مانشيتمقالات

الحياة الاجتماعية في الأمة الديمقراطية

أحمد بدوي ــ

إن التغيرات الجارية في ظل الحداثة الرأسمالية هي تغيرات ظاهرية شكلية ومعنية بالموضة والأزياء.

لقد تحولت الحياة العصرية السائدة إلى فخ يحيط بالمرأة من كل جانب؛ حيث زُجت المرأة في عهد الرأسمالية في وضع سيكون من الصائب تماماً وصف المرأة فيه بملِكة السلع، فهي ليست يداً عاملة مجانية وحسب؛ بل هي أرخص يد عاملة وأداة رئيسية لتخفيض الأجور، إنها العنصر الأول في لائحة التشغيل المرِن وآلة صناعية منجبة تضخ الأجيال الجديدة للنظام القائم وهي تاج رأس صناعة الدعاية.

وهناك حقيقة ثانية تسبب بها النظام الرأسمالي بإغراق أفراد المجتمع أيضاً بالأمراض العصبية والسرطانية نظراً لاتسام بنيته وهو بمثل هذه الأمراض القومية والسلطوية والجنسوية جينات عقلية وعاطفية في الرأسمالية، تنتج الأمراض على الدوام سواء مؤسساتياً أو فردياً، وما الأمراض الجسدية المتزايدة سوى مؤشر على الأمراض الذهنية والنفسية وخلاصة طبيعية يؤول إليها المجتمع المنهار والمتناثر.

إن الأمة الديمقراطية هي الحداثة البديلة التي يحقق فيها الفرد والمواطن الحرية المنشودة وهي مجتمع بديل إزاء التهميش الاجتماعي،

والمجتمع الديمقراطي مقابل مجتمع السلطة والدولة. فالمجتمع في الأمة الديمقراطية يهدف لوصول الفرد إلى الحياة الحرة والحقوق المتساوية.

ضد مجتمع الدولة الرأسمالية الذي يهدف إلى ترسيخ شتى أشكال العبودية واللامساواة.

فقد أصبح بإمكاننا بلوغ هذه التعاريف بكل يسر لدى تقيمنا للأمة الديمقراطية على صعيد الحياة الاجتماعية، فكينونة مجتمع الأمة الديمقراطية هي أول شرط العيش كمجتمع سليم قويم، وهي تعيد المجتمع الذي استهلكته الدولة القومية إلى أصلة.

والمجتمع السليم ينشئ فرداً سليماً، والفرد الذي ينعم بالصحة الذهنية والروحية تزداد مناعته ومقاومته للأمراض الجسدية التي سوف تصبح قليلة.

البنية القانونية للأمة الديمقراطية

يتميز القانون الديمقراطي ببنية بسيطة وغير معقدة، ويعتمد

على التنوع والأهم من ذلك كله أنه لا يلجأ إلى الإجراءات القانونية إلا في حال الضرورة، على عكس الدولة القومية التي تتدخل بكل صغيرة وكبيرة عبر سَن أكبر عدد من القوانين، لأنها تسعى للقضاء على المجتمع الأخلاقي والسياسي بشكل أخص.

فقد كانت المجتمعات القديمة تحل أكبر نسبة من قضاياها بالإجراءات الأخلاقية والسياسية بينما سعت الحداثة الرأسمالية جاهدة لدعم مشروعيتها التامة على الخلفية القانونية وبسبب مغالاتها بالتدخل بشؤون المجتمع أدى إلى لجوئها لاستخدام القانون، وبذلك فإن القانون هو فن الإدارة المعتمد على كم هائل من القواعد الحقوقية المرتكزة إلى مفهوم العدالة المزيفة في شرعنة الظلم ولاستبداد الذي أنتجته الرأسمالية عبر التاريخ الذي يروج له على أنه حقوق وواجبات الفرد والمجتمع.

إننا اليوم وبعد مرور ١٣ عام على اندلاع الأزمة السورية

وما جرى من ويلات وتشريد للشعب من قتل وتدمير وعدم وضوح الحل بالوقت القريب، بأمس الحاجة إلى مشروع الأمة الديمقراطية الذي هو طوق النجاة ليس للشعب السوري فقط بل لشعوب المنطقة كلها.

فمن خلال الإدارة الذاتية الديمقراطية الموجودة في شمال وشرق سوريا وتطبيقها لفكر الأمة الديمقراطية؛ فهي تعتبر أفضل حل للأزمة وتعميمها على كافة مناطق سوريا بدءاً من الجنوب السوري حتى الشمال الغربي للوصول إلى الحرية والعدالة والمساواة.

زر الذهاب إلى الأعلى