الأخبارحواراتمانشيت

أحمد نعسان: اللامركزية هي النموذج المنطقي للحل في سوريا

حل الأزمة السورية ما زال المحور العالق منذ سنوات, وما يتضح لنا اليوم أن الأسباب التي قامت عليها الأزمة ليست حلول للأزمة, وإنما نتائج للصراعات الدامية بين الأطراف الخارجية، واللامركزية هي النموذج المنطقي لحل الأزمة السورية.

تمت مناقشة ما سبق خلال لقاء أجراه موقعنا الالكتروني مع (أحمد نعسان) عضو مكتب العلاقات بمجلس سوريا الديمقراطية مركز حلب, والذي تحدث عن مجريات الأزمة السورية وكيفية تجاوز الأزمة العالقة.

بداية تطرق (أحمد نعسان) إلى كيفية تجاوز سوريا لأزمتها حيث قال:

مما لا شك فيه أن الأزمة السورية بدأت لأسباب عديدة, سياسية واجتماعية واقتصادية, ولكن ما يتضح لنا أيضاً أن النتائج اليوم ليست الحلول للأسباب التي قامت عليها الأزمة, وإنما هي نتائج تجسدت ضمن إرادة الأطراف المهيمنة والتي لها أطماع متعددة وانتهازية وحروب بالوكالة، وبالتالي فإن ما نعانيه كشعب سوري هو نتاج حالة توازن معينة لصراع الأطراف والقوى الدولية المهيمنة من خلال وعلى الأراضي السورية.

وتابع نعسان:

وبالنظر للمصلحة الفُضلى لسوريا كشعب وجغرافيا واقتصاد, فإنه لا بد لنا كقوى وإدارات وأصحاب قرار من انتهاج سياسة فك الارتباط السياسي والعسكري والاقتصادي مع أية قوى خارجية لها هيمنة على الصراع في سوريا, وهو أمر لا يمكن التفكير فيه إلا من خلال إعادة بناء الثقة بين الأطراف السورية كافة، كما إن نتائج الصراع اليوم لم تبدأ بذورها إلا من خلال فرض الخلافات وتفرقة وعزل القوى الشعبية والوطنية عن أحقية صنع القرار أو المشاركة فيه, وذلك عبر أساليب عديدة كالإعلام الممنهج أو السيطرة الاقتصادية والعسكرية, أو كلهم مجتمعين في حالة وطنية مرغوبة بشدة للنهج الوطني السوري.

الإيمان المُطلق بمصلحة الشعب قابل للتنفيذ من منطلق السياسة والاقتصاد العلمي

وأضاف أحمد نعسان مؤكداً:

يجدر بنا الإشارة أولاً أو كخطوة أولى إعادة بناء الثقة بين الأطراف السورية وبمعزل عن أي توجه أو أجندة لمشاريع خارجية, وهو أمر ممكن جداً من خلال ترسيخ فكرة الإيمان المُطلق بمصلحة الشعب والوطن السوري, وكذلك هو أمر قابل للقياس والتنفيذ من منطلق السياسة والاقتصاد العلمي، وبالتالي فإنه ما قد يُخيّل إلينا أو يتم طرحه على أنه وطني يمكن عملياً أو نظرياً قياسه ودراسته وتبنيه وفقاً لما نصبو إليه كمخرجات مطلوبة للشعب السوري، وكخطوة أخرى بعد المضي في فك الارتباط والارتهان وبناء الثقة الفعلية بين الأطراف، كما يجب أن نبتكر بيننا نهج سياسي وتنسيق موحد يجمع الرؤى والأهداف الوطنية بغاية تذليل العقبات أو المشاركة بتذليلها كمجتمع سوري وقيادات تضم جميع القوى والتيارات السورية.

وبيّن عضو مجلس سوريا الديمقراطية أنه من الضروري اليوم أن نتخلى عن فكرة الاستقواء أو الانتظار للوقت لتهيئة الظروف لفرض الهيمنة على أطراف أخرى, وأضاف:

في الوقت الذي بات من المعلوم أن الانتظار في ظل هذه الظروف أصبح تدميراً سيطال جميع السوريين ولن يستثني أحداً, عوضاً أن دول الهيمنة ستغلب أطراف وتقضي على أطراف, وتوهمنا بسطوة زائفة على بعضنا البعض.

المركزية خلقت أزمات بنيوية ضامرة بالقوة في نفوس الشعب السوري

وقال (أحمد نعسان) أيضاً:

من المعلوم ومن خلال التجربة العملية لأكثر من نص قرن في سوريا ضمن النظام المركزي, أن هذا النهج أحد أهم الأسباب التي خلقت أزمات بنيوية ضامرة بالقوة في نفوس العديد من مكونات الشعب السوري, إذ أن المركزية بنهجها المتواجد في سوريا لعدة عقود كانت ولا زالت مسؤولة عن تشريع إجراءات الفساد وترسيخ للطائفية والتهميش المقصود, وفقاً للأهواء الشخصية لأصحاب القرار, والتي أُعتبرت بعد فترة من الزمن ونظراً لما افرزته من اقصاءات وتهميش بحق فئات ومكونات عديدة من الشعب السوري تجسيداً لغايات وأهداف عنصرية واستنسابية مفرطة لطائفة أو منطقة محددة دون أخرى, الأمر الذي خلق حالة من انعدام للتوازن السياسي والاجتماعي والاقتصادي في مختلف المناطق السورية.

وأضاف:

هذه الحالة التي ارتدت ثياب الشرعية والوطنية من خلال توافقات واجتماعات صورية مُبتذلة, لا تتعدى أن تكون املاءات بين رئيس ومرؤوس ضمن مكونات الوطن الواحد, والذي يفترض أن الجميع فيه شركاء حقيقيون, ومن هذا المنطلق وعبر الكثير من الدراسة العملية والنظرية في مناطق الإدارة الذاتية, ومعاينة التجارب العالمية للأنظمة السياسية, نجد أن اللامركزية هي الحل الجذري لديمومة العدالة والمشاركة الفعلية والحقيقة للشعب السوري, حيث أنها تحمل في غايتها بالدرجة الأولى إنهاء التسلط وفرض الإدارة والاستئثار بالموارد والتحكم الاستهوائي بالنمو الاقتصادي والإخلال بتوازنه, وهي بذلك تخلق حالة من اريحية المشاركة الفعالة بالقرارات والإجراءات التي تمسها مباشرة وبطرق عديدة، وبالتالي فهي بذلك تلغي جميع النتائج والأنماط السلبية الناتجة, بإلغائها الأسباب التي أدت إليها, وبالتالي تكون اللامركزية هي الحاجز الذي يحد من أية أزمات نتجت عبر النظام المركزي, أو ما قد تُضفيه المركزية من الأوجه الشرعية على ممارسات عنصرية واقصائية ممنهجة.

زر الذهاب إلى الأعلى