مانشيتمقالات

ميلاد البحث عن الوجود

رشيد أحمد ــ

الميلاد بالمفهوم العام هو انبعاث روح جديدة لتطور الحياة بحسب متغيرات الأجيال، فكانت الولادات كالعباقرة والمخترعين والسياسيين لخدمة الشعوب، أما ميلاد القائد فإنه كان من رحم الصعاب والمعاناة وإبادة الشعوب، وكان ميلاد القائد كالجوهرة المشعّة نقلت الشعب الكردي وجميع الشعوب من مرحلة الإنكار إلى مرحلة الوجود، ففي قرية مختلفة تعاني من المشكلات الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية رفض القائد منذ نعومة أظفاره هذا المجتمع برمته، وبدأ رحلته الشاقة، وهي رحلة البحث عن حقيقة الوجود والذات والتميز بأفعاله وفي لعبه في هذه المرحلة إن كان بين أصدقائه أو بين عائلته، ولكن لم تشبع رغبته بالمعرفة؛ لذلك توجه الى الطبيعة الأولى، ومن ضمنها توجه إلى البحث عن الصديق والعدو والحماية والدفاع.

وفي مرحلة ذهابه إلى المدرسة أدرك بأنه يتعلم بغير لغته، وخلال بحثه المادي؛ توجه إلى البحث الروحي بذهابه الى الجامع وسماع الإمام ليُشبع رغبته البحثية، وهنا كأول مرحلة في طفولته بدأ تميزه بالتفكير والبحث غير المألوف؛ فتنامى هذا التميز إلى ريعان شبابه والتفكير في تشكيل تجمّع من الأصدقاء الذين يتقاربون معه ويشاركونه الفكر وما لديه من أطروحات وقيم إنسانية؛ لأن الإنسان هو المحور ونشر السلام والمساواة والحرية، وبعدد قليل من الشباب انتشرت اطروحاته في جميع انحاء كردستان وأصبحت مركزا لحلّ المشاكل بعد أن طور نموذج الحلّ من خلال الكونفدرالية الديمقراطية ضد الدولة القومية ألا وهو مشروع العصرانية الديمقراطية وتجسيدها في الامة الديمقراطية “المساواة وأخوة الشعوب والتعايش المشترك فيما بينها” ولن يتحقق ذلك دون تحرر المرأة من جميع أساليب العنف.

كل ما تقدم لا ينسجم مع أهداف وسياسة الأنظمة البرجوازية والدول المهيمنة في العالم؛ فكانت المؤامرة لإخماد هذا الفكر الحرّ والنضال ضد هذه الأنظمة البرجوازية والفاشية القومية والديكتاتورية، ولكن هذه المؤامرة لم تأتِ بثمارها التي كانوا يرجونها؛ لأنهم تيقنوا جيداً بأنهم قد أسروا القائد جسداً فقط، لذلك لجئوا إلى التجريد ضمن التجريد لكسر إرادة الشعوب من خلال عزل الفكر والفلسفة التي طرحها القائد آبو، لكن على العكس؛ فرغم صعوبة الظروف وقسوة سجن جزيرة إمرالي وفرض الدولة الفاشية التركية إجراءات مشددة وغير قانونية من سياسة العزلة فأن القائد عبد الله أوجلان حوّل جزيرة إمرالي الى منبع للعصرانية وثقافة المقاومة والنضال والإبداع عبر بناء فلسفة الحياة الندية الحرة، وأنجز تحولاً كبيراً ومؤثراً نحو حل المشاكل التي تعيشها المنطقة وجميع مكوناتها والشعوب المضطهدة عامة من الأزمات والصراعات من خلال مشروع الأمة الديمقراطية، فلقد وُلِدَ هذا المشروع من فكر حرّ وروح نضالية عالية لقائد عظيم التضحية.

نهنئ القائد آبو وعموم الشعب من كرد وعرب وجميع أطياف الشعب وعموم شعوب العالم ممن يؤمنون بفكره وفلسفته ونبارك لهم هذا الميلاد العظيم الذي دخل تاريخ البشرية من أوسع أبوابه، ونحن نعيش معه اليوم في ذكرى ميلاد ال / 75 / حياة مليئة بالقيم الوطنية الحقيقية وميراثاً ثورياً تسوده العدالة والمساواة تجاه القضايا المصيرية لشعوب المنطقة والإنسانية على حد سواء.

وبهذه المناسبة نؤكد ونصرّ على الهدف السامي وهو حرية القائد الجسدية، ولأن حرية القائد هي حريتنا سنصعّد من النضال حتى تحقيق النصر، وعلى هذا الأساس نبارك هذا اليوم مرة أخرى على قائدنا وعلى جميع شعوب العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى