المجتمعمانشيت

اللغة الكردية في ذكراها الـ86 

نحتفل في الخامس عشر من أيار كل عام بعيد اللغة الكردية، هذه السنة كان الاحتفال متزامناَ مع توزيع الجلاءات المدرسية في مدن ومناطق إقليمي الجزيرة والفرات، بعد سنة دراسية كاملة من الجهود المبذولة.

رغم سياسات الانكار التي عانت منها لغتنا الكردية والممارسات التي وقفت في وجه إحياءها إلّا أن الكرد استطاعوا الحفاظ على لغتهم بفضل إرادتهم وتمسكهم بهويتهم؛ وتحدثوا بها في ظل سياسات التتريك والتعريب والتفريس مستندين في ذلك إلى مبدأ <لا وجود للإنسان دون لغته>.

وكما قال الشاعر والأديب الكردي جكرخوين: <لولا العلم لما تطور الإنسان ولا ازدادت الهموم والآلام>.

وبهذه المناسبة؛ مناسبة يوم اللغة الكردية تحدث الكاتب نوشين بيجرماني لموقعنا قائلاً: “اللغة الكردية من اللغات العريقة والقديمة…هي لغة أفستا، لغة أبناء الشمس، لغة النور والضياء، لغة غنية بمفرداتها وتراكيبها وقواعدها، وهي ليست أقل شأناَ من أغنى اللغات المتداولة في هذا العصر، هي التي تجمع الكرد وهي أهم مقومات هذا الشعب العريق في شرقنا المعذب”.

وأضاف بيجرماني: “إن لكل لغة حية عيدها ويوم خاص يحتفل به هذا الشعب أو ذاك، كذلك اللغة الكردية وقد اعتُبر يوم الخامس عشر من أيار هو يوم اللغة الكردية بمناسبة صدور أول عدد لمجلة هاوار في الخامس عشر من أيار عام 1932 على يد الأمير جلادت بدرخان”.

وأكمل حديثه قائلاَ: “يحتفل الكرد في سائر أجزاء كردستان بهذا اليوم فتقوم مؤسسات وهيئات اللغة الكردية وكذلك علماء ومدرسو اللغة الكردية وكل من يعمل في مجال التعليم وحماية اللغة الكردية في هذا اليوم يستذكرون العلماء الكبار الذين ساهموا في المحافظة على اللغة وإغنائها مثل الملا أحمد الجزيري والخاني والحريري مروراَ بالأمير جلادت بدرخان أول من وضع الأبجدية اللاتينية للغة الكردية وكذلك العديد من أبناء هذه العائلة الكردية الذين ساهموا في إغناء ورفد صفحات الثقافة الكردية، وصولاً إلى رشيد كرد وجكرخوين والعم أوصمان صبري ونور الدين ظاظا والعديد من القامات الكردية الشامخة التي ساهمت في حماية اللغة الكردية من الترهل وشاركوا في المحافظة عليها سواء بالتأليف أو الشِّعر أو القصة بحيث أصبحت لغة الثقافة والكتابة الكردية”.

وأنهى بيجرماني حديثه: “بالرغم من المعوقات والضغوط التي تُمارس بحق اللغة الكردية من قبل الأنظمة الغاصبة لكردستان إلا أنها بقيت حيّة ولم تندثر كما الكثير من اللغات التي زالت، بينما اللغة الكردية ظلت محافظة بفضل جهود هؤلاء العلماء الكبار”.

وفي السياق ذاته تحدثت المدرّسة فاطمة محمد مديرة مدرسة عبد الأحد يونان لموقعنا: “الخامس عشر من أيار يوم ليس كمثله من الأيام, فهو اليوم الذي نحتفل به نحن الكرد بلغتنا ونعتز بها أسوة بكافة الأمم التي تعتز وتُخصص يوماً للغتها الأم, بهذه المناسبة نهنئ شعبنا في كافة أرجاء المعمورة.

لا شك أن اللغة هي صلة الوصل وهي إحدى أدوات المعرفة والتفاهم بين البشر، سواء كانت لغة الإشارة أو اللغة المنطوقة، ومنذ فجر التاريخ وظهور الإنسان ككائن حي على هذا الكوكب.

فيما بعد تشكلت الشعوب والأمم كان لكل أمة أو شعب خصائصه التي تحاكي واقعه وطبيعة بيئته، ومن هذه الشعوب والتي لها من الأصالة ما لا يمكن إنكارها هي شعوب موزوبوتاميا ومنها الشعب الكردي ذو الجذور التاريخية على هذه البقعة الجغرافية, ولا يمكن الحديث عن شعب دون الحديث عن لغة ملازمة له تكون صلة الوصل بين أفراده، إذاً وجود الشعب مرتبط بوجود لغته والعكس صحيح، أي لا يمكن الحديث عن لغة بغياب الشعب.

المتفق عليه من قبل الباحثين في هذا المجال أن اللغة الكردية هي إحدى اللغات الهندو أوربية ويتحدث بها نحو أربعين مليون إنسان، واللغة الكردية هي أساس الثقافة الكردية, وما يدعو للأسف أن وطننا جزأه الاستعمار بين أربع دول وقد حاولت هذه الدول بكافة الوسائل إلى منع الكرد من تعلم لغتهم كون اللغة هي عامل لم الشمل؛ فبات الكرد يتكلمون بالفارسية والتركية والعربية وكان ذلك ضمن سياسة التفريس والتتريك والتعريب لحرمانهم من لغتهم والتي هي رمز لهويتهم ووسيلة الاتصال فيما بينهم وهي عامل خوف لدى المحتل الغاصب لبلاد الكرد، دارت عجلة الزمن اليوم وما إن بدأت الأزمة في سوريا وامتنع الكرد أن يكونوا جزءاً من الحرب الأهلية؛ فقاموا بحماية مناطقهم وأبعدوا شبح المجموعات الإرهابية السلفية عن مناطقهم وقاموا بإدارتها بلغتهم الأم لغة الآباء والأجداد دون أن يحرموا باقي المكونات المتعايشة معهم من التعلم بلغتهم، أطفالنا اليوم يتعلمون بلغتهم، ويتحدثون بها، لذا لاشك إن المعلومة تصل إلى أذهانهم بشكل أسرع، فالطالب يشعر بالراحة عندما يتحدث مع معلمه ومعلمته بلغته وهذا يقوي العلاقة بينهما”.

واختتمت محمد حديثها بالقول: “شعور جميل أن نتواصل في كافة مجالات الحياة وفي كافة مؤسساتنا بلغتنا بعد أن كنا محرومين منها دون أن يعترينا هاجس الخوف من هذا الحق”.

كما والتقينا بالطالبة سهند حسن وكانت الفرحة تعتري وجهها وهي تحمل جلاءها المدرسي مرفق بهدية استلمتها ضمن حفلة أقامتها المدرسة كونها من الأوائل على صفها، وعبرت عن سعادتها بالقول: ” فخورة بتعلم لغتي الأم، فلم أجد صعوبة في دراستي، وأنا مسرورة لأننا نتحدث مع أصدقائنا ومعلمينا باللغة الكردية”.

مرددة: “زماني كردي زماني ميا، زماني باف وكالي ميا”.

إعداد: حسينة عنتر/ دلناز دلي

 

زر الذهاب إلى الأعلى