حواراتمانشيت

الدرزي: الصراع في إدلب دولي وسيغير مسارات سياسية لدول كبرى

أجرت صحيفة الاتحاد الديمقراطي حواراً مقتضباً مع الكاتب والباحث السوري الدكتور أحمد الدرزي حول الصراع الدائر في محافظة إدلب وما يرافقه من نتائج تترتب على سياسة الأطراف المتصارعة سواء تركيا ومرتزقتها أو الدولة السورية، وعلى المسار السياسي للدول المتدخلة في سوريا والعلاقة بين هذا الصراع ومطلب أردوغان للدول الأوربية بدعمه في إنشاء مدينة في الشمال السوري وما يمكن أن تفضي إليه وخصوصاً بعد تصريحات أنجيلا ميركل بإمكانية دراسته والنظر فيه مروراً بالتدخل التركي في ليبيا والاشتباك العسكري والسياسي في هذه المنطقة، وهذا ما جاء في الحوار.

ـــ تركيا منذ تدخلها في الأزمة السورية كانت العنصر الأكثر سلبية في تعميق هذه الأزمة رغم أنها والمعارضة السورية الخارجية (الائتلاف) كانت تنادي بشعارات مثل تغيير النظام والديمقراطية …إلخ  ولكن المصالح التركية كانت أكبر من تلك المعارضة فباعت في أمكنة واشترت في أماكن أخرى في الميدان السوري إلى أن وصل الدور إلى إدلب.

*كيف تقرأ الصراع الدائر في إدلب اليوم؟؟ والعلاقة بين هذا الصراع والتدخل التركي في ليبيا؟.

من الواضح أن الصراع في إدلب ليس صراعاً محلياً بين نظام سياسي يحافظ على شرعيته الدولية وبين معارضة، بل تظهير للصراع الدولي والإقليمي في الأرض السورية، والذي يأخذ شكله الأخير فيما تبقى من مساحة للإرهابيين الذين تجمعوا من كل أنحاء الأرض في إدلب وعفرين ومناطق ما يسمى عملية درع الفرات، والاصطفاف واضح في معركة إدلب، فمن يستطيع حسم المعركة فيها سيكون قد كسب محطة من محطات الصراع الدولي في مناطق واسعة من العالم، وربما تكون من أهم المعارك الدولية لما فيها من نتائج قد تكون حاسمة لمسارات سياسية تتعلق بدول، فعلى المستوى الإقليمي، نجد أن الدولة السورية من أشد المصممين على تحرير إدلب، لما في ذلك من حسم لجملة من المسائل، تبدأ من تثبيت فكرة السيادة الكاملة على الأرض السورية، وما سيترك من ذلك من مفاعيل على العملية السياسية، ورسم المستقبل السياسي بعيداً عن الضغوطات التركية، وبالمقابل فإن تركيا ستدرك أن الطموحات بالتمدد نحو الجنوب قد انتهت، وهذا سيكون له الأثر الكبير على المستقبل السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا والولايات المتحدة، فكلاهما له حساباتها الخاصة، والأمر يعنيهما من حيث النتائج، وضمن هذه الحسابات الإقليمية والدولية يظهر الفعل الليبي كامتداد للفعل السوري، حيث تباينت المصالح بين كل الأطراف. واختلفت الحسابات مما انعكس على تفعيل وتسريع معركة إدلب.

ـــ من المعروف أن تركيا احتلت أجزاءً مهمة من شمال سوريا (رأس العين وتل ابيض)

وارتكبت الفظائع وجرائم حرب (موثقة لدى منظمات حقوق الانسان) بحجة إقامة منطقة آمنة لإنشاء مدينة جديدة للاجئين السوريين إلى تركيا لإعادتهم وتوطينهم في هذه المدينة او القرية في الشمال السوري

*ما قراءتك لصمت المعارضة الخارجية (الائتلاف) عن هذا التغيير الديمغرافي وانسلاخ أجزاء مهمة من سوريا لتصبح ولايات تركية في المستقبل؟

ما يتعلق بصمت المعارضة، وما يسمى بالائتلاف السوري، فهذا أمر متوقع باعتبار أن تركيا هي من جمعت هذه المعارضات بعناوين ليبرالية ديمقراطية في مؤتمر أنطاليا في عام ٢٠١٢ تحت قبة الإخوان المسلمين ومحرابهم، وهم لا يمتلكون من أمرهم شيئاً، والجميع يتبع بفاعليته للاستخبارات التركية، وهي ستكون أول المتحولين نحو المصالحة الداخلية عندما تدرك تركيا بأن مخاطر استمرار العداء لسوريا والحرب عليها سترتد سلباً عليها.

ــ في الآونة الأخيرة نلاحظ ازدياد وتيرة ضغوطات تركيا على الدول الأوربية لتقديم الدعم المالي لها لإنشاء مدينة أو قرية في الشمال السوري المحتل.

*بم تفسر تصريحات انجيلا ميركل حول إمكانية النظر في مطلب اردوغان لإقامة أو إنشاء مدينة في الشمال السوري وتقديم الدعم المالي له؟؟

الرئيس التركي يمتلك ورقة قوة ضاغطة على الاتحاد الأوروبي، وهي ورقة اللاجئين، بالإضافة للتهديدات المحتملة بخروج الاتحاد الأوروبي من المساهمة بالحل السياسي في سوريا، وما يعني ذلك من خروجه من كامل الشرق، وبالتالي انزياح هذا الشرق بشكل كامل للحلف الروسي الصيني الإيراني، وخاصةً أنه يدرك بأن الولايات المتحدة ستنسحب من هذه المنطقة ولو بعد سنوات، وما سيترك  ذلك من آثار بالمزيد من الضعف لأوروبا، وخاصة بعد الشرخ الكبير الناجم عن انسحاب بريطانيا، ولذلك فإن التعبير الأوروبي على لسان ميركل بدعم بناء مدينة في الشمال السوري للمهجرين ولو على حساب سكانه الكرد والعرب والكلدان والآشوريين، يأخذ بعدين، أولهما منح الرئيس التركي ورقة مهمة كنوع من الانصياع لتهديداته، ومن جهة ثانية هي ورقة ضغط على سوريا الدولة للقبول بحل سياسي يحفظ لها جملة من المصالح، وهذا يكشف زيف التحالفات والدعم للقوى الأُخرى، وأن الأولوية للمصالح والمبادئ.

زر الذهاب إلى الأعلى