المجتمعمانشيت

الدرجات النارية شتان ما بين مصدر الرزق وآلة الرعب

“الماطور قتَّال صاحبه” مثلٌ شعبي دارج في إشارة إلى أن كل دراجة نارية سوف تقتل راكبها عاجلاً أم آجلاً، لربما يكون هذا المثل صحيح لا أقول مئة بالمئة على الرغم من المشهد الذي يتراءى أمام الجميع ومن خلال هذه التفجيرات المتلاحقة في مناطق شمال وشرق سوريا آخرها في إقليم الجزيرة، أغلبها نفذت بواسطة الدرجات النارية ، ففي مقاطعة الحسكة ثلاث عمليات تفجيرية بالدراجات النارية المفخخة بالأسبوع المنصرم .

بهذا الصدد أعدت صحيفة الاتحاد الديمقراطي تقريراً تضمن فيه آراء بعض المواطنين.

لاجئ من مدينة دير الزور وصاحب دراجة نارية يقول للصحيفة:       

لجأ العديد من سكان شمال وشرق سوريا إلى استخدام الدرجات النارية واتخذوها وسيلة نقل لهم، لأسباب عدة وعلى حد تعبيره بأنها تحمل عنهم عناء النقل العمومي أمام الازدحام الكثيف الذي يعانيه مناطقنا لاسيما في الأسواق، وعند ذروة الظهيرة، وتابع: هي أقل تكلفة في الوقود أيضاً ولا ننسى الشيء الأهم الذي يدور في مخيلة أكثرية من يركبوا هذه الدراجات بأنها تساعدهم في اجتياز نقاط التفتيش بالإضافة إلى أن ثمنها يبدو زهيداً أمام ثمن السيارات والمركبات الأخرى، وأضاف قائلاً: أسكن في أطراف المدينة وأحتاج يومياً إلى أكثر من 500 ل.س ثمن الآجار حتى أصل مكان عملي، لذا كان الحل الوحيد لدي هو شراء دراجة نارية لقضاء حاجياتي، ونوه في حديثه قائلاً: أنا لا ألوم قوات الأمن الداخلي والأسايش حين يصدرون أمر حجز الدرجات النارية ولكن عليها أن تـأخذ الحالات الأخرى بعين الاعتبار فليس كل من امتطى دراجة نارية إرهابي.

عند دوار سينالكو في مدخل مقاطعة الحسكة التقت الصحيفة بصاحب دراجة نارية وهو من المكون العربي والذي ذكر في حديثه قائلاً: هذه الدراجة هي مصدر رزقي ورزق أولادي وتأمين متطلبات عائلتي، لجأت إلى شراء هذه الدراجة واتخذتها للعمل وخصصتها لخدمة توصيل الزبائن على خط المواصلات المحلية داخل مقاطعة الحسكة قبل هذه الأزمة التي تمر بها البلاد لانعدام فرص العمل، ومع مرور الوقت ازداد زبائني. وأضاف إن إقبال الكثير من أهالي المنطقة على هذه الوسيلة من المواصلات هو بسبب أجورها البسيطة التي تتلاءم مع ظرفهم المعيشية، حيث تبلغ تكلفة التنقل بالدراجة النارية من حي إلى آخر 200 ليرة سوري، على عكس التكسي التي تصل أجرتها من 500- 1000 ل.س للمسافة ذاتها، لذا فهي ملائمة للدخل اليومي للعامل العادي الذي لا يتجاوز 1500 ليرة، ولا يقتصر نطاق عملي على داخل المدينة فحسب، فهناك عمليات انتقال مستمرة بين البلدات والنواحي المحيطة بالمدينة ومن أجل ذلك أصبحت الدراجات النارية وخاصة في مقاطعة الحسكة بديل جيد عن التكسي خاصة لأصحاب الدخل المحدود، حيث خففت عليهم مشكلة المواصلات مع انتشار الدراجات النارية التي تعمل بالأجرة.

وتابع: لا يقتصر عمل الدراجات النارية على المواصلات فحسب، بل أصبح أصحابها يلبون طلبات الأهالي من الأسواق، الذين لا يرغبون في  قضائها بأنفسهم، فمثلاً بالنسبة لي: أقوم بتأمين طلبات بعض العائلات من الأسواق كـ الخضراوات والمواد الغذائية وغيرها، وذلك من خلال مكالمة صوتية، وأقوم بتوصيل الطلب مقابل مبلغ يراوح ما بين 200 و250 ليرة سورية، مشيراً إلى أنه يتلقى يومياً حوالي 7 طلبات للتوصيل المنزلي، ويبلغ مجمل ما يتقاضاه حوالي 1500 ليرة سورية هذا غير توصيل الركاب.

الجانب الآخر

لاقت ظاهرة الدراجات النارية التي تستخدم كوسيلة نقل بالأجرة في مناطق شمال وشرق سوريا رواجاً كبيراً بين الأهالي الذين أقبلوا عليها عوضاً من سيارات الأجرة “التاكسي”، وذلك بسبب تنقلها السريع داخل الأحياء السكنية والأزقة الضيقة، وهي أرخص بكثير من السرافيس الأخرى الأمر الذي اعتُبر حلًا لمشكلة زحمة السير، إضافة إلى الأجور المنخفضة، إلا أن لها مساوئ كثيرة، لا تنحصر فقط في الحوادث المرورية بل انتشرت ظاهرة التحرش بالفتيات وإزعاجهن ثم الفرار عبر هذه الدراجات، وكذلك ظاهرة السرقة بالخطف للمحافظ النسائية، ولكن الأهم من كل ذلك اتخاذ هذه الوسيلة أداة في عمليات التفجير التي اتخذتها المجموعات الارهابية في الآونة الأخيرة، إذ أن الانتحاريين من تنظيم داعش الإرهابي الذي دُحر في آخر معاقله على يد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، فخلاياه النائمة أخذت تنشط عبر انتحاريها الذين بدأوا يلجؤون في أغلب عملياتهم الانتحارية والتفجيرية إلى استخدام الدراجات النارية لتنفيذ مآربهم بعمليات تفجير واعتداءات ضد المدنيين لسهولة التنقل بها.

إذن؛ لا بد من الالتزام بما يصدره الجهات المسؤولة وقوات الأمن الداخلي الأسايش بحق أصحاب الدرجات النارية وإلزامهم برخصة السواقة ولوحات رقمية صادرة من الجهات المختصة؛ لضمان سلامة الأهالي وترشيدهم بمعايير السلامة والأمان، وقواعد المرور، ونشر الوعي بينهم، وزيادة الرقابة من قبل أولياء الأمور والجهات المعنية.

تقرير: بارين قامشلو   

زر الذهاب إلى الأعلى