المجتمعمانشيت

الإنسانيّة تُذبح على أسوار عفرين

سقطت الأقنعة وظهرت الوجوه الحقيقيّة للجّميع, وعرفنا العدوّ من الصّديق, فبعد استئصال الإرهاب من شمال سوريا, والقضاء على دولة الخلافة (داعش), جنّ جنون خليفة الإرهاب الحقيقيُّ (أردوغان), فقد أيقظته صرخات الإرهابيّين بفعل ضربات أبناء الشّمس والنّار من أحلامه, هذه الضّربات نَسَفَت كلّ الأحلام الّتي بناها من أجل إعادة إحياء دولة أجداده العثمانيّين, فجمع ممن تبقّى من داعش والنّصرة وشذَّاذ الآفاق والخونة, وأخذ الدّعم اللازم من الدّول الّتي تخشى على نفسها من رياح الدّيمقراطيّة, وهاجم أرض السّلام عفرين مستخدماً كل أنواع الأسلحة, ومدمّراً كلّ شيء, التّاريخ والطّبيعة والقرى والحجر والبشر, وحتّى الحيوانات لم تسلم من جنونه, ولكنّه اصطدم بإرادةٍ أقوى من الفولاذ, إرادة الحقّ والمقاومة, وحربه أوشكت على الدّخول في الشّهر الثالث ومازال المجتمع الدّولي صامتاً.

الإنسانيّة تُذبح في عفرين, والطّفولة اُغتيلت في عفرين, والضّمير العالميّ وأدته الحكومات الاستبداديّة في حفرةٍ عميقةٍ وطمرته الأموال والمصالح ومصادر الطّاقة, لم تطمره بالتّراب, فالتّراب غالٍ جداً, لذلك تسقيه الشّعوب الحرّة بدماء أبنائها.

وفي ظلّ هذه الإبادة الّتي يمارسها الاحتلال التّركي ومرتزقته بحقّ شعب عفرين, ارتأت صحيفة الاتّحاد الدّيمقراطي أخذ آراء بعضٍ من فئات الشّعب بخصوص هذه الحرب على الشّمال السّوري.

 سنحافظ على عفرين بمقاومة أبنائنا وبناتنا

في الثّاني عشر من آذار وأثناء استذكار أهالي مقاطعة قامشلو لانتفاضة 2004 التقت مراسلتنا مع (نافية أسعد) رئيسة مجلس عدالة المرأة الّتي تحدّثت عن الهجوم اللاإنساني للاحتلال التّركي ومرتزقته على إقليم عفرين قائلة:

هناك أكثر من مليون مدنيّ محاصر في عفرين, والعدوّ التّركي يتجاهل هذه الحقيقة ويقصفهم على أنّهم مقاتلون, وعلى مرأى ومسمع حاملي شعارات حقوق الإنسان والمتشدّقون بالدّيمقراطيّة في العالم, ودون أن يصدر عنهم حتّى استنكارٌ أو إدانة خجولةٌ, نحن لا نعوّل عليهم لأنّهم شركاء أردوغان في حرب الإبادة على عفرين, فهم يرون أنّ الطّيران المجرم لا يغيب عن سمائها مدمّراً كلّ شيء, وهم يشيحون بوجوههم عن مناظر أشلاء الأطفال والنّساء, والبيوت المدمّرة والمنهوبة, السكوت عن هذه الجرائم أثبت أنّ أوروبا والمجتمع الدّولي شركاء لأردوغان في عداوتنا.

ألا يرون المدنيّين المحاصرين في عفرين, وقذائف الدّبابات الّتي تضربهم وصواريخ الطّائرات كيف تقصفهم؟

ألم يتبيّن للعالم أن حرب أردوغان على عفرين هي حرب إبادة؟

نحن شعبٌ نطالب بحقوقنا ولم نعتدِ على أحد ولم نحتلّ أرض أحد, نحن ندافع عن أرضنا, ونحن أصحاب الإنسانيّة وحقوق الإنسان, ونتعايش بأخوَّة مع باقي المكوّنات في الشّمال السّوري, وأردوغان هو عدوّ الإنسانيّة وهو راع الإرهاب العالمي.

واختتمت أسعد كلامها بالقول: “سنحافظ على عفرين بمقاومة أبنائنا وبناتنا, وما دمنا كشعوب شمال سوريا متكاتفين ومتآخين, لن يقدر أحدٌ أن يسلبنا أرضنا وحقّنا, وسندافع عن الإنسانيّة حتى آخر قطرةٍ من دمائنا”.

من كان صاحب حقٍّ ودافع عنه سينتصر حتماً

كما التقت مراسلتنا مع (الأمّ فيروز) أمٌ لشهيدتين من شهداء روج آفا, و كانت ضمن قافلة شعوب إقليم الجّزيرة لدعم عفرين, الّتي تحدّثت قائلةً:

كنّا ضمن القافلة الأولى الّتي ذهبت إلى عفرين للتّضامن مع أهلنا هناك, شَهِدْنا جرائم أردوغان في عفرين من قتلٍ للنّساء والأطفال والشّيوخ, وتدمير الجّوامع والمقابر والمدارس, إنّه يحارب المدنيّين بالطّائرات, فهو يعلم أنّه سيُهزم أمام إرادة مقاتلينا, لذلك استخدم كافّة أنواع الأسلحة الثّقيلة وحتّى المحرّمة دوليّاً, ورغم ذلك لم يستطع أن يهزمنا أو يكسر إرادتنا.

وتابعت الأمّ فيروز: وَجَدْنَا في عفرين شعباً مقاوماً بمعنويّاتٍ عاليةٍ كأنّهم أسودٌ لا يهابون الموت, وما دامت شعوب الشّمال السّوري تساند مقاومة العصر لن تُهزم عفرين.

واختتمت حديثها قائلةً: “نحن أمّهات الشّهداء سنصبح قنابل موقوتةً, ودماؤنا ليست أغلى من عفرين, وسندعم أمّهات شهداء عفرين, وسنستمر بقوافل الدّعم والمساندة لأهل عفرين, ونحن جاهزاتٌ لحمل السّلاح والدّفاع عن عفرين, فالأرض أرضنا والزّيتون زيتوننا, ومن كان صاحب حقٍّ ودافع عنه سينتصر حتماً”.

عفرين تدافع عن قيمنا ومن واجبنا الدفاع عنها

سونيا ابراهيم صحفية من كوباني وعلى أرض عفرين تقول:

إن عفرين تتعرض لهجمة بربرية يوجهها جيش الاحتلال التركي على المدنيين العزل، لذا كل شعوب الشمال السوري تعيش أزمة لما تعيشه عفرين من ظروف حرب همجية، عموم هذه الشعوب قلباً وقالباً مع عفرين.

اليوم عفرين تدافع عن قيمنا وقيم المقاومة، والمقاتلين والمقاتلات فيها يحاربون الإرهاب لأجل الحرية، ونحن أتينا إلى عفرين كي نؤكد للعالم أننا لن نتخلى عن عفرين، ولا بد للنصر من أن يكون حليفنا، فعفرين تحافظ على القيم الإنسانية من الهبوط والتدني لذا من واجبنا الدفاع عنها ومن واجب المجتمع الدولي أن يلتف حول المقاومة التي تبدى في عفرين لأن الخطر الذي تواجه عفرين الآن سيكون محدقاً بالمجتمع الدولي كله.

المقاومة توضح لنا صورة أن عفرين كانت وستبقى شامخة والصمت الدولي ليس إلا وصمة عار على جبين الإنسانية.

قواتنا في سوريا ستقف بالمرصاد ولن يصل أردوغان ومرتزقته إلى أهدافه وغاياته

بدورها تحدّثت فاطمة اسماعيل: الرئيسة المشتركة لكومين الشهيد غرزان في حي الكورنيش قائلة:

العدوان التّركي على عفرين ليس عدواناً على الشّعب الكردي فقط, بل هو عدوانٌ على كافّة شعوب الشّمال السّوري، فحزب العدالة والتنمية الإرهابي يرغب من خلاله إعادة أمجاد الدّولة العثمانيّة، ولكنّ هذا لن يتحقّق, فقوات سوريا الدّيمقراطيّة ستقف بالمرصاد في وجه هذا العدوان, ولن يحقّق أردوغان ومرتزقته أهدافهم وغاياتهم، والمطلوب منّا نحن كمكوّنات شمال سوريا أن نقف جنباً إلى جنب ونصبح يداً واحدةً ضدّ هذه الهمجيّة الشّرسة, كذلك نستنكر وبشدّة هذا الصّمت الدّولي حيال ما يجري في عفرين، ونحن واثقون جداً بأنّ شعبنا بفضل إرادته وتشبّثه بأرضه وإيمانه القوي سينتصر في النّهاية, والحقّ يعلو ولا يُعلى عليه.

إننا نحمِّل هذه المنظّمات المسؤولية كاملةً

سليمان أبا بكر عضو المجلس العام لـحزب الاتّحاد الدّيمقراطي PYD الّذي بدأ حديثه قائلاً:

رسالةٌ أودّ أن أوصلها إلى الرّأي العامّ العالمي حول المجازر التي تُرتكب بحقّ أهلنا في عفرين:

نحن نحمَّل المسؤولية بشكلٍ مباشرٍ إلى جميع المنظّمات الّتي تنادي بحقوق الإنسان, وهي تتحمل مسؤولية ما يجري حاليّاً في عفرين، شعبٌ أعزل يُقتل وجميع المنظّمات الدّولية تدّعي أنّها منظماتٌ حقوقيّةٌ تدافع عن حقوق الإنسان، فلماذا هذا الصّمت حيال ما يجري في عفرين؟

إنّنا نحمّل هذه المنظّمات المسؤولية كاملةً

لا نطلب سِلل غذائيّةٍ, بل نطلب إيقاف المجازر بحقّ شعبنا في عفرين.

وبدروه تحدّث سليمان أبو عيسى نائب هيئة الصحة في مقاطعة قامشلو لصحيفتنا قائلاً:

إنّ منظّمة الأمم المتّحدة هي المنظّمة الأمميّة الوحيدة المنتشرة في كلّ بقاع الأرض, لكن مع الأسف تقوم بواجباتها في كلّ مناطق الأرض ماعدا مناطق شمال سوريا وروج آفا, وقد تعرّضنا لكثيرٍ من المجازر والحصار والضّغوطات اللاإنسانيّة بحقّ شعبنا في الشّمال السّوري بكرده وعربه وسريانه وكلّ مكوناته, ولم تحرّك منظمة الأمم المتحدة ساكناً.

وتابع عيسى بقوله طبعاً مدينة عفرين هي مدينة تنتمي لكوكب الأرض, وهي ليست خارج نطاق هذا الكوكب, وتتعرّض لأبشع المجازر وتُقصف بكلّ أنواع الأسلحة حتّى المحرّمة دوليّاً, وعلى الرّغم من ذلك فالمنظّمات الّتي تدّعي دفاعها عن حقوق الإنسان بحياديّة لم تتّخذ موقفاً يليق باسمها أو بمكانتها بين الشّعوب, فأوّلاً عفرين ليست مدينةً تركيّةً, والقانون الدّولي يمنع أيّة دولةٍ من التّعدي على الدول الجّوار وتجاوز حدودها عسكرياً, وحتّى طائرة مدنيّةٌ لا يمكن لها أن تتجاوز حدود دولةٍ أخرى دون علمٍ مسبقٍ منها, أمّا الطيران التّركي فمنذ أكثر من خمسين يوماً تقصف مدينة عفرين وبكلّ أنواع الأسلحة, ومنظّمة الأمم المتّحدة الراعية لهذه القوانين لم تفعل أيّ شيءٍ حيال هذه المجازر بحقّ المدنيّين من أطفالٍ ونساءٍ وشيوخٍ.

هل الطّفل الّذي يبلغ من العمر السنتين إرهابي؟

أليس تجميع الإرهابيين من كلّ مناطق سوريا على حدود عفرين إرهاباً؟

ونقل الإرهابيين من كافّة المناطق السّورية إلى الشّمال لمحاصرة عفرين والاعتداء على شعبها أليست جريمةً؟

كلنا يعرف بأن عفرين كانت الحضن الحنون لكلّ المكوّنات السّوريّة ولأكثر من مليون نازح, وكل العالم يشهد على عظمة شعبنا في شمال سوريا من خلال ديمقراطيّته ودحره للإرهاب, وفي الّلحظة الّتي اقتربت فيها نهاية داعش, قام أردوغان بهجومه على مدينة عفرين لإنقاذ الدّواعش, ومع الأسف معظم دول العالم والمنظّمات الدّوليّة تغضّ النّظر عن إرهابه.

وتساءل عيسى: ألم تكن تركيا الراعية لكلّ اتفاقيات نقل إرهابيّي النّصرة من كافّة مناطق سوريا إلى إدلب و الباب وجرابلس وغيرها؟

هل النّصرة أصبحت فصيلاً معتدلاً وهي لا زالت مدرجةً على قوائم الإرهاب العالميّ؟

وأكمل عيسى: الرّسالة الّتي نودّ إيصالها إلى الأمم المتّحدة ومنظّمات حقوق الإنسان وكلّ المجتمع الدّولي هي:

أنّه يجب عليهم أن يقوموا بواجبهم الإنساني والأخلاقي تّجاه مدينة عفرين الّتي تذبح أمام أعين العالم وعلى أيدي النّصرة وما يُسمّى الجّيش الحرّ وبقية الفصائل الإرهابيّة مستبيحةً الدّم والأرض والعرض وكلّ شيء, والشّيء الّذي نطلبه من الأمم المتحدة أن لا يدعوا أطفالنا يُجرحون, نحن لا نطلب المساعدات وإنّما نطالب بإيقاف الغزو التّركي على المناطق الآمنة, ماذا ستفعل السلل الغذائية لطفل يقصف كل يوم بالطائرات والدبابات, نحن نطالب بإيقاف القصف والمجازر بحقّ شعبنا بعفرين.

يجب وضع حد لهذه المجازر

محمد محمود من سكّان قامشلو الّذي بدأ حديثه بالقول:

منذ أكثر من خمسين يوماً ومازال الهجوم مستمرّاً على عفرين، وكلّ المنظّمات العالميّة التابعة للأمم المتّحدة لديها علمٌ مسبقٌ بهذا الشيء، ولأنّها لم تتّخذ موقفاً مديناً لهذا الهجوم, ولم تقم بخطواتٍ لإيقاف هذه المجازر فنحن نعتبر هذه المنظّمات الدّوليّة وعلى رأسها الأمم المتّحدة والدّول المشاركة فيها تساهم في قتل شعبنا في عفرين, ومن هذا المنطلق يجب أن يتمّ وضع حدٍّ لهذه المجازر, وإلّا فإن دماء أطفال عفرين في رقابهم.

 جواهر علي- عضو لجنة الاقتصاد في مؤتمر ستار, والّتي وجّهت رسالةً إلى المنظّمات الإنسانيّة والحقوقيّة والأمم المتّحدة قائلةً:

نحن نعلم بأنّكم على درايةٍ تامة بالجّرائم الّتي تُرتكب في عفرين, فأنتم موجودون في سوريا وتتابعون الأحداث,  نناشدكم أن توقفوا القصف الجّوي على الشّعب المدني في عفرين, فالأطفال والنّساء والشّيوخ يُقتلون, وأردوغان يحاول إبادة شعبٍ بأكمله واستبداله بالإرهابيّين وشذّاذ الآفاق في محاولة منه للتغيير الديمغرافي في عفرين.

ومن ضمن فعّاليّات النّفير العام الّذي أطلقته قيادات وهيئات الشّمال السّوري من أجل عفرين, نُظّم اعتصام  أمام هيئة الأمم المتحدة (UN) في مقاطعة قامشلو, وبمشاركة مؤتمر ستار وحركة المجتمع الدّيمقراطي TEV-DEM وبعد الاستماع إلى الرسائل التي وجهها بعض المتواجدين تحت خيمة الاعتصام إلى الأمم المتّحدة بخصوص عفرين, تحدّث مسؤول مقرّ هيئة الأمم المتّحدة قائلاً:

إن منظمة الـ(UN) تُعنى بالشؤون الإنسانية، وفروعها موجودةٌ في معظم الأماكن, وهي تدين استهداف أيّ طفلٍ وأيّ امرأةٍ وأيّ مدنيٍّ في الحروب, ونحن ندين الجّرائم المرتكبة في عفرين, ونحن سمعنا كل ما قلتم وقرأنا رسالتكم ونتضامن معكم, وسنرسل رسالتكم هذه إلى دمشق لسفير الأمم المتحدة الموجود هناك, ومن دمشق سوف نرسلها إلى أعلى المستويات في الأمم المتّحدة, ومن ثمّ سيأتيكم الرد.

من خلال التّاريخ نجد أنّ الحقّ دائماً ينتصر في النّهاية, مهما عظُمت القوى الّتي تحاول طمسه, ففي كلّ الحروب نجد أن الإرادة الصّلبة والدّفاع عن الحقّ هما المنتصران وإن طال زمن الحرب, فستالينغراد وفيتنام مثالان واضحان على إرادة الشّعوب, وما دمنا ندافع عن أرضنا ونريد السّلام والحريّة لكلّ الشّعوب, وبنينا نظاماً ديمقراطيّاً يُعتبر الأكثر تطوّراً في الشّرق الأوسط فنحن على الطّريق الصّحيح, ورغم كلّ التّضحيات ورغم كلّ المصاعب, نحن واثقون أننا سننتصر في النّهاية.

تقرير: ميديا الحسين

زر الذهاب إلى الأعلى