تقاريرمانشيت

هل تصلح الإدارة الذاتية الديمقراطية كبديل عن الإدارة المحلية (المرسوم التشريعي) القانون 107..؟

دوست ميرخان

استهلال

اللّبِنة الأولى هي  الأساس لبناء الثقة بين طرفين أو عدة أطراف؛ لكن ماذا لو كانت هذه اللبنة هشة، ألا ينهار البناء؟؟ أو سيكون معرضاً للهدم والدمار في أي لحظة؟؟.

تندرج الحالة التي وصلت إليها سوريا تحت هذا العنوان العريض، فالبنيان الهش للدولة السورية على الصعيد السياسي والإداري والاقتصادي وحتى الاجتماعي مرجعه اللبنة الأولى التي بنيت عليها سوريا. لبنة افتقدت لأي مقومات قوة وصلابة هذا إذا اعتبرنا إن تماسك الشعب والحكومة أو النظام الحاكم هو مصدر قوة الدولة السورية. عدا ذلك فأن مصادر قوة هذه الدولة قد كشفت على حالها وما توصل إليها من هشاشة وفساد خلال السنوات الماضية وهي في حالة استمرارية طالما هناك فرزٌ وهوة شاسعة بين النظام الحاكم والشعب الذي من المفترض أن يكون أحد أهم  المواد التي صنعت منها اللبنة الأولى للبناء السوري.

ثماني سنوات من الحرب والدمار، لا يزال النظام السوري يستمد قوته وديمومة سلطته من لبنة أساسها طمس الشعب بشتى  الوسائل والاشكال، وتحت شعار (الوطن، النظام، الدولة، الجيش، الممانعة والمقاومة، الوحدة والحرية والاشتراكية، الإصلاح والتغيير……) ومئات الشعارات الفضفاضة من هذا القبيل والتي تربت عليها اجيال عدة، دون أن يتحقق أية مصطلح أو أمنية من هذه الأمنيات التي لا تزال حاضرة في ذهن طيف شاسع من السوريين، ليس لأن هذه الشعارات كانت مقدسة فقط بل لأن الحديث عنها كان جرماً بحد ذاته فكلمة الوطن والدولة وشعار الحرية والوحدة والاشتراكية وغيرها فوارغٌ مقدسة وهي فوق الشعب السوري بكل الأحوال لأنها اساس القوة بحسب اصحاب هذه الشعارات، لكن الواقع السوري اليوم يعكس مدى هزالة تلك الشعارات.

وهنا نتساءل أين الوطن؛ وما يندرج تحته من مصطلحات، وأين الدولة والوحدة ومجمل تلك الشعارات من الحالة السورية الراهنة. أليس من المفترض أن يُفسح المجال للواقع السوري ليُعبر عن تجربته وحقيقته المريرة وأن يكون هو الصاعد في الوقت الذي يُنزل اصحاب الدولة والوحدة، … من فوقيتهم السياسية والخطابية وأن يكونوا بمستوى الواقع بمستوى الشعب وإرادته وتضحياته، بدلاً من التمسك بتلك الذهنية التي اوصلت سوريا إلى هذه الحالة المأساوية.

في تحقيقنا لهذا العدد سنسلط الضوء على قضية مهمة من قضايا الوطن السوري الراهن قضية جوهرية ستحدد ملامح مستقبل الوطن السوري، على الرغم من محاولات النظام استصغار هذه القضية والتقليل من شأنها واختصارها بعبارات ساذجة تارة وأخرى بمادة قانونية ضمن دستوره الذي لا ينطبق إلا عليه وعلى حزبه الحاكم في غالبية مواده خاصة تلك المتعلق بالحقوق والواجبات والقوانين والاشتراكية والوحدة ومجمل المصطلحات والجمل الواردة فيه.

 هذه القضية التي يخشى فيها النظام بأن يفقد على إثرها “قوته” و”سيادته” ليست خارج الجغرافية السورية، وليست وليدة اللحظة كما أنها لا تعبر عن رؤية طرف سوري بحد ذاته، إنما يمكن اعتبارها مشروعاً سياسياً متكاملاً لو تم تقبله من الطرف المقابل واتخذ في خطابه وسياسته التوجه نحو الداخل في خطوة عملية نحو الاصلاح والتغيير الحقيقي لا بل في تطبيق شعارٍ من شعارات الديمقراطية أو الاشتراكية التي كثفها في دستوره بدلاَ من اتهام طيفٍ سياسي سوري بالخيانة وبالانفصالية، أو بأنهم ليسوا سوريين وكأن شمال سوريا بمن فيها ليست جزءاً من الجغرافية السورية برفضه مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية كمشروع وطني بكل المقاييس الوطنية.

اطروحة الحل بالنسبة للنظام  القانون “107”

عقدت عدة اجتماعات مؤخراً بين وفد النظام من طرف ووفد الإدارة الذاتية الديمقراطية حول مستقبل الشمال السوري الذي احتلَّ أجزاء منه من قبل الدولة التركية  وذلك في محاولة للبدء بمسارٍ للحل السياسي،  جاء ذلك بعد محاولات متكررة  وبنَّاءة من قبل الادارة الذاتية التي وافقت على الحوار والتفاوض دون شروط تحت السقف السوري بالرغم من محاولات النظام إنكار الوطنية للإدارة ومن يمثلها؛ منطلقاً من الذهنية ذاتها بأنه الشخصية الوحيدة التي تمثل الوطن والشعب، وخلال هذه اللقاءات التي لم تنجم عنها أية نتائج حتى اللحظة قدَّم النظام رؤيته للحل بالنسبة للشمال السوري واختزله بتطبيق القانون 107″ قانون الإدارة المحلية” الذي رفض تماماً من قبل الادارة الذاتية الديمقراطية التي ترى بأن الحل في سوريا حل بنيوي يتعلق باللبنة الأساسية وبأن اختزال الحرب الدائرة من قبل  النظام  وبعد تسع سنوات وفي وقتٍ تُقتطع أجزاء من سوريا ومحاولات النيل من الدولة السورية، كما اختزال الحل السياسي باللعب على بعض المصطلحات القانونية أو تغيير بعضها وفق مقاسه. ضرب من ضروب السلطة وانتقاصٌ من الشخصية السورية وطناً وشعباً، فالقضية السورية ليست قضية مختار حيِ أو مدير منطقة ما، أو محافظ مدينة بالرغم من إن المحافظ كان يلعب دور الشرطي الفاسد في غالبية المدن السورية وهو المدجج والمحصن بفكر البعث  القومومي الانفصالي المنفصل كلياً عن الواقع وحقيقة سوريا وتاريخها العريق في مختلف المجالات من تأسيسه وحتى الراهن.

القضية السورية هي قضية وطن ــ للعربي والكردي والسريان والتركماني مسيحين ومسلمين علويين ودروز وايزيدين إنه وطنٌ لكل من يعيش فيها، لذا فان أي خروجٍ عن هذا النسق الجمعي للوطن السوري والسوري فقط. استبداد وتسلط وهذا ما يتضح في مقاربات النظام السوري للحل.

وكما إن الحل في سوريا لا يتعلق فقط بالجانب  الاداري أي بتعديل قانون من القوانين الإدارية وتوسيع بعض الصلاحيات؛ فقضية الحل هي سياسية بالدرجة الأولى تتعلق بالدستور عموماً كونه اللّبِنَة الاساسية التي من المفترض أن تعبِّر عن إرادة السوريين عموماً يشارك فيه الجميع.

القانون 107 بصيغته الحالية أو التي سيقوم النظام بتعديله وفق مقاييسه لن يكون له أي تأثير في مسار البحث عن الحل فهو لا يعبر بطبيعة الحال عن  الصورة المشتركة لمعظم الأطراف على الأقل في شمال شرق سوريا ” مكونات الإدارة الذاتية الديمقراطية”. ولن يعبر حتى عن شكل المشاركة السياسية  بعيداً عن العناوين العريضة المطروحة فيما يتعلق بالأزمة السورية.  والقارئ لبنود القانون لن يجد فيه أي صورة يتجلى من خلالها الحل السياسي، وبأنه  لا يقدم أي ظرفاً سياسياً جديداً بل يتعامل مع الواقع بفوقية وبمشروطية، تاركاً للحل السياسي على المستوى الأعلى رسم خطوط المستقبل.

ما هو القانون 107

جاء في مقدمة دستور النظام السوري “.. الجمهورية العربية السورية شعارها الوحدة والحرية والاشتراكية… لغتها العربية دينها الاسلام.. بالطبع الأخذ بالنظام الاشتراكي لمواجهة الصهيونية والامبريالية وتبنت الحرية والديمقراطية الشعبية ؟ ،….لا يجوز التنازل عن أي جزء من أراضي الجمهورية العربية السورية، و… أن حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع . شعارات وتوصيف لحالة استبدادية سلطوية جاذبة لفئات قومومية شوفينية.

في العام 1971 أقر الرئيس السوري  الراحل حافظ الأسد قانون الإدارة المحلية، ومنذ ذلك التاريخ تطورت الهيكلية الإدارية والتشريعية للإدارة المحلية في سوريا وصولاً إلى القانون 107، ولكن العمق العام لم يتغير عبر هدف أساسي في تطبيق لامركزية إدارية تسهل المصالح المرتبطة بالأحياء والقرى والبلدات، وتشكل نموذجاً معاصراً لإدارة المناطق مع مراعاة مركزية غالبية القرارات والتي تعود في النهاية إلى وزارة الادارة المحلية التي تخضع مباشرة لسلطة البعث.  بالرغم من إن  البعد الآخر للقانون كان يتضمن ثلاثة أمور أساسية:

إيجاد هيكلية إدارية مختلفة في مهامها عن حزب البعث القائد للدولة والمجتمع، لكنها تتبع قراراته السياسية وتؤمن لمؤسسات الدولة تنفيذ قراراتها على المستوى الأدنى، وعلى الأخص في المناطق البعيدة عن المدن الكبرى.

ضبط مركزية الدولة بما يضمن معرفة السلطة السياسية تحديداً بكافة التفاصيل عبر الوحدات الإدارية الأصغر، التي تعمل باتجاهين: الأول مع الوحدة الحزبية البعثية الموجودة في منطقتها، والثاني مع مصالح المجتمع المحلي الخدمية.

ربما ليس غريبا النظرة العامة التي يحملها السوريون لمجالس الإدارة المحلية على أنها جزء من جهاز السلطة، فهي كانت متشابكة بقوة مع المؤسسات الأكثر قوة داخل المجتمع المحلي، مثل رئيس الفرقة الحزبية والمؤسسات الأمنية. ورغم أن “الإدارة المحلية” قدمت كتشريع شكلاً متقدماً للدولة المعاصرة، واستطاعت خلال العقود الماضية تلبية مصالح متعددة داخل المجتمع، إلا أنها ظهرت أيضاً كصورة أخرى لمركزية الدولة وتعاملها مع كل التفاصيل الخاصة بالمواطن. فقانون الإدارة المحلية في ظل دستور يضمن لحزب البعث قيادة الدول والمجتمع أصبح تشريعاً يحد من المشاركة العامة، ويحتكر ويتماهى في النهاية مع مبدأ الطيف الحزبي السلطوي التقليدي المنصوص عليه في ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية الرديفة للبعث.

عملياً كانت الوحدات الإدارية في المدن والبلدات والقرى شكلاً أصغر للتشكيل السياسي العام الموجود في الجبهة الوطنية التقدمية. ففي المدن الكبرى، كان هناك ممثلون عن الأحزاب داخل مجالس المحافظات، وفق توازن يضمن لحزب البعث الحصة الأكبر، بينما يتفرد البعث بكامل مقاعد المجالس في البلدات والقرى.

الافتراض الأساسي اليوم في هذا القانون يستند إلى توزيع القوى على الأرض، واعطائها مشروعية عبر قانون سوري قائم.

  الحل والاصلاح ــ الإدارة الذاتية هي البديل الأنسب للمادة 107

مقولة إن الإصلاح من الداخل ضمن إطار فاسد هو شعار فارغ، وتعبير يتنافى مع المنطق السليم في معالجة القضايا خاصة تلك المتعلقة بتوحيد المجتمعات المتعددة التي تعيش ضمن اطار بيئة جغرافية واحدة، وربطها بالدولة التي تحكمها الفساد.

ما يثير الريب  هو إن هذه المادة أو القانون وبالرغم من بعض التعديلات الشكلية في عام 2011 هي مادة من مواد دستورٍ مركزي يحمل صبغة سلطوية شعاراتية قومومية من الطراز الرفيع وهو اختزال كافة القوميات والتيارات السياسية في بوتقة القومية العربية البعثية ولا يعترف بوجود أي مكون من المكونات السورية. دستور شرعه البعث ويمثل أفكاره ومنطلقاته وتطلعاته، ليس فيه أية جملة دالة على إن المجتمع السوري مجتمع متعدد بثقافته ولغاته وقومياته التي تشكل في النهاية الهوية السورية.

 وعلى هذا الأساس فأن تطبيق  قانون الإدارة المحلية بالشكل الصحيح والعصري يستوجب تغيير الدستور أولاً أي أيجاد دستور عصري يضمن حقوق جميع السوريين، كون الدستور الحالي تجاهل المكونات الأساسية للمجتمع السوري باعتباره بلد متعدد القوميات والأديان والثقافات.

إن معالجة شكل الدولة المستقبلية في سوريا مسألة بالغة الأهمية، وهي تتساوى في ذلك مع أهمية النظام السياسي والتركيبة الأمنية فيه. ومن الضروري أن نقوم بذلك الآن، فمن المرجح أن يقدّم مثل هذه المعالجة إجابات لكثير من الأسئلة التي غالبا ما توصف بأنها غير قابلة للحل. ويتعيّن على السوريين الخوض في هذا النقاش عندما يتحدثون عن تفاصيل رؤية مشتركة لمستقبلهم المشترك كمجتمع موحد على الصعيد الوطني. ومن الواجب عليهم فعل ذلك لكي يذهبوا إلى ما هو أبعد من الشكوك التي يولّدها النظام وما يعقبه من فقدان الثقة الذي نشأ ونما بين مكونات المجتمع السوري. ولا بدّ أن يفعلوا ذلك بأنفسهم من خلال تطوير نموذج وطني داخلي .

إن مطالب مكونات شمال شرق سوريا مطالب ديمقراطية أولئك الذين نجحوا في تأسيس نموذجٍ للتعايش المشترك كما نجحوا في خوض تجربة إدارة سياسية عسكرية حافظت على كيان المجتمع السوري من التمزق والتطرف والانحلال وبأبسط الامكانيات، في الوقت الذي أثبت فيه  فشل الدولة المركزية التي خسرت، مقدرات البلاد وصادرتها لدول في سبيل الحفاظ على المكاسب السلطوية والقوموية والمذهبية الضيقة.

ينبغي على النظام التخلص من الريبية والفوبيا المصنعة لكي يستطيع  التخلص من قوقعته  وعليه ينبغي معاملة تطلعات أبناء شمال وشرق سوريا بأنها تطلعات  وطنية مشروعة،

لذا فان تبني القانون الحالي رقم 107  المحدث في 2011 للإدارة المحلية في صيغته الراهنة لن يفعل أكثر من تعزيز السلطة المركزية ونظام حكم الفرد الواحد الحزب الواحد، وهو يؤكد على الحاجة إلى صيغ قانونية ومؤسساتية أخرى من أجل ضمان تفعيل لامركزية إدارية حقيقية.

ما هي القدرات الواجب بناؤها على مستوى الدولة لتعميم مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية

مسألة الإدارة الذاتية الديمقراطية كنموذج لشكل الدولة المستقبلي في سوريا  في جوهرها وثيق الصلة باللامركزية، وهي عكس المركزية القومية والطائفية المطروحة أو تلك المعمولة بها منذ عقود.

ويحاول النظام وبعض الاطراف والتيارات التي تدعي المعارضة  التشويش على مفهوم الإدارة الذاتية الديمقراطية وإخراجها من مضمونها الحقيقي، حيث ذهب بعضهم إلى رفض الإدارة الذاتية كمشروع سياسي للحل في سوريا على أنه مشروع انفصالي كالنظام ومعارضة اسطنبول. لكن الادارة الذاتية في حقيقتها مشروع ديمقراطي يتجاوز مفهوم

اللامركزية الإدارية والتي يحاول النظام تطبيقها وفرضها عبر القانون 107  أي توزيع  السلطات الإدارية بين الحكومة والهيئات المحلية التي تقوم بممارسة صلاحياتها تحت إشراف السلطة المركزية ورقابتها وهنا نتحدث عن قوقعة البعث. أي أن الوظيفة الإدارية هي وحدها التي تكون موزعة بين الحكومة والسلطات الإدارية، مع ما يستتبع ذلك من نتائج قانونية.

بهذا الشكل تكون اللامركزية الإدارية على نقيض المركزية. تعطي للأقاليم أو الولايات صلاحية البت في الكثير من الشؤون الإدارية، وتمنحها الحق بإقامة مؤسسات محلية لتنمية مصالح الادارات الذاتية. أي أنها تسلّم بوجود مصالح محلية قد تختلف عن المصالح المركزية، كما أنها تعطي للسلطات المحلية الشخصية المعنوية والاستقلال الاداري،

 ومن أهم مزايا الادارة الذاتية إنها تؤكد المبادئ الديمقراطية في الإدارة؛ لأنها تهدف إلى إشراك الشعب في اتخاذ القرارات وإدارة المرافق العامة المحلية.

وتخفف العبء عن الإدارة المركزية؛ فتوزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والهيئات المحلية يتيح للإدارة المركزية التفرّغ لأداء المهام الأكثر أهمية، كرسم السياسة العامة وإدارة المرافق الوطنية.

تساعد في تحديد حاجات المقاطعات أو المحافظة بشكل أدقّ؛ لأن أعضاء مجلس المقاطعة الذين يتولون الإدارة هم من أهالي الولاية نفسها، ويملكون معلومات تفصيلية عن حاجات المحافظة ومصالحها. ومن المعلوم أن تقييم الاحتياجات بشكل دقيق سيؤدي حكماً إلى حسن الأداء الإداري.

سيكون لدى أعضاء مجلس المقاطعة ولاء لمنطقتهم، بقدر أكبر من الأشخاص الذين لا ينتمون إلى المقاطعة.

تستجيب اللامركزية الإدارية لواقع التفاصيل الإدارية المتشعبة، كما تزيد من سرعة الأداء، وخاصة في مواجهة الأزمات الطارئة، وتحقق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء الدولة، على عكس المركزية الإدارية، حيث تحظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية أكبر على حساب المدن والأقاليم الأخرى.

يسعى أعضاء مجلس المحافظة إلى أداء المهام الموكلة إليهم بالشكل الأمثل، بسبب الخوف من الفشل العلني أمام أبناء محافظتهم. ولأن نجاحهم سيكسبهم الرضا والقبول من أبناء المحافظة.

على المستوى السياسي الخروج من قبضة السلطة المركزية المطلقة ومنع احتكار السلطة والدولة من قبل افراد أو جهة معينة أو شخص محدد، وتوزيعها بين أكثر من طرف، ومنح صلاحيات أوسع لإدارات المناطق ضماناً منها لعدم عودة الاستبداد والتصرف الأحادي بالسلطة.

الإقصاء والتهميش والحرمان الواسع الذي عانى منه مناطق عدّة خاصة الجزيرة. فعلى الرغم من احتواء هذه المناطق على الكثير من الثروات؛ إلا أنها لم تنتفع بها، بل اسُتخدمت بأساليب خاطئة وبشكل سلبي في سير الحكم وتشديد قبضته على حساب الخدمات والمنافع الاجتماعية. الأمر الذي ولّد ردة فعل لدى أبناء تلك المناطق، لذلك من الضروري إشراكهم في الاستفادة من تلك الثروات المحلية والتعويض عن الفترات السابقة.

إن تطبيق الإدارة اللامركزية بفاعلية في مجال التخطيط والتنمية المحلية، يعمل على تطويع برامج التنمية بسهولة إزاء حاجات السكان المحليين ومتطلباتهم. نظراً لأنها تسمح بمشاركة سكان الوحدات الإدارية المختلفة في عملية إعداد الخطط التنموية لمناطقهم وتنفيذها. كما أنها توفّر دعماً ضرورياً لحشد الطاقات وتعبئة الموارد، وهذا يهيئ فرص النجاح لخطط التنمية الوطنية في تحقيق أهدافها بشكل متوازن يضمن توفير حياة ملائمة لجميع السكان في جميع المناطق داخل الدولة، ويسهم هذا النجاح في تحقيق التوازن الإقليمي، وتقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية. ويعتمد هذا بالدرجة الأولى على توزيع سلطة صنع القرار بين هيئات التنمية والتخطيط المركزية ونظيرتها المحلية، على اعتبار أن توزيع الاستثمارات والموارد ورصدها في مجتمع ما له علاقة وثيقة بتوزيع سلطة صنع القرار فيه.

ستكون اللامركزية الإدارية حامية للدولة السورية من التقسيم والتفتت وتصون كافة الحريات وتحافظ على مكاسب شعوب سوريا ومكوناتها في كافة الميادين.

زر الذهاب إلى الأعلى