مقالات

سيّد الخواتيم

سيهانوك ديبو

ربما حقيقة أن مناطق الشرق الأوسط تمر اليوم بحربٍ عالمية ثالثة؛ باتت مُسَلّمّة لا يختلف حيال هذه الحقيقة شخصين، وأن هذه الحرب تبدو حتى هذه اللحظة مُسيطَرٌ عليها من قبل نظام الهيمنة العابر للحدود. لكن؛ من الخطأ حصر هذا النظام بسلطة معيّنة أو أكثر. ولا يبدو أن التوسيم الذي يفضي بأن هذه الحرب هي صراع الحضارات هو صحيح مائة بالمئة؛ بالرغم من أنه جزء –لكنه باليسير- من هذه الحرب ولها، وَوُفْق صراع الحضارات بدأت حكاية الدماء الأنسيّة المُسالة حتى اليوم. المسألة الأهم والذي يمكن التطرق لها إلى درجة أن تكون مسمىً مناسباً على هذه الحرب؛ ومن حيث  تجهد الأقطاب كي تتم مستعرة ومنقطعة عن حقائقها التاريخية والمجتمعية. على الرغم من ذلك فإن هذه الحرب تشق طريقها عبر كمٍّ هائل من المشاريع والمخططات، لا يؤخذ بها، أو يؤخذ بأجزاء منها، لذلك تبدو بأنها من أكثر الحروب عشوائية  في التاريخ، كثرة المتبدلين، وكثرة الاستدارات والتكويعات  المتَحصِّلة؛ التحالفات القلقة؛ التوازنات اللحظية المتغيّرة…. تضعنا أمام الالتفاتة في أنها حرب من أجل تحقيق أكبر كمية من الفوضى.

 مع دخول واقعة الدولتية القومية إلى مجتمع الشرق الأوسط، عليه ربما هو الأنسب؛ بات أمام كمٍّ هائل من المشاكل والقضايا. والأسوأ في هذه التراجيديا أو لنقل الكوميديا البشرية في الشرق الأوسط بأن الأنظمة القمعية التي جثَمَت على صدر شعوبه؛ باتت المشكلة الظاهرية الأولى؛ بسبب السلوك والصورة التي تقدمه من خلالهما بمفاد أنها المعرقلة لأية عملية سياسية تفضي إلى الحل. وهي التي تظهر نفسها بأنها الهدّامة ليست في المناطق الجغرافية التي تم تعيينها والربت على أكتافها من قبل غير الشعب/وب حتى تصبح المتسلطة، وإنما لما تملك من وسائل تهديد على أمن واستقرار البلدان الأخرى: المجاورة لها أو البعيدة.

قطر ليست سوى طنجرة يُدّق عليها كي يصدر منها ضجيجاً. بغية نفاذ الرقصة وتسلل شيء ما يجب أن لا يلاحظه الجميع.

تركيا المخزن الأكبر للفكر التدميري في الشرق الأوسط؛ مخزن راكمت بضاعة فاسدة في ثلاث أشكال فاسدة (العثمانية، الجانب الأكثر عدمية في الليبرالية والنيو ليبرالية، الفاشية القومية).

القوى الممتلكة للحل/ القوى الديمقراطية وصاحبة المشاريع التنويرية النهضوية، المُمَثَلة اليوم عن طريق فلسفة الأمة الديمقراطية؛ وعلى الرغم من الجهود المعيقة الكبيرة التي أتت وتأتي سواء من مستودعات الشر ومخازنها أو من وكلائها المحليين من أصحاب القوموية البدئية البدائية؛ فإنها اليوم أي القوى الممتلكة للحل تخط اليوم البداية الجديدة للمرحلة المفيدة؛ لا يعني ذلك بأن هناك نهاية سعيدة تأتي من بعدها مباشرة؛ إلا أن البدايات الصحيحة تعني حل ثلثي الأزمة/ ات. وانهيار الدولة الإرهابية اليوم من خلال سقوط عاصمتها الرقة يعني أن مرحلة أكثر انتظاماً واستراتيجية قد بدأت، وفي ظل الفوضى العارمة التي تمر بها الشرق الأوسط وحربها. الفوضى لا تستطيع فعل شيء للانتظام المجتمعي؛ بل ربما الأكثر إفادة له، الفوضى لا تضرب إلّا المتهيئ للسقوط وبالسقوط. ربما أنسب المسميّات للمشروع الديمقراطي يكون بأنه سيد الخواتيم.

زر الذهاب إلى الأعلى