حواراتمانشيت

خليل خمكين : بمقاومة آرين وأفستا وبارين تبنى الأوطان

خليل خمكين ذلك الصوت الذي أتانا من بعيد كـ ” زرنة ” حزينة ومنتفضة في إكليل الجبل ، ذلك الصوت الذي كان يعبق بسيرة طويلة لمحاربين سكنوا عروش الملائكة قاصدين الحرية بملئ دمهم ، الصوت الجبلي كسنديانة قديمة في ظلها إستلقى المقاتلون والعاشقون ، في ظلها عقد ” الديلان ” معلناً ثورة الريح ونسائم الحنين ، آباء وأمهات وأجداد هزوا رؤوسهم بصمت وهم يتلقفون ذلك الصوت القادم من أنفاس الحرية .
خليل خمكين ذلك الصوت المتدلي من قلادة الشهداء ، والمفضوم من أم ودعها محارباً من أجل الحرية فاستقر في أغنية صرخت بملئ فيها ” عكييييييييد ” فحلقت العصافير وحط الحمام وإنهمرت الفراشات على أكتاف من حملوا نعوش اخوتهم بصمت مهيب .
خليل خمكين هو الصوت المائل للون الحناء على أكف العرائس ، هو الصوت الذي تفوح منه رائحة الزعتر البري وهو مبعثر على سفوح ليلون ، عندما يتحدث عن المقاومة يلتقي في صوته جبل هاوار بقمم قنديل وآكري ، عندما ينطق فناً يعبق المكان بالحلم وحكايات الجدات .
خليل خمكين سمعناه بعيداً فرأيناه في وجداننا يصلي للحرية ، بحثنا عنه ووجدناه قريبا كما رفة العين وإلتقيناه في غربته منشغلاً مع فرقته ” برخدان ” بفن مقاوم يتلو آيات نصر شعبه جرحاً جرحاً ووريداً وريداً ، وكان لنا معه هذا اللقاء .
ـ الإستاذ الفنان خليل خمكين دعني أبدأ معك بهذا السؤال ، ما شعورك ومدينتك عفرين تقصف اليوم بوحشية من قبل دولة الإحتلال التركي ، عفرين التي رأيت فيها النور وأينعت في مرابعها ذكرياتك ؟
لا أستطيع الإدعاء بأنني أتألم أكثر من كل الكردستانيين، فعاطفتي جياشة تجاه عفرين مثل عاطفة أي وطنيّ شريف، في حين أن هذه العاطفة لا تدفعنا إلى الإستسلام والرضوخ برغم تهديد أردوغان وهجماته المستمرة منذ سبعة أعوام على روج آفا مستهدفة مكتسبات شعبها.
أكثر ما يمكننا إظهاره من عاطفتنا هو العمل الجاد والمقاومة ، وأكثر من العواطف نفكر بما يمكننا فعله لأجل عفرين ، لإيقاف هذا العدوان والحد من الضحايا الأبرياء جراء القصف الذي يزهق أرواح المدنيين ويسقط الشهداء ويدمر الممتلكات، ومن المهم لنا في هذه المرحلة الموقف الموحد ورد الفعل الشديد والصارم ضد عدونا.
لا شك بأن عفرين هي موطني فيها رأيت النور وترعرعت على ترابها وإستنشقت هواءها وشربت من مائها، عفرين هي الأم مثلما الوطن كردستان هي أمنا، وأي هجوم على الأم ينبغي على المرء ألا يبقى ساكناً، خليل خمكين مثله مثل أي مواطن يتألم على أمه ويعمل من أجلها .

ـ ماذا يقول خليل خمكين لشعبنا المقاوم في عفرين وقواتنا البطلة من وحدات حماية الشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطية ؟
كردي اليوم ليس كردي الماضي يوجه لومه وعتابه إلى عدوه والمجتمع الدولي، إنما كرد اليوم باتوا أصحاب رؤية وأفق سياسي بفضل الفكر والفلسفة الأوجلانية ، وهم يستطيعون من خلالها تقييم سياستهم وسياسة عدوهم ، مع عدم الرضوخ لأوامر أي قوى خارجية، في حين كنا بالماضي كشعب و قضية الوسيلة الأسهل التي تتفاوض وتتبازر عليها القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أجنداتها ، ومع ظهور حركة التحرر الكردستانية انتهى عصر التفاوض على الكرد.
قوتنا تكمن في شعبنا، والمقاومة الشعبية التي تتجلى اليوم في عفرين دليل واضح، هذه المقاومة منقطعة النظير وتاريخية، الشابات والشبان الكرد أمثال افيستا خابور وبارين كوباني يجعلون من أجسادهم جسراً للعبور إلى الأمان والاستقرار، وهم يوضحون صورة المقاومة الحقة للحركة التحررية الكردية التي لا تسمح ببيع أو شراء لكرامتها والمقاومة الكردية مقاومة من أجل الإنسانية جمعاء.
البعض يتداول على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي مفهوم خيانة القوى العظمى للكرد، وأنا من جانبي أناشد هذه الفئة بأن تلتفت إلى المقاومة التي أبدتها آرين وأفيستا وبارين حتى تدرك كيفية بناء الأوطان والمجتمعات ، فأمام المقاومة التي تبديها عفرين ستخجل القوى المنادية بالشعارات الرنانة، ونحن على ثقة أن هذه المقاومة مستمرة وستحقق النصر، منهية بذلك ظلم أردوغان وفاشيته ، وأنا على تواصل دائم مع عفرين وبمتابعة المستمر لحالها ونضال أبنائها في الـ YPG والـ YPJ وقوات سوريا الديمقراطية ومقارعتهم للاحتلال التركي، ووقوف الأمهات العفرينات بوجه الاحتلال التركي محط تقدير وتبجيل كبيرين.

ـ ما أول شيئ يخطر ببالك إذا ما طلب منك فعل شيئ من أجل عفرين ؟
انطلاقاً من الواجب الأخلاقي ندعو كل الكردستانيين إلى تأدية ما يقع على عاتقهم تجاه عفرين، كما ويتوجب علينا نحن الفنانين أن نكون الطليعة في رفع وتيرة المعنويات لجماهيرنا، لذا في فرقة برخدان نمتلك مخططاً لدعم مقاومة عفرين ونحن على أهبة الاستعداد لرفع الحالة المعنوية لشعبنا المقاوم، وعليه تعمل فرقتنا بشكل فعال دون كللٍ أو مللٍ لأنها تجد مقاومة عفرين مصيرية بقدر ما كانت مقاومة كوباني، خلال الليلة الأولى من الهجوم على عفرين ألّفت مع زميلي الفنان ديار ديرسم أغنية، كما وأصدرنا في فرقة برخدان عدة أغاني أخرى بهذا الصدد إلى جانب إنضمامنا إلى مختلف إحتجاجات الكردستانيين في المدن الأوروبية لإيصال صوت شعبنا للعالم ، كما أننا سنبقى مستمرين في نشاطنا هذا حتى دحر الاحتلال التركي وهزيمته شر هزيمة.
صحيح أننا نتألم على المدنيين العزل الذين يستهدفهم القصف التركي، إلا أننا نعيش حرباً والاستسلام فيها مذلة، لذا نحن جاهزون لدفع أرواحنا دفاعاً عن أرضنا مع ثقتنا التامة بأن النصر المؤزر لنا، ونعاهد على أن الراحة حرام علينا ما دامت عفرين تقاوم لأن الفنان يبقى فنان الشعب والوطن فعليه التغني بهما ولأجلهما ،و يكون ممثلاً حقيقياً لأمال وآلام وطموحات شعبه .

حوار مزكين حسن
إعداد وتقديم حسين فقه

زر الذهاب إلى الأعلى