تقاريرمانشيت

ترامب بعد هزيمة الإرهاب سنواصل العمل مع شركائنا

قادت الولايات المتحدة تحالفاً من المقاتلين من كافة مكونات شمال سوريا ضد تنظيم الدولة في سوريا، وكان قوام القوات الأمريكية على الأرض 2000 مقاتل في إطار هذا التحالف.

أثار قرار ترامب المفاجئ بسحب القوات الأمريكية من سوريا مخاوف الكثيرين دفعتهم إلى إطلاق تحذيرات من بينهم أعضاء في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، هم وبعض الحلفاء الخارجيين للولايات المتحدة من أن الانسحاب قبل الوقت المناسب قد يؤدي إلى إحياء داعش في المنطقة من جديد.

في 19 كانون الأول ديسمبر من العام 2018 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة مفاجئة له؛ القضاء على داعش والانتهاء منه مما يقتضي سحب القوات الأمريكية من سوريا خلال فترة قصيرة.

الكثير من التساؤلات اُثيرت لدى أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي والجنرالات العسكرية، وحالة البلبلة هذه التي أعقبت الإعلان عن قرار الانسحاب من سوريا الذي كان من أحد أسبابه استقالة وزير الدفاع  ماتيس، ساهمت في بلورة تفاهم بين ترامب وكبار القادة على الأرض وخصوصاً بعد أن زار سراً قاعدة عين الأسد العسكرية في العراق عندما استمع ترامب إلى تقارير من القادة الأمريكيين عن العمليات التي تشير إلى أن النصر على تنظيم “داعش” أصبح في متناول اليد وأن الجيش لا يحتاج إلا لوقت قصير فقط لاستكمال المهمة وأن الانسحاب السريع مستحيل وسيعرِّض قواتنا وشركاؤنا في الحرب على الإرهاب لخطر كبير، وفي تصريحات للصحفيين أوضح ترامب بأن إدراكه للوضع قد تحسَّنَ بعد حديثه مع القادة في مسرح العمليات بدلاً من المسؤولين في واشنطن، وساعد هذا اللقاء في قاعدة عين الأسد في العراق  بإتاحة المجال لالتقاط الأنفاس للجيش والدبلوماسيين في الولايات المتحدة من أجل التخطيط لانسحاب أكثر تأنيا من سوريا.

في الأثناء قرر أردوغان زيارة موسكو للتنسيق مع الجانب الروسي بعد انسحاب القوات الأمريكية لتحل القوات التركية والمسلحين المرتزقة محل القوات الأمريكية والسيطرة الكاملة على مناطق شرق الفرات وأضاف أردوغان – في مقال بصحيفة نيويورك تايمز- أن الانسحاب الأميركي من سوريا يجب التخطيط له بعناية مع الشركاء الحقيقيين، مؤكداً أن تركيا مصممة بكل قوَّة على محاربة داعش وبقية (المنظمات الإرهابية) بسوريا مشيراً بذلك إلى قوات سوريا الديمقراطية، وشدد الرئيس التركي على أن الخطوة الأولى بعد هزيمة تنظيم داعش عسكرياً ستكون تشكيل قوة داعمة للاستقرار، تضم مقاتلين من كل أطراف المجتمع السوري، مشيراً إلى أن بلاده هي الدولة الوحيدة التي يمكنها العمل مع كل من أميركا وروسيا في سوريا.

من جانبه أشار الرئيس الروسي بوتين إلى إمكانية إعادة تفعيل اتفاقية أضنة المبرمة بين سوريا وتركيا في 20/10/1998 للتقليل من هواجس تركيا (حسب زعمها) بعد أن أعلن ترامب إقامة منطقة آمنة على طول الحدود الجنوبية لتركيا بعمق عشرين ميلاً عقب انسحاب القوات الأمريكية وكانت تركيا تصرَّ على أن تكون المنطقة الآمنة تحت إشرافها.

يذكر أن أردوغان  قد أعلن قبل إعلان ترامب الانسحاب بأسبوع، أن الجيش التركي يستعد للقيام بتوغل بري في الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية شرقي نهر الفرات.

وكان رد البنتاغون أن حذّر أردوغان من الإقدام على أي خطوة أحادية الجانب وأن ذلك لن يكون مقبولاً، وهنا بدأت المسألة أكثر تعقيداً أمام ترامب بشأن قرار الانسحاب؛ الذي طلب ضمانات من أردوغان بحماية أصدقائه الكرد وعدم التعرض لهم وإلا سيتم تدمير الاقتصاد التركي.

عاصفة دبلوماسية أعقبت إعلان ترامب المفاجئ في كانون الأول/ديسمبر بالانسحاب الفوري من سوريا عرَّضَتْ ترامب إلى ضغوط كبيرة داخل بلاده وعواصم الدول الحليفة معه في الحرب على الإرهاب بسبب هذا الإعلان عن الانسحاب واعتباره أن تنظيم “داعش” قد تم القضاء عليه.

حقائق ومعادلات واقعية كثيرة ساهمت في تجاوز قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا والقفز فوقها بدبلوماسية عريقة حتى يتم القضاء النهائي على ذهنية التنظيم الإرهابي داعش بعد القضاء العسكري عليه وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

إحدى هذه الحقائق هي الجولات الدبلوماسية التي قام بها المسؤولين في الإدارة الذاتية على كافة المستويات ويشير بعض الخبراء والمتابعين عن قرب للأزمة السورية أن زيارة السيدة إلهام أحمد رئيسة المجلس التنفيذي في مجلس سوريا الديمقراطية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا حققت أهدافاً كثيرة في العلاقات الكردية الأمريكية وينبغي تفعيل مثل هذه الدبلوماسية الكردية مع أمريكا والقوى العالمية الأخرى وهي خطوة في الاتجاه الصحيح وما اللقاءات التي جرت بين رئيسة المجلس التنفيذي في مسد  ومسؤولين في البيت الأبيض وأعضاء من الكونجرس الأمريكي إلا خطوة تصب في تعزيز أركان الإدارة الذاتية وضربة صائبة ضد أهداف السياسة العدائية التي تمارسها تركيا ضد الكرد وتُبين حقيقة نوايا الكرد في بناء سوريا ديمقراطية موحدة لامركزية تحترم التنوع الديني والثقافي والمذهبي وتُصانُ فيها حقوق كافة المكونات في دستور جديد، وما يؤكد صوابية هذه الخطوات الدبلوماسية حضور رئيسة المجلس التنفيذي خطاب حالة الاتحاد بدعوة من النائبة عن الحزب الديمقراطي تولسي غابارد المرشحة لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2020.

كل هذه العوامل المؤثرة أدت بالرئيس الأمريكي إلى القول: سنواصل العمل مع شركائنا وحلفائنا لسحق الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين تماما”. بل كانت هذه العوامل من المؤثرات على قرار ترامب والتأني في الانسحاب وإرجائه والإبقاء على بعض الجنود الأمريكيين في شرق الفرات والتنف إلى حين الوصول إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.

بدران الحسيني

زر الذهاب إلى الأعلى