المجتمعمانشيت

المحميات الطبيعية

الطبيعة غنية بثرواتها الحية التي يستفيد منها الإنسان, والإنسان له اليد العظمى في إلحاق الضرر بالطبيعة والبيئة والثروات التي تتواجد فيها, لذلك كان لا بد من وجود مناطق يتم حمايتها من خلال القوانين المفروضة على الإنسان لحماية الطبيعة وتحقيق التوازن البيئي بشكل يحافظ على التنوع الأحيائي التي يتواجد بها, ولذلك تم إنشاء الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة في عام 1969.

تتميز مناطق شمال وشرق سوريا بتوفر المياه وخصوبة التربة وتنوع التضاريس والمناطق الطبيعية الخلابة والجبلية, وهي بيئة مناسبة لعيش أنواع مختلفة من الحيوانات والنباتات, وتوجد في المنطقة العديد من المحميات الطبيعية, ومن أجل التعرف أكثر على المحميات الطبيعية وطبيعة العمل فيها وكيفية الحفاظ عليها وتطويرها, التقت صحيفة الاتحاد الديمقراطي مع المهندس الزراعي (لقمان بدر) من مؤسسي مديرية الحراج والمحميات التابعة لهيئة الزراعة في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم الجزيرة, والذي تحدث لنا بالتفصيل عن المحميات, وعلى النحو التالي:

ما هي المحميات؟

هي عبارة عن مساحة من الأراضي تُخصّص بواسطة قوانين لحماية المصادر الطبيعية الواقعة ضمن حدودها, وهذه المصادر الطبيعية تشمل المصادر الحيوية من مجتمعات نباتية وحيوانية, ولها دور كبير وأساسي في الحفاظ على التوازن البيئي.

وللمحميات أهمية كبيرة في الحياة للبيئة وللإنسان, فهي تساهم في:

1-الحفاظ على توازن واستقرار البيئة, وتقلل من عوامل التصحّر و الجفاف.

2-تقديم الحماية والصيانة للبيئة, وإعادة تأهيلها مرة أخرى لتعود إلى حالتها الطبيعية.

 3-تساعد المحميات في الحفاظ على الكائنات الحية المهدّدة بالانقراض.

4-تساهم المحميات في تطوير السياحة البيئية.

5-توفر المحميات فرص البحث العلمي ومراقبة ودراسة الأحياء البرية والنظم البيئية.

6-استغلال الفرصة للتوعية البيئية.

7- تساهم المحميات في تسهيل التنزه والاستجمام والاقتراب من عالم الطبيعة.

ومن أجل إنشاء المحمية الطبيعية في منطقة معينة, ومعرفة مدى ملائمة تلك المنطقة لجعلها محمية, لا بد من توافر بعض الشروط في تلك المنطقة ليتم ادراجها ضمن قائمة المناطق المحمية, وأهم هذه الشروط هي:

1-وجود نظام بيئي متميز في تلك المنطقة, من توافر أصناف نباتية أو حيوانية نادرة.

2-وجود تنوع للكائنات الحية على اختلاف أنواعها في تلك المنطقة.

3-اتصاف تلك المنطقة بسمات جيولوجية فريدة, كاحتوائها على الجبال والوديان والغابات والأنهار والبحيرات والينابيع.

4- احتواء تلك المنطقة على نوع متميز من الأحياء سواء بقيمته أو ندرته, أو نوع مهدّد بالانقراض(حيوانات – نباتات).

5-عندما تكون تلك المنطقة بحاجة إلى حماية من عوامل التعرية والتدهور البيئي(التصحر – الجفاف).

6-عندما تكون المنطقة ذات أهمية سياحية بيئية, من توافر مناظر ساحرة سواء أكانت شواطئ أو جبال أو حياة برية.

7-عندما تكون المنطقة ذات طبيعة أثرية.

8-عندما تكون المنطقة لها أهمية خاصة وملائمة لإجراء البحوث العلمية فيها.

وبالنسبة لاختيار المنطقة لجعلها محمية طبيعية لا بد من مراعاة بعض المعايير الأخرى المتوفرة إضافة للشروط السابقة من أجل تحديد الموقع والمساحة والحدود, ومن هذه المعايير:

1-وجود غطاء نباتي في تلك المنطقة.

2-وجود مصادر دائمة لتوفير المياه.

3- يجب أن تكون المنطقة بعيدة عن المناطق السكنية.

4-يجب أن تكون المنطقة بعيدة عن مصادر التلوث بمختلف اشكاله.

5- يجب أن تكون ملائمة لحياة الأحياء المتواجدة فيها,  بحيث لا يتم زراعة النباتات النادرة التي تنمو في بيئة حارة في المناطق الباردة, وينطبق نفس الأمر على الحيوانات, فلا يجوز جلب الحيوانات التي تعيش في المناطق الحارة إلى مناطق ذات طبيعة باردة وكذلك العكس.

ومن أجل إدارة أية محمية طبيعية, يجب اتخاذ الخطوات التالية:

1-يتم تحديد المنطقة حيث يقدم وصف لها من طبيعة الطقس والتربة التي تغطيها والأحياء التي تتواجد بها سواء من النباتات أو الحيوانات, وهل سيتم إدراجها على أنها محمية طبيعية أم لا.

2-بعد تقييم الأهمية يتم وضع خيارات الإدارة.

3-تحديد الأساليب و الخطط التي ستوضع لحماية هذه المنطقة.

4-تحديد المشاريع التي سيتم استثمارها في هذه المنطقة الطبيعية مع وضع موازنة مالية لهذه المشاريع.

5- وضع خطة العمل ومن سيقوم بالتنفيذ, وتحديد الجدول الزمني للبدء في العمل وحتى الانتهاء منه.

ومن أجل ضمان استمرار الحياة في المحمية وتطويرها يجب توافر بعض المنشآت فيها, مثل مبنى العمال وطاقم الحراسة ومخزن, ومبنى إداري, وكذلك غرفة للرصد والتتبع البيئي وغيرها من المنشآت التخصصية الأخرى.

الأنشطة والأعمال التي يجب القيام بها في المحميات الطبيعية:

1-تطوير الحياة البرية فيها, حيث يتم زراعة بعض الأنواع النباتية التي تتغذى عليها الحيوانات, مع إنشاء مورد مائي لشرب الحيوانات منه.

2-السيطرة على أنواع معينة من الحيوانات زاد عددها وتكاثرها, أو السيطرة على أنواع منافسة لنوع يراد إكثاره.

5-السماح بالبحث العلمي.

6-نقل الأحياء البرية منها وإليها.

7-السماح بصيد الأسماك ضمن شروط تحددها الإدارة.

ومن أجل القيام بهذه الأعمال والأنشطة لا بد من وجود منشآت للرصد والمراقبة, ووجود ممرات خاصة تسمح بالانتقال بين أرجائها .

أنواع المحميات

1-المحميات الطبيعية: وهي محميات مغلقة لضمان استمرارية التوازن الطبيعي دون تعرض المنطقة لأي تدخل أو خلل.

2-المنتزهات القومية: وتستخدم لأغراض ترفيهية وتعليمية, حيث تحتوي على المناظر الخلابة.

3-محميات المعالم الطبيعية: وتستخدم لحماية معالم معينة كالغابات والشلالات.

4-محميات الحياة البرية وإدارة الموارد الطبيعية:  يتم فيها الحفاظ على طبيعة البيئة التي تضمن استمرار الأنواع المتواجدة فيها.

5-محميات المناظر الطبيعية الأرضية والساحلية كالشواطئ والمناطق الجبلية.

6- المحميات الإنسانية الطبيعية: يسمح فيها باستمرار الحياة التقليدية

7-محميات متعددة الاغراض.

8-محميات المحيط الحيوي: وفيها يتم الحفاظ على المجموعات الحيوية للحاضر والمستقبل ضمن نظام بيئي طبيعي, والمحافظة على التنوع الجيني الذي يعتمد عليه التطور.

9-مواقع التراث الطبيعي العالمي.

العراقيل والمشاكل التي تعرقل نجاح العمل في المحميات الطبيعية:

1-غياب الكوادر البشرية التي تتوفر فيها الكفاءة في إدارة المحميات.

2-ضعف القدرات الفنية.

3-غياب التشريعات المطبقة لحماية المحميات.

4-نقص الدراسات والأبحاث في مجال التنوع البيولوجي.

5-ضعف التمويل المخصص للحفاظ على التنوع الأحيائي الذي يساهم في توازن البيئة.

يحتوي إقليم الجزيرة على العديد من المحميات الطبيعية, ويعيش فيها العديد من أنواع الحيوانات البرية وتنمو فيها أشجار ونباتات نادرة, وتعمل مديرية الحراج والمحميات على تطويرها والحفظ عليها وبحسب الإمكانات المتوفرة وفي ظل غياب الدعم من قبل المنظمات الدولية, والمحميات الموجودة والمعلن عنها في إقليم الجزيرة التابع للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا هي:

1-محمية حياكة 2- محمية مزكفت 3- محمية معشوق 4- محمية جل آغا 5- محمية بحيرة الخاتونية 6- محمية جبل قزوان 7- محمية عين ديوار.

وتتميز هذه المحميات بخصوبة التربة وتوفر المياه, وتحتوي على أنواع مختلفة من الحيوانات البرية ك(الخنزير البري- الذئاب – الثعالب – القط البري – طيور مهاجرة – غزلان – أنواع كثيرة من الأسماك – السلاحف), وأنواع نادرة من الأشجار(الحور الأبيض – الدردار – الصفصاف – توت العليق), وأنواع مختلفة من الأعشاب الطبية والعطرية البرية, وتتميز بكثرة الينابيع.

وبغية حماية هذه المحميات وضمان استمرارية الحياة الطبيعية فيها وتطويرها, قامت مديرية الحراج والمحميات التابعة لهيئة الزراعة في الإدارة الذاتية الديمقراطية بإقليم الجزيرة باتخاذ مجموعة من الإجراءات, ومنها:

1-تشكيل ضابطة حراجية لحراسة وحماية المحميات.

2-تشجير المناطق المحيطة بالمحميات والمؤهلة للزراعة من أجل زيادة مساحة المحمية.

3-افتتاح مشاريع انتاجية ضمن المحميات مثل تربية النحل وتربية الأسماك وزيادة أنواعها.

كلمة ختامية

نتيجة الحروب التي دارت في المنطقة وسيطرة مرتزقة داعش على مساحات جغرافية كبيرة ومنها المحميات, وقيام هؤلاء المرتزقة بتدمير وتخريب ونهب كل شيء, تضررت المحميات كثيراً, فمثلاً في جبل قزوان كان هناك المئات من الغزلان التي تعيش هناك, ولكن بعد التحرير وبحسب المواطنين لم يتم مشاهدة سوى من 7إلى 9 غزلان, وكذلك بالنسبة لباقي المحميات التي تضررت نتيجة عوامل أخرى مثل غياب الإشراف و الاهتمام والرعاية بهذه المحميات, فقد تضررت المحميات الطبيعية وتناقص عدد الحيوانات فيها نتيجة غياب القوانين, وتقوم مديرية الحراج والمحميات وحسب الإمكانات المتوفرة بالعمل على حماية وتطوير المحميات الموجودة في المنطقة, والعمل للحفاظ على أنواع الحيوانات النادرة والتي قل عددها في المنطقة.

وتطالب المديرية بتوفير الإمكانيات اللازمة لحماية وتطوير المحميات, وزيادة الرقعة الخضراء والمزروعة في المنطقة, وتخصيص ميزانية لمديرية الحراج والمحميات من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية, والتنسيق مع المنظمات العالمية والدولية لتقديم الخدمات والدعم من الناحية العلمية والمادية, وكذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية بعض أنواع الحيوانات من الانقراض في المنطقة, والحفاظ على النباتات النادرة والعمل على تطوير الحياة البرية في منطقتنا من خلال تربية أنواع جديدة من الحيوانات والنباتات, وكذلك زيادة المناطق ذات الطبيعة الخلابة كالغابات والمتنزهات, لأن ذلك يساهم في تطوير الحياة في المنطقة, والتنفيس عن الشعب الذي عانى من سنوات الأزمة.

زر الذهاب إلى الأعلى