الأخبارمانشيت

أم مقاتل آيسلندي تطالب بلادها باستعادة جثمان ابنها من الاحتلال التركي

أرسلت والدة (هاوكور هيلمارسون) إيفا هاوكسدوتير رسالةً مفتوحةً إلى حكومتي آيسلندا والمملكة المتحدة, تطالبهما “بمواجهة السّلطات التّركيّة لالتزاماتها تجاه الموتى.

وكان (هاوكور) في الرقة حيث ارتقى إلى رتبة قائد في كتيبة الحريّة الدّوليّة بعد المساعدة في هزيمة الدّولة الإسلاميّة من المنطقة، وانضمّ لاحقاً إلى القتال ضدّ هجوم القوّات التّركيّة على عفرين, المدينة السّوريّة الّتي شهدت خسائر فادحةً في الآونة الأخيرة, حيث سقط في المعركة في نهاية المطاف.

ومنذ ذلك الحين أُصيبت والدة وأصدقاء هاوكور بالإحباط الشديد بسبب عدم وجود استجابةٍ منسّقةٍ من الحكومات ذات الصّلة, ويشعرون بأنّ تلك الحكومات لم تفعل ما يكفي لمحاولة استعادة جثمان هاوكور وإعادته إلى آيسلندا.

وقد وجّهت إيفا الآن رسالةً مفتوحةً إلى حكومتي آيسلندا والمملكة المتحدة  ليس فقط فيما يتعلق بهاوكور, ولكن أيضاً بشأن الحكومة التّركيّة ونضال الشّعب الكردي, وإليكم الرسالة كاملةً:

رسالةٌ مفتوحةٌ إلى حكومات المملكة المتّحدة وآيسلندا

لا نعرف العدد الدّقيق للكرد الّذين فقدوا حياتهم في عفرين منذ أن أطلقت القوّات التّركية عمليّة غصن الزّيتون في يناير الماضي, لكن من الواضح أنّ عددهم مرتفعٌ, الآلاف من المقاتلين الكرد  قُتلوا أو جُرحوا, وقد قُتل أو جُرح المئات من المدنيّين ونزح الآلاف, في حين فرّ عددٌ كبيرٌ من العائلات الّتي دمّرت منازلها في عفرين, والعديد منهم أُجبروا على ترك منازلهم لإسكان النّازحين الآخرين والمضطهدين السّوريين من باقي مناطق سوريا, بينما بقي آخرون في عفرين محاولين التّحرك في ظروف قاتمة, أحد الأشياء الكثيرة الّتي تجعل حياتهم شاقّةً هي أنّ الجّثث ما زالت ملقاةً متحلّلةً في الحقول والمزارع, وهذا بالطّبع غير مقبولٍ لأسبابٍ صحيّةٍ, خاصّةً في مكانٍ كان فيه وصول المدنيين إلى المياه محدوداً عمداً (كما كان الحال في عفرين لعدّة أسابيع في أعقاب الاحتلال التّركي), وحيث لا يمكن للرّعاية الصّحيّة مواكبة احتياجات الآلاف من المصابين, إنّ عدم القدرة على دفن الموتى يجعل الأسر أكثر حزناً, وحتّى الأطفال الذين يواجهون الجّثث المتدهورة, ووفقاً للقانون الدّولي الإنساني (المادة 15 من اتفاقية جنيف لعام 1949) ومن أجل تحسين حالة الجّرحى والمرضى من المقاتلين في الميدان) ، وعلى أطراف النزاع واجب البحث عن القتلى, ومن الواضح أن السّلطات التّركيّة لم تف بعد بهذا الالتزام, علاوةً على ذلك وبما أنّه لم يُسمح للمنظّمات الإنسانيّة الدّوليّة بالوصول إلى المنطقة إلا بشكلٍ محدودٍ, إلا أنّ الصّليب الأحمر لم يتمكّن من البحث عن الجثث”.

الموقّعون على هذه الرسالة هم والدا اثنين من المتطوّعين الدّوليين, وهما (آنا كامبل) البريطانية و(هاوكور هيلمارسون) في أيسلندا الّلذين قُتلا في عفرين في وقتٍ سابقٍ من هذا العام, ولا يمكن استعادة جثّتيهما, وربّما لا يزالان ملقيّين في ساحة المعركة المعرّضة للكلاب والحيوانات الأخرى, وبما أنّ مثل هذا الوقت الطويل قد مر فمن المحتمل أن تكون اختبارات الحمض النّووي مطلوبةً لتحديد رفاتهما.

واحتوت الرّسالة أيضاً:

 لسنا العائلات الوحيدة خارج سوريا الّتي تنتظر العثور على جثث المقاتلين الأجانب الّذين قُتلوا في عفرين, نحن نعرف الآباء والأمهات في العديد من البلدان الّذين يواجهون نفس الألم, إن تخيّل جسد طفلك الميّت على الأرض أمرٌ سيءٌ بما فيه الكفاية, لكن بالإضافة إلى ذلك فإنّ القوّات التّركيّة وحلفائها في عفرين معروفةٌ بانتهاك القانون الدّولي فيما يتعلق بمعاملة جُثث الموتى, ووفقاً للقانون الدّولي العرفي يُعتبر سوء معاملة الجّثث جريمة حربٍ, ولتسمية اثنين من الأمثلة الصّارخة على مثل هذه الجرائم: في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 تمّ نشر مقطع فيديو يُظهر شاحنةً عسكريّةً تركيّةً تسحب جثّة مدنيٍّ كرديٍّ عبر الشوارع.

وتابعت: وفي البداية زعمت السّلطات أن الفيديو مزوّر, وفي وقتٍ لاحقٍ ذكروا أنّه من المحتمل أن تكون قنبلةٌ قد ألحقت هذا الضّرر بجسمه, وبصرف النّظر عن الحقيقة  فإنّ هذا النّوع من السّلوك هو بالتّأكيد غير معقولٍ ولا مقبول, وحتّى بالنسبة للجّسم الّذي يحمل قنبلةً. والحالة الأخرى أكثر بربريّةً, ففي الأول من شباط/ فبراير من هذا العام تمّت مشاركة شريط فيديو على وسائل التّواصل الاجتماعي يعرض جثّةً لمقاتلةٍ كرديّةٍ تدعى (بارين كوباني), ويُظهر الفيديو عدة جنود يتحدّثون ويضحكون وجثّة الفتاة مستلقيّةٌ على الأرض, ذراعٌ مفقودةٌ, وتمّ سحب سروالها  وفضح أجزائها الخاصّة, وتمّ سحب قميصها إلى أعلى, ولكنّنا لا نرى ثدييها لأنّه تمّ قطعهما, كما تمّ قطع قطعةٍ من بطنها, وواحدٌ من الجّنود يدوس جسدها, وينتمي هؤلاء المسلّحون إلى الجيش السّوري الحرّ الّذي كان يسيطر على المنطقة مع تنظيم الدّولة الإسلاميّة كعملاءٍ للحكومة التّركيّة, لقد فشل المجتمع الدّولي فشلاً ذريعاً تّجاه الشّعب الكردي, وأحد نتائج ذلك هو أن النّاس العاديّين في جميع أنحاء العالم قد انضمّوا بشجاعةٍ إلى المقاومة الكرديّة أملاً في وقف التّطهير العرقي والدّفاع عن المدنّيين من فظائع الجّهاديّين, ودعم الجّهود الرامية إلى إرساء الدّيمقراطيّة في الشّرق الأوسط, وجميع المهام الّتي ينبغي تنفيذها من خلال التّعاون الدّولي للدول, والعديد من هؤلاء المتطوّعين فقدوا حياتهم في الغزو التّركي غير الشّرعي لعفرين, لكن بالنّسبة للعديد من الحكومات الغربيّة لم يدفعهم حتّى موت مواطنيهم إلى إدانة هذا الاحتلال، وكانت الاستثناءات الملحوظة هي (أنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون), وأصدقاء وأسر العديد من المتطوّعين الدّوليين الّذين قتلتهم القوّات التّركيّة يعانون الآن من عذاب عدم معرفة ما إذا كانت جثث أحبّائهم قد دُفنت في مقابر جماعيّة أو ما زالت ترقد في العراء, إنّهم أكثر حزناً بسبب الأمثلة العديدة لإساءة معاملة القتلى من قبل القوّات الّتي تحكم المنطقة, وعلى الرّغم من إهمال السّلطات التّركيّة البحث عن القتلى وحماية الجُّثث, فإنّ حكومات معظم هذه الدّول الّتي سقطت لها مواطنون لم تّزعج نفسها حتّى أن تطلب من حكومة أردوغان ما إذا كانت قد أوفت بالتزامها بالبّحث عن القتلى, إنّ أصدقاء وعائلات الثّكالى مثل (آنا كامبل) من بريطانيا و(هاوكور هيلمارسون) من أيسلندا يطالبون حكومتيّ المملكة المتحدة وأيسلندا بمواجهة السّلطات التّركيّة بشأن التزاماتها تّجاه القتلى, ولماذا لم يتمّ منح الصّليب الأحمر حريّة وتأمين الوصول إلى عفرين حتى مايو ليتمّ العثور على الجثث, وإذا لم يتمّ الحصول على إجاباتٍ فوريّةٍ ودقيقةٍ، فعلى حكومتي البلدين استخدام  نفوذهما في حلف النّاتو والمجلس الأوروبي والأمم المتّحدة والضّغط على المجتمع الدّولي لدعوة تركيا للوفاء بالتزاماتها بموجب اتّفاقيات جنيف, والالتزام بالقانون الإنساني الدّولي, وهذا أقلّ ما يمكن القيام به من أجل مواطنيكم الّذين سقطوا, أي الأشخاص الّذين تحمّلوا المسؤولية عندما فشلتم  كقادةٍ وحكوماتٍ في حماية واحدةٍ من أكثر المناطق المضّطهدة على وجه الأرض.

ديرك كامبل

إيفا هوكسدوتير

المصدر: GRAPEVINE THE REYKJAVIK

زر الذهاب إلى الأعلى