مانشيتمقالات

الاستدارة التركية نحو مصر، الهدف والغاية

محمد ايبش ــ

لابد من الإشارة إلى العلاقات التركية المصرية والمراحل التي مرَّت بها منذ البدء بالمؤامرة الدولية التي استهدفت قضية الشعب الكردي في شخص القائد اوجلان والدور السلبي الذي لعبه الرئيس المصري “محمد حسني مبارك” في هذه المسألة، ولكن كان هدف الغرب من إعطاء الدور لمصر، في إخراج القائد من سوريا آنذاك، هو إيهام القيادة المصرية بأنها شريك أساسي لهم في المنطقة، أي الدول التي خططت ونفذت المهمة، وبالتالي استطاعت هذه الدول تدجين النظام المصري لصالح مشروعهم الجديد، ما يسمى الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، ولكن وبعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا، أوهم الغرب بنظامه تحت مسمى الإسلام المعتدل وطرح نموذجه ليكون بديلاً عن الأنظمة القومية في منطقة الشرق الأوسط، واستمرت العلاقات المصرية التركية لحين البدء بثورات ما يسمى بالربيع العربي والتي بدأت في تونس ثم مصر فليبيا وصولاً إلى سوريا، وبعد عام من حكم الاخوان في مصر، زاد التدخل التركي في الشأن المصري الداخلي في عهد الرئيس محمد مرسي والذي حاول أخونة جميع مؤسسات الدولة بما فيها الجيش، وهذه الخطوات باتت تشكل خطراً جدياً على أمن إسرائيل.

وتحسباً لأن يتشكل نظام ذو صبغة دينية على غرار إيران، ولكن بطابع سني، دفعوا بالقيادة العسكرية للانقلاب على حكم الاخوان المسلمين وعلى رأسهم المشير عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع   بهذه المهمة، ومن حينها تدهورت العلاقات بين الرئيس التركي والقيادة المصرية، ولقد قام أردوغان بإيواء قيادة الاخوان المسلمين، وفتَحَ لهم المكاتب، وبدأ الإعلام التركي الهجوم على السياسات المصرية، ولم يكتفِ أردوغان بذلك، بل قدم الدعم لإثيوبيا بخصوص سد النهضة، ولكن مصر كانت مُصرَّة بأن تعيد علاقاتها مع محيطها العربي؛ مدركة خطر السياسة التركية والإيرانية في المنطقة عبر البوابتين العراقية والليبية.

وباعتبار ليبيا الدولة الجارة لمصر وفي حال زيادة النفوذ التركي في ليبيا وأصبحت حكومة السراج إحدى أجندات النظام التركي في الشمال الأفريقي، فقد باتت من أولويات مصر دعم جماعة “حفتر”، والسبب الأهم في ذلك؛ هو سعي اردوغان ليكون له موطئ قدم في الشراكة مع دول شرق المتوسط (مصر إسرائيل واليونان وقبرص).

إلا أن أحداث غزة واتخاذ أردوغان، موقفه الشكلي الظاهري المساند لحماس والفعلي والحقيقي مساند لإسرائيل، توهم بأنه سيتمكن من لعب دور الوساطة في موضوع تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس بحكم علاقاته بالطرفين، لكن إسرائيل وأمريكا رفضتا إعطاء هذا الدور له باعتبار اردوغان غير قادر أن يكون وسيطاً نزيهاً نظراً لمعرفة توجهاته واسلوبه البراغماتي الذي يحاول استغلال الحالة لمصلحة تركيا، وبالتالي لم يبقَ أمامه سوى البوابة المصرية لإصلاح ما تصدَّعَ في علاقاته مع العالم العربي، عسى ولعل أن يقنع القيادة المصرية بأن تلعب دوراً في الملف السوري في سبيل أن يعيد العلاقات مع النظام السوري، وبالتالي قد يصل لهدفه بضرب تجربة الإدارة الذاتية في اقليم شمال شرق سوريا من خلال ما تم الاتفاق عليه في أستانا.

لذلك يجب على الإدارة الذاتية أن تقترب من الأحداث من زاوية إمكانية حدوث أي احتمال؛ لأن الدول لا تهمها مصلحة الشعوب، بل تبحث عن مصالح الفئة الحاكمة؛ سواء كان أردوغان أو غيره من رؤساء المنطقة؛ لأنهم يضعون المصالح الاقتصادية في المرتبة الأولى.

زر الذهاب إلى الأعلى