المجتمع

أزمة المياه والحلول المرتقبة في فصل الصيف

ظهرت في السنوات الأخيرة أزمات تتعلق بحجم الثروات الطبيعية والتي بدأت تتناقص في بعض المناطق من العالم نتيجة التغيرات المناخية وسوء الاستخدام إضافة للعامل الأهم حالياً والمتمثل بمدى التوافق السياسي بين الدول المجاورة.

تركيا وأزمة المياه

وفي هذا الصدد بدأت تركيا في التحكم في منافذ المياه ومنابعها عن طريق السدود التي أنشأتها والتي تخالف القوانين والأعراف الدولية المعمولة بها وخصوصاً في ظل الأزمة الشديدة والخانقة والصراعات التي تشهدها كلاً من سوريا والعراق لتتحكم بهم عن طريق المياه إذا ما خالفوا سياساتها التوسعية المبنية على قضم الأراضي المجاورة وضمها إلى الأوهام العثمانية السابقة والمريضة ولإظهار نفسها بأنها تملك مقومات اقتصادية قوية مبنية على تحويل المياه إلى سلعة قابلة للتفاوض والبيع والشراء؛ فبدأت تتحكم في مقدرات وحصص الدول المجاورة وأصبحت هذه الدول تعاني من التصحر وتكاد تستنفد المقدرات الطبيعية لها بسبب هذا التحكم التركي الذي يعتبر من إحدى المرتكبة بحق دول الجوار.

بتحكم الأتراك بالسدود التي شيدتها على الأنهار تأزم الوضع أكثر في كل من العراق وسوريا، وتخفيض كميات المياه عن هذه الدول مرهون بتحقيق مسألة حسن الجوار، والذي يعني إغلاق الملفات الأمنية معها بشكل يرضي تركيا ويخلق في الوقت ذاته علاقات تجارية واسعة تجني منها الحكومة التركية الأرباح وتتحكم بفوائدها التي ستتجاوز أضعاف ما قد تحصل عليه من خلال مطالبتها بثمن المياه الإضافية من الدولتين.

هذه المسألة التي تشوبها أساساً ضبابية قانونية، والأمر الذي يقف بصدده الدول المعنية كثيراً، وتعارض الرؤية السياسية لتركيا مع دول الجوار في كثير من القضايا يطرح سؤالاً حول مدى قدرة الدول الثلاث على تحمل المزيد من النفقات التي تحددها وتسيطر عليها تركيا وتحريكها حسب مصلحتها، وتسعى هذه الدول لإيجاد لغة مشتركة للحد من هذه النفقات، والتي قد تنتقل من ملف المياه إلى أمور أخرى تهدد الأمن القومي أكثر وأكثر.

أزمة المياه المحلية

وخلال الأزمة السورية وبالرغم من كل هذه الضغوطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب كثيراً وأهمها مشكلة المياه والكهرباء التي تحولت إلى قضية اجتماعية ومشكلة يعاني منها الجميع وعلى وجه الخصوص في مناطق “شمال سوريا”.

حيث لجأ المواطنون في بعض المناطق لشراء المياه بأسعار عالية، وتزايدت معاناة الأهالي بسبب جشع أصحاب الصهاريج، وباتت صرخات المواطنين ترتفع مطالبة الجهات المعنية العمل على حل هذه المشكلة والحد من معاناتهم اليومية التي يعيشونها منذ سنوات خصوصاً في فصل الصيف الذي يتم تقليل المياه فيه بشكل كبير، وعدم تأمين الماء من قِبَل المراكز المعنية وتخفيف الصعوبات التي يعيشها المواطنون؛ لهذا رصدت صحيفة الاتحاد الديمقراطي آراء الذين يعانون من هذه المشكلة

تركيا خليل حجي ابراهيم: مواطنة من حي جودي “قناة سويس” بمدينة قامشلو

تحدثت عن الصعوبات التي تواجههم بسب قلة المياه في الحي حيث قالت:

تم قطع المياه عن الحي مدة 16 يوماً دون معرفة الأسباب ونعاني كثيراً من نقص المياه حيث نقوم بشراء المياه بأسعار عالية “سعر البرميل ونصف البرميل ب1500” ليرة، وكأننا نعيش عصر الإنسان البدائي نبحث عن الماء، وإذا ما استمرت هذه المشكلة ستنتشر الأمراض الجلدية لذا نتمنى من الجهات المعنية تفادي هذه المشكلة والعمل على تأمين المياه أو منح رخص لحفر الآبار لتأمين المياه للاحتياجات اليومية والحد من معاناة الأهالي.

أديبة العمر من أهالي حي العنترية

تحدثت عن المعاناة اليومية التي يعيشونها بسبب قلة المياه وقالت في هذا الصدد:

كيف لنا أن نعيش من غير ماء!!! ومن المعروف أن الماء وسيلة لتحقيق النظافة التي تعتبر عنوان الرقي والتحضر إلا أن الماء لا يزور بيوتنا سوى مرة أو مرتين في الأسبوع.

عماد محمد الجاسم: مقيم في شارع الوحدة

تحدث بدوره عن مشكلة المياه التي لا تفي الاحتياجات اليومية وقال: نعاني من قلة المياه حيث يتم قطع الماء يومياً عنا ما يقارب السبع ساعات وكوننا بحاجة ماسة للمياه نرجو من الجهات المعنية الوقوف على هذه المشكلة وحلها لأن المياه من الضروريات التي لا نستطيع العيش من دونها.

صليبا ابراهيم دوهم:

مواطن من سكان قامشلو يعاني مثل غيره من قلة المياه وقال بهذا الصدد:

إن المياه تنقطع في اليوم ما بين الساعة وأربع ساعات وأحياناً تنقطع يوماً كاملاً ولا نعرف الأسباب، وبسبب قدوم فصل الصيف نتمنى من مراكز المياه حل المشكلة، والحد من معاناة الشعب.

وبهذا الصدد قامت مراسلة صحيفة الاتحاد الديمقراطي بزيارة شركة المياه لإيصال معاناة الأهالي من نقص المياه، ولمعرفة أسباب هذه المشكلة والاجراءات التي يتم اتخاذها لتفادي هذه المشكلة والتقليل من معاناة الشعب وتوفير المياه وماهي الخطوة التي يتم اتخاذها في الوقت الراهن وبالأخص نحن مقبلون على فصل الصيف ومع قلة المياه سوف تظهر العديد من الأزمات التي تؤثر سلباً على المواطنين بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.

محمود محمود مسؤول عن قسم المحطات والآبار في إقليم الجزيرة قال:

العواصف المطرية والصواعق الرعدية في الآونة الأخيرة أثرت سلباً على الآبار بإتلاف وإعطاب العديد من لوحات الآبار مما سببت انقطاعات لحظية للمياه وأيضاً تسببت في تعطيل ستة غطاسات مما أدى إلى حدوث شح في المياه في بعض أحياء قامشلو، ونحن وبحكم عملنا المتعلق بصيانة اللوحات ضمن محطات المياه تم التكثيف من ورش الصيانة حيث تم تصليح أربعة آبار من أصل ستة وتم إدخال اللوحات التي أصابتها ماس كهربائي نتيجة الصواعق الرعدية إلى الخدمة مرة أخرى، حيث أكد بأن منطقة قناة السويس أكثر منطقة  تعاني من قلة المياه وهي منطقة تتغذى من ثلاث مناطق؛ قسم من خط سد السفَّان وقسم من بئر قناة السويس والأغلبية من محطة الهلالية حيث تبعد قناة السويس عن محطة الهلالية ستة كيلو مترات وفي ظل هذه الانقطاعات اللحظية وعدم استقرار الكهرباء تتأثر قناة السويس سلباً ولا تأخذ كفايتها من المياه ولهذا السبب نرى دائماً المناطق التي تقع في نهاية الشبكات هي مناطق عالية وهي التي تعاني دائماً من مشكلة المياه وذكر أيضاً بأنه هناك دراسة لمشروع في قناة السويس كونها بعيدة عن محطات المياه والمشروع هو حفر أربعة آبار إضافة إلى محطة ضخ المياه إلى الأحياء التي تعاني من قلة المياه لكن تم تأجيل المشروع كوننا دخلنا فصل الصيف، وحالياً نعمل على خطة بديلة للمشروع في المنطقة الشرقية التي تعاني دائماً من عدم وصول المياه إليها باعتبارها تقع في نهاية الشبكة حيث لدينا 12 بئر متوزع في المنطقة الشرقية؛ بئران من خط  الكهرباء المستثنى و10 آبار لا توجد فيها كهرباء مستثنية  تعمل ساعتين في اليوم كونها تعمل على مولدات الكهرباء، ونعمل في الوقت الراهن على إيصال الكهرباء المستثنى إلى 7 آبار من أصل 10 وهذا سوف يؤثر ايجاباً على المنطقة الشرقية وتغطية قسم كبير منها ومدها بالمياه.

أفين أحمد تعمل في قسم شبكات المياه:

بشكل عام يوجد نقص في المياه بسبب انخفاض منسوب المياه عن معدلاتها في فصل الصيف بسبب التبخر وبسبب الاستهلاك الزائد مما يسبب عدم وصول المياه لبعض الأحياء، والمنطقة الشرقية تعاني كثيراً من نقص المياه بسبب بُعدها عن المحطات المائية إلا أننا خططنا إنشاء محطة خاصة بالمنطقة الشرقية وهي عبارة عن مشروع ضخم ومكلف وتم تأجيله إلى الشهر العاشر لصعوبة تنفيذ هذا المشروع  لدخولنا فصل الصيف وبتنفيذه ستنقطع المياه لفترة طويلة وتزداد معاناة الشعب، وتم وضع خطة بديلة إلى وقت تنفيذ المشروع، وهي ضخ المياه من محطة الهلالية إلى المنطقة الشرقية حيث يوجد في محطة هلالية (53) بئر وهي محطة ضخمة وسيتم ضخ المياه بشكل دوري بين المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية لحل مشكلة المياه نوعاً ما  والحد من معاناة الشعب، وهناك مشاريع أخرى قيد الدراسة (مشروع كورنيش الجنوبي  والوسطى (مطحنة مانوك) ومنطقة قدوربك) هي مشاريع صغيرة وغير مكلفة وسيتم تنفيذها في وقت قريب، وهناك مناطق يوجد فيها آبار ولكن لا تتوفر الكهرباء لذلك عملنا على تأمين مولدات كهربائية لضخ المياه لفترات أطول.

بهار شيخموس :

نعمل في القسم الجيولوجي والوقوف على الآبار ومشاريع الآبار الارتوازية وإعطاء التراخيص ومنحها للمواطنين الذين يجب أن يحققوا شروطاً معينة ومنها: أن يكون البئر بعيداً عن شبكة المياه وبعيداً عن الآبار المغذية للمنطقة والحصول على موافقة الكومين والمجلس على حفر البئر وإثبات ملكية المنزل أو الأرض وتأكيد البلدية على أن هذا المنزل أو الأرض ضمن المخطط التنظيمي وإذا لم يكن ضمن المخطط يتم تحويلهم إلى الموارد المائية ويجب مشاركة 4 منازل في البئر؛ أما عن تكلفة الرخصة بعد توفير الشروط هي: 15 ألف لرخصة حفر للبئر المنزلي و7500 ليرة لتعزيل البئر؛ أما البئر التجاري فتكلفة الرخصة تبلغ 30 ألف وتعزيلها 15 ألف ونعمل على منح الترخيص إلى المواطنين الذين لا يوجد لديهم شبكة مياه.

وفي الختام :

مُشكلة نقص المياه أو أزمة المياه أو شحِّها أو ندرتها كلها مُصطلحاتٌ تدل وتوضح حالة الموارد المائية المتدهورة في بعض أحياء قامشلو وبالأخص المنطقة الشرقية، وتراجع أو ندرة المصادر المائيّة الصالحة للشُرب باتت مشكلة تلازم الأهالي بشكل يومي واعتيادي.

وتُعد مشكلة نقص المياه من المشاكل الخطيرة والجديّة التي يُعاني منها الكثير في معيشتهم اليومية بسبب حرمانهم للمياه لساعات طويلة أو لأيام، لذلِكَ لجأت الجهات المعنية إلى وضع حلول استراتيجية لها والعمل على الحد من هذهِ الظاهرة أو علاجها بشكلٍ جذري والتي تحولت إلى مأزق يومي يعاني منه الجميع، وتحولت إلى أزمة اجتماعية منتشرة في أحياء  قامشلو وتطرق باب كل منزل.

زر الذهاب إلى الأعلى