مانشيتمقالات

‏هل نحارب فرعون؟ لكن ما الذي عند الكرد حتى يسبب كلّ هذا الهلع العثماني؟

سيهانوك ديبو

الطغمة الحاكمة في تركيا؛ دولتها الدفينة؛ قسم من طبقة العسكرتارية وقسم من سياسييها؛ وقسم يسيّرهما سوية وأحياناً بشكل متناقض؛ متسقون أيّما اتساق مع أيديولوجيتها الفاشيّة. الفاشيّة التركية رمت كرتها هذه المرة أبعد من أفريقيا وشاطوها كي تصل قلب أوربا هذه المرة- التشيك؛ في توقيف السيد صالح مسلم الرئيس المشترك السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي وعضو مكتب العلاقات الخارجية في حركة المجتمع الديمقراطي أثناء تلبيته لدعوة من مركز تنمية الشرق الأوسط لجامعة لوس أنجلوس- كاليفورنيا بعنوان التعاون والأمن الإقليمي في الشرق الأوسط. هذه الطغمة ترفض الوجود الكردي وأي كردي موجود على أساس أن وجوده يضمن وجود الآخرين شعوباً ومللا وأديان ومعتقدات. ومن هذه الفكرة الأساسية في نظرية الأمة الديمقراطية تستند إليها مقاومة عفرين في يومها السادس والثلاثين. والأمة الديمقراطية تفرض نفسها بشكل أكثر الحاحاً حينما يظهر مقطع فيديو لإرهابي رخيص يتكلم العربية ويسرق دجاج عفرين. يسرق الدجاج ويقول إنها (للكفرة) الكرد ومن ثم يقول الله أكبر. هذا الشخص لا يمثل الشعب العربي إنما يمثل الجهة التي ينتمي إليها عضوياً وفكرياً وهي تنظيم داعش أو النصرة الارهابيتين أو من يرتبط بهما. ومن المرجح؛ بأنه لا يعلم في أنه ينفِّذ أجندة الفاشية الأردوغانية بخلق حالة تعنيف مجتمعي وحرب ما بين الشعبين الكردي والعربي في إقليم الجزيرة مثالاً. هذه النقطة أوقعتها فكر الأمة الديمقراطية منذ أربع سنوات بشكل فعلي؛ حين اعلان الإدارات الذاتية، ومنذ العامين حين إعلان مخرج الحل للأزمة السورية في نموذج الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا. وقس على ذلك كل المقاييس الأخرى. لا حرب كردية أخوية وقعت ولن تقع، ولا حرب بينية العرب والكرد وقعت أو تقع، ولا يمكن احتمال قامشلو إنْ لم يكن فيها إرادة الشعب السرياني الآشوري العريق والأرمن والتركمان وغيرهم. هذه فحوى الأمة الديمقراطية؛ وبهذه الفحوى تم دحر داعش؛ وكان لينتهي عن بكرة أبيه ويتم تجفيف مصادره الفكرية خاصة؛ لكنه أردوغان المستعد ليحرق نفسه من بعد أوراقه كي لا تحترق داعش. فهو أمير داعش ورئيسها؛ والعثمانية وداعش واحدة لا خلاف ما بينها؛ ولو بالدوزيم.

توقيف صالح مسلم قبل كل شيء مسألة غير أخلاقية وفي الوقت نفسه تنتفي فيها أدنى حالات الشرعية. إنما توقيف سياسي مافياوي بحت. خلال وفق منطق العصابة وتتميز بذلك في العلاقة بين العصابات؛ خدمة قتل مقابل خدمة سطو. صفقات تجارية مقابل توقيف. يذكر التاريخ المعاصر بأن في قضية توقيف ومن ثم اعتقال قائد الشعب الكردستاني الفيلسوف أوجلان حلّت من خلالها أعقد القضايا الخلافية بين منظومات الدول المؤامرَة. تبتدأ من الغاز والنفط وتستمر بعقود وصفقات تجارية واقتصادية ومالية مسيَّرة ومجيّرة لسنوات طويلة ولم تنتهي في ترسيمات الحدود والمياه الدولية. رغم المؤامرة الدولية الداخلة في عامها 19 بحق أوجلان إلّا أن ذلك لا يرجح أن يكون نصيب بافي ولات/ صالح مسلم. الضربات الكبيرة التي تلقتها الأنظمة الاستبدادية في تركيا منذ حينها على يد أوجلان وفلسفته باتت تركيا من خلالها أشبه بالمحاصرة. انظروا إلى الجدران التركية التي أسستها تركيا بذات يدها على حدودها مع سوريا والعراق أشبه أن يكون سجن لتركيا. مثال خارجي من أمثلة داخلية تعيشها تركيا وتفي مجتمعة بأنها مقبلة على انفجار لا تعلم من أين تكون البداية المؤجّلة. قرار واحد من القضاء الأمريكي بقضية الشاهد محمد رضا ضراب يكفي أن تجد تركيا مطلوب منها ومقاضاة بحوالي 600 مليار دولار أمريكي. مثال واحد عن عشرات تشبهها. لكنها مقاومة عفرين؛ مقاومة طلّاب أوجلان في عفرين وسابقاً في كوباني باتت الرعب الذي بات يقضي مضجع النازي الفاشي أردوغان.

عائشة فندي زوجة صالح مسلم والدة الشهيد شرفان أفادت وأوجزت حينما قالت: هذا قرارنا منذ أكثر من ثلاثين عام. ووضعنا نُصب أعيننا الشهادة فما بالكم بالاعتقال. ولكن يوجد عشرات أمثال صالح مسلم.

مقاومة عفرين توجز تاريخ الشعوب الحيّة الباحثة بشغف ونضال عن حريتها وعن أفضل السبل للعيش المشترك بين شعوب المنطقة حتى حل الأزمة السورية وشرق أوسط ديمقراطي. وهذا هو رعب أردوغان وطغاة العصر المتهافتين. يرى العالم كله كم بات كريهاً هذا الأردوغان ويشبه في طغيانه فرعون. ولكن أرسلنا لكل فرعون موسى. وأن نهاية الفرعون اردوغان في هرمجدون العصر الحديث تبدو وشيكة من خلال مقاومة عفرين المنتصرة.

زر الذهاب إلى الأعلى