مقالات

الهجوم الشرس لأردوغان على السيادة والديموقراطية الألمانية

 

تعمّق الشرخ بين ألمانيا وتركيا أكثر مما سبق خلال اليومين الماضيين، ففي يوم الجمعة الماضي دعا أردوغان أنصاره وتابعيه بل بالأحرى دعا المنحدرين من أصول وجنسيات تركية الى عدم التصويت لصالح حزب الأتحاد المسيحي الديموقراطي والحزب الديموقراطي الاشتراكي وحزب الخضر وذلك في الانتخابات البرلمانية وانتخاب مستشار أو مستشارة ألمانيا التي ستجري بتاريخ 24 / 9 / 2017 م، علما بأن الاحزاب الثلاثة وخاصة الحزبين الأوليين يحكمون ألمانيا منذ أكثر من عدة عقود، وصرح أردوغان بذلك في مدينة كوستنتينوبل معلنا بأن الاحزاب المذكورة هي عدوة لتركيا.

انه بالفعل أشرس هجوم على السيادة الألمانية وتدخل سافر في الشؤون الداخلية الألمانية وهو في نفس الوقت انتقام سياسي من أردوغان ضد اوربا وخاصة ألمانيا نتيجة لمنع وزراء أردوغان من القيام قبل عدة أشهر بالدعاية لصالح النظام الرئاشي في تركيا، وهذا الهجوم هو دليل واضح ومحاولة من أردوغان بتحريض الالمان على بعضهم البعض وهنا أقصد تحريض الألمان الاتراك ضد الألمان الآخرين، وبالطبع هذا الهجوم الشرس والفعل الغير مقبول سياسيا استدعى هجوما وردود أفعال شديدة من كبار الساسة الألمان وخاصة من المستشارة ميركل ووزير خارجيتها ودعا وزير الخارجية الألماني الألمان المنحدرين من أصول تركية (( الأشتراك في الانتخابات البرلمانية وانتخاب حزب ديموقراطي )) قائلا ((سنُظهر لهم بأننا لن نشترك بهذه اللعبة الشريرة ضد بعضنا البعض)).

لقد قام أردوغان ومنذ أكثرمن سنة وبحجة الانقلاب المزعوم بالقضاء على ما كان موجودا سابقا من هامش للحرية ودولة الحقوق والديموقراطية ويحاول بكل جهده تخريب وافساد هذه الحقوق الطبيعية في ألمانيا أيضا بواسطة الجالية التركية التي تتجاوز عددها أكثر من ثلاثة ملايين في ألمانيا.

أردوغان يريد بناء الشرخ والانقسام في المجتمع الألماني كما هو الآن في المجتمع التركي وهدفه هو الاضرار بالديموقراطية الألمانية وابتزاز ألمانيا واركاعها فس سبيل قبول ألمانيا بما يريده أردوغان فيما يتعلق بالدخول الى الاتحاد الاوربي وغيرها من الامور التي تتعلق بالحرب في سوريا والعراق ومعاداة الادارة الفيدرالية في روزئافايي كوردستان.

أردوغان تجاوز كل الاعراف الدبلوسية المتعارف عليها بين الدول والمجتمع الدولي واستخدم الوقت المناسب للتأثير في مشاعر وعواطف المسلمين الاتراك في تركيا وألمانيا ألا هو الادلاء بهذه التصريحات مباشرة بعد خطبة الجمعة الماضية، انه تطبيق لأسلوب الاخوان المسلمين تماما في سوريا ومصر.

وصرح أردوغان في ذلك اليوم بأنه يوجد مليون تركي يحق لهم التصويت وعليهم أن يدلوا بأصواتهم ويذهبوا لصناديق الاقتراع ويعطوا درسا للذين لا يحترمون تركيا، يعتقد أردوغان بأنه بهذا الاسلوب ستحصل تركيا على الضباط والعساكر والجنود الاتراك الذين حصلوا على اللجوء السياسي في ألمانيا والذين يتهمهم أردوغان بالاشتراك في الانقلاب المزعوم، وهو يكرر بشكل شبه يومي بأن ألمانيا باتت ملاذا آمنا للأرهابيين وهو يعني بذلك أنصار حزب العمال الكوردستاني وأنصار الداعية فتح الله غولان.

لا بل انه يستخدم أوراقا ابتزازية أخرى ومنها اللاجئين القادمين من تركيا الى ألمانيا واوربا ومنها أيضا استغلال ورقة الالمان القابعين في السجون التركية ومنهم الصحفي المسؤول في جريدة ( دي فيلت ) دنيز يوجل والمسجون منذ شهر شباط الماضي بتهمة الدعاية للأرهاب وتحريض الشعب، والحكومة الألمانية الاتحادية تقول بأن سجن الصحفي المذكور ليس عادلا وتطالب بالافراج عنه، وما عدا يوجل تقبع في السجن الصحفية الالمانية السيدة تولو بالاضافة الى سجن الناشط الحقوقي البرليني في مجال حقوق الانسان في كوستنتينوبل وذلك في بداية شهر تموز الماضي.

أخيرا لا بد من الاشارة بأن أردوغان لم يعلن للالمان الاتراك لأي حزب يدلون بأصواتهم ولكن تصريحه يدل بشكل غير مباشر دعم حزب البديل الألماني لما له من علاقات جيدة مع حزب أردوغان، وأعتقد بأن الحزب المذكور سوف لن يتجاوز نسبة 5% اللازمة للدخول الى البرلمان الالماني وان حصل ذلك فسيكون نكسة لما يرغبه أردوغان، لننتظر تاريخ الانتخابات وسنرى هل سينجح أردوغان بتدخله السافر في الانتخابات الألمانية البرلمانية في شهر أيلول المقبل.

سيف دين عرفات – ألمانيا .

زر الذهاب إلى الأعلى