مقالات

لحظة افتراق أفراد العصابة

مع بدء شرارة ما سمّي وقتها بالربيع العربي أواخر 2010 انتشرت موجةٌ من التفاؤل في الأوساط الشعبية الشرق أوسطية،  وقام البعضُ ممن كانت تسكنهم أحلام الانفتاح والتخلص من القيود، وبتشبيه ما حصل في تونس  ومصر تحديداً بثورات الربيع الأوربي 1848م والتي كانت ترجمتها  إقصاء مترنيخ عن كرسي مستشارية إمبراطورية النمسا وتشكيل الجمهورية الفرنسية الثانية وما تلاها من الوحدة الإيطالية والألمانية .

ولكن كما يقال تسيرُ الرياحُ بما لا تشتهي السفن، فما إن وصلت شرارةُ الثورة إلى سوريا حتى بدأتِ المؤامرة الكبرى على الشعب السوري وعلى الربيع العربي، ونشا تحالفٌ بين دول الخليج بقيادة السعودية ودويلة قطر وقناتها الإعلامية وتركيا الأردوغانية.

بنظرة سطحية كانت مواقفُ هذا التحالف هو لمصلحة الشعب السوري ولكن في حقيقته كانت عملية قتل الثورة السورية وإيقاف المدّ الثوري في سوريا والانتهاء من هذا الصداع المؤلم  للجميع، فرغمَ قيام السعودية بدفع رشوة مالية لشعبها قدرها 400 مليار دولار إضافة لدعم خزينتي البحرين وعُمان بعشرين مليار لكل منها، رغم هذه التدابير فلم تكن السعودية مطمئنة البال من المدّ الثوري. أما تركيا صاحبة نظرية الصفر مشاكل فحاولت التوسط بدايةً  من خلال علاقاتها الشخصية وفي الوقت نفسه أخذ بمدّ الجسور مع جماعة الإخوان المسلمين السورية كخطة B وبعد فشل الوساطة التركية تشكل المحورُ الخليجي القطري التركي، كلٌ لمآربه الخاصة وقامت كل دولة بفتح قنوات خاصة بها وقامت بإغراق سوريا بالسلاح الخفيف غير القادر على تحقيق التفوق، ولكن القادر على إدامة الحرب الأهلية التي ساهموا في إشعالها, فكانت أحرار الشام وجيش الإسلام  جماعة السعودية، أما قطر فهي مختصة بالجماعات الأكثر راديكالية كجبهة النصرة  وداعش، أما الجارة تركيا فتحكمت بالجميع من خلال سيطرتها على معظم قنوات الدعم عدا عن تشكيلها كتائب تركمانية خاصة بها، إضافة إلى الكتائب التابعة للإخوان المسلمين. ولكنّ السطوة الكبرى لتركيا كانت تحكمها بالقرار السياسي للمعارضة السورية وتوجيهه إلى غير مصالح الشعب السوري، وفرض أجندة خاصة بها تتمحور حول كبح جماح المارد الكردي  الذي خرج من قمقمه  وتحويل سوريا إلى حديقة خلفية لها.

إن العملياتِ الاستخبارية التي لم يُرفع الغطاءُ عنها إلى الآن تشير أن عمليات التزويد بالعتاد وتوجيه العمليات تقوده هذه الدول من  خلال عملاء لها ينسقون العمليات العسكرية في معظم الجبهات، وكانوا يلعبون بالأجنحة المسلحة للمعارضة السورية  من خلال عمليات قنوات التزويد، فكانت الحربُ سجالاً من أجل إنهاك الشعب السوري وجعله مثلاً للشعوب العربية التواقة للحرية.

والآن وبعد أن  وصلت كل هذه الدول إلى أهدافها بدأت بالنزاع فيما بينها، لأن البعضَ بدا يغرّد خارجَ السرب، كقطر التي تأخذ مسألة دعم التيار المتشدد كاستراتيجية  لها تلوح بها بالتزاوج مع قناتها التلفزيونية كأداة ضغط، لأن هذه اللعبة (لعبة الإرهاب ) شديدة الخطورة، وليس هناك مَن يتحملها، فكان انفجارُ الموقف مع دول الخليج بعد القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض.

زر الذهاب إلى الأعلى