مقالات

وحدة الصف الكردي من أَلَمِ الماضي إلى أمل المستقبل

ريناس رمو

منذ اتفاقية لوزان المشؤومة عام 1923 التي قُسِّمت بموجبها كردستان لأربعة أجزاء والشعب الكردستاني في كافة أنحاء العالم ينتظر انتهاء قرن من التفرقة وكأن الإعلان عن تأسيس المؤتمر الوطني الكردستاني بداية ظهور أمل في الوحدة وتشكيل مِظلةٍ يتوَّحدُ الكُرد تحتها، وبعد أن شهدت أجزاء كردستان الأربعة ثورات وتطورات مهمة.

خلال القرن الماضي عان الشعب الكردي الكثير من الويلات من قتلٍ وظلمٍ وتهجير، وكان وما يزال يتعرض لأعنف الهجمات من قِبَلِ القِوى الإرهابية الهادفة إلى زرع الشقاق بين أبناء الشعب الكردي واستطاع أن يقاوم ويصبر على أمل بزوغ شمس الحرية ورؤية الكُرد مجتمعين على طاولة واحدة؛ هذه الآمال لاقت وماتزال تلاقي الكثير من الصعوبات لكنها باتت قريبة المنال وخصوصاً بعد تأسيس المؤتمر الوطني الكردستاني رغم الصعوبات التي تقف ضد انعقاده.

تأسيس المؤتمر الوطني الكردستاني

تأسس المؤتمر الوطني الكردستاني في 25 أيار عام 1999 في هولندا من فكرة القائد الكردستاني عبد الله أوجلان حيث أن فكرة إنشاء وتأسيس المؤتمر الوطني الكردستاني جاء نتيجة الوضع الكردي المتشتت وعدم وجود مظلة توحد الكرد فيما بينهم مما جعل من الكرد وقضيتهم هدفاً ومطمعاً لأعداء القضية الكردية، واليوم يتخذ المؤتمر من بروكسل عاصمة بلجيكا مقراً له رغم أن البعض يستفسر لِمَ لا تكون هولير مقراً للمؤتمر.

يهدف المؤتمر إلى توحيد الصفوف الكردستانية بأجزائه الأربع وإبعاد الأحزاب عن المنظمات والمصالح المشبوهة بل وحثها على النضال الوطني في سبيل مصلحة وطنية عُليا؛ كما ويهدف المؤتمر إلى توحيد الخطاب السياسي الكردي وتفعيل النضال السلمي للقضية الكردية وضرورة إيجاد استراتيجية موحدة للقضية الكردية وأن تكون هناك مظلة يؤخذ تحتها القرار الكردي.

رسالة القائد الكردستاني عبد الله أوجلان

عام 2013 ونظراً للظروف الصعبة التي كانت تمر بها منطقة الشرق الأوسط وظهور ما يُعرف بالربيع العربي وحدوث تغيرات جذرية في المنطقة، أرسل القائد الكردي عبد الله أوجلان رسالتين منفصلتين إلى كل من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني وحثهم على ضرورة انعقاد المؤتمر الوطني الكردستاني.

التقى الوفد الذي كان يضم البرلماني عن حزب الشعوب الديمقراطي سري ثريا أوندر والبرلمانية ليلى زانا والرئيسة المشتركة للمؤتمر الوطني الكردستاني نيلوفر كوج بقائد الحزبين في كل من السليمانية وهولير وأبديا الرئيسين إعجابهما بفكرة انعقاد المؤتمر الوطني؛ حتى إنه وبحسب الرئيسة المشتركة للمؤتمر نيلوفر كوج أن الرئيس الراحل مام جلال طالباني أدمعت عيناه حين قرأ رسالة القائد الكردي عبد الله أوجلان، وأبرز ما جاء في الرسالتين قول القائد الكردستاني عبد الله أوجلان: أرى ناراً تجتاح الشرق الأوسط والحكمة تقتضي أن نحمي بيتنا الكردي من الحريق، وعَرَضَ عليهم ضرورة انعقاد المؤتمر الوطني الكردستاني.

صعوبات واجهت انعقاد المؤتمر

منذ تأسيس المؤتمر الوطني الكردستاني الذي اعتُبِرَ مطلباً جماهيرياً وخاصةً خلال السنوات الأخيرة بعد أن ظهرت قناعة لدى الشعب الكردي بأنه لم يعد باستطاعة أي نظام القضاء على تطلعاتهم إلّا أن المؤتمر لم ينعقد بسبب جملة من الصعوبات الداخلية والخارجية ولأنَّ الدول الخارجية المعادية للقضية الكردية تجد في هذا المؤتمر خطورة على مصالحها وتدرك أنه طريق النجاة للقضية الكردية.

وعلى الصعيد الداخلي ماتزال هناك بعض الأحزاب الكردية تمضي وراء مصالحها الحزبية الضيقة والشخصية وتحاول تعطيل انعقاد المؤتمر الوطني الكردستاني الذي يعتبر بمثابة الحل الوحيد لإنهاء تفرقة الشعب الكردي وتطلعاته نحو مستقبل مشرق.

عقد خلال شهر تموز من العام الماضي لقاء تشاوري في مدينة السليمانية بباشور/جنوب/ كردستان من أجل انعقاد المؤتمر الوطني الكردستاني حضره ممثلين عن كافة الأحزاب والمنظمات المدنية وشخصيات مستقلة وغاب عنه الديمقراطي الكردستاني رغم توجيه دعوة رسمية له، واتفق خلال اللقاء التشاوري أن يتم انعقاد لقاءات تشاورية في كل جزء من كردستان ثم يتم انعقاد اللقاء التشاوري الثاني العام من أجل الوصول إلى صيغة لانعقاد المؤتمر الوطني الكردستاني وبعد انعقاد اللقاءات التشاورية دفعت إسرائيل باشور كردستان لإجراء استفتاء، ونتيجة هذا الإعلان وقع باشور كردستان تحت ضغط إقليمي ودولي وخسر الكثير من مناطق سيطرته ومنها كركوك وبعدها تم احتلال إقليم عفرين من قبل تركيا ومرتزقتها مما جعل انعقاد اللقاء التشاوري الثاني قيد الانتظار.

زر الذهاب إلى الأعلى