مانشيتمقالات

ماذا وراء الزيارة التركية المشبوهة لمصر

مصطفى عبدو ــ

هل باتت الأجواء مناسبة لتجاوز خلافات الماضي البعيد والقريب بين مصر وتركيا اليوم؟

هل تنهي هذه الزيارة حدوث تقاطعات إقليمية عديدة بين الدولتين؟

تأتي زيارة أردوغان إلى القاهرة ولقاءه بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي تتويجاً لعدد من اللقاءات السابقة بينهما في قطر والهند والسعودية والإمارات، فبعد زيارة أردوغان الأخيرة إلى الإمارات بدعوة من الشيخ محمد بن زايد لحضور القمة العالمية للحكومات في مدينة دبي 13شباط فبراير كضيف شرف، كان الهدف من هذه الدعوة هو إمكانية التوسط والتحضير لزيارة مصر.

أردوغان الذي يجيد كل فنون تغيير الألوان في سبيل مصلحته ويستثمر كل فرصة، يسعى اليوم ومن خلال هذه الزيارة إلى تجاوز خلافات الماضي ووضع حد لجملة من القضايا والأزمات الداخلية والخارجية الخانقة ويبدي استعداده لتقديم كل شيء مقابل ذلك، وهذا ما أكده وزير خارجيته هاكان فيدان عن إمكانية تصدير تركيا لطائرات مسيرة إلى مصر.

بدأت خلافات الدولتين المصرية والتركية منذ (انسلاخ مصر عن جسم الخلافة العثمانية قبل نحو قرن)، وتطورت هذه الخلافات بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية على سدة الحكم في تركيا، ودعم تركيا للإخوان المسلمين في مصر.

فبعد قطيعة وتوتر في العلاقات دامت 11 عاماً بين الجانبين على خلفية إزاحة الرئيس محمد مرسي المنتخب بدعم من حركة الإخوان المسلمين ومن أردوغان (حزب العدالة والتنمية)، على إثرها توترت العلاقات وتفاقمت الأزمات بين الدولتين بعد التدخل التركي في ليبيا ومحاولة تثبيت أقدامها في طرابلس وغرب ليبيا بعد دعمها للسراج ومن ثم الدبيبة، بينما كانت مصر تدعم الجنرال خليفة حفتر وكذلك باقي الدول الخليجية عدا قطر، ومن جهة أخرى محاولة تركيا وضع قدميها للاستثمار في جزيرة “سواكن” بالسودان على البحر الأحمر.

فهل يمكن لهذه الزيارة إنهاء الأزمات العديدة والمتشابكة بين الدولتين؟

الزيارة التركية المشبوهة:

تدرك تركيا أن علاقاتها الإقليمية والدولية باتت مهددة من جميع النواحي، وهذا ما يؤرقها وتشعر بأن مسماراً بات يُدق في نعشها، وعليها أن تحاول من جديد تصفير المشكلات خاصة بعد فشل تنظيم إخوان المسلمين المدعوم من تركيا وحليفتها قطر في إحداث شرخ في مصر. أيقنت تركيا اليوم أن ورقة إخوان المسلمين في مصر سقطت، وباتت تلحق بها المزيد من الأضرار، والتشبث بها كمن يتشبث بجمرة من النار…

لا يمكن إغفال الأزمة السورية عن هذه الزيارة، خاصة وأن مصر تجمعها علاقات وطيدة مع محيطها العربي والإقليمي والدولي ومع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وعليه فربما كانت هذه الزيارة هي محاولة تركية لقطع علاقات مصر مع الإدارة الذاتية مقابل قطع تركيا لعلاقاتها مع الإخوان المسلمين في مصر، والطلب من مصر بالتدخل لتسريع عملية التطبيع مع سوريا بعد فشل تركيا في التطبيع حتى الآن على الأقل.

بالمحصلة، ربما حصلت بعض التفاهمات والصفقات التجارية وبعض أشكال التعاون العسكري بين البلدين، لكن ما يفرق الدولتين أكثر مما يجمعهما، والقضايا الخلافية بينهما كثيرة.

فالسياسة التركية التي عانت منها مصر على مر عقود تجعلها أكثر حرصاً وحذراً من نوايا تركيا التي تعجز عن تقديم ما يعزز ثقة المصريين فيها.

إن جميع المحاولات ستبوء بالفشل ما لم تكف تركيا عن التدخل في دول الجوار وغيرها، وما لم تتوجه إلى داخلها المتأزم سياسياً واقتصادياً وتبدأ بحل قضاياها الداخلية وعلى رأسها القضية الكردية، عندها فقط يمكن لتركيا العودة إلى مرحلة (صفر مشاكل).

زر الذهاب إلى الأعلى