المجتمع

الأزمة الاقتصادية في روج آفا بين المقصود والمفروض

qamslo-abori-%e2%80%ab29863818%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac

TOPSHOTS A Syrian fruit vendor waits for customers next to a damaged building on February 24, 2014 in the Shaar neighborhood of the northern city of Aleppo. More than 140,000 people are estimated to have been killed in Syria's nearly three-year war, and millions more have been forced to flee their homes. AFP PHOTO / MOHAMMED AL-KHATIEB

تصدير اكثر من 3 مليارات دولار محاصيل زراعية ايرانية

rojava-abori-%e2%80%ab29601673%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac rojava-abori-%e2%80%ab29601675%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%acسياسات القوى الإقليمية وتأجيجها للصراع داخل سوريا أثَّرَ على الوضع الاقتصادي في سوريا عامة وروج آفا على وجه الخصوص، ولأن الاقتصاد يشكل العصب الرئيسي لبقاء وقوة أي شعب فإن هذه النقطة تم استغلالها من قبل الجهات المعادية لثورة روج آفا، وذلك بفرضِ الحصارِ عليها من كافة الجهات، بغية خنقها اقتصادياً واجبارها على الاستسلام أو التنازل، لجعل مكونات مناطق روج آفا عامة والشعب الكردي خاصة لقمةً سائغةً في ساحة المراهنات الدولية، والتي أدت لحدوث أزمة اقتصادية في روج آفا وسط محاولات الإدارة الذاتية سد الفجوة التي حدثت جراء تلك السياسات، والحفاظ قدر الإمكان على البنى التحتية والاقتصاد المجتمعي.

أسباب الأزمة ونتائجها

أدت سياسة الحصار إلى النقص في أغلب المواد الغذائية الضرورية، حيث أن المعابر الحدودية وبالأخص معبر سيمالكا كان يعتبر المنفذ الرئيسي لدخول المواد الغذائية والطبية وغيرها إلى روج آفا بعد الحصار التي فُرِضَ عليها من قبل مرتزقة داعش. فكان إغلاق المعبر خطوةً سلبيةً ألقت بظلالها على المواطنين بشكلٍ مباشر، وأدت لظهور الاحتكارات والسوق السوداء وخاصةً في مدينة قامشلو، وفتح الطريق أمام تجار الأزمات للاستفادة من الوضع الراهن، فبدأت الأسعار ترتفع بشكلٍ جنوني، وما زاد الطين بلة ارتفاع أسعار الدولار مقابل الليرة السورية، وارتفاع أسعار كافة المواد عدّة أضعاف معها.

بينما يبلغ معدل دخل الفرد في روج آفا بين 50 و100 دولار شهرياً، فإنه مع ارتفاع الأسعار أصبح استهلاكه الشهري يفوق دخله ضعفين أو 3 أضعاف أحياناً.

وأصاب ارتفاع الأسعار بشكلٍ أكبر المواد الغذائية بشكلٍ عام والخضروات بشكلٍ خاص، وقد لعب الجفاف وقلة الأمطار في روج آفا بفتراتٍ محدودةٍ إلى انخفاض منسوب المياه السطحية والجوفية، وارتفاع أسعار المحروقات التي تدير مولدات المياه إلى تفاقم الأزمة في السنوات الأخيرة.

وخلالَ جولةٍ لجريدةِ الاتحاد الديمقراطي في أسواق مدينة قامشلو واستطلاع آراء بعض المواطنين بخصوص هذه الأزمة الاقتصادية تمكنا من أخذ هذه الآراء.

آراء المواطنين عن هذه الأزمة

قال المواطن نمرود محمد:” إنه وبعد إغلاق المعابر الحدودية بين روج آفا وباكور وباشور كردستان، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكلٍ هائل”، متسائلاً بالقول:” كيف لنا أن نعيش مع هذا الغلاء الفاحش، وهنالك أشخاصٌ لا يستطيعون أن يؤمنوا قوتهم اليومي، فكيف لهم مع هذا الغلاء؟”، كما أضاف عندما تغلق حكومة أردوغان المعابر وتفرض الحصار على روج آفا ندرك أنه عدوٌ لشعبنا، ولكن ما لا نفهمه لماذا تتبع حكومة باشور نفس السياسة بحقنا؟.

ومن جهةٍ أخرى قال المواطن سامي الحسن وهو بائع للخضروات في السوق المركزي بقامشلو:” بين عواقب السياسات المعادية لروج آفا، والحصار المفروض عليها، وارتفاع أسعار الدولار يقع المواطنون ضحية الأزمة الاقتصادية، ويتأملون أن تبادر حكومة باشور على الأقل بفتح المعابر وعدم تحميل الشعب أعباء سياساتهم، وعلاقاتهم مع تركيا وغيرها”.

ماذا فعلت الإدارة الذاتية للحفاظ على البنية التحتية والاقتصادية بروج آفا؟

منذ بداية الأزمة السورية يحاول الكرد في روج آفا حماية مناطقهم من انهيار البنية التحتية على عكس مناطق أخرى في سوريا، ووقفت بوجه الهجرة كي تحافظ على بنيتها التحتية التي تشكل العصب الرئيسي في استمرارية ثورة روج آفا هذه من جهة، ومن جهةٍ أخرى تحاول أن تعتمد على نظام كومينالي مجتمعي قوامه الاكتفاء الذاتي، وبناء جمعيات تشاركية تساهم في نمو الاقتصاد المحلي في المرحلة الانتقالية من إعلان مشروع فدرالية روج آفا – شمال سوريا.

ومن مبدأ الاقتصاد المجتمعي تعمل الإدارة الذاتية في روج آفا بالتعاون مع كافة المكونات الأخرى في المنطقة لإحياء هذا النمط الاقتصادي، و إدارة مناطقهم بأنفسهم بعيداً كل البعد عن سياسات النظام البعثي الذي لطالما نهب خيرات روج آفا لعقودٍ من الزمن دون أن يساهم في إنشاء أي مشاريع اقتصادية فيها بهدف فرض سياسات التجويع والتهجير بحق شعوبها.

ورغم نجاح روج آفا بحماية البنية التحتية لمناطقهم إلا أنهم لم يستطيعوا رفع مستوى الانتاج المحلي بشكله المطلوب، بسبب وجود عدة عوائق تمنع هذا النمو الاقتصادي، منها تعرض روج آفا لهجمات من قبل النظام، ومنها من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة المدعومة أو المصنوعة من قبل تركيا، بدءاً من جبهة النصرة في سري كانييه ووصولاً لداعش، التي لم تستطع أبداً كسر مقاومة روج آفا معنوياً، فاتجهت إلى فرضِ الحصارِ عليها ومنع وصول أي امدادات إليها من المناطق التابعة لها.

كما أن روج آفا لم تتمكن من الاعتماد على الاكتفاء الذاتي بشكلٍ كامل كون الاكتفاء الذاتي لعملية الانتاج والتصنيع من شأنها أن تحتاج إلى موارد الإنتاج المستوردة من الخارج، هذا ما وضع اقتصاد روج آفا في نطاقٍ ضيقٍ نوعاً ما، لعدم قدرته في الحصول على هذه الموارد كما ذكرناه سابقاً بسبب الحصار المفروض على روج آفا، وفي حال نجاح محاولة الحصول عليها فإن أسعار هذه الموارد ستكون بالعملات الأجنبية التي ارتفعت قيمتها مقابل الليرة السورية بشكلٍ يفوقُ الخيال. والتي تمثل العائق الآخر أمام رفع مستوى النمو الانتاجي في روج آفا، مما تسبب في ارتفاع أسعار الموارد المستوردة، ومنها ارتفاع تكاليف الانتاج ثم ارتفاع الأسعار، التي جعلتنا نتجه إلى التضخم دون أن نُدْرِكَ مدى خطورة الوضع.

وما يبين لنا أن انخفاض المستوى المعيشي في روج آفا قبل الثورة هو قصدٌ مقصودٌ من النظام، أما في فترة الإدارة الذاتية هو فرضٌ مفروضٌ عليها، كون الظروف التي تمر بها تفرض على الاقتصاد التراجع، ورغم ذلك تحاول الإدارة الذاتية خلق فرص العمل للمواطنين، وبناء الاقتصاد الكومينالي ووضع خطط لمشاريع استثمارية في المستقبل.

الموارد الاقتصادية لروج آفا

الموارد الاقتصادية لروج آفا هي النفط، والمحاصيل الزراعية (القمح، القطن، العدس، الشعير، الزيتون وغيرها). ويتواجد النفط بنسبة 90% في الجزيرة، ويشكل النفط المستخرج من روج آفا حوالي الـ 60% من مجموع نسب استخراجه من عموم سوريا، حيث يتواجد في الجزيرة وحدها 1300 بئر نفط، فضلاً عن تواجد 25 بئراً للغاز الطبيعي، ولكن بسبب الأزمة في سوريا أغلب هذه الآبار متوقفة عن العمل. وبحسب الخبراء فإن كمية النفط المستخرجة في حال عملت جميع آبار النفط تلك، تصل إلى 170 ألف برميل نفط يومياً، والذي يكفي لسد حاجة المنطقة منها.

كما تنتج مناطق الجزيرة وكوباني أغلب المحاصيل الزراعية من القمح، القطن، الشعير والعدس. وتصل مساحة الأراضي التي تزرع بالقمح في الجزيرة إلى 500 ألف هكتار. وبحسب الإحصاءات التي أجريت حتى الآن، فإن الجزيرة لوحدها تستقبل أغلب احتياجات مناطق روج آفا وسوريا من القمح والقطن والعدس.

فيما تعتمد عفرين على الزيتون ومنتجاتها كمحصول أساسي في الزراعة، وبحسب الدراسات السابقة فإن عدد أشجار الزيتون في عموم سوريا يصل إلى 70 مليون شجرة، منها ما يقارب الـ 20 مليون شجرة زيتون في عفرين. مما يعني أن 20% من أشجار الزيتون تملكها عفرين. كما انتشرت زراعة الزيتون في كوباني أيضاً خلال السنوات الأخيرة. وإلى جانب ذلك تنتشر زراعة الحمضيات في عفرين بشكل واسع أبرزها زراعة أشجار البرتقال والليمون والرمان.

ومن ناحيةٍ أخرى تعتمد روج آفا على تربية المواشي كمورد اقتصادي آخر وبالأخص في منطقتي الجزيرة وكوباني.

فـ روج آفا ورغم كل تلك السياسات المعادية والحصار المفروض عليها منذ عدة أعوام لم ترضخ لأحد، واستطاعت بإمكاناتها الذاتية ومشاريعها الاقتصادية الكومينالية الصغيرة المحافظة على اقتصادها من الانهيار التام، وذلك رغم استمرار الحرب والحصار، ومع توجه روج آفا وشمال سوريا نحو الفيدرالية الديمقراطية، وفي حال تطبيقها فإن ذلك سيساهم بشكلٍ كبيرٍ في إعادة تدوير عجلة الحياة الاقتصادية في روج آفا، لتتمكن من الاستفادة من كامل مواردها الاقتصادية الذاتية، وحينها سيكون من فَرَضَ الحصار هم بحاجة لفتح المعابر مع روج آفا وشمال سوريا وليس العكس.

زوزان إبراهيم

زر الذهاب إلى الأعلى