حواراتمانشيت

 الشيخ فاروق: نعتز بالإرث التاريخي والحضاري المشترك الذي يجمع كل الشعوب

يعتبر يوم الـ15 من آب 2016 يوماً تاريخياً لأبناء الشمال السوري عموماً و لمجتمع منبج خصوصاً، يوماً يُخَلدُ ذكرى آلاف الشهداء والأبطال الذين ضحوا بدمائهم ليرى شعبهم النور بعد الظلام القاتم الذي خيم على سماء منبج، يوم الخلاص من الكابوس المرعب  الذي خيم على سوريا والعالم عموماً وعلى منبج خصوصاً.

المدينة التي تعبِّر عن الفسيفساء السورية بمكوناتها وحضاراتها وثقافاتها تحررت بعد عامين من سيطرة داعش على يد أبنائها وأبناء الشمال السوري، في الذكرى السنوية الثانية من التحرير ارتأينا في صحيفة الاتحاد الديمقراطي أن نجري لقاءاً خاصاً مع الرئيس المشترك  للمجلس التشريعي للإدارة المدنية الديمقراطية في مدينة منبج وريفها الشيخ فاروق الماشي وهذا نص الحوار:

  منبج تحررت والحياة تتدفق فيها يوماً بعد يوم

كما نعلم كانت مدينة منبج منطقة استراتيجية هامة لتنظيم داعش الإرهابي حيث كانت  تشكل جسراً تربط بين الحدود مع تركيا البوابة لدخول داعش ومعقله في الرقة والطريق الرئيسي لإمدادهم، وقاعدة لاستقبالهم، ونحن نعلم بأن تركيا قدمت لهم كافة التسهيلات والدعم.

 كما تعلمون فقد مارس التنظيم شتى أنواع الجرائم، وفرض نهجه الظلامي على جميع الأصعدة ناشراً في كل مكان هذا النهج؛

 لكن اليوم وبعد التحرير باتت منبج  نموذجاً متقدماً للحرية والديمقراطية والإدارة السياسية السليمة.

 وهي تُدار اليوم بأيدي أبنائها.

 حقيقة خلعت منبج عن نفسها الثوب الأسود ولبست ثوب الحرية، يوم التحرير هو يوم التخلص من الذهنية الرجعية السلطوية  الراديكالية السوداء، هذا اليوم يعتبر يوماً عظيم في تاريخ سوريا عموماً، وهو يوم جميع الأحرار  السوريين والعالم، نتذكر دماء الشهداء تلك الدماء التي انتجت هذا الانتصار.

من دون شك نحن نعتز بالإرث التاريخي والحضاري المشترك الذي يجمع كل الشعوب ( من كردٍ وعربٍ وسريان وآشوريين وشركس)، وهذا الإرث أي أرث الانتصار لم يأتِ من فراغ، بل من التضحيات التي قًدِّمَت في سبيل تحرير منبج وبنائها.

بهذا الانتصار برهننا للعالم بأن إرادة الشعب في شمال سوريا لن تُهزم أمام أية قِوى ظلامية تستهدف أمن واستقرار وهوية مجتمعنا، فمنبج وما بين جَنَبَاتِها من تاريخ عريق أدرك أبنائها اليوم وخاصة بعد أن اكتشفوا حقيقة داعش وحقيقة الاحتلال التركي الذي هَجَّر أهلنا في عفرين ومارس كل الانتهاكات والجرائم  بأن الحرية والديمقراطية هي السبيل للبناء والازدهار.

اليوم هناك صحوة فكرية حقيقية بين ابناء منبج هذه الصحوة هي التي ستمكنها من الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بالدم، بالطبع نعوِّل على النخب الفكرية والتكنوقراطية  وعلى أبناء منبج المعروفة بمثقفيها و أدبائها، وعلى كل من فيه خير لهذه البلاد وللمجتمع لبناء المدينة وتطويرها والحفاظ عليها.

 أما بالنسبة للإدارة المدنية الديمقراطية فهي منبثقة من الشعب في منبج ونحن لا نلتمس شرعية من أي طرف، شرعيتنا  نستمدها من إرادة شعبنا أبناء مدينة منبج.

حقيقة هناك فرق شاسع فلا يمكن مقارنة تلك الحقبة الظلامية التي عاشتها منبج خلال سيطرة تنظيم داعش بالمرحلة الراهنة التي تعيشها المدينة بعد التحرير،    فمن جهة يمكن القول بأن تنظيم داعش وفكره لا يمثلون الاسلام هم يحملون فكراً متطرفاً قائماً على القتل وتكفير الآخر، أما الاسلام الحقيقي والذي نمثله نحن بالفطرة  فهو كما الديانات السماوية والأعراف الانسانية مبنيٌ على المحبة والسلام بين جميع البشر، كما إن المجتمع العشائري الأصيل مبني على قيم الخير والعدالة لذا فإن الفكر الظلامي الذي يمثله داعش لا مكان له بين أبناء مجتمعنا، “الفرق كبير بين الظلام والنور أليس كذلك”؟. والجميع أدركوا ذلك، نحن قاتلنا داعش  التنظيم الإرهابي عوضاً عن العالم  أجمع والمجتمع الدولي يدرك ذلك، وكون الانتصار الذي كان يفتخر به داعش خلال فترة تمدده كان انتصاراً للإرهاب في العالم أجمع؛ فإن انتصارنا على داعش هو انتصار للعالم أجمع، فعندما تنطوي صفحة داعش في سوريا تتقلص نفوذه وإجرامه على مستوى العالم أجمع، لذا فالواجب الذي يقع على عتقنا يقع على عاتق العالم أجمع؛ علماً بأننا في شمال سوريا قاتلنا الإرهاب ووقفنا بوجهه في وقتٍ كان المجتمع الدولي صامتاً وفي سباتٍ تام.

حقيقة نتمنى من شعبنا أن يدركوا حقيقة انتصارهم العظيم هذا، فنحن لم نقاتل من أجل المناصب والمكاسب الشخصية أو الفئوية، ودماء أبنائنا سالت من أجل الحرية والحفاظ على القيم الانسانية، ودحر التنظيم الإرهابي والدفاع عن أرضنا وشعبنا، لذا على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي اليوم أن يكونوا في موقع مسؤوليتهم الإنسانية، وأن يعملوا من أجل وقف نزيف الدماء ليس في سوريا فقط بل في كل أماكن العالم التي تشهد صراعات وحروب.

 وبهذه المناسبة العظيمة نناشد السوريين  والمجتمع الدولي بأن يعملوا من أجل وقف الحرب في سوريا وأن يتجهوا نحو طاولة الحوار السوري – السوري من أجل حل الأزمة في سوريا بالوسائل السياسية والديمقراطية.

“العثمانية الاحتلالية ضليعة بشكلٍ مباشر في الأزمة السورية… والوقائع  تثبت بأن النظام التركي هو الوجه الثاني لداعش”

تركيا  تسعى لإعادة أمجاد السلطنة العثمانية، وهذا الإرث أي إرث الاحتلال يفتخرون به، وهم يحاولون اليوم تحقيق ما يحلمون به باحتلالهم لسوريا.

تركيا تزعم بأنها وريثة الخلافة الإسلامية وترأس العالم الاسلامي وتسعى بشتى الوسائل لأن تكون لها أذرع في جميع البلدان ينفذون أجنداتها وأطماعها التاريخية.

 أما إرثنا كأبناء سوريا هو إرث حسن الجوار وثقافتنا هي ثقافة التسامح والمحبة والأخلاق وهذا ما ورثناه عن أجدادنا، نحن نتعامل بهذه الثقافة وبهذا الإرث  مع جيراننا  الأتراك (الشعب التركي)، وليس مع حزب العدالة والتنمية ونظام أردوغان الذي يتبنى الإرث العثماني القائم على الاحتلال، فاحتلال النظام التركي لعفرين وممارسته لتغيير ديمغرافيا المنطقة دليل على ذلك، وهنا أود القول: ألم يدرك العالم حتى الآن التواطؤ الكبير بين النظام التركي وبين داعش؟.

أعتقد أن العالم كان شاهداً على الاجتماع الذي حدث بين الاستخبارات التركية وقيادات داعش في المركز الثقافي في مدينة منبج، وذلك عندما قام الأتراك بنقل ضريح السلطان سليمان شاه الذي مرَّ من  قلب المدينة إلى مكانٍ آخر…

 حديثنا عن الاحتلال التركي العثماني ليس مجرد كلام بل هناك دلائل ووثائق ووقائع حدثت في العديد من الأماكن السورية التي احتلها تركيا وداعش، وهنا أسأل أيضاً لماذا تُفرض أسماء عثمانية على الفصائل التي تحارب على الأرض السورية وهناك العشرات من الإثباتات التي تشير على إن العثمانية الاحتلالية ضليعة بشكلٍ مباشر في الأزمة السورية.

كذلك لا يمكن للعثمانيين ولأردوغان إخفاء المجازر التي ارتكبوها بحق الأرمن والكرد والعرب  والآشوريين علينا أن نقرأ التاريخ بحقيقته وليس كما يدعي ويزعم الاحتلال العثماني، بالطبع  نحن هنا لا ندعي على أحد لكن الوقائع  تثبت بأن النظام التركي هو الوجه الثاني لداعش الوجه الذي يحاول أن يخفيه، فباب ليلون ومعبر جرابلس، ومنافذ أخرى يشهدون على العلاقة والصلة التي تربط النظام التركي بداعش، ألا يعلم المنظمات الدولية بأن مَنْ مَدَّ وجلب غاز السارين إلى جبهة النصرة و المنظمات الإرهابية  هو النظام التركي؟.

 الحقيقة واضحة للجميع، شعبنا أدرك هذه الحقيقة  ولا يسعنا القول في هذه المناسبة وفي ختام هذا اللقاء إلا  أن نبارك هذا الانتصار على جميع أبناء شعبنا ونؤكد على إننا ماضون على درب شهدائنا.

زر الذهاب إلى الأعلى