حواراتمانشيت

الشيخ الإعلامي.. سعي دؤوب ومزيج ثقافي بامتياز

بمجرد النظر في ملامحه، تتراءى لك الطيبة، الحيوية والجدية التي تلوح في أفق شخصيته المرنة والسلسة في الوقت عينه. كلما نظرتَ في وجهه؛ وجدته بسيطاً يصبو إلى أهداف إنسانية، وفي محاولة لقراءته جلّ ما تراه هي رغبته الجامحة في خدمة شعبه التي تأتي ممزوجة بغيرة وطنية.

يرتدي عمامة وعباءة المعروفة بأنها ثياب يرتديها كبار السن ومن تجاوز الأربعين، في حين أن عنفوان شبابه يشده إلى ساحة المعركة. له تاريخ بطولي في ساحات المعارك، فهو المقاتل الذي انتشرت صوره على مواقع التواصل الاجتماعي وقد تقدم مجموعة مقاتلين في رتلين أو ثلاث يصلون وهو إمامهم.

شابٌ على اطلاع بمختلف العلوم، ويحظى بمحبة واحترام جميع مَن يعرفه، وقد التقينا في صحيفة الاتحاد الديمقراطي مع مثل هذا الشخص الذي (يشبه الزبدية الصيني، فمن أين تنقره يصدر لك صوتاً)، إنه الشيخ دوران الهاشمي يتحدث وبكل شفافية عن آرائه وأهدافه عبر هذا الحوار الذي نضعه في متناول أيديكم قراءنا الأعزاء:

– الشيخ دوران الهاشمي، كيف بدأ مسيرته بالعلوم الدينية؟ وهل هناك أي تأثير من البيئة التي ترعرع فيها عليه؟

– نعم، أنتمي لعائلة متدينة ومحافظة وذلك بحسب اعتقادي لسببين وهما:

* ارتباطها الوثيق بالعلم وكثرة العلماء وطلاب العلم فيها.

* النسب الشريف، حيث يتصل نسبنا بالإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ومنهما إلى رسول الله [ص].

من هنا تأثرت بهذا المسلك واتبعت طريق آبائي وأجدادي، حيث أكملت دراستي الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدارس الكونية ثم انتسبت للمعهد الخزنوي للعلوم الشرعية، ونتيجة لأوضاعي المادية الضعيفة لم أستطع دخول الجامعة أو الكلية لتحصيل الدراسات العليا والآن:

* أعمل كعضو في اتحاد علماء المسلمين بروج آفا.

* مدير قسمي الإعلام والعلاقات فيها.

* عضو مجلس الشورى لمقاطعة الجزيرة.

* مقدم برنامج الدين والمجتمع في فضائية روناهي TV.

* عضو الجمعية الثقافية للسادة الأشراف.

* عضو المجمع العالمي لأنساب آل البيت.

* ممثل الطريقة القادرية في قامشلو.

– دوران الهاشمي الوجه الشاب والشيخ والإعلامي كيف يوفق بين مسؤولياته المتعددة؟ وكيف سار في المنحى الديني خلافاً لأغلبية الشبان الطامحين للعمل في المجالات الاقتصادية والحقوقية وغيرها؟

في الحقيقة التوفيق بين هذه المسؤوليات ليس بالأمر السهل ولكن يتم ذلك بعد أن:

* نذرت جل وقتي ليله ونهاره.

* جل جهدي الفكري والجسدي.

* استخدمت معظم الطرق والوسائل المتاحة لإنجاح هذه المهام …

كانت عندي رغبة جامحة منذ الصغر في سلك طريق العلم الشرعي ومما زاد في إصراري بالمضي قدماً في هذا الطريق بالذات سببان وهما:

* تهرب معظم الناس منه لعدم قدرتهم على الانتصار على دوافع الشهوة في نفوسهم كالمال والجاه والسلطة والشهرة و..إلخ، فعلمت حينها أن الطريق الذي يرتاده القلة هو طريق وعرٌ وشاق لكنه يؤدي لنجاح وسعادة حقيقيين.

* كل عالم متخصص في مجال علمي معين، أما رجل الدين فيجب أن يكون متخصصاً في أغلب مجالات العلوم، لأن القرآن الكريم يحتوي على الجوانب الطبية والفلسفية والحقوقية النفسية والأخلاقية والصناعية والتجارية والزراعية وعلم المنطق والجولوجيا وغيرها، حتى يستطيع رجل الدين من قيادة الأمة ورعاية مصالحها المختلفة.

– حسب متابعتنا للشيخ دوران الهاشمي فإنه يتداول على صفحته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) منشورات عن المرأة والتربية وأخرى عن الدين والمذهبية، فما هو هدف الشيخ دوران من هذه المنشورات؟

– قال تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، باعتبار أن القرآن الكريم هو دستور الأمة لم يقتصر هذا الدستور على الجانب الاعتقادي أو التعبدي فقط، إنما كان دستوراً منظماً لجميع مجالات الحياة المختلفة لمراعاة مصلحة المجتمع وضمان حقوق الجميع فيه من عقيدة وفقه وأخلاق وزراعة وتجارة وصناعة وطب…الخ، وعندما تم جميع ذلك قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم)، لذا أحاول الاقتداء بالقرآن الكريم في طريقة منشوراتي التي تهتم بجميع جوانب الحياة.

– كيف ينظر الشيخ الهاشمي إلى مسألة المرأة وما دوافعه لمناصرتها؟

دينُ الإسلام أولى المرأة اهتماماً واسعاً جداً في القرآن الكريم وفي السيرة العملية للنبي (ص) وأحاديثه وخطبه ووصاياه وهي كثيرة وطويلة لا مجال لسردها هنا. المرأة عانت الكثيرَ في ظل السلطة الذكورية ما قبل الإسلام وبعد رحيل النبي محمد وخلفائه عاد الأمر كما كان سابقاً، واليوم نتيجةً لفكر وسياسة معينة، المرأة وجدت الطريق مهيّأ ومفتوحاً أمام حريتها، ولكن وللأسف يتم تطبيق هذه الحرية بشكل خاطئ حيث يلاحظ في الفترة الأخيرة تتوجه سياساتها نحو الانتقام من الجنس الذكري مما زاد فجوة الخلاف بين الجنسين في المجتمع، وإن بقي الأمر هكذا فلسوف يؤدي لتفككه وانحلال الكثير من أخلاقياته وقيمه ومبادئه. هنا كما يجب علينا محاربة الذهنية السلطوية الذكورية أيضاً يجب محاربة الذهنية السلطوية الأنثوية تجنباً للوقوع في نفس الفخ.

– اتحاد العلماء المسلمين مؤسسة دينية مدنية مستقلة، كيف لك أن تشرح لنا هذا؟ وما هدف هذه المؤسسة من توثيق وتطبيع علاقاتها مع مؤسسات دينية من أديان أخرى؟

اتحاد علماء المسلمين في روج آفا كانت هيئة تابعة للمجلس التنفيذي، وبعد مطالبتنا أصبحت مؤسسة مدنية غير حكومية وهي مؤسسة مستقلة بخطابها التجديدي تؤمن بالوسطية والاعتدال وتنبذ العنف بكافة أشكاله، قمنا بافتتاح مكتب ملتقى الأديان الذي يضم ثلاث أديان رئيسية في روج آفا <الإسلام، المسيحية والإيزيدية> وغيرها إن توفرت، بهدف توثيق أواصر الأخوة والمحبة والسلام والتعاون لأجل مجتمع متحضر ومستقبل أفضل، وهذا ما ترشدنا إليه الكتب السماوية وأحاديث الأنبياء عليهم السلام.

– من وجهة نظر الشيخ دوران هل السياسة منقطعة عن المجتمع؟ وهل تتنافى بدورها مع الدين؟

كل مجتمع ليس لديه رؤية سياسية معينة فهو إلى الزوال أقرب القرآن الكريم فيه جاء بالكثير من المفاهيم السياسية مثل حصة المؤلفة قلوبهم {وهم غير مسلمون} من الصدقات والنبي (ص) مارس الجانب السياسي مثل الحكمة في تعدد زوجاته والخلفاء الراشدين أيضاً مارسوا هذا الجانب. السياسة لا تتنافى مع الدين ولكن ضمن أخلاقيات معينة وبما يعود بالنفع على العباد والبلاد، لا السياسة التي نراها اليوم.

– ما قولك في الإسلام المطبق من قبل المجموعات الإرهابية أمثال داعش؟

– كل الفصائل المسلحة ابتداءً من بني أمية ومروراً ببني العباس والعثمانيين وانتهاءً بداعش وأخواتها تمارس ديناً مخلوطاً من:

* الإسلام الصحيح ولا يأخذون منه سوى الشعارات.

* الأحاديث المصطنعة المنسوبة للنبي (ص).

* اجتهادات بعض الصحابة وتفسيراتهم وكذلك بعض المجتهدين حتى لو كانت مجانبة للصواب.

* السياسة المبنية على مصالح الأسرة الحاكمة فقط.

– الشيخ الهاشمي كيف ينظر إلى مسألة هجمات تركيا على مناطق عفرين والشهباء؟ وهل لها الحق في ممارساتها هذه؟

عفرين منطقة محررة آمنة مطمئنة وهناك قوة مشكلة من جميع مكوناتها تدافع عنها ضد أي غازي أو محتل كما أنها لا تحتاج لمن يدافع عنها ولم تضر أو تؤذي أحداً من جيرانها، لذا لا يوجد سبب واحد يبيح للدولة التركية الغاشمة هذه الهجمات التي تتسبب في قتل النساء والشيوخ والأطفال وهدم المنازل وحرق المحاصيل ونسف دور العبادة، لا سياسياً ولا دينياً.

– قائمة العار التي طالبت قبل فترة بخروج القوات الكردية من عفرين لتحل محلها القوات التركية كيف تقيمونها سياسياً ودينياً؟

الرأي الأول والأخير من خلال مفهومي الدين والسياسة هو للشعب هو الذي يختار من يمثله ويدافع عنه وتعطيه شرعية ذلك أو لا والشعب في عفرين كان قراره واضحاً جلياً كالغرة في جبين الفرس والشمس في رابعة النهار أثناء المظاهرة المليونية التي تناقلتها معظم فضائيات العالم، وعلى هذا الأساس فالدولة التركية ظالمة آثمة في قرارها وكذلك كل من يساندها بالقول أو الفعل أو الرضى بذلك.

حاورته: سيدار رمو

زر الذهاب إلى الأعلى