الأخبارمانشيت

أوجلان أيقونة الحريّة الّتي تتألّق أكثر يوماً بعد يوم

يرتبط اسم (أوجلان)بنضال الشّعوب من أجل الحريّة, فالقائد والملهم الكرديّ بعد أن كان رمزاً وقدوةً  تقتصر على الشّعب الكرديّ المظلوم قبل المؤامرة الّتي أفضت إلى اعتقاله, أصبح الآن أيقونةً لأحرار العالم.

لاشكّ أن تركيا ظنّت أنّها باعتقال أوجلان وعزله عن العالم الخارجيّ في سجن جزيرة إيمرالي, ستطفئ شعلة مقاومة حركة التّحرّر الكرديّة, ولكن فلسفة وفكر أوجلان انتشرتا كالنار على الهشيم بين أحرار العالم, وباتت افكاره وكتبه تدرّس في جامعات العالم, وأصبح رمزاً للحرية وقائداً للشّعوب التّواقة للحريّة في كافة أصقاع العالم وبمختلف القوميّات والأعراق, وهذا ما أثار جنون أنقرة الّتي ضيقت الخناق على أوجلان, ومارست الانتهاكات بحقّه من عزلةٍ وتجريدٍ ومنع الزّيارة, حتّى وصلت الانتهاكات إلى التّعذيب الجّسدي, ضاربةً مبادئ حقوق الإنسان والقوانين الدّوليّة بعرض الحائط, وكلّ ذلك وسط صمتٍ دوليٍّ مخزٍ من حكومات العالم الّتي مهما زينت وجمّلت صورتها بأقنعةٍ من الدّيمقراطيّة يبقى ما تحت هذه الأقنعة صورٌ مشبعةٌ بالدّيكتاتوريّة.

وهذه الاجراءات زادت من شعبيّة أوجلان بين شعوب العالم الحرّ, وأُلفت القصائد عنه حتّى من قبل العرب, فالبروفيسور والأديب والأكاديمي الفلسطيني (فاروق مواسي) الحاصل على الدكتوراه في الأدب العربي, كان قد ألّف قصيدةً عن أوجلان تحت عنوان:

(ولماذا طلبوا موتك يا أوجلان؟ ) مطلعها:

وعلى مرأىً من بحرٍ صافٍ وجزيرهْ               وسماءٍ زرقاءَ كريمهْ

كانت ثَمَّة جريمهْ:                               طلبوا موَتك يا أُوجلانْ

 لم تطرفْ عينُ القاضي….         ها هو ذا يتلو الْحُكم – البهتانْ أو ينفخُ نَفخةَ ثعبانْ

                                    *  *   *

فوق منصته غنّى البــهتانْ              قام القاضي يرقص في حلبتهِ

 ما زالت رقصتهم حتى الآن          من جهة أخرى: انطلقَ البحرُ

 والسماء في أُغنيةٍ      تبكي:          آ   بو   آ    بو    آ     بو

أمّا آبو (أوجلان)                   في ساعتها أضحى نسراً يكبر

 يكبر يكــبـر                                    مشتعلا لا يخبو

حلَّق فوق ذُرى كردستانْ          صاحبه غيمٌ يحملُ حزنا في طيَّاته

 وضفائر ماءِ سحابهْ               تغدو سرَّ الحبِّ لأرض ظمأى لشراب

 وربابهْ

 سألت أطيارٌ أوجلانْ:                          – ولماذا طلبوا موتَك؟!

رَدَّدَتِ الأمداءُ صدًى تلو صدى                  “ولماذا طلبوا موتك؟”

طلبوا موتك؟   موتك؟   لكنَّ النَّسْرَ مضى في رحلته فوقَ الوطنِ المنكوبْ

يلحظُ مأساة الجوع هنا                                     آيات الفقر هناكْ

 فيدوِّن في دفتَرِ  «زلزال» كلَّ حكايهْ             ما زالت “مَوْتُكَ” تكبر

تكبر  تـكـبـر                           فأجاب الشَّاهدُ – ذاك البحرُ:

– فلعلَّ لهم ثأرًا من أيام صلاح الدين!؟

– أَوْ غضبًا من أشعار بيكه س.

(أو حتى تُحذف أسماء: قاسملو، جمال

عرفات، عبد الخالق معروف، شرفكندي،  موسى عنتر، سعيد بور، و.. )

وتجيب الشاهدة الأخرى: -حتى لا يسأل أحد عن حريته

(أحد من أمثال الأكراد أو ابناء الشرق)

 – حتى لا يصبح عصفور يتغنَّى أغنية كرديهْ

 – حتى لا يقرأ أطفال في انطاكيهْ    حرفًا كرديّاً

 – حتى لا يعرف كرديٌّ أنّ له وطناً يحميه   أن له صفصافهْ أو تاريخاً يرويه

وأيضاً كتب عن أوجلان الكاتب العراقي (زهير كاظم عبود) الّذي كان قاضياً في المحاكم العراقية, وعضو اتّحاد الكتّاب في السويد, والمحاضر في كليّة القانون بالأكاديميّة العربيّة المفتوحة بالدانمارك, وذلك في مقالةٍ جاء فيها:

الصّمت المريب من خلال السكوت على مهانة الإنسان وغياب العدالة وحقوق الإنسان في قضيّة عبد الله اوجلان، موتٌ للضّمير الإنساني في هذه القضيّة الّتي حكمها الجنرالات، والّتي نسفت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان كلّ قراراتها، ولم تعد ذات قيمة، غير إن سطوة الجنرالات صبّت كل حقدها وظلمها على عبد الله أوجلان، بعد أن تمّ تجريده من كلّ الوسائل الّتي يملكها، ولم يتبق له سوى ضميره وصوته وقلمه الّذي لم ينضب.

وتبقى قضيّة عبد الله اوجلان جرساً يدقّ في ضمائر المهتمّين بقضايا حقوق الإنسان، والسّكوت عن بقائه في المعتقل يشكّل جريمةً وخرقاً للقوانين والدّستور التّركي بحدّ ذاته، كما أنّ تعذيب الإنسان ومهانته بهذا الشّكل يجعل من القيادات التّركيّة متّهمةً بجرائم ضدّ حقوق الإنسان، ومن يدقّق في القضية بشكلٍ تفصيليٍّ يجد أن السّيد عبد الله اوجلان اليوم محتجزٌ بشكلٍ تعسّفيٍّ دون محاكمةٍ ودون قرار حكمٍ قضائي، في قضيّةٍ لم تبان معالمها أو تفاصيل سندات الإثبات ومعالم الاتّهام.

أوجلان هو مفتاح الحلّ السّلمي في الشّرق الأوسط عامّةً وفي تركيا خاصةً, فبالإضافة بأنّ لديه دعمً من الشّعب الكردي, فهو يملك الدّعم من أحرار العالم كما هو واضحٌ من حقيقة أنّ أكثر من 10 مليون شخصٍ في أوروبا وحدها وقّعوا عريضةً للمطالبة بالإفراج عنه, فقد دعا مراراً إلى إيجاد حلٍّ ديمقراطيٍّ داخل تركيا لضمان حلٍّ سلميٍّ ودائم, كما أنّ لديه الشّعبيّة والنفوذ والاحترام  لتوحيد الشّعب الكردي حول هذه المطالب الديمقراطيّة من أجل السّلام .

وكانت بلديّة نابولي الإيطاليّة قد منحت أوجلان المواطنة الفخريّة في عام 2016، وكذلك فعلت العديد من المدن الإيطاليّة الأخرى ومنها (باليرمو وريجيو إيمليا) وذلك عقب حملةٍ لجمعيّاتٍ متعاطفةٍ مع الكرد ومؤيّدةٍ لحقوقهم ومطالبهم.

وفي هذه الفترة يستمر اعتصام (الحرية لأوجلان) والمُقام في مدينة (ستراسبورغ) الفرنسيّة, وتقيمه مجموعة نّشطاءٍ من مدينة (مونبلييه).

وأصدروا بياناً جاء فيه: إن حرية القائد الكردي أوجلان أهمّ من كلّ شيء.

كما دعوا محكمة حقوق الإنسان الأوروبيّة ولجنة مناهضة التّعذيب في المعتقلات إلى اتّخاذ موقفٍ جدّي, وقالوا:

 إن حرية أوجلان هي حريّتنا، وسنستمرّ في فعاليّاتنا حتّى رفع العزلة عن القائد.

ودعوا الشّعب الكرديّ وجميع القوى الدّيمقراطيّة في العالم للنزول إلى السّاحات والمطالبة بحريّة أوجلان.

كما خرجت مظاهرتان في مدينتي (هانوفر) الألمانيّة و(ملبورن) الأسترالية للتنديد بالعزلة الشّديدة والتّجريد المفروضتين على عبدالله أوجلان, بالتّزامن مع تنظيم مظاهراتٍ وفعّاليّاتٍ متنوعةٍ في العديد من مدن العالم للمطالبة بحريّته, والتّنديد بصمت الحكومات الأوربيّة إزاء الضّغوط الممارسة على أوجلان.

وقانونيّاً انتهاكات تركيا بحقّ أوجلان تتعارض مع عددٍ من المبادئ الأساسيّة الخاصة بمعاملة السّجناء, والمعتمدة من قبل الجّمعيّة العامّة للأمم المتّحدة الّتي نُشرت في 11من كانون الأول 1995 ومنها:

-يُعامل كلّ السّجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم.

-لا يجوز التّمييز بين السّجناء على أساس العرق أو الّلون.

-احترام المعتقدات الدّينيّة والمبادئ الثّقافيّة للمعتقلين .

-يحتفظ كلّ السّجناء بحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة المبنيّة على  أساس القانون العالمي لحقوق الإنسان.

ورغم كلّ هذه الممارسات يبقى أوجلان شمساً يزداد وهجها, لتنير درب الحريّة أمام الشّعوب التّواقة لها, والّتي(الشعوب) لن يهدأ لها بالٌ ولن تترك سبيلاً حتّى يتمّ انتزاع حريّة أوجلان من براثن الفاشيّة التّركيّة.

زر الذهاب إلى الأعلى