتفق الوفدان الأمريكي والتركي على ما يلي: التنفيذ السريع للإجراءات الأولية من أجل معالجة المخاوف الأمنية لتركيا، إنشاء مركز عمليات مشترك في تركيا في أقرب وقت ممكن من أجل تنسيق وإدارة إنشاء منطقة آمنة معاً، وأن المنطقة الآمنة ستصبح “ممراً للسلام”، وأنه يجب بذل كل جهد ممكن حتى يتمكن السوريون النازحون من العودة إلى بلادهم”.

بيان وزارة الدفاع التركية مليء بالغموض. لا توجد إشارة معينة واحدة إلى أية حجج قدمتها تركيا حتى اليوم. ما هي هذه “الإجراءات الأولية” التي سيتم تنفيذها “بسرعة لـ “معالجة مخاوف تركيا الأمنية”. وما هي مخاوف تركيا الأمنية التي تحتاج إلى “إجراءات أو تدابير أولية”؟

 لقد أفصحَ قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي عن مثل بعض التحركات المحتملة (التزامات كما يصفها الكاتب) إن بإمكان وحدات حماية الشعب إخلاء قواتها من منطقة بعمق 5 كيلومترات (3 أميال) من الحدود مع تركيا وسحب المدفعية إلى ما وراء منطقة بعمق 20 كم (12 ميل)، وأضاف أن بإمكان وحدات حماية الشعب أن تترك إدارة المدن والبلدات للمجالس المحلية(المجالس العسكرية)”.

(هل هذه هي “التدابير الأولية” لمعالجة مخاوف تركيا الأمنية”؟ وماذا بشأن التزامات الطرف التركي وهو رأس المشكلة).

إن “إنشاء مركز عمليات مشترك في تركيا” كما نَصّ عليه البيان هي قضية شائكة أخرى، فقد كانت تركيا تضغط من أجل القيام بدوريات مشتركة أو السيطرة الأحادية على شرق الفرات. تحدث البيان عن إنشاء “مركز عمليات مشترك”، ليس في الأراضي السورية بل في تركيا.

 لنعد إلى مقالة تشاندار “إن المنطقة الآمنة- مع عدم الإشارة إلى عمقها وامتدادها- والتي “سوف تصبح ممراً للسلام” هي تحليةٌ أعطتها واشنطن لأنقرة.

لكن عندما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس “الموقف الأمريكي هو أننا لا ندعم أي نوع من التوطين القسري للاجئين أو النازحين داخلياً”، فإن هذا في جوهره يبطل بيان السفارة حول النازحين السوريين في تركيا.

سوف يستلزم توطين اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا في شرق الفرات تغييراً سكانياً جذرياً. سيكون هذا تصرفاً قسرياً يصل إلى حد “تجريد المنطقة من كرديتها” وبالتالي “تعريبها. قد يرغب أردوغان في أن يحدث ذلك…

عموماً، كان ما تم التوصل إليه بين أنقرة وواشنطن وقتاً مستقطعاً مؤجلاً الأزمة الوشيكة بين الحليفين اللذين تعرضت علاقتهما بالفعل للخدوش مع شراء تركيا لنظام صاروخي روسي من طراز S-400 وعقوبات أمريكية معلقة فوق رقبة أردوغان كسيف ديموقليس.

كما نُقِلَ عن مسؤول أمريكي سابق قوله لصحيفة الغارديان “إنه في الأساسِ اتفاقٌ على مواصلة الحديث. هذا جيد للغاية. لكن مع عدم وجود التزام لدى ترامب حول سوريا، وقواتنا الآن قد خفضت إلى أدنى درجة، هناك القليل الذي يمكننا فعله بالفعل لدعم منطقة آمنة. لذلك هناك الكثير من التفكير المتمني”.

لكن إذا تذكرنا أن أردوغان كان قد ألزم نفسه بشكل واضح بتوغل عسكري وشيك في سوريا وأن الأتراك بأكملهم كانوا مستعدين لرؤية ذلك يحدث، فإن التفسير الأكثر وضوحاً قد يكون أن أمريكا قالت “لا” ورضخ أردوغان، أقله في الوقت الحالي.

وبينما الغموض يشوب الاتفاق يقول عضو مجلس قيادة قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي : “نحن عسكريون وننظر للأمور من المنظور العسكري. مازال على حدودنا جنود ودبابات تركية مُعدة للهجوم. التهديدات التركية مستمرة، لذا مازال خطر الحرب قائماً. ولكن الأمر الإيجابي هو استمرار اللقاءات وعدم وصولها إلى طريق مسدود. بشكل عام هناك اتفاق. ولكن هناك الكثير من التفاصيل لم نتفق عليها بعد”.

لذا، علينا مواصلة نضالنا. شعبنا الذي يقاوم الاحتلال والهجمات في خيم الدروع البشرية وفي وقفات الاحتجاج عليه أن يُصعّد مستوى نضاله. لأن العالم أجمع سيعلم أن شعب شمال وشرق سوريا يقف ضد الحرب وضد كل معتدي محتل.

 

دوست ميرخان

زر الذهاب إلى الأعلى