تقاريرمانشيت

بعد عام من الاحتلال؛ يتكشف زيف النظام الفاشي المحتل… وطبول النصر تقرع

دوست ميرخان

قامت تركيا ومجموعاتها الإرهابية المرتزقة المهزومة  بشنّ عدوان سافرٍ همجي على مقاطعة عفرين في20 كانون الثاني 2017 بغية احتلالها واستعمارها, وقطع الطريق أمام الانتصارات التي حققتها قوات سوريا الديمقراطية على الإرهاب بشتى صنوفه، خاصة بعد النصر الباهر الذي حققته قسد على الكيان الإرهابي الكبير ” داعش” في العالم عموماً، وعلى إثره لم يتمالك نظام العدالة والتنمية الأخواني نفسه فهاجم بكل ما تحمله من حقد وكراهية على شعب عفرين الآمن مصطحباً معه كل شذاذ الإرهاب المهزوم في العديد من المواقع في سوريا بعد أن جرّت روسيا قياداتهم إلى المال وفرض عليهم الاستسلام طواعيةً.

استخدم جيش الاحتلال التركي في هجمته الوحشية كل اسلحة الناتو بغية الترهيب والتدمير، وبعد 58 يوماً من المقاومة البطولية اضطر السكان المدنيين إلى ترك منازلهم بعد أن استهدفتهم طائرات النظام التركي التي كثفت من قصفها على المدنيين وذلك بعد فشل محاولته البرية باقتحام عفرين.

 18/آذار 2018 احتلت تركيا عفرين بشكل كامل بعد خروج معظم سكانها، ومن بقي فيها من المدنيين تعرّض للقتل والخطف والتعذيب والحال على ما هي عليه إلى يومنا هذا، لكن روح المقاومة وإرادة النصر لم تستكين للحظة بل دخل مرحلة جديدة عنوانها دحر المحتل وتحرير الأرض من الجيش الغازي والمرتزقة الإرهابيين.

حقيقة لم تكن تركيا تتجرأ على خطو خطوة واحدة داخل عفرين وداخل عموم الأراضي السورية لولا التخاذل والتنازل والتغابن والتآمر من قبل العديد من الأطراف منها الداخلية كالنظام السوري والقوى التي تتدعي المعارضة والثورة وهي التي باعت أصلاً الشعب السوري والثورة السورية عموماً، ولم يبقّ أمامها سوى الارتزاق في اسطنبول وانقرة، وأطراف اقليمية وعلى رأسها إيران والعراق، أما القوى الدولية فقد تمثلت أولاً بروسيا التي منحت الضوء الأخضر، وفتحت كل المجالات الجوية والبرية والبحرية السورية أمام الطائرات والقذائف الصاروخية التركية، كونها القوة الدولية التي كانت تتحكم بمناطق غربي الفرات، ناهيك عن الرضى الدولي العام من هذا الاحتلال الغاشم والذي تجاوز فيه جيش النظام التركي الفاشي كل القوانين والمبادئ  والأعراف الدولية.

لم يبدِ المجتمع الدولي أية إدانة صريحة وواضحة من عملية احتلال عفرين ومن كل الجرائم التي ارتكبها المحتل ومرتزقته، على العكس تمام هناك من بررّ لعمليات السلب والنهب والقتل والتغيير الديمغرافي الحاصل في عفرين، أي أنهم شرّعوا جرائم جيش العدالة والتنمية وحلفائه الإرهابيين.

 بالطبع هذا الأمر ليس بجديد على الأمم المتحدة وعلى المجتمع الدولي عموماً أمس كانت حلبية واليوم عفرين، حقيقة إن المنظمة الدولية بارعة في إيجاد التبريرات للمجازر التي ترتكبها طغاة السلطة.

والمريب هو حتى المواقف الدولية التي ظهرت مؤخراً مواقف خجولة مبنية على المصالح والبروبوغندا الإعلامية.

جميعنا يعلم كيف قام أردوغان بعقد اتفاقيات تسليم واستلام مع الروس في استانا وغير استانا، في عام 2016 سلم حلب للنظام مقابل السماح لتركيا باحتلال الباب وجرابلس، وعلى هذا الأساس تخلص روسيا من عددٍ كبير من تلك المجموعات الإرهابية التي اضطرت للانضمام إلى جبهة النصرة وداعش فيما بعد، أو وجدت مكانها بين جيوش تركيا البديلة على الأرض السورية.

 ويتساءل البعض ما هدف روسيا من احتلال تركيا لعفرين والمناطق السورية الأخرى؟

منذ أن بدأت الأزمة في سوريا دخلت روسيا مباشرة في عمق الأزمة باعتبارها الحليف الرئيسي للنظام السوري والايراني، ولم تبدِ روسيا أية مواقف عدائية تجاه مكونات سوريا عموماً لكنها وضعت كل ترسانتها العسكرية من أجل الإبقاء على النظام السوري والحفاظ على قالبه الحالي، ولترسخ مصالحها ومطامعها في المنطقة عموماً والتي طالما كانت ترغب في ترسيخ وجودها وتثبيت قواعدها على الأرض، لذا كانت الأزمة السورية بمثابة فرصة ذهبية لن تتكرر بالنسبة للروس.

إلى الجانب من ذلك رغبت روسيا في استعادة امجادها ولعب دورها على الصعيد الدولي والاقليمي بعد جفاء طال لسنين، حيث كانت الساحة الدولية مفتوحة ومملوكة لقوة واحدة وهي الولايات المتحدة الأمريكية، لذا سعت روسيا إلى جذب تركيا وجرِّها إلى المستنقع السوري وبالفعل تم لها ذلك لدرجة غاص فيها النظام التركي حتى العنق، ولم يعد بإمكانه الخروج بالسهولة التي يتحدث بها أردوغان في خطاباته الاستعراضية.

لذا فأن وجود روسيا في سوريا ليس من أجل حل الأزمة السورية أو خدمة لمصالح الشعب السوري، أو لخلق توازنٍ دولي إنما لتنفيذ مصالحها وخدمة لمشاريعها التجارية والسياسية في المنطقة خاصة فيما يتعلق بمنافستها مع القطب ال آخر0

وكما يرى أغلب المحللين إنها ترغب في حماية مواقعها من الهجمات التي كانت تشنها المجموعات المسلحة، لذا سارعت إلى ربط أواصرها مع النظام التركي والعمل مع تركيا على مبدأ المقايضات، وكانت أولها مقايضة حلب بجرابلس والباب، ومن ثم عفرين مقابل إدلب والتخلص من جبهة النصرة التي كانت تشكل مصدر قلق بالنسبة لها.

الخبير الروسي في مركز البحوث التحليلية، سيميون باغداساروف، قال حينها لـصحيفة “غازيتا رو” الروسية: “اتفاقنا على عدم اعتراض الطيران التركي في عفرين، على أنهم لن يعارضوا عمليتنا في جنوب إدلب، وألا يتم إفشال محادثات سوتشي، ولا ينهار مثلث: روسيا – تركيا – إيران”.

رغبة روسيا في الضغط على الكرد والقوى السياسية في شمال سوريا بالامتثال للنظام السوري وأوامره، لكن الادارة الذاتية الديمقراطية رفضت الرجوع إلى ما قبل 2011، واعتبرت روسيا هذا الرد بمثابة رفض السياسية التي تتبعها روسيا في سوريا، لذا عملت، ومن خلال العدوان التركي على فرض مزيد من الضغط على إدارة شمال سوريا من أجل قبول الشروط الروسية وهذا هو السبب الرئيسي لفتح المجال الجوي السوري أمام طائرات الاحتلال التركي.

كان هدفها أن تتلقى قوات سوريا الديمقراطية ضربات في عفرين تجبرها في النهاية بالتوجه إلى قوات النظام، وبذلك تكون روسيا قد حققت مصالحها ومطامعها في سوريا والمنطقة عموماً.

أما الموقف الأمريكي الخجول الذي برر لتركيا بشكل أو بآخر بضرب عفرين والسيطرة عليها كونهما شركاء في الناتو الذي قدم السلاح لتركيا لضرب المدينة وتهجير وقتل سكانها.

حقيقة الموقف الامريكي تنبع من السياسة الأمريكية القائمة على لا أعداء ولا أصدقاء وهذا يدل على أنها تحاول إيجاد طريقة تحقق فيها التوازن بين قوات سوريا الديمقراطية باعتبارها قوة ميدانية عسكرية ضمن التحالف الدولي على داعش.

عربياً، كان موقف النظام المصري والجامعة العربية الأكثر وضوحاً.

ربما كان الموقف الابرز من بين كل المواقف التي صدرت من إدانة مباشرة ضد ما تفعله الدولة التركية بحق الشعب الكردي السوري وكان موقف اليسار الألماني وبعض البرلمانيين الألمان عندما طالبوا حكومة بلادهم بإيقاف توريد السلاح إلى تركيا لأن الدبابات الألمانية ليوبارد هي من تقصف مدنيي عفرين وترتكب المجازر، وكذلك دعوتهم بسحب الجنود الألمان من قاعدة قونيا للناتو في تركيا.

لماذا احتلت تركيا عفرين وما غاياتها من عدوانها الشرس على المنطقة؟؟.

تركيا التي كانت لديها مخططاتها الخاصة بشأن سوريا، أرادت أن تكون السلطة في سوريا وفي عموم المنطقة بأيدي تنظيم “الإخوان المسلمين” الذي يديره أردوغان حالياً، وهذا ما صرح به وزير الخارجية التركي السابق أحمد داود أوغلو لدى لقائه بشار الأسد في بداية الأزمة. وعندما رفض الرئيس السوري هذا الأمر تحولت تركيا بسياسييها ومسلحيها بل وحتى كل المنظمات غير الحكومية والإغاثية إلى بيت للمعارضة السورية، وافتتحت لهم مراكز ومعسكرات تدريب ومنافذ لتزويدهم بالأسلحة وجميع المستلزمات الحربية.

في البداية، حاولت تركيا تسليط الفصائل المرتبطة بها مثل “جبهة النصرة” وتوابعها على الكرد فجوبهوا بمقاومة عنيفة. ثم قررت تركيا إبادة الكرد بتسليط “داعش” على مناطقهم، وعندما انكسرت شوكة “داعش” في كوباني (عين العرب) وانكشفت ألاعيب تركيا للقاصي والداني بدأت بالتدخل المباشر.

وقف التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب إلى جانب الكرد في محاربة “داعش” إلى أن تم تحرير جميع الأراضي المحتلة من طرف “داعش”، فاضطرت تركيا إلى التدخل بذاتها بدلاً من الفصائل المرتبطة بها واحتلت شمال سوريا ثم احتلت عفرين في مقايضات تفتقر إلى أدنى معايير الأخلاق السياسية أو الإنسانية، بهدف تمرير سياساتها وإجراء التغيير الديموغرافي لإنهاء الوجود الكردي.

على الصعيد السياسي، بذلت تركيا كل جهودها لإبعاد الكرد عن أي جهد يسعى من أجل الحل السياسي لسوريا خوفاً من أن ينال الكرد بعض حقوقهم المشروعة، فجرى إبعاد الكرد وحلفائهم من حوارات جنيف وآستانا وسوتشي.

 حقيقة لعبت الابتزاز التركي سياسة مارسها رئيسها أردوغان بحنكة ضد الاوروبيين، والروس والنظام

حقيقة الأكاذيب التركية:

وإذا كانت غاية تركيا إيجاد مكان آمن لـ 3.5 مليون نازح سوري في تركيا، كما تدعي لكان باستطاعتها تأمين ذلك لهم في إدلب الخاضعة لسيطرة المجموعات المرتزقة التي تشاركها الآن في العدوان على عفرين وكذلك في المناطق التي احتلتها في الباب وجرابلس، ولكن كما ذكرنا سابقاً أن تركيا لم تعيد أحداً من السوريين إلى تلك المنطقة بل نقلت إليها عوائل المجموعات المرتزقة المدعومة منها وكذلك التركمان من العراق ومن مناطق اسيوية أخرى وطنتهم في أرضٍ غير أرضهم مغيرة بذلك التركيبة الديموغرافية في تلك المناطق.

كما أكد زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كلجدار أوغلو زيف أردوغان بمحاربته للإرهاب عندما قال منتقداً الهجوم التركي على عفرين “نحن من دعم الإرهاب”.

ويتفق كل المحللين على أن الهدف التركي الأساسي هو الشعب الكردي والمكتسبات التي حققها خلال الأزمة السورية، لأنه حتى قبل إنشاء قوات سوريا الديمقراطية، فتحت تركيا المعبر الرئيسي مع مدينة سريه كانيه وأدخلت مرتزقة غرباء الشام إلى هذه المدينة من أجل احتلالها – احتلال المدن الكردية في سوريا-والجميع يعرف أن غرباء الشام هم الأب الشرعي لكل من داعش وجبهة النصرة، أي أن تركيا دعمت الإرهاب منذ بدء الأزمة السورية.

الخبير في مركز البحوث التحليلية، سيميون باغداساروف، الذي قال لـ “لغازيتا رو”، عن الهدف التركي الآخر من شن الهجوم على عفرين وقال “إن تركيا تهاجم عفرين ولكن هدفها التالي هو مدينة حلب. أردوغان يحلم باستعادة الأراضي التي فقدتها تركيا في اتفاق لوزان في العام 1921”.

المتابعون للوضع السوري يرون أن هناك هدفاً آخر من العدوان على عفرين ألا وهو تصفية المرتزقة التابعين لتركيا، هذا الهدف بحسب المحللين هو مطلب روسي آخر من تركيا عدا إدلب، والمتابع لوضع المعارك في عفرين الآن يرى ذلك بشكل واضح، إذ أن تركيا جمعت جميع المرتزقة الذين تدعمهم والبالغ عددهم كما يدعون 25 ألف، وترسلهم واحداً تلو الآخر للموت في عفرين. حتى أن بعض المصادر من إعزاز قالت بأن المرتزقة الآن يعيشون حال تناقض ويرفضون التوجه إلى جبهات القتال لأنهم يلقون حتفهم والمستفيد هي تركيا، ووصل الأمر بهم إلى حد اندلاع مواجهات مسلحة بينهم.

وما يؤكد بأن هدف تركيا هو تصفية المجموعات المرتزقة التابعة لها، هو تشكيلها للجنة من أجل المصالحة مع نظام بشار الأسد. فعضو البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري سركان طوبل تحدث عن تشكيل لجنة برلمانية خاصة لإعادة إحياء العلاقة مع النظام السوري، وذلك في حوار خاص لسبوتنيك ببرنامج “ما وراء الحدث”.

وقال طوبال “هناك تواصل من الحكومة التركية مع الحكومة السورية، وهذه اللجنة ستعمل على إنهاء الخلافات والمشاكل مع الدولة السورية”، وأكد البرلماني التركي أنهم يريدون “الصلح” مع النظام السوري.

جملة الفظائع والانتهاكات اليومية المرتكبة بحق المدنيين الكُـرد في منطقة عفرين في ظل الاحتلال التركي والمجالس التابعة له، واعتماده لسياسات التتريك ونشر الفكر الجهادي التكفيري، وتحريض الوسط العربي ضد الكُـرد، كلها جرائم موصوفة لا يمكن ولا يجوز السكوت عنها”.

خلال عامٍ مضى على سلطة الاحتلال التركي في عفرين، انصبت جهود إدارتها ولا تزال على تخريب ومحو معالم المنطقة التاريخية والثقافية، بالتوازي مع انتهاج وممارسة صنوف الضغط والابتزاز، بما فيها عمليات الخطف والاعتقال والتعذيب بحق المدنيين العُزَّل ونهب أموالهم وممتلكاتهم والاستيلاء على دُوَرِهم السكنية، بأيدي شركائها المرتزقة، وعشرات الألوف من مهجَّري الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق السورية، الذين جرى توطينهم وإسكانهم قسراً في عفرين ونواحيها، ليتحولوا إلى مطية وأدوات طيّعة بخدمة سياسات تركيا العدائية، الهادفة إلى إحداث وتكريس تغيير ديموغرافي عبر إفراغ المنطقة من أهلها الكُـرد، سكانها الأصليين

عفرين تختار المقاومة:

إن الحقد والتحامل المشبع بهما المحتل التركي حيال أهل عفرين خاصةً، وكُـرد شمال شرق الفرات، وسوريا عامةً، يتَجلَّيان بتطبيقاته الميدانية في كامل قرى ونواحي منطقة عفرين وغيرها من مناطق الشمال السوري، مجسِّداً سياساته العدوانية التوسعية، ووجهه المعادي الأكثر رعونةً واستهتاراً بأبسط القيم والأعراف الدولية والإنسانية، والتي لطالما سعت – تركيا- للتَخَفِّي وراء مقولة (أخوة الدين) والتذرع بـ (أمنها القومي) لتمرير مآربها المريبة، ومواصلة المتاجرة بدماء وأحوال السوريين على مرّ ثماني سنوات من عمر الأزمة السورية المركَّبة وفصولها المعقدة

عداء الأنظمة التركية بات واضحاً لعموم الشعب الكردي في كل مكان. والمتتبع للسياسات التركية كان يدرك بأن أردوغان سيُقدم على خطوة رعناء كهذه، فهو أقحم نفسه منذ بداية الأزمة السورية في هذا المستنقع، وبعدوانه على عفرين دخل أردوغان في مستنقع آخر، لكن لن يكون الخروج منه سهلاً، فأبناء وبنات عفرين اتخذوا قرارهم في المقاومة.

ورغم أن تركيا هي ثاني قوة في حلف الناتو وتستعمل العشرات من الطائرات والمئات من الدبابات والآلاف من جنودها عدا المرتزقة الذين تستعملهم، لم تستطع كسر إرادة المقاومة.

وتستمر مقاومة العصر حتى تحرير عفرين رجس المرتزقة وجيش الاحتلال التركي.

زر الذهاب إلى الأعلى