حواراتمانشيت

فاتح جاموس: تقوية وتنظيم الحوار الوطني الداخلي كفيل بقطع احتمالات التدخل الخارجي

في حوار له مع صحيفة الاتحاد الديمقراطي حول قراءته لمبدأ المنطقة الآمنة في الشمال السوري ومدى إمكانية تنفيذ اتفاقية اضنة في ظل الحرب القائمة على سوريا والهدف من الاستماتة التركية في إقامة هذه المنطقة قال فاتح جاموس رئيس تيار طريق التغيير السلمي في معرض ردِّه على هذه الأسئلة:

كيف يقرأ فاتح جاموس مبدأ المنطقة الآمنة في شمالي سوريا؟

كان الهدف المركزي، ولا يزال في طرح فكرة المنطقة الآمنة في شمالي سوريا، هو اللعب الجيوسياسي العميق في الوضع السوري، تحديداً في شروط الأزمة الوطنية، أي عندما قدَّرت السلطة التركية أن سوريا قد تحولت إلى حلقة ضعيفة قابلة للكسر، قابلة بالتالي لتحقيق المطامع، أو بعض الأهداف الذاتية، وفي كل مرحلة من مراحل الأزمة، كانت السلطات التركية تعيد طرح الفكرة ربطاً بشرط تكتيكي محدد، بداية لحماية النازحين السوريين إليها، وإبقائهم داخل المنطقة المُعنيَّة، ومرة أخرى لحماية تجمُّع المقاتلين الفاشيين في إدلب، وأخيراً بعد الوضوح في مسار وعملية انهزام الأصولية الفاشية، لتنفيذ عدة أهداف دفعة واحدة، الأساسي فيها خلق شرط الضغط للحصول على حصة في أي حل سياسي محتمل، كذلك بغاية تصفية القوة الكردية المنظمة، ومنعها من تحقيق أي هدف قومي ذاتي في سوريا، ومنطقة نفوذ تركية مباشرة، أو لأدواتها الأصولية، أو الاثنتين معاً، وفي قمة الضغط على النظام السوري لإسقاطه، كانت تلك الفكرة رائجة، من خط عرض يمنع على الطيران السوري تجاوزه، إلى منطقة بإشراف الأمم المتحدة، أخيراً إلى مشروع تركي أمريكي مشترك.

ومن المؤسف القول، أن جميع الأطراف والفعاليات السورية المعارضة للنظام وتطالب بإسقاطه، واعتبرت أن هناك ثورة وشروطاً ثورية قد طالبت بتحقيق منطقة آمنة، بل دعت وشجَّعت الأمريكيين أحياناً، والأتراك أحياناً أخرى لتنفيذ الفكرة.

وتجاوَزَ الأمر الأطراف العربية في تلك المعارضة، إلى الأطراف والقوى الكردية، لنفس الهدف المتعلق بالصراع مع النظام، ولنفس السبب المتعلق باعتبار سوريا حلقة قابلة للكسر، وقابلة لأن تسمح بتحقيق أهداف خاصة ذاتية، وكذلك بحجة الخطر التركي، وحتى هذه اللحظة، لا نزال نسمع من الأصدقاء في تحالف مسد بإمكانية القبول بفكرة المنطقة الآمنة إنما بإشراف دولي، بغاية ردع العدوان التركي المحتمل على شمال شرق سوريا.

صحيح أن هناك فروقاً واختلافات بين الأطراف المتعددة التي شجعت وتشجع بصورة أو بأخرى على منطقة آمنة، لكنها كانت فكرة خطرة ومدمرة على طول الخط ، بالذات عندما ارتبطت بتحقيق أهداف خاصة، وارتبطت بدوافع اللعب الجيوسياسي في سوريا، ومنعه من العودة إلى ما كان عليه، هكذا أعتقد أنه على الأصدقاء الكرد بكل قواهم وأطرهم الخروج الكامل من الفكرة والحاجة لها تحت أي حجة، والخروج من أي عملية تنسيق مع قوى خارجية، واحتلالية بصورة خاصة مثل الأمريكيين، لتحقيق منطقة آمنة، حتى لو كانت مختلفة عن تلك التي يدعو لها الأتراك، إن الطرف الأمريكي والتركي أخيراً سيكونا في تحالف استراتيجي واحد، وسيكونا في وضعية تقاطع عالية الأهداف لخلق منطقة آمنة في الشمال، ستكون حتماً ضد المصالح الوطنية العليا السورية.

لماذا تستميت تركيا لإقامة منطقة آمنة في الشمال السوري؟ وإلى ماذا تهدف؟

تستميت تركيا لإقامة منطقة آمنة، في عملية ذات طابع هجومي شديد الوضوح، قبل نهاية الأزمة السورية، وفي يدها العديد من أوراق القوة، وذلك بغاية أن تكون المستفيد الأول من احتمال انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي، خاصة لقطع الطريق على احتمال عودة التنسيق بين التحالف السوري الروسي، وإطار مسد، أو في حال إصرار مسد على تقوية مشروعها هناك، وكذلك لتفرض السلطة التركية شروطها وأهدافها في تلك المنطقة، ولتضيف شروط قوة أخرى لتحقيق مصالح ونفوذاً قوياً مع أي عملية سياسية محتملة في سوريا( ما نسميه احتمال اقتسام الكعكة) وفي حال فشل كل ذلك، لاستغلال الأمر في خلق منطقة استنزاف عنيفة وسياسية طويلة الأمد هناك.

هل اتفاقية أضنة قابلة للتفعيل، أو التنفيذ في الوقت الراهن في سوريا، وفي ظل الحرب القائمة؟

ستكون قابلة للتفعيل، أو التنفيذ في حال إصرار تحالف مسد، أو الطرف الكردي أساساً على طرح وتنفيذ مشروعه وبرنامجه في المنطقة، ويمكن أن يكون كافياً التشدد الكردي في عملية التفاوض مع النظام السوري، ومتابعة الاستقواء بالاحتلال الأمريكي، واستجابة واشنطن لذلك، إن هذا سيكون كفيلاً بالمزيد من عملية التقارب الروسي التركي، كما التركي السوري، سيكون كفيلاً بإدارة الظهر الروسية السورية لأي عملية تركية في الشمال الشرقي، وسيكون احتمال تنفيذ اتفاقية أضنة في هذه الحالة، هو الأكثر سهولة باسم شرعية الاتفاقات الدولية، بدلا من التصرف التركي الاندفاعي المجنون بدون أي ضبط ، وهذا ما عبر عنه الرئيس بوتين بصورة ما لإردوغان، بالتالي ما يقطع كل هذا الاحتمال هو فتح مسار الحوار الوطني السوري الداخلي، والعمل على تنظيم وتقوية طرف المعارضة الوطنية الداخلية فيه، مع دور كبير وريادي لمسد في كل ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى