المجتمعمانشيت

أيادي العمال تبني مجتمعنا

العمل عبادة، وأقدس ما في حياة الإنسان، فهو كل ما يبذله الإنسان من جهد ذهني أو عضلي لقاء أجر، سواء أكان هذا العمل دائماً أو مؤقتاً أو عَرَضياً أو مَوسمياً، ويعتبر أداة الوصول إلى مجتمعٍ عادل على أساس التشاركية ينتفي فيه الاستغلال لجهد الإنسان، والعمل نقطة الانطلاق إلى تطوير المستوى المعيشي ومعالجة المشاكل الاقتصادية للمجتمع.

بطاقة تهنئة لكافة عمال العالم:

تحتفل كافة دول العالم سنوياَ في الواحد من أيار بـ(عيد العمال العالمي)، حيث يعطل العمال في هذا اليوم ويتوقفون عن ممارسة أعمالهم.

إلى كل مَن يعمل بجد ونشاط دون كلل أو ملل من أجله ومن أجل الأخرين؛ إلى كل مَن بذل جهداً في بناء منزل أو مدرسة أو مستوصف، لمن زرع شجرة إلى هؤلاء الكادحين من نجارين، بنَّائِين، حدادين، إلى كل من ناضل من أجل الثمان ساعات في اليوم، لكم كل الاحترام والتقدير وكل عام وجميع العمال بخير.

لماذا اختير الواحد من أيار عيداً للعمال؟ 
اختير الأول من أيار تخليداً لذكرى الشهداء من العمال والقيادات العمالية، التي دعت لتحديد ساعات العمل إلى ثمان ساعات يومياَ، وتحسين ظروف العمل.
أصل الحكاية:

يُعزى أصل هذا اليوم (عيد العمال) إلى الإضراب الكبير في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1886، أثناء تطور الولايات المتحدة، ودول أوربية عديدة في ذلك الوقت، وعلى إثرها تحولت الرأسمالية إلى الإمبريالية، واستمرّ الرأسماليون في زيادة وقت العمل وعدد ساعاته لتحفيز تطوّر الاقتصاد بسرعة شديدة وجمع الأموال لذا استغلّوا العمال بصورة قاسية جداً، حيث كان العامل يعمل من 14 إلى 16 ساعة كل يوم، وينال أجراً قليلاً، فيما أثار هذا الاضطهاد الشديد غضب كافة العمال، وأدركوا أن اتحادهم وكفاحهم ضد الرأسماليين من خلال الإضرابات هي الطريقة الوحيدة لنيل ظروف معيشية معقولة، وطرحوا شعار الإضراب، وهو “نظام العمل لثمان ساعات”.
ففي عام 1877، بدأ أول إضراب على المستوى الوطني في تاريخ أمريكا، ونظّم العمال مظاهرة كبيرة، واندفعوا إلى الشوارع، وطالبوا الحكومة بتحسين ظروف العمل والعيش، وتقصير دوام العمل إلى ثمان ساعات يومياً، فازداد عدد المتظاهرين والمضربين بسرعة في بضعة أيام ما جعل الحكومة الأمريكية ترضخ لمطالبهم تحت هذه الضغوط الكبيرة وتضع قانوناً لتحديد دوام العمل اليومي بالساعات المطروحة؛ غير أن الرأسماليين لم يلتزموا بهذا القانون أبداً بل واصلوا استغلالهم للعمال،
إلا أن استمرار الاضطرابات أدى إلى اجتماع ثمان نقابات كندية وأمريكية في شيكاغو الأمريكية، وقررت الدخول في إضراب شامل في الأول من أيار عام 1886، لأجل إجبار الرأسماليين على تطبيق قانون العمل لثمان ساعات، وبالفعل توقف في الأول من أيار 350,000 عامل عن العمل في أكثر من 20,000 مصنع أمريكي، وخرجوا إلى الشوارع في مظاهرة ضخمة، وشُلّت الحركة في هذه المصانع الكبيرة، وحاولت الحكومة قمع المظاهرة بالقوة إذ وصل عدد الإضرابات في هذا اليوم إلى نحو 5000 إضراب للمطالبة بألّا تزيد ساعات العمل عن ثمانِ ساعات.

الأمر الذي أشعل نيران كفاح العمال في أنحاء العالم، كما ودخل العمال في أوروبا والقارات الأخرى في إضرابات الواحدة تلو الأخرى، وبعد شهر اضطرّت الحكومة الأمريكية إلى تنفيذ قانون العمل لثمانِ ساعات بفعالية والاعتراف بحقوق العمال.

وبمناسبة يوم العمال العالمي؛ ألتقت صحيفة الاتحاد الديمقراطي مع أحد عمال مدينة قامشلو يوسف يعقوب الذي قال: “العمل الصادق ضروري لبناء مجتمع راق وأدعو إلى تمجيد قيمة العمال والعمل، فما من شيء أعظم من العمل، فالعمل ليس بحجمه وإنما بقيمته، فقد كان أنبياء الله ورسوله هم كما نعلم من أفضل خلق الله يعملون في مجالات عدة كالتجارة والزراعة والحدادة والرعي، وكانوا يعملون كغيرهم من البشر ليعيشوا من عَرَقِ جبينهم، وكما نعلم أن العمل هو لكسب الرزق ولتوفير متطلبات الحياة اليومية، وعليه يُعتبر التوكل مع العمل من أفضل العبادات ونحن كطبقة عاملة في روج آفا ورغم ما تمر به المنطقة من تقلبات سياسية واقتصادية إلا أننا حتى الآن لازلنا مستمرين في بناء هذا الوطن الذي يحتاج إلى جهد كل فرد منا لبنائه، وبقائنا فيه أكبر مقاومة والإصرار لبناء وطن حر أبيّ ليرتقي كغيره من الدول، بالرغم من أننا نعاني الكثير من الصعوبات في عملنا ومنها: احتكار التجار للمواد الأساسية في البناء وذلك بحجة ارتفاع الدولار أو صعوبة توفير المواد بسبب مشاكل الحدود والمعابر وسيطرة الجماعات المسلحة على المعابر بين الدول، وهذا ما يؤثر سلباَ على استمرارية العمل وعلى الطبقة العاملة والأهم هو ما تتعرض له طبقتنا العاملة إلى الآن فهو عدم وجود ضمانات لمستقبلنا في حال تعرضنا لإصابات أثناء العمل، وعدم وجود حوافز مالية تساعدنا على تأمين مستلزمات الحياة اليومية بشكل كافي، والتعرض للابتزاز من قبل رب العمل بسبب عدم وجود قوانين أو رادع لأصحاب العمل لمنعهم من ذلك, كما أن للعامل واجبات كالتقيد بالإخلاص للعمل من حيث النوعية والجودة ومنها الشعور بالمسؤولية الأخلاقية تجاه عمله مهما كان نوع العمل، وأن يتحلى بالصدق والأمانة والابتعاد عن الغش لأنه يعتبر خيانة في العمل.

واختتم يوسف يعقوب حديثه بالقول: العمال هم بناة المجتمع ولأهمية هذه الشريحة قد خُصص لهم يوماَ ليحتفلوا به على مستوى العالم، وذلك تقديراَ لجهودهم البناءة. والأول من أيار من كل عام عيد عالمي لهم، ويرجع ذلك إلى مسيرة في شيكاغو لمجموعة من العمال للمطالبة في رفع أجور العمل وتحديد ساعاته واستشهد في ذلك اليوم مجموعة من العمال ونتيجة لذلك بدأ العمال يحتفلون بهذا اليوم من كل عام.

كما والتقت مراسلتنا مع عابد علو الرئيس المشترك لهيئة الكادحين بمقاطعة قامشلو عن ما تقوم به هذه النقابة للعمال من خلال الدفاع عن حقوقهم المشروعة، وإيصال صوتهم إلى الجهات المعنية وذلك لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تواجههم، وجاء في حديثه: “في الحقيقة نريد في هذا اليوم إيصال صوتنا إلى جميع الكادحين والعاملين في العالم ونقول لهم: كل عام وأنتم بخير بالأخص عمال روج آفا هؤلاء العمال الذين بقوا صامدين على أرضهم وثبتوا رغم المعوقات والأوضاع الصعبة التي تمر بها منطقتنا، بالفعل هناك مقاومين وأبطال حقيقيون (العمال)، بالطبع جعلنا من مصطلح العمال مصطلحاً أوسع باعتبار أن أي شخص يقدم الجهد والتعب أدخلناه تحت مسمى “العامل”، فقد قمنا بتوسيع هذا المصطلح لنضع شريحة كبيرة من العاملين تحت هذا المسمى، كما إن طبيعة عملنا وما نقوم به هنا هو حماية حقوق هؤلاء العاملين، ونقوم بحل أي مشكلة يتعرصون لها باعتبار أن العمال هم الشريحة الأكبر في أي مجتمع كان، كونهم يعملون في مجالات عديدة لذا يواجهون الكثير من المشاكل وبدورنا نقوم بحل المشاكل القائمة بينهم وبين رب العمل، لأن الكثير من العمال تُسلب حقوقهم ويواجهون صعوبات جمة من ناحية المعاملة التي تُمارس بحقهم من قبل رب عملهم الذي ما زال ينظر إلى هؤلاء بنظرة دونية بالرغم من أنهم أساس المجتمع، فأصحاب العمل لم يكونوا ليتطورا في عملهم لولا هؤلاء الكادحين، علينا أن نضع جميع فئات المجتمع بنفس المستوى وألا ننظر إلى العمال بنظرة دونية ونعمل على تغيير هذه النظرة والذهنية تجاه العاملين وتخليص المجتمع من رواسب التفكير البيروقراطي.

وأكمل علو حديثه قائلاَ: نحن نعمل على حماية حقوق العاملين من جميع النواحي ومنها الناحية الصحية، حيث قمنا بطرح مشروع على الإدارة الذاتية كـ “مشروع أو ضمان صحي” لهم ليكونوا كأي مؤسسة من مؤسسات الدولة، ونعمل أيضاَ على تأمين أو ضمان للعاملين في حال تعرضهم لـ “إصابات عمل” وضمّه لمشروعنا وجعله قانوناَ يدخل في نظامنا الداخلي، ويمكننا القول بأن 90% من العاملين الذي يتعرضون لأي عائق خلال عملهم، وإن كان بشكل غير رسمي لكن الإدارة الذاتية لا تدير ظهرها لهم وهي التي تتكفل بهم؛ وخلال التجارب التي تابعناها فأن الإدارة الذاتية لم تقصر بحق أحد سواء أكانت البلدية أو شركات زاغروس أو في الأماكن التي يتواجد فيها العمال بشكل كبير ونشكرهم على جهودهم هذه.

ومن ناحية أخرى فالعاملين التابعين لنا على مستوى قامشلو كـ “السائقين”، نقوم بحماية حقوقهم وتأمين الوقود لمركباتهم عند الحاجة، ونعمل قدر الإمكان على حل جميع المشاكل التي تواجههم من كافة النواحي، لذا نعمل على حماية حقوقهم. ونحن كـ “لجنة الكادحين” نقف في وجه أي قرار يصدر بحق العاملين، عندما نرى أن ذلك القرار قد يأثر عليهم أو يعرضهم للضرر، مثلاَ القرار الذي صدر عن لجنة تحديد أسعار المواصلات وعُمِّمَ على جميع السائقين، فقد لقي هذا القرار عدم القبول لدى البعض وكان يعود بالمضرة لدى البعض الآخر، فتقدموا بالشكوى عن عدم رضاهم لهذا القرار، وبدورنا كـ “لجنة الكادحين” قمنا بإيصال صوتهم من خلال عقد اجتماع مع لجنة تحديد الأسعار والجهات المعنية، وذلك للوصول إلى صيغة وحل لتغيير أو تعديل لهذا القرار بما يناسب ويرضي جميع  الأطراف، وطرحنا وجهة نظرنا من خلال لجاننا الذين كانوا حاضرين، وتوصلنا إلى حل بوقف تنفيذ هذا القرار الذي لا يرضي السائقين، وهناك كثير من الأمثلة الأخرى.

واختتم علو حديثه: من ناحية الانتساب فليس بالأمر بالصعب، فقط يحتاج إلى ورقة من الكومين وصورتين شخصيتين وصورة عن الهوية ويقدمها لنا ونحن بدورنا نقوم بتعبئة استمارته ونأخذ زمرة دمه لأنه في حال أصابه شيء أو حالة إسعافيه وهو على رأس عمله تكون لدينا زمرة دمه والمعلومات الضرورية واللازمة عنه، فنقوم بعد ذلك بإعطائه هوية تابعة لـ “لجنة الكادحين في قامشلو” ويصبح بذلك عضواَ من أعضائها، ونحن سنقوم بحل أي مشكلة يمكن أن تواجهه.

وإلى الآن هناك الكثير من الأهالي لم يتعرفوا على عمل هذه النقابة باعتبار نحن في مرحلة جديدة، مرحلة التطوير والبناء، فلا نستطيع القول بأن جميع العاملين منتسبين للنقابة، لكن بابنا مفتوح للجميع سواء أكان منتسباَ أم لا، بعد ذلك نعرّفه على عمل النقابة وسنكون مستعدين لتقديم المساعدة له قدر الإمكان.

كلمة المحرر:

العامل هو كل شخص يؤدي عملاً لدى صاحب العمل لقاء أجر، ويكون العمل تحت إدارة وإشراف رب العمل، وهنالك من يعمل بشكل حر في مهنة أو حرفة ما، هل برأيكم هؤلاء العمال يحتاجون إلى الاحتفال بعيد العمال وتحديد يوم لتقدير جهودهم أم يحتاجون إلى إحياء مطالب جديدة تعيد لهم الكرامة والحرية وعدم الاستغلال ويستطيعون من خلال ذلك ضمان العيش الذي يتوافق مع متطلبات الحياة الراهنة بكافة أنحاء العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، وعمال سوريا تحديداَ هم الكادحون والقوى الأساسية والفعالة والمساهمة في الثورة قبل عسكرتها وذلك للمطالبة بالحرية والديمقراطية. فالعمال هم الذين تتصدر فعالياتهم أثناء الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية منها.

إعداد: حسينة عنتر- ميديا الحسين

زر الذهاب إلى الأعلى