تقاريرمانشيت

وحدة الصف الكردي.. الممكنات والعوائق، رؤى كردية 5

توحيد الجهود ووحدة الصف الكردي هي من أهم المبادئ التي ارتكزت عليها مبادرات التقارب التي أطلقتها الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، سواء مبادرة المؤتمر الوطني الكردستاني أو مبادرة الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، والأصل الذي لأجله تمت هذه المبادرات هي جمع كل الأطراف حول واحدية المعركة والعدو، وتهديف تحرك الجميع تحت إطار محكوم بالقيم الوطنية
منذ المبادرة الأخيرة التي أطلقها مظلوم كوباني، يبدو أن هناك عمل ممنهج لإعاقة تنفيذها، وتحقيق هدفها المباشر والأوضح في ترتيب البيت الكردي الداخلي وتوحيد صفوفه حول أهداف مشتركة.
إن الحفاظ على وحدة الصف وواحدية الهدف والمعركة، هو الغاية المقدسة التي ينبغي التعامل معها بمسؤولية. وما هو محزن ومؤسف، أن لا تتعامل الأطراف الأخرى مع هذه المبادرة كمن يهتم لواحدية هذا الصف أو أقله تقارب الجميع حول نقاط مشتركة والتي هي موجودة أصلاً، وأن المستفيد من هذا الوضع هو فقط العدو المتربص، والذي ينتظر اللحظة السانحة للسقوط والايغال في التشرذم ليعلن العدو الانتصار على الأنقاض بحصان طروادة الدخيل في الجسد الكردي.
ولأن وحدة الصف الكردي هو مطلب الشارع الكردي عموماً بنخبه الثقافية والسياسية وكذلك كل شرائحه الاجتماعية، كان لا بد لنا من اللجوء الى بعض الأصوات الثقافية والسياسية الجادة والمسؤولة لازاحة النقاب عن رؤاهم وتقييماتهم بهذا الصدد، لاسيما وأن الطرف الكردي الآخر اتخذ من ضفة العدو مركزاً استراتيجياً في مقابل تعامله التيكتيكي مع مبادرة مظلوم عبدي واستخدامها كأداة لابتزاز الائتلاف السوري “الجندي المخلص للعدو التركي”، للحصول على مكاسب شكلية ترضي غروره الخلبي. وفي سياق استطلاعنا لآراء بعض الأصوات الكردية في حلقته الخامسة كنا مع السؤال السابق والملح والذي ينبض في الشارع وتتداوله العقول ” هل وحدة الصف الكردي ضرورة ملحة ومطلب لدى الشارع الكردي حقاً؟ واذا كان كذلك ماهي المعوقات التي تحول دون تحقيقها؟.

عبد الكريم ساروخان: الإقدام على وحدة الصفوف سياسياً بدون قيود أو شروط
في هذا السياق أستطيع أن أؤكد أننا في حزب الإتحاد الديمقراطي لدينا فعاليات وأنشطة جماهيرية وشعبية، و نحن في إختلاط وتواصل دائمين مع المجتمع، و وحدة الصف الكردي هو مطلب الشعب بالإجماع دون انحياز أي طرف أو أي شخص أينما كان . هو مطلب جماهيري عام كون هذا المطلب يدخل في خدمة القضية الكوردية بالدرجة الأولى، ومن ثم يدخل في خدمة قضية الشعوب في شمال وشرقي سوريا، بالإضافة إلى إنها تدخل في خدمة الأزمة السورية بشكل عام.
لذا نحن كحزب الإتحاد الديمقراطي PYD و أنا شخصياً من مؤيدي هذه الخطوة أياً كان في هذه المرحلة بالذات، كون الشعب الكوردي يتعرض لمخطط ممنهج يهدف إلى إبادته، وهو يتعرض للتهجير القسري من مناطقه لا سيما في مناطق روجافا وشمال شرقي سوريا، والمناطق المحتلة تتعرض لتغير ديمغرافي، كل هذه الأمور تصبح إشكالية أمام الشعب الكردي و أمام القادة السياسيين أو الأحزاب السياسية عموماً.
هنا يظهر جلياً وقوف أو اصطفاف بعض الأحزاب الكردية إلى جانب الدولة التركية أو إلى جانب المعارضة التي تسمى بـ “الائتلاف السوري”، وهذا ما يؤدي إلى شرخ كبير في مجتمعنا ويكاد يشكل إشكالية لدى الرأي العام العالمي، وتمهد الطريق أمام قوى الهيمنة التي تحاول دائماً أن تستفرد ببعض الأحزاب الكردية كل على حدى، لهذا عندما نطالب بأن يكون هناك وحدة صف كردي لأن هذا من شأنه إغلاق الباب أمام كل محاولات القوى المهيمنة، أو محاولات الأعداء للسيطرة على هذه المناطق، وبالنتيجة فان وجود موقف سياسي موحد هو ما يعظم ويقوي من شأن الكردي.
وحدة الصف الكردي لا تعني وحدة حزبية، وذلك لوجود فروقات أيديولوجية، ونحن لا نطالب بوحدة أيديولوجية أو حزبية، فهناك اختلاف في وجهات النظرفي هذا السياق، إنما الوحدة التي نبتغيها هي وحدة المواقف أي وحدة سياسية في هذه المرحلة لتكوين مرجعية سياسية لرسم الخطوط العريضة للخطاب الكردي بغية تقديم قضية شعبنا على كل الاعتبارات الاخرى.
لذا نحن أيضا في هذا الجانب نعمل ونسعى دائماً لنكون الطرف الإيجابي في هذه المسألة، لتقريب وجهات النظر. شاهدتم قبل أيام كان هناك تصريح من المجلس الوطني الكردي بخصوص فتح مكاتبهم والتي لقت ترحيباً من جانبنا أيضاً ومن جانب الشارع الكردي هنا في روجافا، كونها تعتبر خطوة نحو اتجاه مغاير للتمحورات السابقة، خطوة نحو تشكيل موقف كردي واحد في هذه المرحلة العصيبة، ومن ثم تأتي الأمور الأخرى لاحقاً. ولكن الذي يشغل بال الكثيرين ونحن منهم، هو أن تترجم هذه الآراء وهذه المقترحات و القرارات لواقع عملي، وأن يكون فتح المكاتب في خدمة القضية الكردية بشكل عام، لا أن تكون شكلية، وأن يرافق اسئناف المجلس الوطني لعمله وفتح مكاتبه، فعاليات و نشاطات عامة، وأن تكون هناك مسيرات تضامنية من أجل الوحدة الوطنية، وأن ينتج عنها توحيداً للموقف السياسي فعلاً، وليس فقط ارضاء للشارع، و كأننا سنقول للشعب نحن فتحنا مكاتبنا ونطلب بالوحدة الكردية بدون السعي والتضحية من أجل ذلك والقفز فوق الصغائر. يجب أن تترجم كل هذه الأمور إلى الواقع العملي، لا سيما المبادرة الأخيرة التي كانت من قبل الجنرال مظلوم عبدي حول مبادرة الوحدة الوطنية الكردية .
وأستطيع أن أضيف على ذلك خطوات أخرى وهي أن الوحدة الكوردية في مناطق شمال سوريا أو روجافاي كردستان قد تكون مقدمة ونموذجاً للوحدة الكردستانية عموماً على مستوى الأجزاء الأربعة من كردستان، وتوحيد خطاب القوى الرئيسية الكوردستانية في موقف واحد، لأن الذي يستهدف الكرد في روج آفا يستهدف الكرد جميعاً في باشور كردستان وباكور كردستان و روجهلات كردستان.
برأي إن وجود خطاب كردي موحد يخولنا جميعاً للصمود والتصدي لهذه المخططات التي تستهدف وجود ومصير الشعب الكردي، وأظن بأن السقف الجامع لهذا التوجه هو المؤتمر الوطني الكردستاني (ك ن ك) الذي يحاول أن يعقد المؤتمر الكردستاني العام تشارك فيه جميع القوى السياسية.
ما أود الاشارة والتأكيد عليه في النهاية هو أن وحدة الخطاب الكردي ووحدة صفوفه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ أمتنا، هو مسألة جدية ومصيرية لرسم طموحات شعبنا في المئوية الجديدة، لكي لا نصطدم بجيل يلومنا على عدم فعل شيئ مسؤول لمستقبل شعبنا في حين كنا نستطيع ذلك، وعليه أقول أن هذه الوحدة مسؤولية قبل كل شيئ وليس مدعاة للتشاكي والتباكي والانتقادات اللابناءة، وأن تكون سلوكياتنا السياسية مدفوعة فقط بغاية العمل الجاد والفاعل الذي يكرس وحدة الخطاب خدمة لأجندة شعبنا وليس التبعية لأي أجندات أخرى. وهذه الجدية في الوحدة والتقارب تفرض علينا الاقدام عليها بدون قيود أو شروط فهي تحدد مصير شعبنا، وأن لا تكون الصغائر عائقاً أمام وحدتنا، وأنا أقصد بهذه التوجهات طرفي المعادلة في روج آفا اليوم، وكل الأطراف الفاعلة كردستانياً اليوم ومستقبلاً.
عبد الكريم ساروخان عضو المجلس العام والرئيس المشترك للمكتب التنظيمي لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD .


صلاح الدين بلال: مبادرة الجنرال مظلوم عبدي وقرار المجلس الوطني الكردي بفتح مكاتبه بادرة تستحق الدعم الشعبي الكبير.

الدعوة للتقارب الكردي تأتي في ظروف وأجواء متوترة وعاصفة بالمنطقة التي تشهد أوضاع غير مستقرة، وهشاشة في توافق الأطراف الدولية حول التفاهم على ادارة مناطق شمالي شرق الفرات خاصة وسوريا عامة، وفي ظل استمرار التدخل التركي عسكرياً عبر الميلشيات المسلحة باسم المعارضة السورية والتابعه له سياسياً من خلال الائتلاف السوري المعارض، الذي يتلقى الدعم والتوجهات من الحكومة التركية، و هذا التدخل يؤدي الى تغيير واقع المنطقة ديمغرافياً، وخلق بؤر من التوتر الدائم في المنطقة، ناهيك عن خنق التجربة الوليدة للادارة الذاتية كمشروع ديمقراطي استطاع أن يوحد مكونات المنطقة أمام مخاطر داعش وعبث المجموعات المسلحة المتطرفة والمنفلته، وحققت الادارة الذاتية و قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية نوعاً من الاستقرار والأمن لكل المكونات في المنطقة، وبعض المكتسبات للشعب الكردي الذي حرم من ممارستها لسنوات وعقود طويلة .
يعتبر الشارع الكردي وأغلب الطيف السياسي والجماهيري مطلب التقارب ووحدة الصف الكردي في هذه المرحلة مطلباً ملحاً وواجباً يجب ان تتوفر له بعض الشروط والتوافقات بين الطرفين الكرديين، وبرأيي تتجلى هذه التوافقات بـ:
1 ـ النأي بالاجندات الخارجية التي قد تعيق هذه التقارب لصالح المصالح القومية والوطنية المحلية وبمباركة ودعم القوى الكردستانية .
2 ـ وضع اسس لتعزيز وبناء الثقة، وجدولة برامج العمل المشتركة و التي تخدم المصالح الكردية والتعايش المشترك مع باقي المكونات السورية الاخرى، ودفع المؤسسات الادارية والتعليمية والصحية والانتاجية لتحسين أداء ومستوى الخدما.
3 ـ دعم الحوار بين الادارة الذاتية ( المشتركة ) والجانب الحكومي في دمشق برعاية ودعم روسي وامريكي للتفاهم حول اسس الشراكة والعلاقة بين المركز والاقليم دستورياً وسياسياً.
أعتقد، ويشاركني بذلك الكثير من المتابعين لهذا التقارب، في اعتبار الدعوة التي أطلقها الجنرال مظلوم عبدي، والخطوة التي أقدم عليها المجلس الوطني السوري بفتح مكاتبه وممارسته للحراك السياسي والمباركة من القيادات الكوردستانية، بادرة تستحق الدعم الشعبي الكبير من كافة الأطياف الجماهيرية والسياسية، وكل الأصدقاء والحلفاء في سوريا والعالم، و اعتبارها فرصة تاريخية قد لا تتكرر، وما هو مطلوب الآن، دعم التقارب والحوار الكوردي السوري الداخلي، والخروج بتوافقات، وبوثيقة مشتركة، والتوقيع عليها من خلال مؤتمر كوردستاني جامع وبحضور وبرقابة ومتابعة ومشاركة المستقلين والمنظمات والمراكز الفكرية والبحثية والهيئات التابعه للمجتمع المدني والمؤسسات الشعبية في سوريا .
صلاح الدين بلال باحث كردي ومدير مركز أسبار الشرق الأوسط للبحوث والدراسات ـ ألمانيا


ياسين حسين: يجب تعرية من تسبب في احتلال عفرين وسري كانية وكري سبي
وحدة الصف الكردي منذ الانشقاق الأول سنة 1965 في الحركة الكردية كانت الضرورة والأولوية ومازالت، ومازال كل طرف منشق حديثاً عن الحزب الأم يطالب بالوحدة وتوحيد صفوف الحركة الكردية.
واقع قائم في الحركة الكردية في سوريا منذ عقود من الزمن، حتى أصبح هذا الواقع مثار سخرية من كافة شرائح المجتمع الكردي، فهذا الانقسام كان السبب في عدم نيل الكرد لحقوقهم، ومعالجة هذا الواقع بعد كل هذا الانقسام بحاجة الى رؤى جديدة ونقد بناء للمسببات التي أدت الى هذا الواقع. فلا أحزاب المجلس الوطني الكردي ولا الأحزاب المنضوية في الاداراة الذاتية ولا الأحزاب الخارجة عن هذين الاطارين، لديهم رؤية موحدة عن كيفية توحيد هذا الصف الذي يهترئ يوماً بعد يوم وأمام أعين الجميع، والكل “الأحزاب” باتوا يتقبلون هذا الوضع، حتى أصبحت ظاهرة الأحزاب كموضة أو تجارة رابحة للبعض. هذه الظاهرة القبيحة التي ابتلي بها مجتمعنا الكردي في روج آفا بحاجة الى نقد من شريحة المثقفين والسياسيين والنشطاء لتعرية المستفيدين من هذا الانقسام. وتعرية من كان المسبب في احتلال عفرين وسرى كانيي، من كان السبب في نزوح مئات الآلاف من شعبنا من مناطقهم، وغربلة العشرات من هذه الاحزاب التي عكرت الجو العام الى حد النتانة.
واالانقسام الحاصل هو لخدمة اجندات اقليمية وهذه الأجندات باتت مكشوفة للجميع، حتى ان هذه الاجندات عملت بطريقة جعلت من وحدة الصف الكردي من المستحيلات راهناً، الا ان المحاولة قد تجدي نفعاً حتى وان أفضت تعرية ماتبقى من الحياء لدى البعض من أطراف هذه الحركة.
ياسين حسين كاتب كردي ـ السليمانية

زر الذهاب إلى الأعلى