مقالات

الحكومة التركية تهدد والديمقراطية تتمدد

مصطفى عبدو
لطالما حَذَّرنا تركيا من اللعب بالنار..
إن تركيا تهدد وهي ترتجف لأنها تدرك تماماً أن هناك من يستعد وهو بكامل الجهوزية القتالية إلى جانب الإرادة الصلبة، وهو بالرغم من كل الضغوطات والظروف الصعبة نجح في أن يعظم قدراته العسكرية والفكرية؛ الأمر الذي أوجب زيادة القلق التركي وزاد من تعزيز منعة الشعوب أمام تهديداته.
يهدف الأتراك اليوم إلى قمع إرادة الشعوب المتعايشة في الشمال السوري، وردعه عن خياراته في الحياة الحرة. وبات الهدف أكثر إلحاحاً بعد ظهور مؤشرات عزَّزت القلق لديهم من إمكانية إقامة نظام فيدرالي، في ضوء مواصلة الشعب الكردي والشعوب المتعايشة معه تحدي ومقاومة الإرهاب والسياسات التركية وغيرها من السياسات التي لم تعد تجدي نفعاً.
في هذا السياق على الدولة التركية أن تُدْرِكَ حجم التصميم الذي يتحلى به مكونات الشعب السوري وخاصة في جغرافية الشمال منه؛ في الصمود والمقاومة والتمسك بثوابته وأهدافه. وتأكيداً على ذلك فإن رسائل المسؤولين الأتراك المتنوعة، وإجراءاتهم المتعددة، تعكس حقيقة أن منسوب المخاوف التركية مما يختزنه الشعوب المتعايشة من إرادة وتصميم على المقاومة أكبر بكثير مما يحاولون الإيحاء به في وسائل إعلامهم وتقديراتهم إزاء إنهاء وجود قوات سوريا الديمقراطية في الشمال السوري.
في كل الأحوال، أثبت عدد من التجارب أن الكثير من المخططات والرهانات التركية كانت تعطي نتائج معاكسة لحقيقة أهدافها في اختبار الواقع، عندما كانت تصطدم بإرادة صمود صلبة وعزم راسخ على مواصلة الطريق. وهو ما يدفع إلى التساؤل عمّا سيكون عليه موقف الأتراك عندما يتحول كل عمل عدائي إلى عامل استنهاض لمكونات الشعوب السورية، وإلى شعلة تُزخِّم إرادته. وفي هذه الحالة، يُتوقع أن تنقلب معادلة الرادع والمردوع على عكس ما كانت تخطط له الدولة التركية.
وفي حال استمرت تركيا في سياساتها التصعيدية سنبقى دوماً على أهبة الاستعداد والجهوزية التامة للقيام بواجبنا في حماية شعبنا والدفاع عنه، وكسر هيبة العثمانيين ومعادلاتهم.
وليعلم الأتراك وغيرهم أن الظروف تغيرت، وموازين القوى تبدلت، وشعوب شمال سوريا لم يعودوا كما كانوا، فالإمكانيات تضاعفت. وإن اندلعت هذه الحرب، فإن تركيا ستكون كمن يلعب بالنار، لأنه ليس بمقدورها مواجهة مثل هذا الحرب، ولا نريد التذكير بما جرى من انهيار على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي خلال محاولتها لجم المقاومة الشعبية في داخلها، ما جرى كان صعباً عليها، وما سيجري سيكون أصعب بكثير. وإذا كان قادة تركيا يستخفون بقدرات أبطالنا، ويستخفون بالرأي العام الدولي، فإن أي حرب سوف تأتي، ستجعلهم يقرون ويعترفون بأخطاء قادتهم، بأن أردوغان جر الجيش التركي إلى الهاوية.
وليتذكر الأتراك أن تهديداتهم وإعلانهم الحرب لا تخيف قواتنا المتهيأة والجاهزة لحماية شعوب المنطقة. خاصة وأننا بدأنا نوعاً جديداً من المقاومة، والذي يمكنه أن يفتك بالأحلام التركية، ويفقد الجيش التركي شعبيته وجبروته.
نعيد إلى الأذهان أن “معادلة الشعب والمقاومة أقوى وأصلب من أن تهتز بمتغيرات إقليمية أو ضغوط تركية أو حتى دولية لأنها معادلة كتبناها وثبتناها بالدم”.

زر الذهاب إلى الأعلى