تقاريرمانشيت

وحدة الصف الكردي.. الممكنات والعوائق، رؤى كردية 3

توحيد الجهود ووحدة الصف الكردي هي من أهم المبادئ التي ارتكزت عليها مبادرات التقارب التي أطلقتها الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، سواء مبادرة المؤتمر الوطني الكردستاني أو مبادرة الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، والأصل الذي لأجله تمت هذه المبادرات هي جمع كل الأطراف حول واحدية المعركة والعدو، وتهديف تحرك الجميع تحت إطار محكوم بالقيم الوطنية
منذ المبادرة الأخيرة التي أطلقها مظلوم كوباني، يبدو أن هناك عمل ممنهج لإعاقة تنفيذها، وتحقيق هدفها المباشر والأوضح في ترتيب البيت الكردي الداخلي وتوحيد صفوفه حول أهداف مشتركة.
إن الحفاظ على وحدة الصف وواحدية الهدف والمعركة، هو الغاية المقدسة التي ينبغي التعامل معها بمسؤولية. وما هو محزن ومؤسف، أن لا تتعامل الأطراف الأخرى مع هذه المبادرة كمن يهتم لواحدية هذا الصف أو أقله تقارب الجميع حول نقاط مشتركة والتي هي موجودة أصلاً، وأن المستفيد من هذا الوضع هو فقط العدو المتربص، والذي ينتظر اللحظة السانحة للسقوط والايغال في التشرذم ليعلن العدو الانتصار على الأنقاض بحصان طروادة الدخيل في الجسد الكردي.
ولأن وحدة الصف الكردي هو مطلب الشارع الكردي عموماً بنخبه الثقافية والسياسية وكذلك كل شرائحه الاجتماعية، كان لا بد لنا من اللجوء الى بعض الأصوات الثقافية والسياسية الجادة والمسؤولة لازاحة النقاب عن رؤاهم وتقييماتهم بهذا الصدد، لاسيما وأن الطرف الكردي الآخر اتخذ من ضفة العدو مركزاً استراتيجياً في مقابل تعامله التيكتيكي مع مبادرة مظلوم عبدي واستخدامها كأداة لابتزاز الائتلاف السوري “الجندي المخلص للعدو التركي”، للحصول على مكاسب شكلية ترضي غروره الخلبي. وفي سياق استطلاعنا لآراء بعض الأصوات الكردية في حلقته الثالثة كنا مع سؤال السابق والملح والذي ينبض في الشارع وتتداوله العقول ” هل وحدة الصف الكردي ضرورة ملحة ومطلب لدى الشارع الكردي حقاً؟ واذا كان كذلك ماهي المعوقات التي تحول دون تحقيقها؟.

سامي داوود: دمقرطة سوريا من خلال الحق السياسي الكردي

إن تأسيس كتلة كردية موحدة دون أن تكون متجانسة، هو ضرورة و خطوة متأخرة جداً. بمعنى الاتفاق فيما بين القوى السياسية الكردية على الأسس التي بها ستظهر القضية الكردية دستورياً و دولياً. و عدم ترك ذلك للعطايا المزيفة التي تقدمها الأطراف الأخرى لاستغلال الحق الكردي و تقويضه تحت مسميات مختلفة، وهذا يتطلب إرادة و حكمة سياسية لإدارتها، قد تتوفر الحكمة، لكن إرادة فعل ذلك ملتبسة حتى اللحظة على أقل تقدير.
أما الإلتفاف على هذه الضرورة، سواء بالإدعاء بأنها غير ممكنة نظراً لحدة التباين السياسي في الحركة الكردية في روج آفا، أو بإنشاء هيئات مزيفة على غرار ما قام به البعث في مهزلة الجبهة الوطنية التقديمة، و وضع أحزاب ضعيفة تحت هيمنة حزب قوي، ذلك أيضا يساهم في تقديم العون لأعداء الشعب الكردي، الذين لا يدخرون جهداً من أجل تحويل الكرد إلى فرق متعادية، و لدينا مثالاً صريحاً في تجرية جنوب كردستان.
إلى الآن، لا توجد إحتلافات كبيرة في القيم الحقوقية التي تنادي بها الحركة الكردية ككل، أي دمقرطة سوريا من خلال الحق السياسي الكردي، و قد لاحظنا عبر السنوات المنصرمة، أن الموقف من القضية الكردية، بات بمثابة معيار سياسي لتصنيف القوى السياسية غير الكردية في سوريا. تلك التي تعادي الديمقراطية تعادي الكرد، و التي تنسجم مع التصور الديمقراطي للحياة السياسية، تبادر إلى تبني القضية الكردية كجزء من قضيتها السياسية العامة في سوريا.
سامي داوود كاتب وباحث كردي ـ فرنسا

فتح الله حسيني: ستنجح الادارة الذاتية في ترتيب ما تبقى من البيت الكردي

باتت وحدة الصف الكردي مطلباً ملحاً من جانب الشارع الكردي في روج آفا وخاصة بعد التمدد التركي الخطير والهمجي دون رادع دولي. لقد بادرت الإدارة الذاتية وعبر قنواتها السياسية المختلفة وعبر مؤسساتها القائمة بمشاريع خاصة ومهمة من أجل ترتيب البيت الكردي مراراً دون أن تكون هناك نتائج مرضية للشارع، وذلك لان هنالك أحزاب واطر تتهرب وبعلانية واضحة من استحقاقاتها ومن مسؤولياتها حيال جغرافيا روج آفا والكيان السياسي القائم في شمال وشرق سوريا، نظراً لعدم امتلاك بعض المشوشين على التجربة الموجودة للارادة الحقة والقرار السياسي الذي يخولهم الدخول بحرية لمفاصل الإدارة ومؤسساتها المختلفة، وحدة الصف تتطلب الارادة والقرار، والإدارة الذاتية ما زالت مصرة على مبادرتها وستعمل على إنجاحها بكل السبل، وهذا مطلب شعبي والإدارة هي صوت الشعب وضميره بعد كل تلك النضحيات، وبرأيي ستنجح الإدارة في ترتيب ما تبقى لأنها أثبتت بجدارة إنها مشروع سياسي وعسكري وبلوماسي متكامل رغم كل ما اعترتها من نكبات.
*فتح الله حسيني قيادي في الحزب اليساري الكردي وعضو ممثلية الإدارة الذاتية في إقليم كردستان العراق

ابراهيم مسلم: يجب أشراك جميع الكتل السياسية والمؤسسات المدنية

وحدة الصف الكردي ضرورة ملحة ولا بد منها، وخاصة في هذه الظروف الراهنة والمتمثلة بالاحتلال التركي لعدد من المدن والبلدات، واقصاء الكرد من التمثيل في المحافل الدولية فيما يتعلق بالوضع السوري العام.
انا كمثقف كردي أرى بأن وحدة الصف الكردي لا تتحقق باتفاق الكتل السياسية والمتمثلة بمحورين، الأحزاب الكردية المؤتلفة والمشاركة في الإدارة الذاتية من جهة، و الأحزاب الكردية التي اتخذت من الائتلاف السوري اطارا لها، وإنما يجب أشراك جميع الكتل السياسية والمؤسسات المدنية، وأن يكون هناك تمثيل جغرافي يمثل كل المدن والبلدات الكردية في روج آفا وشمال سوريا.
وبهذا الشكل يكون التمثيل حقيقي، وأن يكون التواصل مع الجهات الوطنية السورية والإقليمية والدولية من خلال هيئة منبثقة من هذه المرجعية الممثلة لكل الكتل والمؤسسات والمناطق الكردية.
*دكتور إبراهيم مسلم باحث واكاديمي كردي – فرنسا

دارا مصطفى: الخيانة مع العدو ليست معارضة وهي ليست وجهة نظر

وحدة الصف السياسي و العسكري و المجتمعي خلال الأزمات الخارجية (التهديد و العدوان الخارجي مثلاً) أو خلال الاضطرابات الداخلية (الإرهاب و التمرد المسلح مثلاً) هو ضرورة و أولوية لمواجهة هذه الأنواع من المشكلات و التهديدات، أما خلال زوال الأخطار فليس من الضروري أن تتوحد المعارضة و النظام بل على العكس فإن وجود المعارضة الوطنية الحقيقية هو أمر بناء لنقد الأخطاء و كشف أوجه القصور في أداء الحكومة أو السلطة الحاكمة و أؤكد هنا على كلمة المعارضة الحقيقية فالذي يرتمي في أحضان العدو خلال الحروب أو غير الحروب لا يجوز وصفه بالمعارضة بل يأخذ وصفاً آخر يعمل به في جميع دول العالم دون استثناء، فالخيانة بالتعاون مع العدو ليست معارضة ولا وجهة نظر و هنا يخطأ الكثيرون ممن يعتبرون الخيانة وجهة نظر، و تسليم البلاد للعدو حرية سياسية كما حصل في حكومة فيشي الفرنسية بقيادة فيليب بيتان و بيير لافال التي تعاونت مع النازيين إبان فترة الاحتلال النازي لفرنسا و التي مررت مشروع الخيانة و التسليم تحت مسميات و شعارات وطنية و انتهت بتحرير فرنسا بقيادة شارل ديغول و محاكمة و إعدام قادة حكومة فيشي العميلة.
و بالعودة إلى روج آفا، فإنه هناك إجماع شعبي كبير على مشروع الإدارة الذاتية الذي يدير البلاد و على دعم قوات سورية الديمقراطية لمواجهة العدو و منع سقوط البلاد بيده، وهناك معارضة وطنية داخل روج آفا متمثلة بكتلة من الأحزاب تعمل بشكل جاد للقيام بدورها في الإشارة إلى مكامن الخطأ و الضعف التي تغيب عن ذهن الإدارة أحياناً، و بالتالي فإن مبادرات حركة المجتمع الديمقراطي و مجلس سورية الديمقراطية تجاه الكتلة المرتمية في أوحال مشاريع تركيا التوسعية و البعيدة كل البعد عن توصيفها بالمعارضة نحو العودة إلى صف الإجماع الوطني، هي ممارسات ديمقراطية تدل على صدقية نوايا الحركة و المجلس لبناء مجتمع جديد في روج آفا قائم على ترسيخ معاني الأخوة و العفو و الصفح عن الأخطاء و زلات الأخوة الخارجين عن وحدة البيت الوطني، و كل هذا يتحقق بعد فك ارتباطهم من مشاريع الائتلاف السوري المرتزق و العدو التركي، و إلا فإنهم سيضيعون الفرصة التاريخية لتصحيح مسارهم و التي ستضمن العودة مكرمين إلى صفوف شعبهم و بين أهلهم و مشروع شمال و شرق سورية سيسير بهم أو بدونهم، و هذا هم فقط من يتحملون مسؤوليته و عواقبه.
*دارا مصطفى عضو لجنة العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD في أوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى