مانشيتمقالات

القائد أوجلان ونظرية تحرر الشعوب

لقمان جارو ــ

منذ ظهور البذرة الأولى للسلطة كذهنية وتشكل المدنيات وأصبحت الدولتية كنظام قائم مرت المجتمعات بأزمات ومراحل انحطاط بمختلف الأشكال أدى الى خلق المزيد من الصراعات والحروب، وبالتالي إلى تدمير النسيج المجتمعي والإنساني، وبحسب الديالكتيكية التاريخية فإن كل أزمة تخلق معها الحلول تكون براديغما المرحلة ولكنها تكون غير مستدامة ولا تتناسب كل العصور نتيجة تطور المجتمعات، وظهور آراء وفلسفات مناهضة، وبسبب هجمات الرأسمالية تعود إلى حالة الفوضى، وبالتالي المزيد من الأزمات والاقتتال، وهكذا دواليك.

ونتيجة زيادة حدة هجمات الحداثة الرأسمالية في القرون الثلاثة الأخيرة واتخاذ الليبرالية كأيديولوجية لها وتغلغلها في كافة مسامات الحياة حتى احتلت خيالات الانسان وتحولها الى وحش يلتهم كل شيء يعترضه وتحجيم وإضعاف خط مقاومة الحضارة الديمقراطية باستخدام دعائم وأسلحة فتاكة من خلال الدولة القومية والصناعوية وتحولها بالتالي الى شر مطلق يهدد المجتمعية ودعائمها؛ كان لا بد من ظهور مفكرين وفلاسفة ونظريات تناهضها وتصد هجماتها؛ فظهر “كارل ماركس وإنجلز” وغيرهما وطرحوا النظرية الاشتراكية والتي شيدها “لينين وستالين” لكن مصيرها كان الهلاك في دوامة التوتاليتارية والدولتية، وانتهت النظرية بانهيار الاتحاد السوفيتي ومن يدور في فلكها.

في عام 1949 كان ميلاد مَنْ تجمعت فيه الظروف الذاتية والموضوعية (القائد أوجلان) حيث قام بالاستفادة من تجاربه الصغيرة وإسقاطها على الواقع الكردي والمجتمعات التي تحيط به وحالة المرأة من خلال شخصية صديقته “أليف” وزواج اخته، وعند ذهابه الى المدرسة واكتشاف لغة جديدة غير لغته، وثقافة أخرى غير ثقافته، وتاريخ ممنهج غير الذي سمعه من القصص وأغاني بيئته، ونتيجة حالة التناقض الذي عاشه؛ ولّد لديه عشق البحث عن الحقيقة التي لم يجدها في المعتقد والدين الذي آمن به، ولا في الآيات القرآنية التي حفظها، ولا في كتاب الأبجدية الاشتراكية؛ وإنما وجدها هو ورفاقه الأوائل في مانيفستو طريق الثورة ومن أن كردستان مستعمرة، وإن المرأة الكردية مجتمع مستعمر، وبدأ مع رفاقه وحَواريه الأوائل حرب طويلة الأمد، وكتب ملحمة انبعاث الشعب الكردي بنضاله ومقاومته وفكره وفلسفته.

إذاً وبتوافق الظروف الذاتية والموضوعية وبتوازن العقل التحليلي والعاطفي وبالتحليل الدقيق للواقع الكردي وتاريخه والبحث في تاريخ تشكل المدنيات والمجتمعات وظهور السلطوية كذهنية وكذلك التحليل الدقيق للنظام الرأسمالي و الكشف عن دعائمه وأسلحته وتعريته للحداثة بأسلوب تحليلي وموضوعي ونقد ماركس الذي اكتفى فقط بتعريف الرأسمالية وكذلك نقده لبعض أفكار الذين سبقوه وعاصروه، خرج القائد “أوجلان” بتركيبة جديدة يمكن اعتبارها براديغما المرحلة، وبانتهاجها قد يكون سبيل الخلاص من معظم المشاكل المعاشة، فقد قدم منظومة من الحلول لمعظم القضايا المجتمعية والبيئية والسياسية والاقتصادية والمرأة من خلال نظام العصرانية الديمقراطية ومرتكزاتها من الأمة الديمقراطية والصناعة الايكولوجية والاقتصاد الكومينالي.

زر الذهاب إلى الأعلى