مقالات

الإرهاب والمصالح السياسية

مصطفى عبدو

لم يعد السؤال عن ماهية الإرهاب مجدياً ولم يعد له مبرر, السؤال المجدي هو كيفية التعامل مع الإرهاب الآن؛ وخاصة بعد أن استفحل وانتشر في مختلف أنحاء العالم. فقلما تجد بلداً إلا وأصابه شيء من شروره، حتى أكثر البلدان التي كانت تدَّعي بأنها تنعم بالهدوء والطمأنينة وبفسحة من الديمقراطية. الإرهاب كظاهرة دولية يملك جواز سفر للتنقل بين بلدان ودول العالم حسب الظروف السياسية والاقتصادية.

إن منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق تأثراً بهذا الوباء؛ وربما أكثرها سخونة؛ لوجود نزاعات تاريخية بين دولها إلى جانب الخلافات التي خلقتها هذه الدول بين شعوبها، إضافة إلى تسيس الإرهاب وتبنّيه من قبل أغلب النظم الحاكمة، فهناك بعض الدول “تركيا نموذجاً” التي لجأت لإيواء مجموعات الإرهابيين، وقدَّمت لهم الحماية، وسهَّلت لهم الحركة لدوافع ومصالح سياسية ضد دول أخرى, وفي وقت تمارس حكومتها الإرهاب بكل أشكاله على شعوبها ومكوناتها.

لقد بات الإرهاب سلعة سياسية يتم استغلالها لأهداف سياسية لا تلبث أن تنعكس في كثير من الأحيان على أصحابها،  كما أن الإرهاب باعتباره شكلاً معقداً من العنف السياسي يلجأ إليه البعض لتحقيق عدم الاستقرار السياسي؛ مع ملاحظة أن الارهاب لا ينمو إلا في البيئات المهيأة.

 من هذا المنطلق أصبح لِزاماً على المعنيين بدراسة ظاهرة الإرهاب, التفريق بين الإرهاب الذي يلجأ إليه البعض وبين الكفاح والمقاومة ضد الأنظمة القمعية باعتبارها حقاً مشروعاً ودفاعاً عن النفس والشعب والأرض، ويستند إلى مبدأ حق تقرير المصير للشعوب.

وبهذا يحق لنا التساؤل مع المتسائلين:

ماذا نسمي قصف الأتراك للقرى والبلدان الآمنة في عفرين وشمال سوريا ؟ ولماذا تقف دول العالم الديمقراطية صامتة ومتفرجة حيال هذه المجازر العثمانية بحق المدنيين الأبرياء؟ وغيرها من الأسئلة التي تصب في خانة الاختلاف على الإرهاب؛ بحيث أصبحت كل جهة تفسرها بحسب ما تقتضي مصالحها ومآربها.

تركيا تضع ثقلها الكامل على الحرب الدائرة اليوم في عفرين وشمال سوريا؛ ولكنها تتفاجأ بمقاومة شرسة، وعلى ما يبدو ستسير الأمور بعكس مصالح تركيا من الآن فصاعداً.

صحيح أنه هناك توافق أوربي تركي في كثير من الأحيان؛ وقدمت الأخيرة التنازلات بشأن حل القضايا العالقة سواء في أرمينا أو قبرص أو اليونان مقابل أن تتصرف تركيا على هواها فيما يتعلق بسوريا والكرد خصوصاً. تركيا قدمت لهم وعوداً جادة لكنها بالمقابل طلبت من هذه الأطراف تصعيد حملاتها على الحركة الكردية في الدول الغربية، وكان قرار منع رفع الأعلام والصور في بعض هذه الدول جزءاً من هذه الخطة، كما حثت تركيا بعض الأطراف بالتراجع عن تقديم دعمها للكرد “التحالف الدولي ” معتقدة بأنها ومن خلال هذه الخطوات ستنال من إرادة الكرد، متناسية أن كرد اليوم إرادتهم المقاومة.

لقد كشفت الوقائع عن وحشية الإرهاب التركي الذي بدا مؤخراً بشكل أوضح، كما تكشف الوقائع عن ملحمة النضال الشعبي ضد محاولات الإبادة الوحشية، واعتقد جازماً بأن الجميع وثَّقوا إن إرادة الشعوب تستطيع أن تحقق كل ما تعقد العزم على تحقيقه.

زر الذهاب إلى الأعلى