المجتمع

المدرّسون في إقليم الجّزيرة واثقون من انتصار مقاومة العصر

تقرير: عامر طحلو

مازال العدوان التّركي الأردوغاني مستمّراً على إقليم عفرين, لقد دخل هذا العدوان أسبوعه الرّابع, وأعداد الضّحايا المدنيّين في تزايدٍ, والطّائرات والدّبابات ما زالت تقصف المنازل والمساجد والمناطق الأثريّة, ومناظر الضّحايا الأطفال لا تفارق مخيّلتنا, حتى الحيوانات لم تسلم من هذا العدوان, كلّ هذا على مرأى ومسمع العالم, دون أن يُصدر أي موقفٍ ضدّ هذه المجازر من أيّة دولةٍ, أمّا المتشدّقون بالدّفاع عن حقوق الإنسان فهم منشغلون بالدّفاع عن الإرهابيّين, فتارةً يُدينون الهجمات على مناطق جبهة النّصرة (فرع القاعدة في سوريا), وتارةً أخرى يتباكون على أطفال غزّة مع أنّهم شركاء في هذه الجّرائم, أمّا الدّول الأوروبيّة فمسؤولوها خائفون أن يُغرِقهم أردوغان باللاجئين حين يفتح حدوده البريّة والبحريّة مع أوروبا, وروسيا لكي تنافس الولايات المتّحدة الأمريكيّة ولكي تسحب تركيا من حلف الناتو إلى طرفها, كانت وما زالت الشّريك الأساسيّ لتركيا في هذه الحرب الهمجيّة اللاإنسانيّة على إقليم عفرين, ورغم تواجد الصحفيّين من كافّة الدّول في عفرين, وتوثيقهم لجرائم الاحتلال التّركي ومرتزقته بحقّ الإنسانيّة من قتلٍ وخطفٍ وسرقة ممتلكات المدنيّين, إلّا أنّنا لم نَرَ من المجتمع الدّولي سوى الصّمت, ألهذه الدّرجة دماؤنا رخيصة؟

ألم نقضي على داعش الّذي قضّ مضاجعكم وفي عقر داركم بالتفجيرات والقتل الجّماعي والذّبح؟

أهكذا تكافئون من حرّر مواطنيكم من براثن داعش ومعتقلاته؟

ألسنا سوريّون حتّى يتخلّى عنا نظامٌ يتشدّق بشعارات السّيادة ووحدة أراضيه؟

هل نسي العالم مجازر الأرمن والسريان الّتي ارتكبها العثمانيّون؟

هل نسي العرب عمليّات الإعدام في ساحات المدن السّوريّة؟

هل نسي الشّعب السّوري الخوازيق العثمانيّة؟

ألم يهتز ضمير الإنسانيّة وتتحرك مشاعره أمام رؤية منظر جثمان الشّهيدة بارين كوباني الممزّق؟

عارٌ على الإنسانيّة أن ترى كلّ هذه الجّرائم بحقّها وتبقى صامتةً.

نعلم أن كل هذه الأسئلة لن تجد من يجيب عنها, لذلك سنتوجّه إلى مواطنينا لكي يعبّروا عن آرائهم ومشاعرهم واستنكارهم لهذه الهجمات, لعلّنا من خلال نداءاتهم نحرّك ضمير الإنسانيّة المتحجّر, وتجسيداً لهذه الفكرة قام مراسل صحيفة الاتّحاد الدّيمقراطي بالتوجّه إلى معهد الشّهيدة (فيان أَمَارَا) لإعداد المدرّسين التّابع لهيئة التّربية والتّعليم في إقليم الجّزيرة KPC, وأخذ آراء بعض الكوادر التّعليّميّة من معلّمين وطلّاب حول الهجمات الهمجيّة التركية على إقليم عفرين, وإظهار ما تغلي به قلوبهم وضمائرهم من غضبٍ.

 وبهذا الصدد التقى مراسلنا مع (روهات خليل) مديرة معهد الشّهيدة فيان أمارا لإعداد المعلّمين في قامشلو, والّتي بيّنت موقفها وموقف هيئة التّربية والتعليم في إقليم الجّزيرة من الهجوم التّركي على إقليم عفرين قائلةً:

عفرين لنا والنّصر لنا

نحن كمعلّمي هيئة التّربية والتّعليم KPC في مقاطعة قامشلو نستنكر هذه الهجمات اللاأخلاقيّة التي تشنّها الدّولة التّركيّة الفاشيّة ضدّ شعبنا في عفرين المقاومة.

عفرين المقاومة برهنت للعالم أجمع بأنّها ستقاوم ولن يترك أبناؤها أرضهم, وكما هو معروفٌ أنّ المناطق الّتي تشهد الحروب والمعارك يهاجر منها أبناؤها ويتركون أرضهم خلفهم, لكنّ شعب عفرين ومنذ بدء الهجوم الفاشي وعلى الرّغم من القصف اليومي عليه؛ أصبح أكثر تمسّكاً بأرضه ومقاومته, وهم يخرجون إلى السّاحات كأمواج البحر, وبهذا الإصرار يزيدون من مقاومتهم, ومن ألحق الهزيمة بداعش الّذي عجزت دولٌ عن هزيمته سينتصر, نبارك مقاومة العصر, عفرين لنا والنّصر لنا.

مقاومة عفرين ستُكتب بحروفٍ من ذهب, وستكون تاريخاً للإنسانيّة

وبعدها تحدّثت  (شفا محيه) من الكادر التّدريسي لمعهد الشّهيدة فيان أمارا عن مقاومة عفرين, وكانت هذه كلماتها:

نحن كمُعَلمِيْ هيئة التّربية والتّعليم بإقليم الجّزيرة ندين الهجمات الوحشيّة الّتي تشنّها الدّولة التّركيّة الفاشيّة ومرتزقتها على إقليم عفرين, هذه الهجمات ليست موجّهةً ضدّ الشّعب الكردي فقط, بل هي ضدّ الإنسانيّة جمعاء, ونؤكّد بأنّ مقاومة شعب عفرين ستنتصر, هذه المقاومة ستُكتب بحروفٍ من ذهب, وستكون تاريخاً للإنسانيّة, والانتصارات الّتي حقّقتها شعوب شمال سوريا, تلك الشّعوب العريقة بتاريخها وثقافتها لن تُدحض أبداً.

تركيا تحارب كلّ مكونات الشّمال السّوري

ومن ثمّ التقى مراسلنا مع المدرّس في معهد الشّهيدة فيان أمارا

(قصي نواف الحسو) من المكوّن العربي, حيث عبّر عن إدانته للهجمات التّركيّة قائلاً: عفرين هي أرض السّلام والزّيتون, عفرين وكافّة مدن الشّمال السّوري كانت كسفينة نوح الّتي أنقذت البشريّة من الطّوفان, فهي أنقذت الإنسانيّة من الإرهاب, وقضت على داعش بأيادي أبنائها في قوّات سوريا الدّيمقراطيّة, وبعد أن خلّصنا العالم من أعتى منظّمة إرهابيّة في التّاريخ, يأتي المحتلّ العثماني أردوغان ليهجم على عفرين هو ومرتزقته, ما ذنب عفرين حتّى يهاجمها أردوغان وبدعمٍ من المجتمع الدّولي؟

هل ذنبها أنّها قضت على الإرهاب الّذي يُعتبر أردوغان أباً له؟

نعم بالتّأكيد, فتركيا كانت وما زالت المصدر الأساسي لدخول الإرهابيّين إلى سوريا من داعش وجبهة النّصرة وغيرها, وهي كانت مموّلهم الرّئيسي, وأطماع تركيا ليست في عفرين وحدها, وهي لا تحارب المكوّن الكردي فقط, بل تحارب كلّ المكوّنات من عربٍ وكردٍ ومسيحيّين وكافّة مكوّنات الشّمال السّوري, وتحارب مشروعنا الدّيمقراطي, لأن الدّيكتاتور يخاف من الدّيمقراطيّة الحقيقيّة.

أردوغان يهاجم عفرين انتقاماً لهزيمة داعش

وارتأينا أن نأخذ آراء بعض الطلبة في معهد الشّهيدة فيان أمارا بخصوص العدوان الغاشم على عفرين, لذلك التقينا مع الطّالبة (خالدة محمد) وكان رأيها على النّحو التّالي: نحن طلاب معهد الشّهيدة فيان أمارا لإعداد المعلّمين ندين ونستنكر الهجوم التّركي على إقليم عفرين, ولا نعرف لماذا يهاجمنا أردوغان؟

فهو يمارس القتل والظّلم وكافّة الجرائم بحقّ شعبنا, ويحاول احتلال أراضينا, وضحايا هجومه على عفرين هم المدنيّون والأطفال والنّساء والشّيوخ, إنّه يحارب شعوب الشّمال السّوري لأنّها هزمت الإرهاب, ولأنّها توّاقة للحريّة والدّيمقراطيّة, ولأنّه إرهابي فهو بهذا الهجوم ينتقم منا لأننا هزمنا داعش, ولكنّنا وبمقاومتنا وبقوّاتنا البطلة سننتصر على هذا العدوان, ما دمنا أصحاب الحق, وما دام الشّعب يساند ويدعم مقاومة العصر سننتصر, وستنتصر المقاومة والإنسانيّة.

سندافع عن أراضينا بالسّلاح والعلم والقلم والروح والدّم

أمّا الطالب (زنار محمد) فقد عبّر عن رأيه بحماس قائلاً: إنّ الدّولة التّركيّة الفاشيّة القذرة تقصف عفرين بالطّائرات والصّواريخ والمدافع, ونحن ندين ونستنكر؛ هذا العدوان  الّذي يحاول به أردوغان قضم حقوقنا واحتلال أرضنا, ولكنّه سيُهزم, فنحن شعوب الشّمال السّوري سنواجه هذا الاحتلال عسكريّاً وفكريّاً, ونحن كطبقة متعلّمة سندافع عن أرضنا بالسّلاح والعلم والقلم والروح والدمّ, فعفرين تقاوم الآن بترابها وبمياهها وبأشجارها وبزيتونها, وأرض عفرين ستبقى لأهلها.

والمعارضة السّوريّة الّتي كانت تدّعي أنّها مع حقوق الشّعب السّوري أثبتت بمشاركتها في الهجوم على عفرين أنّها تحت إمرة اردوغان وهي ذراعٌ للإرهاب, فبدل أن تحارب النّظام في إدلب والغوطة, تأتي وتحارب شعوب الشّمال السّوري, وليعلم الجّميع أنّه إذا سقطت عفرين ستسقط كافّة مناطق الشّمال السّوري, لذلك ليس أمامنا سوى خياران, إمّا أن ننتصر أو ننتصر, حتى لو متنا كلّنا.

كلمة المحرّر

هكذا هي المقاومة, فكلّ سكّان الشّمال السّوري قلوبهم في عفرين, وأرواحهم في عفرين, لأن انتصار عفرين هو انتصارٌ لكلّ هذه الشّعوب, ولأن هزيمة أردوغان ستقطع يده عن كافّة الأراضي السّوريّة, وستكون بدايةً لتبلور الحلّ السّوري, وستكون فدراليّتنا في قمّة هذا الحلّ.

في قانون الحروب والمعارك على مرّ التّاريخ, تنتصر الشّعوب الّتي تدافع عن أرضها وتتمسّك بها, وكلّما طال أمد المعركة يتلقّى المهاجم خسائر بشريّة وعسكريّة واقتصاديّة, وتثور الشّعوب على حكّامها, وتزايد عدد القتلى من المهاجمين يولّد ثورة في نفوس ذويهم, خصوصاً إذا لم يكن لهؤلاء في هذه الحرب لا ناقة ولا جمل, ولذلك نحن واثقون من انتصار عفرين لأنّنا أصحاب الأرض وأصحاب الحقّ ولأنّنا نحن من هزمنا داعش, ولأنّ تركيا هي العدوّ الأزلي للشعب السّوري, فلتحيا مقاومة العصر في عفرين, وغداً بعد الانتصار سيُطأطأ كل من ساند الاحتلال التّركي أو صمت عن مجازره رأسه نحو الأرض, وستكون وصمة عارٍ أبديّة على جبينه.

زر الذهاب إلى الأعلى