مقالات

تداعيات تفجيرَي أنقرة على سياسة أردوغان

سيف دين عرفات

سيكون تاريخ 10 / 10 / 2015 يوما مشهورا ومشهودا يشير الى بداية انحدار سياسة أردوغان نحو الهاوية، فمنذ ذلك التاريخ وحتى كتابة هذه السطور يزداد الاشمئزاز من سياسة أردوغان داخليا وخارجيا، ويزداد التخبط والفوضى وتناقض تصريحات أزلام وأذيال وعملاء أردوغان بشأن التفجيرَين الارهابيَين اللذين حدثا في ذلك التاريخ المذكور.

فعلى الصعيد الداخلي والخارجي لم تتوقف الاحتجاجات والمظاهرات والمسيرات المنددة بسياسة أردوغان وهذا ما يخلق عند الجميع وخاصة أوروبا الجارة خوف حقيقي من حدوث فوضى سياسية واجتماعية في تركيا والتي ستكون لها تداعيات خطيرة على سياسة أردوغان وعلى اوربا الواقعة حاليا تحت أزمة اللاجئين الهاربين من الموت من مختلف دول العالم.

لو أخذت دولة ألمانيا مثالا سأفهم مستقبلا تداعيات العملية الارهابية على سياسة أردوغان، فقد اتهم رئيس كتلة الخضر جم أوزدمير أتهم أردوغان بتسخين الوضع في تركيا نحو الفوضى وصرّح ل نيتزفيرك دويتشلاند ( أن الشرطة لا تقوم بعملها ) وطلب بوقف المحادثات مع أردوغان بشأن أزمة اللاجئين.

من المعلوم بأنه بعد القيام بمظاهرة سلمية في العاصمة انقرة في يوم السبت الماضي للتشبث بالعملية السلمية التي انهاها اردوغان قبل اسابيع للحصول على مزيد من أصوات الناخبين بواسطة اراقة مزيد من دماء الابرياء واعلانه الحرب على الكورد بل وعلى كل من يعارضه وحتى على الاعلام التركي العنصري، من المعلوم تعرض المتظاهرين السلميين الى تفجيرَين مزدوجَين راح ضحيتهما أكثر من 100 شهيد من شهداء الحرية والسلام وجُرح أكثر من 250 ضحايا آخرين وكان ذلك ليس ببعيد من مقر الحزب الكوردي ال ه د ڀ ويبدو بأن هذا الحزب هو كان المستهدف بالدرجة الاولى وأعلن عن سقوط 128 شهيدا في تلك العملية الارهابية.

أعلن أردوغان في أعقاب العملية بأن ذلك جرى بواسطة انتحاريَين وقال بأنه يمكن أن يكون ذلك من طرف ال ڀ ك ك أو من قبل يساريَين متطرفَين، انه تصريح يدعو الى الضحك وشر البلية ما يُضحك فكيف يقوم تلك الاطراف بأنهاء حياة هذا العدد الهائل من أشد مناصريه!
في أعقاب ذلك تظاهر الآلاف من الكورد وأصدقائهم في مختلف دول العالم وخاصة في ألمانيا وفي مدينة اسطنبول وفي مختلف المدن التركية والكوردية مرددين الشعار (أردوغان قاتل ) وألقوا بمسؤولية ما جرى على عاتق أردوغان، على سبيل المثال وبحسب الاعلام الالماني تظاهر في شتوتغارت أكثر من 5000 شخص وفي هانوفر أكثر من 800 شخص وهذا سيكون له تداعيات على نقصان أصوات أردوغان في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في بداية الشهر المقبل.

واعلن وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير المنتمي الى الحزب الاشتراكي الديموقراطي، أعلن بأن تلك العملية بمثابة الهجوم على العملية الديموقراطية في تركيا.

اردوغان وسياسته يقتلون القتيل ويمشون في جنازته، فقد أعلنت الحكومة التركية الحداد لثلاثة أيام واجّل محادثاته مع الاتحاد الاوربي بشأن أزمة اللاجئين، وهذا يدل بشكل واضح على ضعف السياسة الاوربية وقبول الابتزاز التركي الجاري بشكل مباشر من قبل أردوغان وكل هدفه هو الحصول على الاصوات اللازمة له ليحكم تركيا بشكل اوتوقراطي وليغير الدستور التركي على هواه ولكنني أعتقد بأن تداعيات ما جرى في أنقرة لا يصب أبدا في مصلحة أردوغان.

اذن تأجيل المحاثات المذكورة وزيارة المسؤولين الاوربيين لتركيا ومنهم السيدة ميركل في يوم الاحد المقبل يدل بشكل أوضح على ضعف السياسة الاوربية تجاه أردوغان وهذه الزيارات تصب في مصلحة أردوغان بشأن الانتخابات المقبلة، وبهذه العملية الارهابية وبهذا الابتزاز والتصرف التركي وبهذا الضعف الاوربي يستخدم أردوغان آخر اوراقه المحروقة التي ستنعكس عليه سلبا كما سنرى مستقبلا.

تركيا ومنذ ظهور أردوغان يلف ويماطل وينافق ويخدع ويمكر الجميع متناسيا وجود خير الماكرين ألا وهم الساسة الاوربيين بشكل عام، أردوغان ينافق مع جميع جيرانه بمَن فيهم المعارضة السورية ويضع خطوطه الحمراء ويتناساه ويبتز الجميع وحتى حلفه الناتو وأعتقد بأن الوقت حان ليلقى جزائه العادل من الجميع وخاصة من الناخب التركي والكوردي ازاء اعماله وسياساته الدنيئة وحربه القذرة على الشعب الكوردي وعلى قضيته العادلة.

وأخيرا لا يستفيد احدا من عمليات أردوغان الارهابية والجميع يخسر ولكن الخاسر الاكبر هو أردوغان بالذات وأعتقد بأن سياسة اوروبا (الواقعية ) سوف لن تتغير لصالح تركيا كما يعتقده هو وربما سنرى بأن السيدة ميركل ستعلن يوم الاحد المقبل في عقر داره بأن تركيا لا تزال بعيدة عن دخول الاتحاد الاوروبي.

زر الذهاب إلى الأعلى