الأخبارمانشيت

الناطق باسم وحدات حماية الشعب: سياسة الاحتلال التركي قائمة على الإبادة والتطهير العرقي

أشار نوري محمود الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب YPG خلال مداخلته في اليوم الثاني من المنتدى الدولي المنعقد حول “التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين” المنعقد في مدينة عامودا بأن سياسة الرئيس التركي أردوغان ونظامه تمثلت في تكريس ذهنية الدولة التركية القائمة على الإبادة والتطهير العرقي.

نوري محمود المشارك في المحور العسكري كمحور من محاور جلسات المنتدى والتي ستنتهي يوم غد الثلاثاء 4/ ديسمبر كانون الأول من العام الجاري 2018 تحدث خلال جلسته باستفاضة عن الجانب العسكري للاحتلال التركي على عفرين.

مقتطفات من المداخلة:

كما هو المعلوم، فقد تأسست وحدات الدفاع المشروع على أساس التوافق الاجتماعي والعرف المحلي في عفرين ومبادئ الثورة السورية بعد اندلاع الثورة في سوريا عقب انهيار الوضع الأمني في البلاد من قبل النظام من جهة، ومن الذين يطلقون على أنفسهم” الجيش الحر”، مما أفضى هذا النزاع العسكري إلى تفجير حمام الدم والفوضى العارمة على امتداد البلاد، فكان خيار وحدات الدفاع المشروع هو اتخاذ مسار ثالث، وتمثل ذلك في إنشاء قوات الدفاع المشروع من خلال تنظيم الأحياء والقرى بصورة تشاورية مع السكان المحليين، وتم ترجمة هذه المشاورات وتصديقها من قبل “مجلس بيت الشعب” الذي كان يشرف على القرى والأحياء في عفرين وريفها”.

وأضاف محمود “عقب تحرير المدينة من قوات النظام، تم تأسيس وحدات حماية الشعب”ypg-ypj” بتاريخ 19 يوليو عام 2012، وفور هذا الإعلان جرى تشريع قانون اجتماعي وأخلاقي بضرورة شرعنة  قوات الدفاع الذاتي، حيث تم إقرار من خلال المجلس التشريعي تأسيس جهاز عسكري يؤمن لهم الحماية الوجودية في ظل الفوضى المنتشرة في البلاد، وعليه كان إنشاء هذا الجسم العسكري الدفاعي في عفرين نابعاً من تشريع محلي ومنسجماً في الوقت نفسه مع معايير القوانين الدولية في الحرب والسلم، وتلك الاتفاقيات المتعلقة بجرائم الحرب ومعاهدات جنيف ومعايير حقوق الإنسان، واتخذت من مادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السابع بضرورة حق الأفراد والجماعات في الدفاع عن نفسها ضد أي قوة مسلحة”.

نوري محمود نوه بالقول “تمركزت وظيفة قوات الدفاع الذاتي ضمن النطاق المحلي في جغرافية عفرين والتزمت حصراً في الدفاع عن السكان المحليين بناء على التفويض التشريعي من قبل المجالس المحلية، حيث كانت ملتزمة بحماية السكان المحليين وبنفس الوقت كانت تستقبل نسبة كبيرة جداً من النازحين الفارين من جحيم النزاعات الدائرة بين الفصائل المتطرفة الإرهابية وقوات النظام في معظم المناطق السورية. وكانت تشدد بنفس الوقت على عدم انتشار السلاح والمظاهر المسلحة بصورة عشوائية بين السكان المحليين تجنباً للانتشار النزعة الفصائلية العشوائية المتشرذمة كما في باقي المناطق السورية الأخرى، وتأمين قدر المستطاع مناخاً مستقراً كي تعمل المؤسسات المدنية بصورة فعالة دون تدخلات عسكرية، هكذا كانت الصورة العامة في عفرين قبل احتلال الجيش التركي مع المرتزقة والجماعات الجهادية المرافقة لها في فرض هيمنتها على المدينة وريفها بصورة وحشية مروعة”.

وتابع نوري محمود “في نص الرسالة التي أرسلت إلى الأمم المتحدة من قبل ممثلي الخارجية التركية بهدف كسب الشرعية لتنفيذ مشروع الاحتلال في عفرين جاءت تلك المسوغات تحت يافطة “التهديد الخطر المباشر على الأمن القومي التركي” مستغلة الفصل السابع من مادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، في حين أن “الفصل السابع” مادة 51 يعارض تماماً الذريعة التركية لسبيين:

  • ليس هناك أي دليل فعلي ملموس فيما يتعلق بخرق الحدود وحدوث الاشتباكات العسكرية بين الطرفين، كما أن وجود جدار الفصل العنصري ما بين منطقة عفرين والدولة التركية والذي يبلغ ارتفاعه 4 أمتار على طول الشريط الحدودي الموازي مع عفرين لا يسمح بوجود أي نوع من خروقات الأمن القومي التركي، فضلاً عن وجود أسلاك شائكة وزرع الألغام وجميع أنواع التقنية العسكرية المتطورة على الحدود، وهذا التبرير التركي أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة تفندها الوقائع الميدانية بصورة مباشرة، أي كان هناك تحايل علني على القانون الدولي من قبل أردوغان وفريقه.

2- إن مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وباقي المجالس القانونية الدولية لم تفوض الدولة التركية في تنفيذ مشروعها الاحتلالي لعفرين، وبالتالي اخترقت الدولة التركية بصورة فاضحة القانون الدولي مستندة باحتلالها لعفرين إلى منطق القوة والعنف المباح.

نوري محمود قال في سياق حديثه “لو نتطرق إلى مؤسسة الدولة التركية العسكرية والتي هي جزء من منظومة حلف الناتو، سنتأكد أن التفويض الرسمي القانوني من قبل الناتو لدولة حليفة لها لم تحذى بتصريح قانوني لهذه العملية، بل أردوغان وفريقه هددوا مراراً بتفجير أزمة اللاجئين في مواجهة الاتحاد الاوروبي والغرب مقابل أن يلزموا الصمت حيال احتلال عفرين، ومن هذه الزاوية أردوغان وفريقه، تلاعبوا بصورة سياسية قذرة على قانون حلف الناتو بحد ذاته، مستخدمين في ذلك جميع أنواع الأسلحة والتقنيات المقدمة لهم من قبل حلف الناتو، وقد رأينا صور الدبابات الألمانية في عفرين وجرى توثيقها من قبل المؤسسات الحقوقية والإعلامية العالمية، مما أدى إلى تفجير أزمة سياسية أخلاقية في داخل الحياة السياسة والبرلمانية في ألمانيا”.

وتابع محمود بحديثه قائلاً: “بينما استثمر أردوغان مسار النطاق المحلي تبعاً لمزاعم” الأمن القومي” بغرض تحشيد لهذه العملية ضد عفرين مستخدماً في ذلك الدعاية الدينية المتطرفة والنزعة العنصرية القوموية، في حين أن غالبية التفجيرات والانتهاكات التي انطلقت من الأراضي السورية ضد الداخل التركي، كانت تتم عبر الجماعات الجهادية بحسب التصريحات والتحقيقات القضائية التركية نفسها، فالتهديد المباشر وفق الرواية التركية كان  يأتي من الجماعات الجهادية، ولم تسجل أي حالة اختراق ضد تركيا في عفرين من قبل وحدات حماية الشعب بصورة مباشرة، وعليه، بدلاً أن يستهدف الجيش التركي تلك المجموعات المسلحة حفاظاً على الأمن القومي التركي والمجتمع التركي، استهدفت بالتعاون مع تلك الفصائل الجهادية مدينة عفرين وقواها الدفاعية المشروعة”.

الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب نوري محمود أضاف بالقول “كان واضحاً أمام الرأي العام وعدسات الإعلام الدولي والمحلي مشاهد من عفرين من قبل المجموعات التي كانت ترافق الجيش التركي وهي تطلق الدعاية الجهادية والنزعات العنصرية تمهيداً لممارسة حملة الإبادة ضد عفرين، من هنا يجدر بنا أن نتوقف على هوية تلك الجماعات التي تزعم أنها تعمل تحت راية “الجيش الحر” من جهة، والتشكيلات الخاصة التركية التي تعمل خارج نطاق القانون التركي والدولي بنفس الوقت، فكلا هذين التنظيمين يعملان خارج القانون الدولي والمحلي ومندرجين بنفس الوقت تحت خانة قوائم الإرهاب لدى الناتو ومجلس الأمن والأمم المتحدة، وقبيل احتلال عفرين كان أردوغان يجتمع في جلسة استثنائية مع مجلس الأمن القومي مع القيادات الأمنية والعسكرية وبحضور المسؤول الخاص لأمن أردوغان المدعو” عدنان تنري فردي” الذي يدير شركة لتجنيد مرتكبي الجرائم الجنائية وبعض شخصيات عسكرية متقاعدة ومجموعات مغامرة تهدف إلى بث الرعب والقتل في شركة تسمى” سداد”، حيث جندت هذه الشركة بقيادة عدنان تنري فردي عشرات الآلاف من المجموعات المرتزقة التي تقاتل بالأجر. وهذه الشركة ليست قانونية وفق الدستور التركي، أي أنها تعمل خارج نطاق القانون المحلي والدولي. وبالتالي استثمر اسم المؤسسة العسكرية التركية الرسمية لتنفيذ أجندة والتطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين”.

وأضاف “في حين أن هوية الجماعات المحلية التي تعمل تحت راية “الجيش الحر” بحد ذاتها جرى التغطية عليها بصورة ممنهجة، لكنها في الحقيقة تصنف تحت خانة الفصائل الجهادية المحضة، ونذكر على سبيل:

“سمرقند، أحرار الشام، جبهة الشامية، أحرار الشرقية التي بايعت داعش، وفرقة حمزة، ولواء معتصم، جيش الفتح، وجيش أحفاد، سلطان مراد وسلطان عثمان وسليمان شاه والجبهة الشامية”… غالبيتهم كانوا أعضاء لدى تنظيم داعش وجبهة النصرة من جهة، كما أن غالبية التشكيلات الإرهابية متهمة في ممارسة جرائم حرب وعمليات النهب والسطو على ممتلكات المدنيين في سوريا، ونهب البنية التحتية ونقلها إلى تركيا من جهة أخرى، وكل ذلك موثق لدى المنظمات الدولية. وبناء عليه، وظف أردوغان وفريقه هذه المجموعات بغرض احتلال عفرين وإبادتها وتكريس منهجية التطهير العرقي بما ينسجم مع رؤيته في تكريس المشروع الجهادي العنصري، وهذا خرق فاضح للقانون الدولي وجرائم حرب والانتهاكات ضد الانسانية وتهديد مباشر للأمن والسلم الدوليين بهدف إنعاش الإرهاب مجدداً من بوابة مدينة عفرين، في الوقت الذي يحارب التحالف الدولي فلول الإرهاب في شرقي الفرات”.

نوري محمود ذكر العديد من الانتهاكات التي مارسها الاحتلال التركي بالقول “بدأت الحملة التي شنتها القوات المسلحة التركية بالتنسيق مع القوات الخاصة التي استخدمت الفصائل المتطرفة وتلك الجماعات التي ارتكبت جرائم حرب والانتهاكات ضد الإنسانية  في 20 كانون الثاني من هذا العام بتنفيذ سياسة ممنّهجة ضد عفرين وقواها الدفاعية، عبر سلسلة من جرائم منظمة تضرب صميم القوانين الدولية واتفاقيات جنيف قانون جرائم حرب ومنظومة حقوق الإنسان، شملت هذه الجرائم التي ارتكبت على يد المجموعات المسلحة باستهداف المدنيين في القرى والنواحي مدينة عفرين بأسلحة محرمة دولياً، استخدام” غاز الكلور” في قرية ارنده في ناحية شيه وجرى توثيق هذه الحالات على يد المجلس الصحي والهلال الأحمر في مدينة عفرين, كما أن تلك القوات المحتلة نفذت سياسة مروعة بحق المدنيين وقوات الدفاع، من قتل الأسرى بصورة علنية أمام عدسات الكاميرات وتمثيل بجثث المقاتلين والمقاتلات من وحدات حماية الشعب – المرأة، ومثال صارخ تمثل في تشويه جثة ” بارين كوباني” بصورة بشعة، حيث انتهكت بصورة مروعة اتفاقية جنيف الثالثة فيما يخص معاملة الأسرى في النزاع المسلح”.

أما بالنسبة لعمليات التغيير الديمغرافي قال محمود “تبعاً للأرقام التي سجلت في مدينة عفرين قبل احتلال عفرين كان تعداد سكان مدينة عفرين وريفها مع النازحين القادمين من المناطق السورية حوالي مليون نسمة، من الواضح أن القوات العسكرية التركية مع المجموعات الإرهابية لم تستطيع أن تتقدم في الجبهات العسكرية خلال شهر كامل، فسلكوا سياسة ممنهجة بغرض تنفيذ سياسة التطهير العرقي، وذلك من خلال القصف الجوي المروع ضد المدنيين الموزعين في القرى والبلدات تمهيداً لتهجير السكان وتجميع السكان في داخل مدينة عفرين وإبادتهم في المدينة، بالتوازي كانت تجري قصفاً للمدارس والمستشفيات والجوامع وضرب المصادر الحيوية من المياه والآثار العريقة  والبيئة”.

ونوه بالقول “بعد تهجير السكان المدنيين من الريف هرباً من القصف الجوي وتجميعهم في المدينة، شنت القوات الجوية التركية والمدافع والدبابات قصفاً عشوائياً على المدنيين دون أي تمييز، وضعوا السكان أمام خيار الترحيل القسري أو التعرض بصورة مباشرة إلى إبادة جسدية، وتم تسجيل العديد من الحالات بين القتل الجماعي عبر استهداف سيارات المدنيين الذين كانوا على طرق الترحيل القسري، وكانت ضحايا تلك العمليات غالبيتهم من النساء والشيوخ والأطفال، ونذكر على سبيل: “مجزرة محمودية في مدينة عفرين” و”مشفى أفرين” “وحي ترنده”.

“بعد احتلال عفرين وريفها، تمركز الجيش التركي في النقاط الاستراتيجية في ريف عفرين والمدينة، في حين تركت يد تلك المجموعات الجهادية المتشددة، العبث بالمدينة وريفها، عبر تنفيذ سياسة منظمة من خلال سرقة شاملة للممتلكات العامة والخاصة وخطف المدنيين مقابل فدية وانتهاك أعراض النساء وفرض العقيدة الأصولية الدينية على المكون الإيزيدي في القرى الإيزيدية، في حين جرى استهداف المقابر  والأماكن الأثرية التاريخية وفرض الرموز القومية التركية والشعارات الدينية المتطرفة وتغيير تسمية الساحات والشوارع بأسماء قادة الدولة التركية مثل” ساحة أردوغان في مركز مدينة عفرين”، كما وتم استهداف حقول أشجار الزيتون ضمن سياسة تحطيم البنية التحتية والاقتصاد كنوع من تجويع السكان، وقاموا بمنع دخول المنظمات الإنسانية والحقوقية والإعلامية المستقلة لتقصي الحقائق. وبث مفهوم الخوف والرعب من خلال الإخلال بالأمن في المدينة وريفها بهدف فرض التهجير القسري على السكان المحليين تمهيداً لتوطين عوائل الجماعات الجهادية القادمة من المناطق الأخرى في البلاد، وتحفيزهم عبر تقديم الجنسية التركية، وعليه، نعتبر بصورة جازمة أن هذه الانتهاكات تدخل في خانة الإبادة الثقافية والتطهير العرقي”.

وفي نهاية حديثه قال الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب نوري محمود ” سياسة أردوغان وفريقه تمثلت في تكريس ذهنية الدولة التركية القائمة على الإبادة والتطهير العرقي، ولو نتذكر مشروع الشرق الإصلاحي في داخل تركيا عبر تطهير المناطق الكردية في غربي نهر الفرات عام 1936، سندرك أن هذه الاستراتيجية لا تزال مترسخة في ذهنية السلطة التركية إلى هذه اللحظة، كما لا يغيب عن الأذهان أن عقلية الاتحاد والترقي مارست مجازر بحق الأرمن وباقي المكونات داخل تركيا، فضلاً عن احتلال أحادي تركي لجزيرة قبرص الشمالية، ضارباً القانون الدولي عرض الحائط، هذه السياسة الممنهجة حسب الرؤيا القانونية تدخل في نطاق الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ونحن نعتقد أن التطهير العرقي” الترحيل القسري” هو جزء من الإبادة المنظمة يهدف إلى تحطيم البنية السياسية والثقافية والبيئية لدى مكون يريد أن يدافع عن وجوده وفق القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان، فهذه الانتهاكات الصارخة تنافي تماماً الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقيات جنيف وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وكذلك الإبادة الجماعية المنظمة، وعليه يجدر أن تشرع المحاسبة القانونية ضد المنظومة العسكرية والأمنية التركية والفصائل الجهادية المرافقة لها”.

زر الذهاب إلى الأعلى