المجتمعمانشيت

المخدرات … حربٌ من نوع آخر

حرب من نوع آخر يهدد الشعب السوري فرضتها الأزمة الدائرة على مدار ثماني سنوات عصفت ببلده لتجعله بيئة خصبة لترويج المخدرات بين أبنائه بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية لتشكل اليوم تهديداً حقيقياً للجيل القادم وخطراً كبيراً على المجتمع بل تقوده نحو كارثة محتملة إذا تم التغاضي عنها بل ستكون واقعاً معقداً لا نستطيع السيطرة عليه… المخدرات والتي باتت تعاطيها تقضي على الأخلاق والتعليم وتتفشى بكثرة بين الفئة الشابة، وذلك بسبب الظروف النفسية الصعبة التي يعيشها شباب اليوم، والمشاكل الأسرية وظواهر الهجرة والنزوح والاغتراب وفي نظرهم أصبحت الدواء المميت للنسيان دون إدراكهم بأنها من أخطر الأمور التي ستقضي عليهم رويداً رويداً.

ففي الآونة الأخيرة كثُر الحديث وبشكل يومي عن المخدرات وانتشارها في الجامعات والمعاهد والمدارس أي تداولها بين الاوساط الشابة، كما أصبحنا نسمع عن ضبط هذه المادة في الصحف والمواقع الإخبارية المسموعة والمرئية, ولكن ما هو غائب عن أذهاننا لماذا الفئة الشابة، كيف يتم ترويج وتمرير هذه المواد إلى مناطقنا، على الرغم مما تنعم به هذه المناطق “مناطق شمال شرق سوريا” من أمان بفضل جهود قوى الأمن الداخلي والأسايش وهيئات الإدارية الذاتية المدنية منها والعسكرية، إلا أن الأمر لا يخلو من ضعاف النفوس للمتاجرة بأرواح شعبهم من أجل المال غير مبالين بوسائل تجميعه، فيقومون ببيع وتهريب هذه المواد المخدرة عبر صيدليات أو في السوق السودة بوساطة أشخاص مختصة بذلك، إلا أن كوادر الجريمة المنظمة لمكافحة المخدرات بالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي لم يتوانوا يوماً عن بذل الجهد، ويواصلون الليل بالنهار لمحاربة هذه الآفة الخطيرة.

وفي غضون ذلك ومما لا شك فيه أن تعاطي المخدِّرات له آثار مدمرة على الفرد والمجتمع معاً.

بالنسبة للفرد؛ حيث تقضي عليه شيئاً فشيئاً، وتنهك قواه، وتصيبه بالعديد من الأمراض، ليصبح فيما بعد شخصاً لا جدوى منه، عبئاً على أسرته والمجتمع, وبهذا تفسد معاني الإنسانية فيه وتضيع الأخلاق لديه، ويفقد الحماسة في الدفاع عن وطنه، بل وتنشط لديه المساوئ  وتبتعد نفسه عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل، وأيضا من نتائج الإدمان على الفرد، أنه يؤدي بصاحبه إلى سلوك طريق ارتكاب الجرائم كالسرقة، فالمدمن يريد الحصول على المخدرات بأي طريقة كانت، وإذا لم يتوفر له المال، فإنَه يسعى لها بكل الطرق، وإذا لم ينجح قد يدفعه ذلك إلى ارتكاب كبرى الجرائم، من أجل المال كالقتل، لأَّنه في هذه الحالة يكون مسلوب الإرادة، فاقد العقل، كل ما يسيطر عليه هو الرغبة في الحصول على هذه المادة المخدرة.

أما بالنسبة للمجتمع؛ فله أضرار جسيمة حتماً فبما أن الفرد جزء من هذا المجتمع فيكون الضرر الواقع عليه سيقع أضعافه على المجتمع، فقضية الإدمان في حجمها الحقيقي، تتفاقم الأرقام والإحصاءات ولكن يحددها المخاطر والصعاب، إن تعاطي المخدرات وإدمانها بين الشباب تعتبر المشكلة الكبرى أمام جهود التنمية التي تحث المجتمعات لتطويرها، بسبب ما يفرزه الإدمان من أمراض اجتماعية وانحرافات، وكذلك ما يحدثه من آثار اقتصادية وصحية وسياسية، تعتبر معوقات لعملية التنمية وازدهار ذلك المجتمع، فمن الناحية الاقتصادية تستنزف المخدرات جزءاً كبيراً جداً من العملات، إضافة إلى أنها مشكلة اجتماعية وصحية ونفسية ودينية وتربوية وثقافية.

من الضروري علينا أن نأخذ مخاطر هذه الآفة بعين الاعتبار من جميع جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والصحية عبر توعية الشباب بالنتائج السلبية لهذه المواد المخدرة وكثرة أضرار هذه الظاهرة الخطيرة وأخذ كل الاحترازات اللازمة والتصدي لمهربيها وعدم ترك الفرصة لهم بالتمادي، وفرض عقوبات صارمة لتجارها ومروجيها ومهربيها ووضع شعارات مناوئة لهذه المواد مثل “المخدرات تقتلنا”، “لا للمخدرات”، “لا لدمار المجتمع” وبرامج توعية وتثقيف يستهدف جميع شرائح المجتمع ونشر منشورات معممة بنصائح ووضع برامج تلفزيونية وعقد لقاءات مع مرشدين ومختصين للحد من انتشار هذه الظاهرة لضمان المحافظة على سلامة وصحة المواطنين.

من جانب الإدارة الذاتية ومؤسساتها العسكرية والخدمية وقوى الأمن الداخلي محاربة هذه الآفة في المنطقة، لأنها سموم مدمرة تحاول عدة جهات معادية لشعوبنا بثها بين فئة الشباب لتدمر مستقبلهم وتفكك المجتمع، وعليه يجب تضافر الجهود والتعاون مع القوات الأمنية وكوادر الجريمة المنظمة لاجتثاث هذه الآفة من المنطقة ومحاسبة المتورطين بها كونها جريمة بحق المجتمع، والتي تستهدف دماره، كما يجب اعتبار انتشار هذه الآفة نوعاً من أنواع الحرب التي تقودها القوى المعادية لشعوب المنطقة، كذلك استهداف انتصارات قوات سوريا الديمقراطية ضد داعش والتنظيمات الإرهابية.

إذن؛ تظل ظاهرة الإدمان على المخدرات مصدر خطورة على الصحة العامة والشباب والتعليم، إن هذه الخطورة ستصل على المدى البعيد وتعمل على خلق وانتشار السلوكيات الإجرامية التي ستفتت دعائم المجتمع وستظل مرارتها عقوداً من الزمن.

تقرير: بارين قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى