مانشيتمقالات

حرية القائد الأممي عبد الله أوجلان ضرورة لحل مشكلات المنطقة

د. أحمد سينو ــ

ها هو شهر شباط سينقضي، وما زال مستمراً مفاعيل ذكرى اعتقال القائد الأممي عبد الله أوجلان في اليوم الأسود يوم 15 شباط فبراير من عام 1999م بمؤامرة دولية شاركت فيها الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل واستخبارات معظم الدول الأوربية مع تركيا بما فيها روسيا واليونان وإيطاليا على اعتبار تركيا حليفتهم في الناتو ولهم مصالح مشتركة اقتصادية وسياسية معها.

هذه الدول الاستعمارية والرأسمالية، بما فيها إيران وتركيا وحتى روسيا السوفييتية وقفت ضد الكرد بحجة أن الكرد متحالفين مع حزب “طاشناق” الأرمني، الذي هو ضد الحزب الشيوعي الأرمني. وقفت هذه الدول في وجه الحركات الوطنية الكردية والأرمنية والعربية والسريانية في ميزوبوتاميا والشرق الأوسط وساندت تركيا بمجازرها ضد الشعوب المذكورة منذ الحرب العالمية الأولى والثانية كمذابح الأرمن ومذابح سيفو1915م ضد السريان والآشوريين وضد الكرد كمذابح زيلان وديرسم وحلبجة والأنفال وغيرها، ووقفت هذه الدول الاستعمارية ضد الثورات الكردية كثورة شيخ سعيد 1925م وثورة آرارات بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا 1927م -1931م وثورة ديرسم قبيل الحرب العالمية الثانية وساومت مع تركيا وايران بعقد صفقات لضمان مصالحها، خاصة بريطانيا وفرنسا، اللتان استعمرتا دول الشرق الأوسط، سوريا والعراق وشرقي الاردن وفلسطين وكردستان بأجزائها داخل الخرائط التي وضعت من قبلها في منطقة الشرق الأوسط، وتم اللعب بورقة الموصل تارة ضد الحكومة العراقية وتارة ضد تركيا بتحريض الكرد ضدها، وبعد أن شمَّت بريطانيا رائحة البترول من كردستان الجنوبية في الموصل وكركوك؛ أشرفت على معاهدة “سعد أباد” لمحاربة الحركة الوطنية الكردية وممالاة تركيا وإيران، وتم مساومات على الحدود السورية الشمالية بين تركيا وفرنسا، وقَضَمَتْ تركيا الحدود السورية الشمالية بما فيها سهول كيليكية وماردين ونصيبين وكلس وغازي عينتاب بعد معاهدة أنقرة 1921م، ومن ثم كانت صفقة لواء اسكندرونة عام 1935م قبيل الحرب العالمية الثانية بين الدولتين المذكورتين فرنسا وتركيا الطورانية.

ثم وقفت هذه الدول نفسها ضد حرية القائد الأممي عبد الله أوجلان، لأنها، أي هذه الدول الرأسمالية والاستعمارية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول الاتحاد الأوربي شاركت في المؤامرة الدولية في 15 شباط عام 1999م، وألقت القبض عليه لأنها تستهدف الشعب الكردي برمته ورغم مرور ربع قرن تقريباً على الاعتقال ما زالت العواصم في العالم تضج بالمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات في السجون والعرائض والمسيرات وتعج المنطقة في الشرق الأوسط كلها تطالب بحرية القائد الإنسان والأممي البارز عبد الله أوجلان.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي تفقده الدول الرأسمالية المذكورة وماذا تخسر؟ وما الذي تخسره تركيا وإيران والعراق وسوريا وعموم الشرق الأوسط بالإفراج عن عبد الله أوجلان؟

طبعاً تركيا تخسر دولتها القومية الطورانية وتحصل كافة الشعوب داخلها على الحرية والديمقراطية وعلى المساواة وعلى الفيدراليات عبر الانتخابات الديموقراطية النزيهة والشفافة بإشراف أممي، وتتم تسوية كل المسائل العالقة، وتحل كافة المشكلات الداخلية والمالية والاقتصادية، وتحل الخلافات مع اليونان ومع قبرص وسوريا والعراق، وتحل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً، وغيرها…، طبعاً هذا لا يتوافق مع الدولة السلطوية التركية بكل تياراتها القومية والدينية، ومن أجل ذلك يرتعب رجب طيب أردوغان وكليشدار أوغلو من فكر القائد الأممي عبد الله أوجلان.

أما دولة الملالي الشيعية والصفوية هي بدورها ترتعب بل ترتجف من فكر القائد الأممي عبد الله أوجلان الذي يقر بفكر إخوة الشعوب والمساواة وقبول بالآخر من القوميات المختلفة والتيارات الأثنية والعرقية التي تعج بها إيران. فإيران تخشى الفكر العصراني الذي يحمله القائد الأممي عبد الله أوجلان ليس فقط من أجل كردستان الشرقية (روج هلات) أن تتم تسوية أمرها ديمقراطيا، إيران تخشى أن ينتقل هذا الفكر إلى الداخل الإيراني؛ فهناك الأذريين والعرب في خوزستان وهنالك البلوش والفرس؛ ناهيك عن الطوائف الدينية الكثيرة والمختلفة.

فكر أوجلان هو بلسم وعلاج لكل المسائل الإيرانية سياسياً واقتصادياً وقومياً ودينياً، وهذا ما ترفضه إيران؛ لذلك نجدها دائماً متحالفة مع تركيا الطورانية وتتوافق مع الدول الرأسمالية ذات المصلحة في بقاء أنظمتها.

الأمر ذاته في العراق وسوريا التي يمكنهما أن تحلَّا كافة أزماتها القومية والدينية والسياسية إذا استنارتا بفكر عبد الله اوجلان؛ لكن كأنظمة قومية وسلطوية ما زالت لا تقبل ولا زالت تقف في خندق تركيا وإيران وترفض حتى التأييد والمساندة في الإفراج عن القائد أوجلان، علماً أن كل حلول ومسائل الشرق الأوسط يمكنها أن تُحل إذا تم الأفراج  عن عبد الله أوجلان، وبديهي أن الولايات المتحدة وبقية الدول الرأسمالية في الاتحاد الأوروبي هي مع تركيا وتقف ضد حرية أوجلان؛ لأنها كما أشرنا هي نفسها من شاركت بالمؤامرة الدولية والقت القبض عليه وساعدت الاستخبارات التركية، وهي من تساند تركيا بفرض العزلة المطلقة والدولية، وتساهم في التضييق على الأممي أوجلان وسط صمت دولي رهيب، بل متعمد.

زر الذهاب إلى الأعلى